انتقادات حادة من الأمم المتحدة لانتهاكات طهران في «حقوق الإنسان»

بان كي مون قلق من تدهور الوضع الإنساني وإيران تعد تقريره «سياسيًا»

انتقادات حادة من الأمم المتحدة لانتهاكات طهران في «حقوق الإنسان»
TT

انتقادات حادة من الأمم المتحدة لانتهاكات طهران في «حقوق الإنسان»

انتقادات حادة من الأمم المتحدة لانتهاكات طهران في «حقوق الإنسان»

في أحدث تقرير عن حالة حقوق الإنسان في إيران، أعرب أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من سوء الأوضاع الإنسانية، وارتفاع نسق الإعدامات والتعذيب وعقوبة الجلد والاعتقالات التعسفية والأحكام الجائرة، ورفض تمكين المعتقلين من المساعدة، وحرمان المعتقلين من الرعاية الطبية في السجون، واضطهاد القوميات وناشطي المجتمع المدني.
ووجه بان كي مون انتقادات حادة إلى إيران بسبب التمييز ضد العرب والبلوش والكرد والترك الأذريين، وتقييدها الحريات المدنية، ومعاقبة نشطاء المجتمع المدني، فضلا عن تجاهل حقوق الأقليات الدينية، وتضييع حقوق المرأة، كما انتقد انتهاك حقوق المهاجرين الأفغان.
ويعد هذا آخر تقرير يصدره بان كي مون بوصفه أمينا عاما للأمم المتحدة. ووجه بان كي مون في 19 صفحة انتقادات شديدة اللهجة إلى طهران بسبب «النسق الجنوني» للإعدامات بعد اتفاق فيينا.
وسلط التقرير الجديد الضوء على ارتفاع عدد الإعدامات خلال النصف الأول من عام 2016، ولم يستبعد التقرير أن يكون التراجع النسبي في عدد الإعدامات على صلة بالانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير (شباط) الماضي. وأعرب بان كي مون عن خيبة أمل المجتمع الدولي بعدما ساد ارتياح نسبي من وصول روحاني خلفا لمحمود أحمدي نجاد في منصب الرئاسة، ولكن الآمال تبددت، خصوصا بعد التوصل للاتفاق النووي وتدهور أوضاع حقوق الإنسان في إيران.
وفق تقرير الأمم المتحدة، فإن غالبية الإعدامات التي نفذتها السلطات الإيرانية على علاقة بالمخدرات، مشيرا إلى أن أكثر المحاكم «لم تستغرق فترة طويلة» وهو ما ينتهك المعايير الدولية. وانتقد أمين عام الأمم المتحدة بشدة الإعدامات التي طالت القاصرين في إيران.
وتعد إيران الأولى عالميا في إعدام القاصرين.
هذا في وقت أشارت فيه تقارير إيرانية إلى أن أكثر من 160 قاصرا ينتظرون حكم الإعدام في السجون الإيرانية وسط تجاهل دعوات دولية لوقف أحكام الإعدام بحق القاصرين.
بدورها، رفضت إيران تقرير الأمم المتحدة حول حالة حقوق الإنسان في إيران. وفي موقف مماثل من تقارير المنظمات الدولية عن أوضاع حقوق الإنسان الإيراني، قالت إن تقرير الأمم المتحدة يعاني من «إشكالات بنيوية» و«فاقد للقيمة»، من وجهة نظر السلطة الإيرانية.
وانتقد بان كي مون تعذيب المعتقلين والسلوك غير الإنساني مع السجناء السياسيين، مشيرا إلى تعذيب الناشطة السياسية الكردية زينب جلاليان التي تعتقلها السلطات الإيرانية بتهمة «المحاربة» والعضوية في مجموعة «بيجاك» الكردية.
في جزء آخر، تناول تقرير بان كي مون أوضاع حرية التعبير ومعاناة الصحافيين، متهما طهران بتقويض الحريات الصحافية. وانتقدت الأمم المتحدة الاعتقالات التي تطال الصحافيين ونشطاء الإنترنت والفنانين.
وهاجمت طهران علی لسان الناطق باسمها أمس بهرام قاسمي، قائلة إن «تقارير من هذا النوع تفتقر للأصول والماهية». ولفت قاسمي إلى أن «الإشكال الأساسي» أن التقرير أعد «بناء على قرارات الأمم المتحدة الظالمة وغير العادلة والمسيسة»، معتبرا أن التقرير أعد لـ«أهداف خاصة» وأن غايته «الضغط على إيران». كما اتهم بعض الدول التي لم يذكر اسمها بـ«توظيف خاص لتقرير الأمم المتحدة».
وانتقد قاسمي التقرير بسبب استناده إلى «مصادر مخابراتية وإعلامية ومجهولة وغير معتبرة وغير قابلة للوثوق» في إعداد التقرير.
وعلى مدى السنوات الماضية رفضت إيران دخول المقرر الأممي الخاص بحالة حقوق الإنسان لمقابلة المسؤولين الإيرانيين والتحقق ميدانيا من التقارير التي تتهم إيران بانتهاك حقوق الإنسان.
وتستند تقارير المقرر الأممي للأمم المتحدة على شهادات الضحايا وذويهم، وكذلك شهادات المحامين الإيرانيين عبر الإنترنت والاتصال عبر الهاتف، لمنعه من دخول إيران. كما يتعاون المقرر الأممي مع جمعيات حقوق إنسان موثوقة ترصد انتهاكات حقوق الإنسان والإعدامات في إيران.
في غضون ذلك، دافع قاسمي عن أداء بلاده، في حين تدين تقارير المنظمات الدولية والمحلية المدافعة عن حقوق الإنسان سجل النظام الإيراني بسبب تجاهل أوضاع حقوق الإنسان، وقمع الحريات، وإعدام السجناء السياسيين، ومعاناة الأقليات الدينية، والشعوب غير الفارسية كالعرب والكرد والترك الأذريين والبلوش.. وغيرهم في إيران.
وقال قاسمي إن بلاده «عازمة على الارتقاء» بأوضاع حقوق الإنسان «وفق معايير الدستور الإيراني بعيدا عن المطامع والتلاعبات السياسية»، معتبرا أن تقرير أمين عام الأمم المتحدة «حكم جائر وأحادي الجانب وغير صحيح وسياسي يهدف إلى الضغط على إيران لتمرير أهداف سياسية خاصة ببعض الدول» وأوضح أن «الأمم المتحدة أهدرت فرصة للتقييم والتحليل المنصف وقائم على الواقع، مما يؤثر من اعتبار الجهة المعدة للتقرير وشخص أمين عام الأمم المتحدة».
وفي حين تشير الإحصاءات إلى ارتفاع عدد المعدمين في العام الماضي إلى ألف شخص. وذكر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أنه «مدعاة للأسف تجاهل التقدم المهم في قضايا حقوق الإنسان». وشدد قاسمي على أن تقارير الأمم المتحدة تعاني «من الازدواجية والتسييس والاستغلال»، مضيفا أن ذلك «سبب في تراجع الثقة بالأمم المتحدة».



تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
TT

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع مباحثات مع رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة.

وجاءت زيارة بارزاني لأنقرة، الثلاثاء، بدعوة من إردوغان، في وقت يجري فيه التلويح بتحرك عسكري تركي لإنهاء وجود حزب «العمال الكردستاني» في شمال العراق، ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، وكذلك مع انطلاق عملية جديدة في تركيا تهدف إلى حل حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمةً إرهابية.

وفي هذه الأجواء، زار بارزاني أنقرة للمرة الثانية في أقل من 3 أشهر، حيث زارها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتقى إردوغان، قبل أيام قليلة من الانتخابات التشريعية في كردستان التي أجريت في الـ20 من الشهر ذاته.

جانب من لقاء إردوغان وبارزاني بحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الرئاسة التركية)

وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مباحثات مع بارزاني سبقت لقاءه مع إردوغان.

وبالتزامن مع مباحثات بارزاني مع إردوغان وفيدان، التقى نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة.

وأعلنت وزارة الخارجية التركية، عبر حسابها في «إكس»، عن انعقاد اللقاء دون ذكر أي معلومات عما دار فيه.

نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ خلال استقباله رئيس حزب «حراك الجيل الجديد» شاسوار عبد الواحد (الخارجية التركية)

ويتزعم عبد الواحد، وهو رجل أعمال من السليمانية، حزب «حراك الجيل الجديد»، أكبر أحزاب المعارضة في إقليم كردستان العراق، وحل الحزب في المركز الثالث بعد حزبي «الديمقراطي الكردستاني»، و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، وحصل على 15 مقعداً من أصل 100 في برلمان الإقليم.

موقف حكومة أربيل

وبحسب مصادر تركية، تناولت مباحثات إردوغان وبارزاني، التي حضرها فيدان أيضاً، العلاقات بين أنقرة وأربيل، والوضع في كردستان، والجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة عقب الانتخابات التي أجريت في أكتوبر الماضي، إلى جانب التعاون في مكافحة نشاط حزب العمال الكردستاني.

وفقد الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، الأغلبية، التي كان يتمتع بها سابقاً، رغم حصوله على 39 مقعداً، فيما حصل «الاتحاد الوطني الكردستاني»، برئاسة بافل طالباني، على 23 مقعداً.

ولم يتم تشكيل حكومة جديدة في كردستان، حتى الآن، ويواجه الحزبان صعوبة في عقد تحالفات مع المعارضة التي أعلنت رفضها المشاركة في أي حكومة تقودها الأحزاب التقليدية.

ويتطلب تشكيل الحكومة تنازلات متبادلة بين الأحزاب، في ظل سعي كل حزب لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مباحثاته مع بارزاني (الخارجية التركية)

وتقول أنقرة، إن حزب «العمال الكردستاني» قاد حملة لدعم «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بقيادة بافل طالباني، في انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقبلة.

كما تتهم طالباني، بدعم وجود «العمال الكردستاني» في محافظة السليمانية وفي سوريا، بعد توليه قيادة «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وأغلقت في 3 أبريل (نيسان) 2023 مجالها الجوي أمام الطائرات من وإلى مطار «السليمانية»، متهمة حزب «العمال الكردستاني» باختراق المطار، وتهديد الأمن الجوي، بحسب ما ذكرت وزارة الخارجية التركية وقتها.

ومددت تركيا، الاثنين، حظر الرحلات الجوية من وإلى مطار السليمانية، للمرة الثالثة. وقال مدير المطار، هندرين هيوا، إن تركيا مددت حظر الرحلات الجوية لـ6 أشهر إضافية، قبل يوم من انتهاء الحظر.

وكان يعمل في السليمانية نحو 176 مكتباً سياحياً تعلن عن رحلات يومية إلى تركيا اضطر معظمها لتعليق عمله، بعد قرار الحظر التركي.

وبينما تشيد تركيا بموقف أربيل، تهدد بفرض مزيد من الإجراءات ضد السليمانية، إذا لم يوقف طالباني دعمه لـ«العمال الكردستاني».

وزيرا الدفاع العراقي والتركي يوقّعان مذكرة تفاهم لإنهاء خطر «العمال الكردستاني» (الخارجية التركية)

واتفقت أنقرة وبغداد على التنسيق ضد حزب «العمال الكردستاني»، عبر مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، وقعها وزير الدفاع التركي يشار غولر ونظيره العراقي ثابت العباسي، في ختام الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى بين البلدين، عُدّت جزءاً من استكمال التفاهمات التركية - العراقية بشأن تثبيت الأمن على الحدود بين البلدين، والتعاون في تحييد حزب «العمال الكردستاني» ومقاتليه.

موقف ضد «العمال الكردستاني»

وأعلنت بغداد «العمال الكردستاني» «تنظيماً محظوراً»، بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لبغداد وأربيل في أبريل (نسيان) الماضي، إلا أن تركيا لا تزال تنتظر من بغداد إعلانه «منظمة إرهابية»، كما هو الحال في تركيا والاتحاد الأوروبي وأميركا.

وعشية زيارة بارزاني لأنقرة، هدد إردوغان بدفن المسلحين الأكراد بأسلحتهم إن لم يقوموا هم بدفن هذه الأسلحة، ملوحاً بعملية عسكرية تركية خارج الحدود، إذا كان هناك تهديد لحدود تركيا. وقال إن على جميع الأطراف أن تجري حساباتها على هذا الأساس.

كما انتقد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي حضر لقاء إردوغان وبارزاني، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي عقب مباحثاتهما في أنقرة، الاثنين، السماح بوجود عناصر حزب «العمال الكردستاني» في سنجار، قائلاً إنه ربما يتغير الوضع قريباً.

حوار مع أوجلان

وجاءت زيارة بارزاني في أجواء عملية جديدة بمبادرة من رئيس حزب «الحركة القومية»، حليف حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، دولت بهشلي، تضمنت دعوة زعيم «العمال الكردستاني»، السجين مدى الحياة في تركيا، عبد الله أوجلان، للحديث في البرلمان وإعلان حل الحزب، والتخلي عن أسلحته، وانتهاء الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في إطلاق سراحه، مبرراً ذلك بالتطورات في المنطقة.

وأيد إردوغان دعوة حليفه، لكنه تجنب تماماً الإشارة إلى إمكانية إطلاق سراح أوجلان، الذي سمح لوفد من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا، بلقائه في سجنه في جزيرة إيمرالي ببحر مرمرة غرب البلاد، واختتم «وفد إيمرالي»، الذي يضم كلاً من نائبي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» سري ثريا أوندر، وبروين بولدان، والسياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، الثلاثاء، جولة على الأحزاب السياسية، عقب اللقاء الذي تم مع أوجلان في سجن إيمرالي في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، للتباحث حول ما جاء، والتصور المروح لحل المشكلة الكردية في تركيا، وإنهاء الإرهاب وحل حزب «العمال الكردستاني».

جانب من لقاء رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزال مع وفد إيمرالي (موقع الحزب)

وبدأت الجولة بلقاء رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، ورئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، الخميس الماضي، ثم لقاءات مع رئيسي حزبي «المستقبل» أحمد داود أوغلو، و«السعادة» محمود أريكان، ورئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم عبد الله غولر، وعدد من نواب رئيس الحزب، الاثنين، ثم لقاء رؤساء أحزاب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، أوزغور أوزال، و«الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، و«الرفاه من جديد» فاتح أربكان، الثلاثاء.

واستثني من اللقاءات حزب «الجيد» القومي، الذي رفض أي مفاوضات مع أوجلان.

ورحبت الأحزاب التركية بالعملية الجديدة، مشترطة أن تتسم بالشفافية، وأن تجرى من خلال البرلمان، وأن تحظى بأكبر مشاركة مجتمعية في كل مراحلها.

وشهدت تركيا في الفترة بين عامي 2013 و2015 عملية مماثلة استهدفت حل المشكلة الكردية، حظيت بدعم من مسعود بارزاني، الذي زار مدينة ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، بصحبة إردوغان الذي كان رئيساً للوزراء في 2013، قبل أن يعلن إردوغان نفسه في 2015 عدم الاعتراف بعملية الحل، قائلاً إنه لا يوجد مشكلة كردية في تركيا.