تضارب البيانات يعرقل توقع «مفاجآت» الفائدة الأميركية

ترجيحات بتأجيل قرار الرفع إلى العام المقبل

أحد المصانع في الولايات المتحدة الأميركية (رويترز)
أحد المصانع في الولايات المتحدة الأميركية (رويترز)
TT

تضارب البيانات يعرقل توقع «مفاجآت» الفائدة الأميركية

أحد المصانع في الولايات المتحدة الأميركية (رويترز)
أحد المصانع في الولايات المتحدة الأميركية (رويترز)

في ظل الإشارات المتضاربة حول الاقتصاد الأميركي، تبقى الأعين متطلعة إلى مجلس الاحتياطي الاتحادي لرفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بالتزامن مع تصاعد أجواء السخونة التي تحدثها الانتخابات الأميركية، ونبرة الحذر التي ينتهجها «المركزي» منذ الرفع الأول في ديسمبر الماضي للمرة الأولى منذ 9 سنوات.
وتتواتر ترجيحات حول أن البنك سيمرر «عصا القرار» إلى العام المقبل، في حين يبقى من قبيل «المجادلة» تدفق البحث عن «لهجة مشتركة» بين صانعي السياسات المالية والمستشارين والاقتصاديين من جهة أخرى، وعن مدى استعداد السوق الأميركية إلى رفع جديد في ظل بيانات «عالقة في عدم توازن على المدى الطويل»؛ لكن الأمر المؤكد هو الاتفاق على بذل مزيد من الجهد لتنفيذ «السيناريو» الذي رسمه البنك كما كان متوقعا على مدار العامين الماضي والحالي.
وعلى العكس، وفي ظل ما تظهره النتائج المتباينة مع التجارب السلبية لسعر الفائدة في أوروبا واليابان، يرجح خبراء أن تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة يعد أشبه بـ«جنين مشوه» يجب التخلي عنه، الأمر الذي لا يدع سبيلا أمام «المركزي» الأميركي للتعامل مع رفع الفائدة بشكل يمكنه التغلب به على البيانات المتضاربة من جهة، ومواجهة حقبة جديدة من معدلات الفائدة «الطبيعية» لسياسة فعالة لدفع الجناح الأول للاقتصاد العالمي، من جهة أخرى.
ورغم تباطؤ نمو الوظائف الأميركية على غير المتوقع في سبتمبر (أيلول) الماضي للشهر الثالث على التوالي بواقع 156 ألف وظيفة، فإن ارتفاع معدل البطالة إلى 5 في المائة أعطى علامة عكسية على استعادة الثقة في أمل إيجاد وظائف أفضل، فيما يعرف بـ«البطالة الانتقالية»، أي الفترة التي تفصل بين عمل وعمل آخر، لأن ذلك يعطي مؤشرا على مدى قوة العمل مرة جديدة، وليس لأنه حدث تباطؤ في التوظيف.
وقالت جانيت يلين، رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في تصريحات سابقة إن الاقتصاد الأميركي يحتاج إلى ما لا يقل عن مائة ألف وظيفة شهريا لمواكبة النمو السكاني، وبلغ متوسط الزيادة الشهرية للوظائف نحو 180 ألفا خلال العام الحالي، وهو ما وصفته يلين بأنه «غير قابل للاستدامة»، في حين يظل تضارب الآراء سيد الموقف، خصوصا مع غموض موقف «الفيدرالي» الأميركي.
وقال جيم سوليفان، كبير الاقتصاديين الأميركيين المصنف الأول على الولايات المتحدة في التحليل الاقتصادي لثلاث مرات متتالية، في مقابلة صحافية، إن الاقتصاد الأميركي يمر بمرحلة اضطراب بمواجهة رياح معاكسة، الأمر الذي سيدفع «الاحتياطي» إلى رفع سعر الفائدة في وقت قريب جدا.
وأكد سوليفان على أن معدل البطالة استعاد الثقة، قائلا إن قوة العمل نمت بنحو 3 ملايين شخص خلال العام الماضي، متهكما بالقول: «إن هذا الخبر سار لدرجة أن الناس بدأوا في التراجع إلى الخلف».
وأشار كبير الاقتصاديين الأميركيين إلى أنه لا يعتقد أن يستمر نمو القوة العاملة بمعدل مرتين أو ثلاث مرات أسرع من السكان في سن العمل، موضحا أن الركود الاقتصادي لن يختفي، ولكنه سيخف تدريجيا.
وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال سوليفان إن السياسة النقدية للمركزي «متكيفة للغاية». وبسؤاله عن التضخم، قال إنه لا يجد داعيا للذعر في ظل سوق عمالة «مترنحة»، فهو بداية لدفع الأجور وأسعار المستهلكين إلى أعلى، «فلا يوجد شيء دراماتيكي حتى الآن، فكل الأرقام أظهرت تحسنا بطيئا».
ويعد تقرير وظائف سبتمبر الأخير قبل اجتماع لجنة السياسات النقدية بمجلس الاتحادي يومي 1 و2 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وترجح التوقعات الإبقاء على سعر الفائدة الأميركية في الاجتماع نظرا لقرب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 8 من الشهر نفسه.
وقال ستانلي فيشر، نائب رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، إن مكاسب الوظائف في الولايات المتحدة ما زالت قوية، متوقعا أن يتحسن النمو في النصف الثاني من العام، وذلك في تصريحات تشير إلى أن البنك المركزي في سبيله لرفع أسعار الفائدة في ديسمبر المقبل. وفي كلمة معدة سلفا ألقاها أمام «مجموعة الثلاثين» التي تضم محافظين حاليين وسابقين لبنوك مركزية واقتصاديين أكاديميين ومسؤولين رقابيين، قال فيشر إن الولايات المتحدة «اقتربت من وضع التوظيف الكامل». وقال إنه «في ظل المكاسب القوية للوظائف ودخل الأسر وتفاؤل المستهلكين، ينبغي أن يواصل الإنفاق الاستهلاكي دعم النمو في النصف الثاني. وذلك إضافة إلى تراجع مؤشر مديري المشتريات للصناعات التحويلية إلى 51.4 في سبتمبر الماضي، مقارنة بنحو 52 في أغسطس (آب) الماضي».
ويرى تيمي مورنيو، المحلل الاقتصادي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه «على الرغم من تراجع النمو في سبتمبر الماضي؛ فإن المصنعين لا يزالون متفائلين بحد معقول على المدى الطويل».



تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
TT

تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

ارتفع الدولار الأميركي يوم الثلاثاء بعد أن أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن خطط لفرض تعريفات جمركية على المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا والصين، مما أثار مخاوف من سياسات قد تؤدي إلى حرب تجارية.

وفي رد فعل سريع على تصريحات ترمب، قفز الدولار أكثر من 2 في المائة مقابل البيزو المكسيكي، وسجل أعلى مستوى له في أربع سنوات ونصف مقابل نظيره الكندي. كما ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له منذ 30 يوليو (تموز) مقابل اليوان الصيني. في حين هبطت عملات أخرى مقابل الدولار، لكنها قلصت خسائرها بحلول منتصف الجلسة في آسيا، وفق «رويترز».

وكان الدولار قد شهد تراجعاً طفيفاً في الأيام الأخيرة، بعد أن رحبت سوق سندات الخزانة الأميركية بترشيح ترمب لمدير صندوق التحوط سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة. ورغم أن المتداولين يعتبرون بيسنت من قدامى «وول ستريت» ومن مؤيدي السياسة المالية المحافظة، فإنه كان داعماً للدولار القوي وفرض التعريفات الجمركية. وقال المحللون إن رد فعل السوق تجاه هذا الاختيار من المحتمل أن يكون مؤقتاً.

وفي تعليق على تصريحات ترمب، قال كبير الاستراتيجيين في السوق، جيسون وونغ من بنك «بي إن زي»: «سوف تكون السوق متقلبة» بشأن تصريحات ترمب، وأضاف: «يمكنك التوصل إلى استنتاجات سريعة، ولكنني لا أستعجل ذلك الآن، لذا فإن السوق تحتاج فقط إلى الاستقرار».

وأكد ترمب أنه في اليوم الأول من توليه منصبه، سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا. وبخصوص الصين، قال الرئيس المنتخب إن بكين لا تتخذ إجراءات كافية لوقف تصدير المواد المستخدمة في تصنيع المخدرات غير المشروعة.

وأضاف: «حتى يتوقفوا عن ذلك، سنفرض على الصين تعريفة إضافية بنسبة 10 في المائة، بالإضافة إلى أي تعريفات أخرى على جميع منتجاتهم القادمة إلى الولايات المتحدة».

من جهتها، نفت الصين هذه الاتهامات، وقالت السفارة الصينية في واشنطن بعد تصريحات ترمب إن «كلاً من الولايات المتحدة والصين لن تستفيدا من حرب تجارية».

في هذه الأثناء، هبط الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر عند 0.64335 دولار في الساعات الأولى من التداول في آسيا، وكان آخر تداول له بانخفاض 0.21 في المائة عند 0.6478 دولار. ويُباع الدولار الأسترالي في كثير من الأحيان بوصفه بديلاً سائلاً لليوان الصيني؛ نظراً لأن الصين هي أكبر شريك تجاري لأستراليا.

أما الدولار النيوزيلندي فقد وصل إلى أدنى مستوى له في عام عند 0.5797 دولار، لكنه محا معظم خسائره ليعود للتداول بالقرب من 0.58415 دولار.

وأوضح استراتيجي الاستثمار لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة «ليغال آند جنرال لإدارة الاستثمارات»، بن بينيت، أن المستثمرين قد ركزوا حتى الآن على السياسات الاقتصادية الإيجابية التي أعلنها ترمب مثل خفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، لكن من المحتمل أن تكون سياساته الأكثر تحدياً مثل فرض التعريفات الجمركية أسهل في التنفيذ. وأضاف: «هذا الإعلان بمثابة تنبيه للمستثمرين».

وأشار إلى أن «التعريفات الجمركية ستكون مفيدة للدولار الأميركي وستضر بالعملات التي ستتعرض لهذه التعريفات مع تغير ميزان التجارة، ولكنني لست متأكداً من أن حكومة ترمب ستسمح بتسارع هذا الاتجاه».

وتوقع بعض المحللين أن تهديدات التعريفات الجمركية قد تكون مجرد تكتيك تفاوضي. وقالت كبيرة الاقتصاديين في منطقة الصين الكبرى في «آي إن جي»، لين سونغ: «الجانب المشرق من هذا هو أنه بدلاً من سيناريو التعريفات الجمركية المدفوع آيديولوجياً حيث لا يمكن فعل أي شيء لتجنب حرب تجارية شاملة، طالما كان هناك مجال للتفاوض، فهناك إمكانية لنتيجة أقل ضرراً».

وكان مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة الدولار الأميركي مقابل ست عملات رئيسية، عند 107.04. كما تراجع اليورو بنسبة 0.18 في المائة ليصل إلى 1.04785 دولار، في حين بلغ الجنيه الإسترليني 1.25525 دولار، منخفضاً بنسبة 0.14 في المائة على مدار اليوم.

وتلقى اليورو ضربة يوم الجمعة الماضي بعد أن أظهرت مسوحات التصنيع الأوروبية ضعفاً واسعاً، في حين فاجأت المسوحات الأميركية التوقعات بارتفاعها.

في المقابل، سجل الين الياباني زيادة بنسبة 0.4 في المائة ليصل إلى 153.55 ين مقابل الدولار.

أما بالنسبة للعملات الرقمية، تم تداول «البتكوين» عند 94.375 دولار، وهو أدنى بكثير من أعلى مستوى قياسي بلغ 99.830 دولار الذي سجله الأسبوع الماضي.

وشهدت «البتكوين» جني أرباح قبل الوصول إلى الحاجز الرمزي 100.000 دولار، بعد أن ارتفعت بأكثر من 40 في المائة منذ الانتخابات الأميركية وسط توقعات بأن يسمح ترمب بتخفيف البيئة التنظيمية للعملات المشفرة.