شعور بالإحباط في «جبل محسن» اللبنانية بعد ملاحقة زعيم العلويين قضائيا

يحاول أهالي منطقة جبل محسن العلوية، الواقعة شرق مدينة طرابلس شمال لبنان أن يتأقلموا مع الخطة التي فرضها الجيش والقوى الأمنية لوضع حد لجولات الاقتتال الـ20 التي شهدتها المنطقة منذ عام 2008، إلا أنّهم يشعرون بحالة من الإحباط والاستياء بعد قرار قضائي بملاحقة زعيمهم علي عيد ونجله رفعت، المتواريين عن الأنظار.
وكبادرة حسن نية، ولملاقاة الخطة الأمنية التي بدأ تطبيقها فعليا في طرابلس قبل أكثر من عشرة أيام بإيجابية، أزال أهالي جبل محسن أعلاما سورية وصورا عملاقة للرئيس السوري بشار الأسد كانت قد علّقت عند مدخل المنطقة؛ لتنتشر فقط في الأحياء صور رئيس الحزب العربي الديمقراطي النائب السابق علي عيد ونجله مزيلة بعبارة «الزعيم والقائد».
ويشعر معظم أهالي الجبل الذين يبلغ عددهم نحو 70 ألفا، بأنّهم «مستضعفون» بعدما جرى «التطاول» على زعمائهم ورموزهم، بحسب تعبير علي الحسن (44 عاما)، الذي لا يتردد في وصف الحالة التي هم فيها بـ«الإحباط، وحتى القرف». الحسن، الذي يعمل خبيرا في إحدى شركات التأمين في طرابلس، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لم نكن ننتظر أن يحصل معنا ما نشهده اليوم، لقد تخلى عنّا حلفاؤنا في 8 آذار وعلى رأسهم حزب الله».
وأشار الحسن إلى أن معظم أهالي الجبل لا يشعرون بالأمان رغم توقف الاشتباكات، ويعيشون في حالة من القلق الدائم. وأضاف: «صحيح أننا بتنا نتحرك بحرية أكبر في مدينة طرابلس، إلا أننا نترقب ما ستكون عليه الأمور في الأيام المقبلة، خاصة أن التسوية ليست متينة باعتبار أنها لم تجر على قاعدة مصالحة سياسية نراها ضرورية لمنع اندلاع جولة جديدة من الاقتتال».
وقُتل في الجولة الـ20 والأخيرة من الاشتباكات بين مسلحين من منطقة باب التبانة، حيث الأكثرية السنية، ومسلحين من جبل محسن العلويين أكثر من 32 شخصا وجرح 145. وكانت الجولات الـ19 السابقة من القتال بين المنطقتين والتي اندلعت منذ عام 2008، أودت بحياة 170 شخصا وإصابة أكثر من 1284 آخرين.
واندلعت هذه الاشتباكات على خلفية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005. واتهام النظام السوري، الذي يدعمه أهالي الجبل، بأنه وراء عملية الاغتيال، وانطلاق الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد منتصف مارس (آذار) 2011.
وبعد دخول الجيش اللبناني إلى جبل محسن الأسبوع الماضي وإلقاء القبض على عدد من المطلوبين، فُقد أثر رفعت عيد الذي أصدر القضاء العسكري مذكرة توقيف غيابية بحقه، فيما ادعى على 29 شخصا من الجنسيتين اللبنانية والسورية وقادة محاور في باب التبانة، كانوا قد فروا من طرابلس، إثر الإعلان عن بدء تنفيذ الخطة الأمنية. ومن أبرز المدعى عليهم، قادة المحاور في باب التبانة، زياد علوكي وسعد المصري وفاروق مسقاوي وشقيقه. وكانت بعض المعلومات تحدثت عن فرار رفعت عيد إلى سوريا ومنها إلى الولايات المتحدة الأميركية، فيما أشارت معلومات أخرى إلى أنّه استقر في مرحلة أولى في محلة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في بلدة بنشعي الشمالية.
ويتحضر أهالي الجبل، بحسب ما أعلنت «شبكة أخبار جبل محسن الرسمية» على موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، لمهرجان كبير يُقام بالتعاون مع المجلس الإسلامي العلوي «دعما للقائد رفعت علي عيد وشهداء جبل محسن». ويؤكد المسؤول الإعلامي في الحزب «العربي الديمقراطي» عبد اللطيف صالح أن رفعت عيد لا يزال في منطقته في جبل محسن مع أكثر من 70 ألف شخص يدعمونه، لافتا إلى أن مذكرتي التوقيف التي صدرت بحقه وحق والده «موضوع سياسي يحل بالسياسة».
ولم ينكر صالح في حديث مع «الشرق الأوسط» وجود حالة استياء في الجبل، بعدما وصل الأمر إلى حدّ «التطاول» على زعيم الطائفة علي عيد، وقال: «نحن لا نقبل حتى مقارنة علي عيد بزعيم تيار المستقبل سعد الحريري، فكيف أن تصدر مذكرة توقيف بحقه». ولفت صالح إلى أنّه كان يتوجب إصدار مذكرات توقيف بحق سياسيي طرابلس من تيار المستقبل وغيرهم، الذين «مولوا ودعموا المقاتلين وقادة المحاور الذين هم بمعظمهم فقراء يجري التلاعب بهم».
وأكّد صالح تعاون أهالي الجبل إلى أقصى حد مع الجيش والقوى الأمنية لضمان نجاح تطبيق الخطة الأمنية: «كوننا أول المستفيدين منها»، مشددا على أن الحزب العربي الديمقراطي يبقى جزءا لا يتجزأ من قوى 8 آذار. وأردف قائلا: «هناك فريق يجب أن يدفع فاتورة معينة كي نحقق في 8 آذار مكاسب تصب في مصلحة الوطن، وهذا ما حصل. إلا أننا نؤكد استمرار التواصل والتنسيق مع كل حلفائنا».