خلاف أوروبي - إيراني قبل مفاوضات وشيكة حول حقوق الإنسان

الأمم المتحدة تجدد دعوتها لإطلاق طهران سراح بريطانيين وأميركي

خلاف أوروبي - إيراني قبل مفاوضات وشيكة حول حقوق الإنسان
TT

خلاف أوروبي - إيراني قبل مفاوضات وشيكة حول حقوق الإنسان

خلاف أوروبي - إيراني قبل مفاوضات وشيكة حول حقوق الإنسان

في وقت تتعرض طهران لانتقادات دولية واسعة بسبب انتهاكات صارخة في سجل لحقوق الإنسان، أزاح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي اللثام عن خلافات عميقة بين طهران والاتحاد الأوروبي قبل محادثات وشيكة حول حقوق الإنسان بين الطرفين، وذلك بموازاة تحرك جديد من المقرر الأممي الخاص بملف حقوق الإنسان في إيران، أحمد شهيد، لإطلاق سراح ثلاثة سجناء من مزدوجي الجنسية يواجهون أوضاعا صحية محرجة في المعتقلات الإيرانية.
وفي حين يتجه الاتحاد الأوروبي لتكثيف ضغوطه على النظام الإيراني بسبب تقارير دولية أظهرت تراجع أوضاع حقوق الإنسان بعد التوصل للاتفاق النووي، كعادتها طهران رفضت التجاوب مع دعوات المجتمع الدولي، وقال المتحدث باسم الخارجية، أمس، بهرام قاسمي، إن المواقف الحالية «لا تساعد على التقدم في خطاب حقوق الإنسان»؛ وذلك في محاولة من طهران للتأثير على مسار المفاوضات المتوقعة بين الجانبين.
ويفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مشددة على الحكومة وكبار المسؤولين الإيرانيين بسبب دورهم في انتهاكات حقوق الإنسان على ضوء التقارير الدولية، منها حظر السفر إلى أوروبا ومصادرة الأموال. وبعد الاتفاق النووي تتطلع طهران إلى الخروج بنتائج إيجابية لها بإزالة العقوبات المتعقلة بحقوق الإنسان في جولة المفاوضات المقبلة على غرار الاتفاق النووي كما تحاول إخراج مسؤولين من الملاحقة الدولية.
هذا، ولم يحدد بعد موعد المفاوضات المباشرة بين الاتحاد الأوروبي وإيران حول حقوق الإنسان، لكن وفق تسريبات سابقة من الجانبين فإنها من المتوقع أن تكون بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني).
في هذا الصدد برر ممثل إيران في الأمم المتحدة، غلام حسين دهقاني، ارتفاع نسق الإعدامات في إيران على هامش اجتماع اللجنة المختصة بحقوق الإنسان في الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قبل ثلاثة أيام قد وجه انتقادات لاذعة إلى السلطات الإيرانية، بسبب تفاقم أوضاع حقوق الإنسان في إيران، قائلا إن المجتمع الدولي يشعر بخيبة أمل، خصوصا في ظل تفاقم أوضاع حقوق الإنسان في إيران، خصوصا بعد التوصل للاتفاق النووي.
وأعرب بان كي مون عن قلقه من سوء الأوضاع الإنسانية وتسارع وتيرة الإعدامات والتعذيب وعقوبة الجلد والاعتقالات التعسفية والأحكام الجائرة، كما انتقد حرمان المعتقلين من الرعاية الطبية والاضطهاد والتمييز القومي.
أغسطس (آب) الماضي طالب رئيس السلطة القضائية الإيرانية، صادق لاريجاني، بمفاوضات مباشرة بشأن حقوق الإنسان مع الاتحاد الأوروبي، مشددا على ضرورة إبعاد واشنطن من المفاوضات. وقال لاريجاني حينها إن بلاده تملك ما تدافع به عن نفسها في هذا الخصوص.
وانتقد قاسمي، أمس، أحدث خطة مقررة في لجنة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي لتشديد الرقابة على النظام الإيراني تحت عنوان «استراتيجية الاتحاد الأوروبي تجاه إيران بعد الاتفاق النووي»، معتبرا إياها «غير واقعية وتحت تأثير دعاية أوساط ضد إيران».
يشار إلى أنه قبل ذلك بيومين وصف قاسمي بعبارات مشابهة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول أوضاع حقوق الإنسان في إيران.
وعد قاسمي المواقف المنددة بتدهور أوضاع حقوق الإنسان في إيران «تثير علامات استفهام» و«غير بناءة» و «لا تساعد الحوار حول حقوق الإنسان». كما عدت الخارجية الانتقادات ضد سجل حقوق الإنسان «تكريسا للشبهات بشأن التدخل في الأمور الداخلية الإيراني». وجدد رفضه التقارير الدولية الأخيرة التي أدانت بشدة سجل إيران في حقوق الإنسان، خصوصا تقرير أمين عام الأمم المتحدة الأخير حول قضايا حقوق الإنسان في إيران.
في غضون ذلك، أثارت القضية التي رفعها مراسل «واشنطن بوست»، جيسون رضاييان، ضد النظام الإيراني غضبا واسعا في طهران، وبخاصة بين نواب البرلمان. وقال مساعد رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني، أبو الفضل بيغي، أمس، إنه وفق صفقة تبادل السجناء بين إيران وأميركا تقرر إطلاق سراح 20 سجينا إيرانيا من السجون الأميركية مقابل الإفراج عن جيسون رضاييان، حسبما أوردت وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني.
واتهم المسؤول الإيراني واشنطن بالتنصل من الاتفاق من أجل إطلاق سراح «إيرانيين موقوفين في واشنطن لا علاقة لهم بالقوات المسلحة والأمنية الإيرانية»، لكن «إطلاق سراحهم لم يتحقق بعد».
وقال بيغي إنه يتعذر عليه الكشف عن هوية الإيرانيين الموقوفين في أميركا «حتى لا يتعرضوا لمزيد من الضغوط الأميركية»، حسب المسؤول الإيراني، كما ادعى المسؤول في البرلمان الإيراني أن «إطلاق سراح جيسون رضاييان أثبت للمجتمع الدولي أن طهران لا تريد الشر»، وتابع أنه «ثبت لإيران تجسس رضاييان لصالح الموساد وأجهزة المخابرات الأميركية».
من جانبه، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية، علاء الدين بروجردي، إن طهران سترفع قضية ضد الحكومة الأميركية في محاكم الداخلية ردا على شكوى تقدم بها رضاييان إلى المحكمة الفيدرالية.
في يناير (كانون الثاني) الماضي أطلقت السلطات الإيرانية سراح جيسون رضاييان برفقة ثلاثة آخرين من الأميركيين من أصل إيراني في صفقة تبادل سجناء مقابل إطلاق سبعة إيرانيين، وكشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» في وقت سابق عن تقديم واشنطن 400 مليون نقدا لطهران في إطار صفقة التبادل؛ مما أثار جدلا كبيرا في أميركا، لكن إدارة أوباما نفت أن تكون المبالغ المالية التي دفعت نقدا بعملات غير الدولار فدية مقابل إطلاق سراح السجناء.
في سياق متصل، دعا مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان، في إيران، أحمد شهيد، إلى إطلاق سراح ثلاثة إيرانيين مزدوجي الجنسية فورا، وقال إن أوضاعهم الصحية مثيرة للقلق.
واختارت الأمم المتحدة المحامية والناشطة الباكستانية، عاصفة جهانغير، لشغل منصب أحمد شهيد بعد انتهاء ولايته التي بدأها بقرار من مجلس الأمن في 2011.
وخص المسؤول الدولي أحمد شهيد بالذكر عاملة الإغاثة الإيرانية - البريطانية، نازنين زاغري، التي ألقي القبض عليها مع ابنتها البالغة من العمر عامين وقدمت للمحاكمة في أغسطس.
وقالت أسرتها الشهر الماضي إن محكمة ثورية إيرانية برئاسة القاضي صلواتي قضت عليها بالسجن خمسة أعوام بتهم لم يعلن عنها. وتعمل زاغري في مؤسسة تومسون رويترز، وهي منظمة خيرية مقرها لندن. ويرعى والداها الطفلة في إيران.
ووفقا لوكالة «رويترز» فإن وزير الخارجية السابق بجزر المالديو، أحمد شهيد، قال في بيان إن «إصدار أحكام على أفراد في تهم يتم إخفاؤها عن المدعى عليهم ودفاعهم استهزاء بالعدالة».
وقال المسؤول الدولي إن رجلين كبيري السن في سجن إيفين بطهران يحتاجان لرعاية طبية عاجلة وينبغي أيضا الإفراج عنهما.
والأول هو باقر نمازي 80 عاما ويحمل الجنسية الأميركية وهو معتقل منذ فبراير (شباط) 2015 بتهم غير معلومة ودون اتصال بمحام، والثاني كمال فوروغي 77 عاما وهو رجل أعمال بريطاني من أصل إيراني اعتقل في مايو (أيار) 2011 ويقضي عقوبة السجن ثماني سنوات بتهم التجسس وحيازة مشروبات كحولية. ولا تعترف إيران بمزدوجي الجنسية وهو ما يحرم السفارات الغربية من زيارة مثل هؤلاء المعتقلين وحذرت عدة دول غربية خلال العام الحالي مواطنيها من السفر إلى إيران.
قبل أسبوعين أفرجت إيران عن عالمة الأنثروبولوجيا الكندية من أصل إيراني، هما هودفر بعد خمسة أشهر من الاعتقال. وقالت هودفر، في أول تصريح صحافي لقناة «بي بي سي»، إنها تعرضت للتعذيب وتلقت تهديدات من المحققين في الحرس الثوري بإرسال جثتها إلى كندا.



خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
TT

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم

أغلق المرشد الإيراني علي خامنئي الباب أمام المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، بعدما أرسلت حكومة الرئيس مسعود بزشكيان إشارات إلى إمكانية إنهاء القطيعة مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولى مهامه لولاية ثانية في البيت الأبيض.

ودعا خامنئي، الأربعاء، المسؤولين وصناع القرار في بلاده «ألا يأخذوا طلبات ومواقف أميركا والصهاينة بعين الاعتبار؛ لأنهم أعداء للشعب والجمهورية الإسلامية ويتمنون تدميرها».

وحذر من أنه «إذا استمع المسؤولون في بلادنا في أي مرحلة من مراحل اتخاذ القرار حول القضايا المختلفة إلى التوقعات غير المبررة من الأميركيين، أي مراعاة مصالحهم، فإنهم يكونون قد هددوا ديمقراطية البلاد وجمهوريتها».

والأسبوع الماضي، قال علي عبد العلي زاده، كبير مستشاري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً الملف النووي الإيراني، مع بلوغ طهران مستويات متقدمة من تخصيب اليورانيوم القريب من مستوى إنتاج الأسلحة.

وقد بعثت إدارة ترمب المقبلة وطهران برسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، أم لا.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات التي أجرتها إدارة جو بايدن مع إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي، أم لا؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

ووصف خامنئي العقوبات التي أعاد فرضها ترمب في 2018 بـ«السياسات الخاطئة وغير المجدية»، لافتاً إلى أن «هدفها هو إجبار الاقتصاد الإيراني على الركوع، ولكن الشعب الإيراني حقق أكبر تقدم في مجالات العلم والتكنولوجيا خلال فترة العقوبات، وظهر الشباب الإيرانيون الجاهزون للعمل في مجالات متنوعة».

وأضاف: «بالطبع، تسببت العقوبات في أضرار للبلاد، ولكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وإن شاء الله سيأتي يوم يحاسبهم فيه الشعب الإيراني على هذه الأضرار».

وقال إن «أحد مطالب الاستكبار، بمن في ذلك مسؤولو الجمهورية الإسلامية، هو مراعاة مصالحهم واعتباراتهم في تصميم القضايا المختلفة».

ومن شأن هذه التصريحات أن تزيد ضغوط المحافظين ووسائل إعلامهم على الرئيس مسعود بزشكيان المدعوم من الإصلاحيين.

لكن خامنئي عبر عن ارتياحه لـ«المواقف الصريحة والحاسمة والشجاعة، لرئيس الجمهورية (مسعود بزشكيان) ضد الكيان الصهيوني ودعم أميركا لجرائمه»، وقال إن «هذه المواقف أسعدت قلوب الشعب».

وقال خامنئي في بداية كلامه إنه موجه إلى «أولئك الذين يرتعبون من سياسات أميركا»، وذلك في خطاب سنوي تقليدي له أمام ممثلين من أهل قم، المعقل الأول لرجال الدين في البلاد، بمناسبة ذكرى مظاهرات دموية شهدتها المدينة قبل الإطاحة بنظام الشاه في 1979.

وأردف في السياق نفسه: «الذين يخافون من سياسات أميركا لا ينبغي أن يكونوا خائفين... على مدار عقود بعد الثورة، ارتكب الأميركيون أخطاء في حساباتهم فيما يتعلق بقضايا إيران، ويجب على الخائفين أن يعيروا اهتماماً كافياً لنقطة الضعف الأساسية والمستمرة في النظام الأميركي».

وقال خامنئي: «بعض الأشخاص يقولون: لماذا تتفاوضون وتتواصلون مع الأوروبيين ولا ترغبون في التواصل والتفاوض مع أميركا؟ أميركا كانت قد امتلكت هذا المكان، لكن تم انتزاعه من قبضتها؛ لذا فإن حقدها على البلاد والثورة هو حقد عميق! ولن تتخلى عنه بسهولة».

وأضاف: «أميركا فشلت في إيران، وهي تسعى لتعويض هذا الفشل».

وطالب خامنئي بالتركيز على العمل الإعلامي والدعائي لمواجهة الولايات المتحدة. وقال: «اليوم، فهم الأميركيون جيداً أنه لا يمكنهم تحقيق أهدافهم باستخدام الأدوات العسكرية فقط»، وأشار إلى «زيادة الأميركيين للبرمجيات الدعائية».

وأشار خامنئي إلى الحرب في غزة، وكذلك اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، وقال: «انظروا إلى ما حدث في غزة، قتلوا هذا العدد الكبير من الناس؛ دبابات، مدافع، قنابل، رشاشات، طائرات مسيرة. قتلوا جميع العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على الحركة... وقاموا بتدمير العديد من العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من تدمير (حزب الله)، ولن يستطيعوا ذلك. لذا يجب عليهم العمل عبر الوسائل الإعلامية الناعمة، يجب عليهم القيام بالدعاية».

وقال: «هذه نقطة مهمة لنا، نحن الشعب الإيراني. العمل الإعلامي الناعم هو اختلاق الأكاذيب لخلق فجوة بين الواقع وتصورات الرأي العام. أنتم تتقدمون بقوة لكنهم يروّجون أنكم تضعفون...هم يضعفون لكنهم يروجون أنهم يصبحون أقوى. أنتم تصبحون غير قابلين للتهديد، وهم يقولون إنهم سيقضون عليكم بالتهديدات. هذه هي الدعاية. وهناك من يتأثرون بها».

وقال: «اليوم، العمل الأساسي والمهم للأجهزة الإعلامية لدينا، للأجهزة الثقافية، للدعاية، لوزارة الثقافة والإعلام، لإذاعتنا وتلفزيوننا، ولنشطائنا في الفضاء الإلكتروني، هو أن يمزقوا وَهْم قوة العدو، أن يكسروا هذا الوهم، وألا يسمحوا لدعاية العدو بالتأثير على الرأي العام».

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد أدلى بتصريحات مماثلة عن أهمية الإعلام، وذلك خلال مؤتمر لـ«الحرس الثوري»، الثلاثاء.

وقال عراقجي: «إلى جانب الميدان (الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري») والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».