الطيران الروسي يكثف غاراته على حلب بعد فشل تقدم النظام

قوات المعارضة تصل إلى مشارف دابق بعد استعادة 14 قرية وبلدة من «داعش»

مقاتلون من الجيش السوري الحر في قرية يحمول بريف حلب ينطلقون إلى معركة ضد مقاتلي تنظيم داعش في مرج دابق أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من الجيش السوري الحر في قرية يحمول بريف حلب ينطلقون إلى معركة ضد مقاتلي تنظيم داعش في مرج دابق أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الطيران الروسي يكثف غاراته على حلب بعد فشل تقدم النظام

مقاتلون من الجيش السوري الحر في قرية يحمول بريف حلب ينطلقون إلى معركة ضد مقاتلي تنظيم داعش في مرج دابق أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من الجيش السوري الحر في قرية يحمول بريف حلب ينطلقون إلى معركة ضد مقاتلي تنظيم داعش في مرج دابق أول من أمس (أ.ف.ب)

فعّل سلاح الجو الروسي غاراته على أحياء مدينة حلب الشرقية، بعد فشل هجمات ميدانية نفذتها قوات النظام السوري لاستعادة الأحياء الجنوبية لمنطقة شرق حلب المحاصرة، واستعادة قوات المعارضة معظم النقاط التي تقدمت إليها، مما يوحي بمحاولة من قبل النظام وروسيا «للضغط على السكان المدنيين للخروج من حلب»، كما قال مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط».
وتجددت الغارات الجوية بوتيرة عنيفة أمس، بعد 5 أيام من هدوء نسبي تراجعت خلالها الغارات الجوية إلى مستويات متدنية، وأسفرت عن مقتل 12 مدنيا على الأقل، في تصعيد يتزامن مع وصول الجهود الدبلوماسية لحل النزاع إلى طريق مسدود. وقال ناشطون إن الطيران الحربي الروسي استهدف حي الفردوس الخاضع لسيطرة المعارضة وسط مدينة حلب، وأسفرت الغارات عن مقتل المدنيين.
وأكد المصدر المعارض في حلب أن قوات النظام «تعوض عن عجزها عن التوغل ميدانيًا، بقصف جوي»، مشيرًا إلى أن الهجمات التي نفذتها من منطقة جنوب الأحياء المحاصرة في الشيخ سعيد، وفي منطقتي بستان الباشا وسليمان الحلبي الواقعتين شمال غربي الأحياء الشرقية للمدينة «لم تحرز فيها قوات النظام تقدمًا ملحوظًا، خلافًا للمناطق التي تقدمت فيها بشكل واسع في الأحياء الشمالية في حندرات ودوار الجندول والشقيف وما حولها».
وأشار المصدر إلى أن ذلك «مرده إلى التصدي والجاهزية لدى قوات المعارضة التي تقاتل وفق تكتيك حرب العصابات في الشوارع والأحياء الضيقة والبيوت المتلاصقة»، لافتًا إلى أن النظام «تقدم قبل أيام إلى ثلاث تلال مرتفعة في حي الشيخ سعيد، قبل أن تستعيد المعارضة السيطرة على تلتين من أصل ثلاثة»، أول من أمس. وقال: «يبدو أن النظام يحاول التقدم من الجهة الشمالية كونها لا تتضمن مباني متلاصقة كما في الأحياء القديمة، فيما يتولى الطيران الروسي قصف المناطق الخلفية في الأحياء الشرقية مثل طريق الباب والشعار وغيرها».
وفي الأحياء الشرقية، أفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» بتجدد الغارات على الأحياء السكنية نحو الساعة الثانية عشرة ظهرا، التي استهدفت بشكل خاص أحياء القاطرجي والميسر وقاضي عسكري وبستان القصر. وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان «مقتل 12 مدنيا بينهم أربعة أطفال على الأقل جراء غارات روسية كثيفة على حيي بستان القصر والفردوس»، مشيرا إلى أن الكثير لا يزالون تحت الأنقاض. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «الغارات الروسية اليوم هي الأعنف على الأحياء السكنية منذ نحو أسبوع».
وانسحب القصف الجوي الروسي والنظامي على ريف اللاذقية الشمالي، حيث كثف الطيران الحربي الروسي غاراته على مواقع المعارضة في محاور القتال بجبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، مستهدفًا محاور قرى كبانة وعين الحور وتردين والتفاحية. وكانت القوات النظامية استعادت، ليل الاثنين - الثلاثاء، السيطرة على كل المواقع التي تقدمت إليها فصائل المعارضة ضمن معركة «عاشوراء» التي أطلقتها الأخيرة يوم الاثنين الماضي، بهدف استعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها في المنطقة خلال العام الفائت. وذكر قيادي في فيلق الشام المعارض، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن القصف النظامي العنيف على المناطق التي انتزعها مقاتلو المعارضة «زاد من عدد القتلى والجرحى في صفوفهم، ما أجبرهم على الانسحاب إلى الأماكن التي انطلقوا منها»، في إشارة إلى تلال الملك ورشا والبركان والدبابات والمقنص، وقريتي نحشبا ورشا.
وفي سياق متصل، مهد القصف الجوي العنيف لقوات النظام، لاستيعاب الهجمات الواسعة لقوات المعارضة في قرى وبلدات ريف حماه الشمالي، واستعادة السيطرة على مناطق جديدة بينها بلدة كوكب، ومحاصرة بلدة صوران بريف حماه، وذلك بعد أيام على سيطرة قوات المعارضة عليها.
وفي ظل هذا الوضع الميداني المتبدل، واصلت قوات المعارضة المدعومة من تركيا التقدم في مناطق سيطرة «داعش» بريف حلب الشمالي، حتى بلغت 14 قرية بريف الراعي في شمال حلب. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن المعارك تواصلت بين تنظيم داعش من جهة، والفصائل المقاتلة والإسلامية المدعمة بالدبابات والطائرات التركية من جهة أخرى، بالريف الشمالي الشرقي لحلب، حيث تمكن الأخير من تحقيق تقدم جديد والسيطرة على قرى براغيدة والبل وجازر والشيخ ريح وكفرغان، مستمرة بذلك في محاولة التضييق على تنظيم داعش، والوصول إلى بلدات دابق وصوران وإحتيملات التي يسيطر عليها التنظيم حتى الآن.
وأشار المرصد إلى وقوع اشتباكات في منطقة دويبق التي تبعد نحو كيلومترين ونصف الكيلو عن بلدة دابق ذات الرمزية الدينية لدى التنظيم.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».