تركيا وروسيا تفعلان عودة العلاقات الاقتصادية على أرض الواقع

صندوق استثماري مشترك بمليار دولار.. واتفاق الغاز على وشك الإبرام

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلقي كلمته أثناء المؤتمر الـ 23 الدولي للطاقة في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلقي كلمته أثناء المؤتمر الـ 23 الدولي للطاقة في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا وروسيا تفعلان عودة العلاقات الاقتصادية على أرض الواقع

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلقي كلمته أثناء المؤتمر الـ 23 الدولي للطاقة في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلقي كلمته أثناء المؤتمر الـ 23 الدولي للطاقة في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)

في إطار تفعيل عودة العلاقات الثنائية بين الجارتين روسيا وتركيا بعد «قطيعة مؤقتة»، وقّع وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي ونظيره الروسي ألكسي أوليوكاييف أمس على بيان لتأسيس الصندوق الاستثماري المشترك بين البلدين، في وقت أكد فيه وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أنه يتوقع إبرام اتفاق بين حكومتي روسيا وتركيا بشأن خط أنابيب الغاز «توركيش ستريم» أو السيل التركي هذا الأسبوع في إسطنبول.
وقال نوفاك إن «الوثيقة جاهزة للتوقيع تقريبا، ولم يتبق سوى تفاصيل قليلة. نتوقع أن يتم التوقيع عليها خلال مؤتمر الطاقة العالمي. نجري محادثات بشأن قطاعين من خط الأنابيب»، مشيرا إلى أن الاتفاق الذي يعود بالمنفعة المتبادلة على البلدين، يشمل قضايا أخرى ذات صلة، وفي مقدمتها تسعير الغاز وإمكانية إجراء تعديلات على العقود والاتفاقات الخاصة بعملية التسعير.
وعن أهمية المشروع بالنسبة للجانب التركي، لفت وزير الطاقة الروسي إلى أنه «يتيح الفرصة لها بالحصول على الغاز الطبيعي مباشرة، وبكميات أكبر دون الحاجة إلى بلدان عبور، ما قد يساهم بدفع عجلة تطوير النمو الاقتصادي في البلاد».
وتعد تركيا ثاني أكبر مستهلك للغاز الروسي بعد ألمانيا، وتستورد نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنويًا عبر خطي أنابيب «بلو ستريم» الذي يمر تحت البحر الأسود، و«الخط الغربي» عبر البلقان. ولفت نوفاك إلى أن قضية خصم سعر الغاز لشركة بوتاش التركية منفصلة عن بناء خط الأنابيب الذي سينقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية.
وعلى صعيد ذي صلة، أكد نوفاك أن مشروع إنشاء أول محطة نووية في تركيا في مدينة مرسين جنوب البلاد سيكون دليلاً قاطعًا على مدى زخم وقوة التعاون الاستراتيجي المستقبلي بين البلدين.
وأعرب عن أمل بلاده في استعادة مستويات التبادل التجاري المشترك مع أنقرة إلى ما كانت عليه قبيل أزمة إسقاط الطائرة التي تمت تسويتها في يونيو (حزيران) الماضي، موضحًا أنه في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي تراجع حجم التبادل التجاري بنسبة 40 في المائة.
وكان حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا وصل إلى 35 مليار دولار سنويًا قبل الأزمة، لكنه تراجع خلالها إلى ما بين 27 و28 مليار دولار، حسب أرقام رسمية.
من ناحية أخرى، وقع كل من وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي ونظيره الروسي ألكسي أوليوكاييف في مدينة إسطنبول على بيان لتأسيس الصندوق الاستثماري المشترك بين البلدين.
وقال زيبكجي إن روسيا وتركيا ستساهمان في الصندوق الاستثماري المشترك بمبلغ 500 مليون دولار لكل منهما؛ ليصبح رأس مال الصندوق مليار دولار. وأوضح أن الصندوق يهدف إلى تمويل مشاريع مشتركة في البلدين، على أن يتم زيادة رأس ماله مستقبلاً في حال الحاجة.
ولفت زيبكجي إلى أنّه تباحث مع نظيره الروسي حول العلاقات التجارية والاقتصادية التي تربط بين موسكو وأنقرة، مشيرًا إلى أنّه من الممكن التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة بين الدولتين مع حلول عام 2017، كما تحدث عن وجود بعض المشاكل التي تعترض تطور العلاقات الاقتصادية بين موسكو وأنقرة، معربًا عن ثقته بقدرة لطرفين على إزالتها في أقرب وقت ممكن.
وأوضح الوزير في هذا الصدد قائلا: «أعتقد أنّ الحظر المفروض على دخول الخضر والفواكه التركية إلى الأسواق الروسية سيتم إزالته خلال الفترة القريبة القادمة، كما أعتقد أننا سنتمكن من تجاوز الحظر المفروض على عمل الشركات والعمال الأتراك في روسيا».
من جانبه، قال وزير الاقتصاد والتنمية الروسي، ألكسي أوليوكاييف إن وزارته بذلت جهودا مضاعفة لإعادة العلاقات التجارية والاقتصادية مع تركيا إلى سابق عهدها.
وفيما يتعلق بصندوق الاستثمار المشترك، أوضح أوليوكاييف أن هذا الصندوق سيساهم بشكل إيجابي في توسيع المشاريع المشتركة القائمة بين البلدين، لافتًا إلى وجود مشاريع مشتركة ضخمة بين البلدين فيما يخص مجال الطاقة، وأن هناك احتمالا لإقامة مشاريع مشتركة في مجال الزراعة.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.