40 سفينة إيرانية تقتحم المياه اليمنية.. واشتباه في تهريبها السلاح للانقلابيين

الحكومة تطلب من التحالف التدخل.. وتعتزم مخاطبة الأمم المتحدة بشأن تجدد الانتهاكات

جانب من السفن الإيرانية التي دخلت المياه الإقليمية اليمنية أمس (رويترز)
جانب من السفن الإيرانية التي دخلت المياه الإقليمية اليمنية أمس (رويترز)
TT

40 سفينة إيرانية تقتحم المياه اليمنية.. واشتباه في تهريبها السلاح للانقلابيين

جانب من السفن الإيرانية التي دخلت المياه الإقليمية اليمنية أمس (رويترز)
جانب من السفن الإيرانية التي دخلت المياه الإقليمية اليمنية أمس (رويترز)

قالت مصادر يمنية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» إن نحو 40 سفينة إيرانية دخلت المياه الإقليمية اليمنية، أمس، بطريقة غير مشروعة، وذكرت المعلومات أن السفن الإيرانية رست قبالة شواطئ جزيرتي عبد الكوري وسمحة، في محافظة أرخبيل جزيرة سقطرى، ووفقًا للمصادر الحكومية اليمنية، فإن هناك احتمالاً بأن هذه السفن تقوم بتهريب السلاح للانقلابيين الحوثيين، وكذا عملية نقل مرتزقة من بعض الدول الأفريقية للقتال في صفوف الانقلابيين.
وأشارت المصادر إلى أن اجتماع الحكومة اليمنية، المنعقد أمس في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، ناقش هذه المشكلة وكيفية حماية المياه الإقليمية اليمنية، حيث طلبت الحكومة من دول التحالف المساعدة في حماية مياه اليمن الإقليمية، وأقرت، أيضًا، بمخاطبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بخصوص الانتهاكات المتكررة للمياه الإقليمية اليمنية من قبل السفن الإيرانية.
وقال وزير الثروة السمكية اليمني، فهد كفاين، إن مسألة دخول السفن الإيرانية إلى المياه اليمنية تكررت وأصبحت بواقع مرتين في الشهر، فيما قدرات البحرية اليمنية وخفر السواحل لا تفي بالقيام بمهام إيقاف وملاحقة هذه السفن، التي قال إنها لا تحمل علم إيران، و«لكن من خلال بنية السفن وهيئتها وفي ضوء متطابقة ذلك مع سفن إيرانية سبق وأن ضبطت في المياه اليمنية، يتضح أنها إيرانية». وأضاف الوزير اليمني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الوزارة تلقت بلاغات، أمس، من السلطة المحلية في سقطرى والقوات العسكرية وهيئة المصايد، بأن هناك ما يقرب من 40 سفينة توجد في غرب أرخبيل سقطرى، مؤكدًا أن «هذا التدخل جعلنا أمام مسؤولية كبيرة ولا بد من وضع حد لهذه الاختراقات لحماية المياه اليمنية من العبث، وخصوصًا الثروات البحرية والثانوية، والحد ممارسة أنشطة التهريب في المنطقة، سواء كان تهريب السلاح والمخدرات أو البشر»، مشيرا إلى عملية نزوح منتظمة من دول القرن الأفريقي إلى السواحل اليمنية، وتحديدا سواحل محافظة شبوة»، مشيرًا إلى أن هذه القضايا «تسهم في زيادة المشكلات الأمنية في المنطقة وتزيدها اشتعالاً».
وأكد وزير الثروة السمكية اليمني أن مجلس الوزراء ناقش في اجتماعه الدوري، أمس بالمكلا، المشكلة وطلب من دول التحالف، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التدخل لحماية المياه اليمنية «على اعتبار أن التحالف هو المسيطر الآن، في ظل الحرب، على الأجواء والمياه اليمنية، نتيجة تدخل لمساعدة قوات الجيش والمقاومة اليمنية في مواجهات تمدد الانقلابيين (الحوثي – صالح)، وسيطرتهم على العاصمة صنعاء، ومحافظات ومدن أخرى».
وأشار كفاين إلى التقارير التي تسلمتها وزارة تؤكد أن هذه السفن إيرانية، رغم أنها لا ترفع أعلام دولة معينة «فمن الطبيعي ألا ترفع أعلامًا لدولة معينة، خاصة وهي تمارس أعمالاً غير قانونية، وتحاول التضليل على هويتها وجنسيتها»، مضيفًا: «لكن هيئة السفن وطبيعتها، تتطابق السفن التي ضبطت قبل نحو 6 أشهر قبالة سواحل أرخبيل سقطرى وكان على متنها 107 بحارة يحملون الجنسية الإيرانية».
وقال الوزير اليمني كفاين، إن السواحل اليمنية تستقبل الآلاف من المواطنين الأفارقة «الذين باتوا يمثلون بؤرة أمنية للحكومة اليمنية وتحديًا في ظل ضعف مواردها»، مؤكدًا أن ميليشيات الانقلابيين تعمل على تجنيد اللاجئين الأفارقة كمرتزقة في صفوفها «خاصة وأن الميليشيات تعيش، هذه الأيام، حالة ارتباك نتيجة رفض القبائل وأبناء الشعب اليمني عموما، في المناطق التي تسيطر عليها، الزج بأبنائهم في جبهات الحروب العبثية للميليشيات»، وقال إنه ثبت «في الكثير من جبهات القتال في اليمن وجود مرتزقة أفارقة يقاتلون في صفوف الميليشيات»، معربًا عن اعتقاده بأن الميليشيات تستغل الأوضاع المادية للنازحين وتقوم بتجنيدهم.
وتأتي هذه التطورات في وقت تعمل الحكومة اليمنية على إعداد ملف متكامل لتقديمه إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بخصوص التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لليمن، وتحديدًا استمرار عمليات تهريب الأسلحة إلى الانقلابيين، مخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي، في وقت أصبح التدخل الإيراني والدعم للانقلابيين بالأسلحة من الأمور المحسومة وملفا غير قابل للنقاش أو التشكيك، بحسب المراقبين، الذين يؤكدون أن الحكومة اليمنية وقوات التحالف وكذا القوات الأجنبية في المياه الدولية، ضبطت، أكثر من مرة، سفنا تحمل أسلحة في طريقها من إيران إلى اليمن، إضافة إلى توثيق استخدام أسلحة إيرانية في الهجمات التي نفذتها الميليشيات الانقلابية، مؤخرا، ضد الأراضي السعودية الحدودية.
في السياق ذاته، قال المحامي اليمني علي هزازي لـ«الشرق الأوسط»، إن طلب الحكومة الشرعية من قوات التحالف التدخل «يأتي في سياق التدخل الشرعي لدول التحالف، التي اضطلعت بدورها في الوقوف بجانب الحكومة الشرعية من أجل استعادة الدولة المختطفة من قبل ميليشيات الحوثي وصالح»، مؤكدًا أن «دور التحالف في حماية المياه الإقليمية اليمنية أيضا يستمد شرعيته من مشاركة الأمم المتحدة من خلال غرف التفتيش المشتركة»، مؤكدًا أن «ذلك من مقتضيات مكافحة الإرهاب والجريمة وحماية الملاحة البحرية من أي مخاطر».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.