جنرالات إسرائيليون يطالبون نتنياهو بوقف التعاون مع روسيا في سوريا

قالوا إن التحالفات الجديدة قد تُلزم إسرائيل بتوضيح انتسابها إلى التحالف الغربي

صورة لممثلة اليونيسيف في سوريا تحمل الطفلة ميس ابنة الشهرين التي تعالج في مستشفى بالقسم الغربي لحلب بعد أن هربت بها والدتها من المعارك التي يشنها النظام السوري على الجزء الشرقي (أ.ب)
صورة لممثلة اليونيسيف في سوريا تحمل الطفلة ميس ابنة الشهرين التي تعالج في مستشفى بالقسم الغربي لحلب بعد أن هربت بها والدتها من المعارك التي يشنها النظام السوري على الجزء الشرقي (أ.ب)
TT

جنرالات إسرائيليون يطالبون نتنياهو بوقف التعاون مع روسيا في سوريا

صورة لممثلة اليونيسيف في سوريا تحمل الطفلة ميس ابنة الشهرين التي تعالج في مستشفى بالقسم الغربي لحلب بعد أن هربت بها والدتها من المعارك التي يشنها النظام السوري على الجزء الشرقي (أ.ب)
صورة لممثلة اليونيسيف في سوريا تحمل الطفلة ميس ابنة الشهرين التي تعالج في مستشفى بالقسم الغربي لحلب بعد أن هربت بها والدتها من المعارك التي يشنها النظام السوري على الجزء الشرقي (أ.ب)

توجه عدد من الجنرالات السابقين في الجيش الإسرائيلي إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مطالبين بتغيير سياسته في سوريا، التي تستند إلى التنسيق مع روسيا، والانضمام إلى الموقف الأميركي.
وقال الجنرال احتياط إليعيزر (تشيني) ماروم، القائد السابق لسلاح البحرية الإسرائيلي والعضو السابق في هيئة رئاسة الأركان العامة، إن الموقف التقليدي الإسرائيلي تجاه الأوضاع مع سوريا لم يعد مجديًا. وأضاف، شارحًا طلبه: «إطلاق الصاروخ المضاد للطيران تجاه مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي، التي هاجمت أهدافًا في سوريا في بداية شهر سبتمبر (أيلول)، كانت رسالة واضحة لإسرائيل تفيد بأن الوضع لم يعد كما كان سابقًا، وكحال التنسيق الأميركي الروسي الذي انهار، يبدو أيضًا أن التنسيق الإسرائيلي الروسي لم يبق على حاله. أن الوضع الجديد في سوريا سيلزم الولايات المتحدة، من دون شك، بالرد وملاءمة نشاطاتها، وستضطر إسرائيل هي الأخرى إلى الاقتصاد بخطواتها، وانتهاج موقف حكيم على المدى الاستراتيجي».
وتابع مروم: «على مر الحروب التي دارت في العراق وسوريا، تشكّلت تحالفات جديدة وقديمة. أن عدوّ عدوي ليس بالضرورة صديقي. هذا واقع ألزم إسرائيل بالمناورة بحكمة بين مواطن القوة في المنطقة. وقد خلق النشاط الروسي الأخير تحالفين واضحين: التحالف الروسي الشيعي، الذي يشمل روسيا، بشار الأسد والعلويين، إيران و(حزب الله)، وفي المقابل التحالف الغربي السني، الذي يشمل الولايات المتحدة ودول الغرب، فصائل المعارضة السورية ودول عربية أخرى. أما موقع تركيا من هذه التحالفات فلا يزال غير واضح، وكذلك موضع الأكراد. وقد نجحت إسرائيل، حتى الآن، في البقاء خارج الحرب الدائرة في سوريا، وباتخاذ سياسة مكنتها من الحفاظ على المصلحة الإسرائيلية. ورغم الحضور الروسي، فقد تمكن سلاح الجو الإسرائيلي من الحفاظ على حرية العمل، وقد هاجم (بحسب مصادر غربية) قوافل إمدادات بالأسلحة كانت متوجهة إلى «حزب الله». أما الأحداث التي حصلت مؤخرًا في سوريا، ومن ضمنها إطلاق الصاروخ المضاد للطيران ضد المقاتلة الإسرائيلية، وإدخال منظومة الـS - 300 وغيرها من الصواريخ المتطورة، فستؤدي إلى انكفاء نشاط الجيش على الجبهة الشمالية، وستلزم إسرائيل بإخراج قدرات إضافية من صندوق أدواتها، حين يتطلب منها الأمر العمل ضد أهداف في تلك الساحة. أن التحالفات الجديدة، التي يتم نسجها مؤخرًا، قد تُلزم إسرائيل، وللمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة، باتخاذ موقف وتوضيح بأنها تنتسب إلى التحالف الغربي. وخطوة كهذه ستحسّن العلاقات مع الولايات المتحدة، لكنها ستجعل العلاقات مع روسيا سيئة، وينبغي علينا الاستعداد لهذا الأمر».
وفي السياق نفسه، نقل المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، على لسان جنرالات آخرين أن «وتيرة التصريحات المتسارعة التي تترافق بتطورات ليست قليلة في سوريا نفسها، تحتم على إسرائيل التعقب اليقظ لما يحدث. والكف عن النهج الحالي».
وأضاف: «من الواضح أن سيناريو المواجهة بين الطائرات الأميركية ومنظومة الدفاع الجوي الروسية والسورية في أجواء سوريا، والذي يعتبر غير واقعي حاليًا، ستكون له آثار ملموسة على إسرائيل أيضًا. وعلى الرغم من وقوف إسرائيل، رسميًا في المعسكر الأميركي، فإن حكومة نتنياهو اهتمت في السنة الأخيرة بتحسين وتوثيق علاقاتها مع موسكو، خاصة من أجل منع حوادث جوية غير مرغوب فيها مع الطائرات الروسية. وقبل نحو شهرين فشلت محاولة الجيش الإسرائيلي اعتراض طائرة روسية من دون طيار اجتازت الحدود في هضبة الجولان، كما يبدو نتيجة خطأ. وكانت هناك عدة تقارير، لم يتم تأكيدها، تحدثت عن قيام منظومة الدفاع السورية أو الروسية في سوريا بوضع الطائرات الحربية الإسرائيلية على الهدف خلال تحليقها في الأجواء السورية.
اللقاءات المتكررة بين رئيس الحكومة نتنياهو والرئيس الروسي بوتين، لم تستقبل بتحمس من قبل واشنطن، لكن نتنياهو يعتبرها مركبا حيويا في الحفاظ على إسرائيل خارج المواجهات في سوريا. ورغم عدم رضا إسرائيل عن تعزز قوة نظام الأسد في الحرب الأهلية، بفضل المساعدات الروسية والإيرانية، إلا أنه من الواضح بأن من شأن التدخل الأميركي في روسيا أن يرفع درجات الحرارة في المنطقة؛ ويمكن لذلك التهام الأوراق على عدة حلبات هامشية، تتأثر مما يحدث في سوريا ومن التوتر بين القوتين العظميين. تعزيز منظومة الدفاع الجوي الروسي في سوريا قد يؤثر أيضًا في إسرائيل، من ناحية أخرى.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.