منشق عن «داعش» يتحدث عن براءته ويشكك في مقطع مصور جديد في روايته

رفض محاولات التنظيم المتطرف تجنيده لتنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا

هاري سارفو المجند السابق لدى «داعش» - هاري سارفو بشريط فيديو في سيارة بالرقة يحث على اتباع تعاليم التنظيم
هاري سارفو المجند السابق لدى «داعش» - هاري سارفو بشريط فيديو في سيارة بالرقة يحث على اتباع تعاليم التنظيم
TT

منشق عن «داعش» يتحدث عن براءته ويشكك في مقطع مصور جديد في روايته

هاري سارفو المجند السابق لدى «داعش» - هاري سارفو بشريط فيديو في سيارة بالرقة يحث على اتباع تعاليم التنظيم
هاري سارفو المجند السابق لدى «داعش» - هاري سارفو بشريط فيديو في سيارة بالرقة يحث على اتباع تعاليم التنظيم

منذ إلقاء القبض عليه بتهم تتعلق بالإرهاب، يثرثر هاري سارفو، المجند السابق لدى «داعش» بطريقة غير اعتيادية، حيث يجري مقابلات من السجن يتم نشرها على الصفحات الأولى، وتتصدر نشرات الأخبار في أنحاء أوروبا، والولايات المتحدة الأميركية.
منحت السلطات الألمانية تصريحًا بمقابلة سارفو، الذي بدت قصته رواية تقتضي التعامل معها بحذر. لقد تحدث عما شاهده من فظائع في سوريا، وعن محاولات «داعش» تجنيده لتنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا، مؤكدًا باستمرار على رفضه لهذه المحاولات قبل تمكنه من الهروب بأعجوبة. مع ذلك عند تقديمه نفسه كمقاتل استفاق، وتبينت له الحقيقة، ورفض ارتكاب أعمال عنف، تغاضى عن بعض المشاهد التي من الممكن أن توجب إدانته.
يظهر سارفو في مقطع مصور لم يتم نشره وهو يقود رهائن من أجل إعدامهم في مدينة تدمر خلال العام الماضي، ثم يظهر فجأة وهو يطلق النار من سلاحه على رجل مسجّى على الأرض. وبدلا من مقاومة التورط في المشهد الدعائي البشع، ظهر سارفو وهو يردد شعارات «داعش» لإثارة، وتحميس الحشود المجتمعة، ويتعهد بالولاء خلال اجتماع عقد قبل عملية الإعدام، ويرفع قبضته تعبيرًا عن ابتهاجه مع إطلاق النيران من السلاح الآلي.
تتناقض الصور تقريبًا مع كل أجزاء رواية سارفو، البالغ من العمر 28 عاما، عن الفترة التي قضاها في سوريا، بما في ذلك أقواله في تحقيقات السلطات الألمانية التي أوضح فيها أنه «تنحى جانبا» عندما بدأ إطلاق النار، وأقرّ بأنه «رفض عمليات القتل».
ويعد هذا المقطع المصور مثالاً مثيرًا للقلق على قلة المعلومات التي لدى أجهزة الأمن الأوروبية بشأن مئات المسلحين العائدين إلى أوروبا بعد مشاركتهم في القتال الدائر في سوريا، وتحديدًا مع «داعش» في أغلب الأحوال.
وتجهل أجهزة الأمن الأوروبية الكثير عن أكثر من ستة آلاف مقاتل توجهوا للمشاركة في الصراع السوري خلال السنوات الخمسة الماضية، وبدأوا يعودون أدراجهم الآن مع خسارة تنظيم داعش للأراضي التي استولى عليها في السابق. ورغم رحلته إلى سوريا، تمكن سارفو من العودة عبر تركيا خلال العام الماضي، وتم إلقاء القبض عليه بمجرد وصوله إلى ألمانيا.
من المرجح أن تقود الأدلة الجديدة إلى «فتح تحقيق جديد وقضية جديدة» ضد سارفو، على حد قول أحد كبار مسؤولي الأمن الألمان. وأوضح المسؤول قائلا: «تكمن الصعوبة، التي تواجهها السلطات والنظام القضائي، في الافتقار إلى أي مصدر مستقل على الأرض في سوريا يمكنه الكشف عما إذا كان ما يخبرنا به سارفو أو آخرون مثله حقيقي وصحيح أم لا». وأضاف قائلا: «نستطيع الآن مشاهدة المقاطع المصورة، لكننا لا نعلم ما الذي حدث قبلها وبعدها».
وبدا على أودو وورتز، محامي سارفو، الذهول عندما شاهد المقطع المصور الجديد الذي يظهر فيه موكله. وقال: «لا يمكنني قول أي شيء عن هذا الأمر، إنه مفاجئ بالنسبة لي». وبعد لحظات قال إن الصور توضح أن سارفو لم يكن متفرجًا، لكنه ليس متأكدًا مما إذا كان سيغير ذلك الحكم الصادر بحقه أم لا.
والتقى وورتز بسارفو يوم الثلاثاء في محبسه في بريمن، وعرض عليه صور مطبوعة من المقطع المصور يظهر خلالها سارفو وهو يصوب سلاحه باتجاه الرهائن. وقال وورتز إنه غير مسموح له بالتعليق على ما المحادثة التي دارت بينهما.
تشير الوثائق الخاصة بالحكم إلى أن السلطات لم تقبل رواية سارفو للأحداث فحسب، بل أثنت عليه لصراحته، مستنتجة أنه قد «نأى بنفسه عن المنظمة الإرهابية» من خلال عزمه على اتهام الآخرين.
لم تشهد ألمانيا هجمات إرهابية مثل تلك التي وقعت في باريس وبروكسل، لكنها مع ذلك تظل هدفًا له أولوية بالنسبة إلى تنظيم داعش. وسافر 870 مواطنا ألمانيا، أو مقيما في ألمانيا، على الأقل إلى سوريا والعراق، على حد قول مسؤولين، وعاد ثلث هذا العدد إلى البلاد بحسب تقدير السلطات.
وتواجه أجهزة الأمن في مختلف أنحاء أوروبا موجة من «الأفراد الذين مروا بتجربة في ساحة المعارك بأعداد لم نراها من قبل» على حد قول لورينزو فيدينو، الخبير في شؤون الجماعات القتالية الإسلامية في جامعة جورج واشنطن. وأوضح قائلا: «هناك حالات أدركت فيها السلطات ما فعله الشخص حقًا، لكن في كثير من الحالات لا تعلم السلطات سوى أن الشخص قد اعتنق الفكر المتطرف، وذهب إلى سوريا، دون أن يكون لديها معلومات عما فعله هناك».
ضللت رواية سارفو عن انضمامه إلى تنظيم داعش السلطات الألمانية رغم أنه لم يبذل جهدًا كبيرًا لإخفاء علاقته بالتنظيم الإرهابي، وظهر في أحد المقاطع المصورة التي يبثها التنظيم. ويظهر هذا التسجيل عنصرين من عناصر التنظيم وهما يعدمان رهائن بعد أم قاما بإجبارهم على الجثو على ركبهم بين أعمدة مدينة تدمر السورية القديمة، التي أصبحت تحت سيطرة «داعش» العام الماضي.
مع ذلك التقط فريق التصوير التابع لتنظيم داعش في مدينة تدمر مقطعًا مصورًا آخر في المدينة، لكن لم يتم بثه ونشره. وحصلت صحيفة «واشنطن بوست» على أجزاء من هذه الصور الإضافية بفضل أحد أفراد التنظيم، الذي أراد التنكيل بسارفو بسبب هجومه على التنظيم، وإدانته المستمرة له.
خلال مقابلة أجريت في أبريل (نيسان) مع صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، قال سارفو إنه «شهد عمليات رجم بالحجارة، وقطع رؤوس، وإطلاق نيران، وقطع أيد، وغيرها من الأمور»، مؤكدًا أن «داعش» ليس فقط تنظيمًا لا يمت للإسلام بصلة، بل أيضًا لا يمت للإنسانية بصلة.كان سارفو، المواطن الألماني الذي تعود أصوله إلى غانا، في سوريا لمدة ثلاثة أشهر فقط خلال عام 2015 قبل أن يتمكن من الهرب، وتم القبض عليه بعد عودته إلى مسقط رأسه، مدينة بريمن الألمانية. مع ذلك جذب سارفو اهتمامًا استثنائيًا من جانب السلطات والمؤسسات الإخبارية، بسبب رغبته في الحديث عن محاولات تنظيم داعش استغلال المجندين من أوروبا في تنفيذ عمليات إرهابية ضد بلدانهم.
وطلب مكتب التحقيقات الفيدرالي تصريحًا لاستجواب سارفو، وكذلك فعلت السلطات النمساوية، وسلطات بلدان أخرى، على حد قول مسؤولين ألمان. مع ذلك رفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق على الأمر.
ولم يكن سارفو متعاونًا مع الشرطة في البداية، لكنه غيّر موقفه بعد نشر تنظيم داعش مقطعا مصورا دعائيا خلال شهر أغسطس (آب) يؤكد علاقته بالتنظيم. وسرعان ما خضع سارفو إلى تحقيقات طويلة، وأخبر المحققون بأن أفراد «الأمنيات»، وهي الجهة المسؤولة عن الأمن الداخلي والمخططات الخارجية داخل التنظيم، تواصلوا معه عند وصوله إلى سوريا. وقال إنه رفض طلبهم بالمشاركة في تنفيذ هجمات داخل أوروبا، وانضم إلى مجموعة قتال خاصة.
وقال أحد مسؤولي الأمن الألمان: «من الطبيعي أن يحاول متهم في قضايا إرهاب مثل سارفو باستمرار التقليل من حجم الدور الذي لعبه. لقد وضعنا هذا الأمر في الاعتبار عند استجوابه، لكن في النهاية ما يهم هو ما لدينا من أدلة ضد هذا الشخص». وأضاف قائلا: «لطالما زعم سارفو أنه لم يشارك في أي عملية قتل، أو إعدام». وبسبب التناقض بين روايته وما جاء في المقطع المصور «سيتم التشكيك» في المعلومات الأخرى، التي أخبر سارفو السلطات والصحافيين بها، و«لن يتم اعتباره شخصًا موثوقًا به بعد اليوم».
*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ {الشرق الأوسط}



إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)

كثّف الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم، هذا الأسبوع، باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني في مناطق سيطرة الجماعة لجهة هشاشة الأوضاع المعيشية والخدمية وعدم القدرة على تحمل المزيد من الأزمات.

وتشنّ الجماعة هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى جانب هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وتبنى المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، الأربعاء، هجوماً باتجاه إسرائيل هو الخامس خلال أسبوع، إذ أعلن إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب زاعماً أنه حقق هدفه، مع وعيده باستمرار الهجمات.

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان اعتراض صاروخ أطلق من اليمن وعبر إلى الأراضي الإسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، مشيراً إلى تفعيل صفارات الإنذار بسبب احتمال سقوط شظايا من عملية الاعتراض.

وأوضح، في منشور على منصة «إكس»، أنه «للمرة الخامسة في أسبوع، سارع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ مع شن الإرهابيين الحوثيين في اليمن هجوماً صاروخياً».

إلى ذلك، قالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء)، في بيان، إنها تلقت تقارير عن إصابة نحو 9 أشخاص أثناء توجههم إلى الملاجئ.

تصاعد الهجمات

كانت الجماعة الحوثية قد تبنت، السبت الماضي، إطلاق صاروخ باليستي على وسط إسرائيل، ولم تتمكن الدفاعات الجوية من اعتراضه فسقط في ساحة وسط مبانٍ سكنية، وأدى إلى إصابات طفيفة طالت نحو 23 إسرائيلياً، وفق وسائل إعلام عبرية.

وفي وقت مبكر، الثلاثاء، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن صفارات الإنذار دوت في مناطق عدة بوسط إسرائيل بعد إطلاق صاروخ من اليمن، مؤكداً اعتراضه قبل أن يعبر إلى الأراضي الإسرائيلية.

عناصر حوثيون يحملون مجسما لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

ويوم الاثنين الماضي، قالت تل أبيب إن سلاح الجو اعترض طائرة مسيّرة، أُطلقت من اليمن قبل أن تخترق الأجواء الإسرائيلية، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرنوت».

وفي حين لم تسجل أي إصابة مباشرة خلال عمليتي الاعتراض، تحدثت خدمة الإسعاف الإسرائيلي عن إصابة أكثر من 20 شخصاً أثناء توجههم إلى الملاجئ، بعضهم أصيب بحالة هلع، بعد دوي صفارات الإنذار.

وعلى امتداد أكثر من عام، تبنى الحوثيون إطلاق نحو 370 صاروخاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي، وكذا تضررت مدرسة بشكل كبير جراء انفجار رأس صاروخ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر السبت الماضي 21 ديسمبر.

حفرة أحدثها صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات في 19 ديسمبر الحالي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 3 آخرين.

صورة جوية وزعها الجيش الإسرائيلي لاستهداف أحد المواقع الخاضعة للحوثيين (رويترز)

ومع تجاهل الحوثيين تهديدات نتنياهو المتكررة، كان الأخير قد أبلغ أعضاء الكنيست بأنه طلب من الجيش تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين. وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال نتنياهو: «وجّهت قواتنا المسلحة بتدمير البنى التحتية للحوثيين لأننا سنضرب بكامل قوتنا أي طرف يحاول إلحاق الضرر بنا. سنواصل سحق قوى الشر بقوة ومهارة، حتى وإن استغرق الأمر وقتاً».

وعلى وقع التصعيد المستمر يترقب اليمنيون بخوف عمليات الرد الإسرائيلية الانتقامية، خاصة أن ضربات تل أبيب لا تفرق بين ما هو هدف عسكري، وبين الأهداف الأخرى المتصلة بحياة السكان الخاضعين للجماعة بالقوة.