موسكو تلعب على ورقة النووي.. وواشنطن تدرس عقوبات على الأسد

* استقدام المزيد من السفن الروسية إلى المتوسط.. والكرملين يعترف: الحرب في سوريا اختبار لمصداقية أسلحتنا * 25 قتيلًا من المعارضة على الحدود التركية

موسكو تلعب على ورقة النووي.. وواشنطن تدرس عقوبات على الأسد
TT

موسكو تلعب على ورقة النووي.. وواشنطن تدرس عقوبات على الأسد

موسكو تلعب على ورقة النووي.. وواشنطن تدرس عقوبات على الأسد

في أحدث خطوة تدل على تفاقم التوترات بين روسيا والولايات المتحدة، علقت موسكو من طرف واحد، اتفاق التعاون بمجال البحوث في القطاعات النووية والطاقة مع واشنطن. وهذا القرار يُدخل ورقة النووي بقوة إلى المواجهة الروسية - الأميركية.
وأعلنت روسيا أنّها ستلغي للأسباب نفسها اتفاقا بين شركة روس أتوم الحكومية للطاقة النووية ووزارة الطاقة الأميركية بشأن دراسات لتحويل مفاعلات الأبحاث الروسية من العمل باليورانيوم عالي التخصيب إلى اليورانيوم منخفض التخصيب.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد علق الاثنين الماضي، اتفاقية مع واشنطن بشأن التخلص من مخزونات البلوتونيوم من الدرجة التي تستخدم في صنع أسلحة، ما يشير إلى استعداده لاستخدام الملف النووي كورقة مساومة جديدة في الخلافات مع الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا وسوريا.
وفي أول ردّ فعل أميركي على هذا الإجراء، ذكر المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر أن الولايات المتحدة لم تتلق إخطارًا رسميًا من روسيا، معربا عن الأسف للقرار الروسي الأحادي.
من جهة ثانية، نقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم أسطول البحر الاسود الروسي الذي توجد قاعدته في سيفاستوبول قوله، إنّ طراد صواريخ روسيا غادر القاعدة اليوم، ويتجه لينضم إلى مجموعة من السفن الحربية الروسية في البحر المتوسط.
ويبحر الطراد ميراج المزود بصواريخ مالاخيت بعد انطلاق طرادي صواريخ آخرين من أسطول البحر الاسود هما سيربوخوف وزيليوني دول المزودان بصواريخ طويلة المدى إلى البحر المتوسط.
في السياق ذاته، أكّد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو اليوم، أنّ الحملة التي بدأتها موسكو قبل سنة في سوريا اكدت "موثوقية" الاسلحة الروسية وان الكرملين ساعد في استقرار الوضع في البلد الذي يشهد نزاعا داميا منذ اكثر من خمس سنوات. قائلًا خلال مؤتمر بشأن استخدام الاسلحة الروسية في سوريا، "خلال تلك الفترة تمكنا من تثبيت استقرار الوضع في البلاد وتحرير قسم كبير من الاراضي من ايدي المجموعات الارهابية الدولية المسلحة". وتابع "اختبر العديد من انواع الاسلحة الحديثة المصنعة في بلادنا في ظروف صحراوية صعبة واثبتت في الاجمال موثوقيتها وفاعليتها".
وتأتي تصريحات الوزير في حين ينتقد الغرب دعم روسيا للحملة التي تشنها القوات السورية على الاحياء الشرقية في حلب ويتم توجيه اتهامات للنظام بارتكاب جرائم حرب.
في المقابل يدرس الرئيس الأميركي باراك اوباما جراء تعثر الجهود الدبلوماسية لايجاد تسوية للنزاع في سوريا والحصار المفروض على الأحياء الشرقية من مدينة حلب، فرض عقوبات جديدة على سوريا يمكن أن تكون لها وطأة شديدة على النظام وتستهدف أيضا روسيا الداعمة للرئيس بشار الأسد.
على الساحة الميدانية يستمر القتال بين جميع الاطراف المتنازعة في سوريا، فقد أسفر هجوم أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنه في بيان على الانترنت اليوم (الخميس)، عن مقتل 25 شخصًا على الاقل معظمهم من مقاتلي المعارضة السورية المدعومة من الغرب واصابة عشرات آخرين.
وكان المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا، قد أفاد بأنّ ما لا يقل عن 21 شخصًا قتلوا في التفجير. كما أفاد الشهود والمرصد بأنّ الهجوم وقع على الجانب السوري من معبر أطمة غرب حلب، واستهدف معارضين من فصائل تقاتل تنظيم "داعش" بدعم من الجيش التركي في منطقة حدودية أخرى تقع في الشمالي الشرقي.
وقال مسؤولون ودبلوماسيون إنّ البحث جار في هذه الاستراتيجية، مشيرين إلى أن الجهود الأولية قد تركز على فرض عقوبات في الامم المتحدة على الجهات الضالعة في هجمات بواسطة أسلحة كيماوية.
ومن المتوقع أن تصدر لجنة تحقيق مدعومة من الأمم المتحدة خلال الأسابيع الأربعة المقبلة تقريرًا جديدًا بشأن هجومين بالاسلحة الكيماوية وقعا في سوريا في 2014 و2015.
وسبق أن حملت اللجنة التي شكلتها الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية القوات الجوية للنظام مسؤولية هجومين كيماويين بغاز الكلور على بلدتين في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، هما تلمنس في 21 ابريل (نيسان) 2014 وسرمين في 16 مارس (آذار) 2015.
غير أن التقرير الجديد المرتقب صدوره قبل 27 اكتوبر (تشرين الأول)، سيتضمن المزيد من التفاصيل بشأن الجهات المسؤولة، ما يمهد لفرض عقوبات محددة الأهداف.
ويقول مؤيدو العقوبات إن فرضها سيوجه إشارة مفادها أن هناك هامشا ضئيلا للمحاسبة في سوريا لا يزال قائما على الرغم من النزاع المستمر منذ سنوات ووقوع الكثير من الفظاعات وسقوط اكثر من 300 الف قتيل.
وفي حين أن معظم المقربين من الأسد وكبار مساعديه العسكريين يخضعون حاليا لعقوبات تتضمن منع السفر إلى الولايات المتحدة وتجميد أموالهم، رأى مسؤولون أن استهداف ضباط من مراتب أدنى قد ينعكس على معنويات قوات النظام السورية. غير أن التأثير الأكبر قد يكون على الصعيد الدبلوماسي. فأي مشروع لفرض عقوبات سيضع روسيا في موقع غير مريح ستظهر فيه على أنها تدافع عن استخدام حليفها اسلحة كيماوية، وقد يرغمها على استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي.
وكان من المقرر أن يصدر التقرير في وقت سابق؛ لكن تمّ تأجيله لإتاحة فرصة من أجل أن تتوصل الجهود الأميركية والروسية إلى وقف اطلاق نار في سوريا.
ومع وصول هذه المساعي إلى طريق مسدود، اشتدت الضغوط على اوباما للتحرك من أجل وقف المجازر في سوريا.
وقال دبلوماسي في مجلس الأمن "ما نقوم به هو دبلوماسية من نوع آخر، دبلوماسية قد تكون أشد وطأة يمكن أن تتخذ شكل قرارات مصممة لممارسة الضغط". وأوضح أن "الاستراتيجية التي نعمل عليها تقضي بمحاولة تغيير السلوك الروسي. بصراحة لم ننجح كثيرًا على هذا الصعيد هذه السنة، وهم قدموا دعما عسكريا للأسد". وأضاف "العمل جار حاليا على مشروع قرار يمضي قدما بالتقرير الثالث والتقرير الرابع المرتقب على صعيد ما سنقوم به حيال الموضوع".
وفي حال فشل المساعي في الأمم المتحدة، يرجح التوجه إلى اعتماد عقوبات تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاء آخرون.
وأفاد المسؤولون بأنّ نطاق العقوبات قد يكون واسعا ولا يقتصر على سوريين فقط بل يشمل أيضا شركات روسية توفر الامكانات لضرب مناطق مدنية.
والهدف من ذلك توجيه رسالة قوية إلى موسكو بأنها ليست بمنأى عن العقوبات وأن استمرارها في دعم النظام السوري يحتم عليها دفع ثمن.
ومن المرجح ان تستهدف العقوبات شركات محددة مثل شركات قطع التبديل للطائرات أو شركات انتاج المواد الكيماوية، بهدف الالتفاف على معارضة العواصم الأوروبية لفرض عقوبات واسعة النطاق على روسيا التي تعتبر شريكا تجاريا اساسيا لها.
غير أنّ قصف الطيران الروسي والسوري على الأحياء الشرقية من مدينة حلب والازمة الانسانية ذات الأبعاد التاريخية في هذه المدينة، مهدا لاتخاذ خطوات أكثر شدة.
في الاطار نفسه، وبعد تبني سياسة "الابواب المفتوحة" امام المهاجرين لفترة، تبنت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل خطابا أكثر تشددا أخيرا على خلفية المجازر في حلب وأبعاد ازمة اللاجئين التي هزت أوروبا.
وبعد مكالمة هاتفية مع اوباما الاسبوع الماضي، ندد الزعيمان بـ"بأشد العبارات بالغارات الجوية الوحشية لروسيا والنظام السوري على شرق حلب"، وحملا موسكو ودمشق "المسؤولية خصوصًا في وضع حد للمعارك".
لكن يستبعد أن تؤدي أي من العقوبات قيد الدرس حاليًا إلى انهاء القتال بصورة مباشرة في حلب.
واستبعد مسؤولون احتمال أن يخرج اوباما عن خطه المعارض للقيام بتحرك عسكري ضد النظام السوري، ويأمر بشن ضربات جوية أو بواسطة صواريخ كروز على أهداف تابعة لقوات النظام.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست "ثمة عواقب مهمة تترتب على استخدام القوة العسكرية الأميركية ضد نظام الأسد"، مضيفا أن "أبرز هذه العواقب التي يجدر أن نتنبه لها هي انجرار الولايات المتحدة الى حرب برية جديدة في الشرق الأوسط".
ومع اقتراب نهاية ولايته، يشكل الحصار والقصف المركز على ثاني المدن السورية تحديا لتمنعه عن استخدام القوة، كاشفا عن قلق كبير داخل إدارته إزاء هذا الموضوع.
على صعيد متصل، حذرت قوات النظام مقاتلي المعارضة وعائلاتهم من البقاء في شرق حلب قائلة، إنّ أي شخص سيظل في مدينة حلب ولا يغتنم الفرصة المتاحة لالقاء السلاح أو المغادرة سيلقى "مصيره المحتوم".
وجاء في بيان صدر في وقت متأخر أمس، أنّ قوات النظام ستقطع جميع خطوط الامداد عن المسلحين في شمال المدينة وأنّ لديها معلومات دقيقة عن أماكن مقراتهم ومستودعاتهم في الاحياء الشرقية لحلب. داعية كل المقاتلين هناك إلى القاء أسلحتهم والمغادرة.
وأثار نطاق الدمار في حلب منذ بدء الهجوم مخاوف المجتمع الدولي ودفع الولايات المتحدة لقطع المحادثات مع روسيا بشأن محاولة تجديد وقف اطلاق النار.
ومنذ بدء الهجوم سيطر النظام وحلفاؤه على أراض في الجزء الشمالي من حلب كما فتح جبهات في وسط وجنوب المدينة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.