المعارضة تتصدى لهجمات النظام جنوب حلب وتأسر مقاتلين عراقيين

طبيب داخل الأحياء الشرقية: لا طعام ولا مياه ولا كهرباء

المعارضة تتصدى لهجمات النظام جنوب حلب وتأسر مقاتلين عراقيين
TT

المعارضة تتصدى لهجمات النظام جنوب حلب وتأسر مقاتلين عراقيين

المعارضة تتصدى لهجمات النظام جنوب حلب وتأسر مقاتلين عراقيين

تصدت فصائل المعارضة المقاتلة داخل مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، يوم أمس الجمعة لهجمات عنيفة شنتها قوات النظام وحلفاؤها على الأحياء الجنوبية من المدينة بدعم مكثف من الطيران الحربي، وفيما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن تقدم بطيء لهذه القوات بسبب المقاومة الشرسة من الفصائل، قال معارضون إنّه تم قتل وأسر 30 من مقاتلي الميليشيات العراقية في حي الشيخ سعيد بجنوب حلب.
ووصف الطبيب حمزة الخطيب، مدير مشفى «القدس» الموجود داخل أحياء حلب الشرقية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الوضع في المدينة بـ«السيئ جدا»، لافتا إلى أن الطعام غير متوفر ولا الكهرباء ولا حتى المياه. وأشار إلى أن استهداف المشافي متواصل وانعدام المواصلات بين الأحياء. وأضاف: «هناك 6 مشافٍ لا تزال عاملة في حلب مهددة بنقص المواد الأولية في حال بقي الوضع على ما هو عليه».
وأكدت مصادر عسكرية من الفصائل المقاتلة في حلب استعادة كل النقاط التي تقدمت إليها قوات النظام والميليشيات العراقية في حي الشيخ سعيد، وتحدثت «شبكة الدرر الشامية» عن قتل 25 عنصرًا وأسر 5 آخرين من «حركة النجباء» والميليشيات العراقية في هجوم معاكس شنته على مواقعها.
من جهته، قال الناشط البارز هادي العبد الله بأن «الثوار السوريين قتلوا نحو 20 عنصرا من الميليشيات الإيرانية وأسروا 5 عناصر من حركة النجباء العراقية خلال معارك استعادتهم للنقاط التي تقدمت إليها الميليشيات في حي الشيخ سعيد بحلب».
أما «المرصد» فقال: إن قوات النظام سيطرت بعد منتصف الخميس - الجمعة على تلة في منطقة الشيخ سعيد وأبنية سكنية في حي صلاح الدين المجاور في جنوب مدينة حلب، بعد هجوم موسع ضد الفصائل المقاتلة. وأشار إلى أن الطائرات الحربية «نفذت مزيدًا من الغارات التي استهدفت مناطق في حي الشيخ سعيد، الذي يشهد استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من طرف، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف، حيث تحاول قوات النظام تحقيق تقدم في المنطقة على حساب الفصائل، لزيادة رقعة سيطرتها باتجاه الأحياء الشرقية من مدينة حلب».
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «قوات النظام تتقدم بشكل بطيء بسبب المقاومة الشرسة من الفصائل تحديدا في جنوب المدينة». بينما أشارت وكالة «روسيا اليوم» إلى أنّه «مع استمرار تقدم الجيش السوري في الجبهة الشمالية، تحولت أحياء الهلك والتل والحيدرية والشيخ فارس والشيخ خضر والصاخور وغيرها في شمال وشرق مركز المدينة، إلى خطوط تماس مباشرة»، ولفتت إلى أنّه «على الجبهة الجنوبية من المدينة، فالاشتباكات تدور أيضًا عبر أكثر من محور، مع نجاح الجيش في السيطرة على تلة الشيخ سعيد الاستراتيجية المشرفة على أحياء العامرية والسكري معقل جبهة النصرة والفصائل المتحالفة معها».
هذا، وتنفذ قوات النظام هجوما على الأحياء الشرقية في حلب الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ 22 سبتمبر (أيلول) الماضي. وتعرضت الأحياء الشرقية على مدى أسبوعين لغارات روسية وسورية كثيفة أدت إلى مقتل أكثر من 270 شخصا، وألحقت هذه الغارات دمارا هائلا بالأبنية وطالت المستشفيات. وترد الفصائل المعارضة على الهجوم بإطلاق القذائف على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. وأفاد التلفزيون السوري النظامي الجمعة بمقتل أربعة أشخاص من عائلة واحدة، هم زوج وزوجته وطفلان، بالإضافة إلى إصابة ثمانية آخرين بجروح جراء قذائف استهدفت حي الميدان في غرب حلب. وقُتل الخميس 11 شخصا على الأقل وأصيب العشرات بجروح جراء غارات على حي الجميلية في غرب المدينة، وفق حصيلة لـ«لمرصد»، وقالت وكالة «روسيا اليوم» بأن 4 أفراد من عائلة واحدة قتلوا وجرح عشرات آخرون «نتيجة استمرار القصف العشوائي للمسلحين على الأحياء السكنية في مدينة حلب، بالتزامن مع تقدم الجيش في المدينة من الشمال والجنوب». ومن جانبها، ادعت وكالة «سانا» أن «عشرات الأشخاص خرجوا الجمعة من الأحياء الشرقية عبر (ممرات آمنة) ونقلهم الجيش (النظامي) السوري إلى مراكز إقامة مؤقتة»، لكن مدير المرصد رامي عبد الرحمن قال: إنه لا معلومات متوفرة لديه عن خروج مدنيين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم