اليمنيون ينزلون إلى شوارع صنعاء.. والانقلاب يرتبك

محللون: تفسير الميليشيات للهدنة مغاير لما طرحه المبعوث الأممي

نقطة تفتيش لأجهزة الأمن الانقلابية في صنعاء (أ.ف.ب)
نقطة تفتيش لأجهزة الأمن الانقلابية في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

اليمنيون ينزلون إلى شوارع صنعاء.. والانقلاب يرتبك

نقطة تفتيش لأجهزة الأمن الانقلابية في صنعاء (أ.ف.ب)
نقطة تفتيش لأجهزة الأمن الانقلابية في صنعاء (أ.ف.ب)

يشهد اليمن حراكا على الصعيدين الشعبي والدولي، ففي الوقت الذي أعلن فيه المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ عزمه تقديم خطة سلام شامل في اليمن؛ يعكف ناشطون يمنيون على النزول اليوم إلى ميادين صنعاء في مسيرات سلمية تندد بممارسات انقلابيي اليمن وجرائمهم كافة.
وأدى الحشد الذي نظمه الناشطون على مدار يومين قبيل المظاهرة، بأجهزة أمن الانقلاب إلى اتخاذ خطوات استباقية، ووفقا لـ«العربية.نت»، فقد جرى قطع تطبيق المحادثات الهاتفية «واتساب»، في خطوة عدها مراقبون «تعكس خوفهم» من المظاهرات التي نشطت تحت وسم «#أنا_نازل».
ويقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني نجيب غلاب لـ«الشرق الأوسط»: إن المعاناة بلغت حدًّا أوصل الناس إلى قناعة تامة بأن الخروج من معضلة الانقلاب هو إسقاطه عبر الأدوات الشعبية وتفعيل المقاومة الشعبية عبر الاحتجاجات المتنوعة؛ فالسيطرة التي فرضتها الحوثية بالسلاح وإرهاب المجتمع واختطافها للدولة مع حروبها الداخلية ورفضها لأي حلول سياسية مع وضع اقتصادي أدى إلى إفلاس الدولة وضرب القطاع الخاص وإفقار المواطنين.
ويضيف غلاب: إن الحكم المتوحش للانقلاب أدى إلى تراكم ثروات البلاد إلى صناديق الحوثية وحسابات قياداتها مع عجز الناس حتى عن تغطية حاجاتهم الأساسية من الطعام ومقومات الأساسية للمعيشة في أدنى مستوياتها.. هي ثورة الجياع وستكون شاملة، متابعا: تقوم الحوثية بالإعداد لإجراءات قمعية قد تؤدي إلى مجازر دموية وفي المقابل تحاول أن تقوم بعمل مظاهرات لمواجهة الانتفاضة الشعبية القادمة، وفرضت إجراءات أمنية صارمة في العاصمة صنعاء، وأعطت الأوامر بمواجهة أي مظاهرات بالقوة.
وعودة إلى رحلات المبعوث الدولي التي يفضل تسميتها «المكوكية»، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبد الله إسماعيل لـ«الشرق الأوسط»: «لا تبشر تحركات ولد الشيخ حتى الآن بأي نجاحات تذكر في اتجاه إقناع الانقلابيين بالتحرك الجاد إلى مشاورات تلبي الحد الأدنى من اشتراطات النجاح، ويبدو أن ولد الشيخ ما زال يصطدم بصخرة تعنت الانقلابيين وإصرارهم على إفشال مهمته، ووضع العراقيل أمام أي انفراج حقيقي ابتداء بتفسيرهم الأحادي لموضوع الهدنة التي يحصرونها في توقف الطيران، وما يسمونه بالحصار في مقابل توقف الأعمال القتالية في الحدود، أو في استمرارهم في اتخاذ خطوات أحادية تستهدف لاستكمال اختطافهم للعاصمة صنعاء، بل إن الانقلابيين وجهوا للمبعوث الأممي كثيرا من الاتهامات ورفضوا مقابلته أكثر من مرة في مسقط».
وكان المبعوث الأممي أعلن خطة سلام شامل مرتقبة سيكشف النقاب عنها خلال أسبوعين، عبر ما سماه «ورقة حقيقية»، وقال إن «ملامح الاتفاق بدأت تتضح للجميع، وخصوصا أن وقف إطلاق النار سيساعد على تنفيذ الخطة».
ولفت إلى إدراجه في سياق النقاشات بمسقط، مع وفد انقلابيي اليمن خلال رحلته إلى مسقط نهاية الأسبوع، تمديد هدنة وقف إطلاق النار، لافتا إلى موافقة الميليشيات مبدئيا على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة في اليمن قابلة للتمديد، وتفعيل لجنة التهدئة والتنسيق من أجل دخول وقف النار حيز التنفيذ.
ويقول عبد الله إسماعيل: «ما زال موقف الحكومة الشرعية واضحا بالتعاطي الإيجابي مع كل دعوات السلام والرؤى المقدمة للحل وآخرها الرؤية الأممية ومقاربة وزارة الخارجية الأميركية، وهو ما يضع المبعوث الأممي والأمم المتحدة أمام اختبار حقيقي فيما يخص الإعلان الشفاف عن المعرقل لحل الأزمة اليمنية أو الاستمرار في الأداء الرخو، الذي طالما أرسل برسائل سلبية ساعدت الانقلابيين على اتخاذ مواقف متشددة في اطمئنان واضح لعجز المجتمع الدولي لتحرك فاعل وضاغط لتنفيذ قراراته».
بينما يعود نجيب غلاب هنا بالقول إن كل المؤشرات في الواقع الموضوعي تؤكد أن الحل السياسي ما زال بعيد المنال، فهناك صراع وتناقضات داخل الانقلاب، كما أن الراعي الرسمي للحوثية لم يوافق بعد على الحل السياسي، وهذا يفسر الاشتراطات الحوثية المعيقة لأي حل، بل تبدو وكأنها تعيدنا إلى ما قبل المربع الأول.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.