أربيل: وفد كردستان بحث في بغداد «تقرير المصير»

الأمين العام للحزب الاشتراكي قال إن بغداد أعلنت استعدادها للتشاور حول أي قرار كردي بخصوص الاستقلال

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أثناء استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في بغداد (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أثناء استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في بغداد (أ.ف.ب)
TT

أربيل: وفد كردستان بحث في بغداد «تقرير المصير»

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أثناء استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في بغداد (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أثناء استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في بغداد (أ.ف.ب)

كشف الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني محمد حاج محمود، أمس، عن تفاصيل المباحثات التي جرت بين وفد إقليم كردستان السياسي الذي ترأسه رئيس الإقليم مسعود بارزاني إلى بغداد مؤخرا والحكومة والأطراف السياسية العراقية، خصوصا أن المباحثات تمحورت حول تقرير مصير كردستان العراق ومعركة الموصل والأوضاع فيها بعد تحرير من تنظيم داعش.
وقال أحد أعضاء الوفد السياسي الكردي الذي زار بغداد مع رئيس الإقليم الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني، محمد حاج محمود، لـ«الشرق الأوسط» إنه «منذ فترة طويلة كانت هناك دعوات من قبل بغداد وأربيل إلى ضرورة أن يجتمع الجانبان لبحث القضايا الراهنة، فإقليم كردستان يعد حتى الآن جزءا من العراق، وشعب كردستان خاصة الأطراف السياسية فيه كانت ترى أن غالبية المشكلات من المحتمل أن تُحل في بغداد، فاجتمعت كل هذه الأسباب واتفقت جميع الأحزاب عليها، وكانت هناك اتصالات بين رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الحكومة الاتحادية حيدر العبادي حُدد خلالها موعد زيارة وفد إقليم كردستان برئاسة رئيس الإقليم إلى بغداد».
وضم الوفد السياسي الكردي الذي ترأسه رئيس الإقليم مسعود بارزاني في عضويته الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الإسلامي الكردستاني والحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني. ووصل الوفد إلى بغداد في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، وعقد نحو 11 اجتماعا استمرت منذ الصباح وحتى ساعة متأخرة من الليل عاد عقب انتهائها الوفد إلى أربيل، واستهل الوفد اجتماعاته مع رئيس الحكومة حيدر العبادي ومع الوزراء في الحكومة الاتحادية والأحزاب الشيعية والسنية كافة، والائتلاف الوطني العراقي، واجتمع رئيس الإقليم اجتماعا ثنائيا مع العبادي، بالإضافة إلى الاجتماع الذي جمع وفد الإقليم مع العبادي، وبحسب معلومات «الشرق الأوسط» فإن جميع هذه الاجتماعات خرجت بنتائج إيجابية.
وسلط حاج محمود الضوء على المباحثات وما دار خلالها مع الحكومة العراقي، وأضاف أن الوفد بحث خلال مشاوراته مع الرئيس الحكومة حيدر العبادي والأطراف السياسية العراقية في بغداد «أربع قضايا رئيسية، وهي قضية حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية للعراق ورواتب موظفي الإقليم، الوفد أبلغ الحكومة الاتحادية، أنه ما دام الإقليم جزءا من العراق حتى الآن فإن عليه واجبات وله حقوق، شعب كردستان نفذ واجباته على أكمل وجه، فقوات البيشمركة تقاتل (داعش) في جبهات القتال، وكذلك قوات الآسايش (الأمن الكردي) والشرطة وكل مواطني كردستان ينفذون واجباتهم، لذا هذا الشعب بحاجة إلى أن ينال حقوقه، لكن الحكومة العراقية حرمت مواطني الإقليم طوال السنوات الثلاث الماضية من حقوقهم المتمثلة بميزانية الإقليم ورواتبهم ومستحقاتهم المالية، لذا يجب أن تعاد لهم هذه الحقوق».
وأردف قائلا إن «القضية الثانية كانت عبارة عن العلاقات بين إقليم كردستان وبغداد، ومراجعة العلاقات بين الجانبين وكيف يمكننا أن نعيش مع بعض، فالكرد ليسوا قائمة انتخابية في بغداد بل يُمثلون قومية أساسية في العراق، ولا يمكن أن يُطلق على هذا البلد اسم العراق دون وجود الكرد فيه» وبشأن القضية الثالثة فإنه أوضح على أنها «عبارة عن النفط والغاز، وكيف للجانبين أن يتوصلا إلى نتيجة بخصوص هذه القضية، فيما شكلت قضية الموصل واحدة من القضايا والملفات المهمة التي بحثها وفد إقليم كردستان برئاسة بارزاني مع بغداد، حيث اجتمع رئيس الإقليم بحضور رئيس الوزراء العراقي مع وزارة الدفاع العراقية والعسكريين في الجيش العراقي، لبحث موضوع تحرير الموصل».
وعما إذا كان الوفد الكردي قد حصل على أي إجابة من بغداد لحل هذه المشاكل، بين حاج محمود بأن «المواضيع والمشكلات الإدارية بين الجانبين تقرر خلال الزيارة تشكيل مجموعة من اللجان من قبل الحكومة العراقية وحكومة الإقليم لتباشر مهام عملها في حل هذه المشاكل، بالإضافة إلى تشكيل لجنة أخرى من الجانبين وهذه اللجنة في الغالب ستكون لجنة سياسية من الأحزاب، وخاصة بالتعايش بين العرب والكرد في العراق ومكونات العراق الأخرى على أساس العراق الجديد والشراكة الحقيقية».
هذا وأبلغ الوفد الكردي الحكومة العراقية والأطراف السياسية في بغداد أن «الكرد كقومية لها الحق في تقرير المصير وهذا حق مشروع لكل قومية في العالم، كانت إجابة الحكومة العراقية والأطراف الشيعية لنا عن هذه القضية أن بغداد مستعدة لبحث أي قرار صادر عن الكرد سواء في جانب العيش والعمل معا في إطار العراق أو الاستقلال، وتحترم هذا القرار».
ومضى الأمين العام للحزب الاشتراكي بالقول: «لكل طرف منا رأيه الخاص حول مستقبل العلاقات بين الإقليم وبغداد، فنحن نسعى للاستقلال فيما إذا تمكنا من الحصول عليه والجانب العراقي قد يسعى إلى النظام الكونفدرالي فيما إذا تمكن من الحصول عليه، لكن المهم أن هناك حسن نية بين الجانبين، وهذا سيؤدي إلى أن يصلا إلى نتيجة، حتى موضوع استقلال كردستان يجب أن تكون عن طريق الحوار مع بغداد والتوصل إلى نتيجة معها».
وكانت معركة الموصل من بين الملفات المهمة التي ناقشها بارزاني مع العبادي، وعن المباحثات حول الموصل، أوضح حاج محمود أن «جميع الأطراف متفقة على وجوب تحرير الموصل من (داعش)، لكن كيف ستُدار المدينة بعد مرحلة التنظيم، التي تعتبر مهمة جدا، لأن هناك مجموعة من المشكلات في الموصل، فمكوناتها أصبحت مسلحة وتمتلك القوات، وقد لا يكون من السهل في مرحلة ما بعد (داعش) للشرطي العراقي أن يحكم مناطق هذه المحافظة، بحسب رأي يمكن أن يُدار الملف الأمني لهذه المدينة وأطرافها حتى ولو لعام واحد من قبل قوات البيشمركة والجيش العراقي من أجل استقرار مكوناتها ومنع حدوث أي عمليات انتقامية».
وتابع حاج محمود: «بُحث موضوع الاتفاق السياسي بشأن إدارة الموصل، وتقرر تشكيل لجنة عليا إدارية وعسكرية، وستعمل هذه اللجنة على متابعة موضوع إدارة الموصل بعد (داعش) وكيفية إدارتها معا في المرحلة المقبلة وقد بُحث هذا الموضوع من قبل مع الأميركيين أيضا».
وكشف حاج محمود أن «الحكومة العراقة برئاسة العبادي طلبت من رئيس الإقليم مسعود بارزاني وحكومة الإقليم أن تسمح قوات البيشمركة والإقليم للجيش العراقي بالمرور عبر خطوط قوات البيشمركة من ثلاثة محاور للهجوم على (داعش) وتحرير الموصل منه».
وفي هذا الإطار أكد رئيس الإقليم والوفد الكردي على أن إقليم كردستان وقوات البيشمركة ستفتح الطريق أمام الجيش العراقي حتى لو تطلب فتح أكثر من ثلاث طرق لهم. وتطرق الجانبان أيضا إلى النازحين من الموصل أثناء عملية التحرير وتقديم المساعدة لهم وإيوائهم في مخيمات للنازحين في ناحية ديبكة التابعة لقضاء مخمور (جنوب شرقي الموصل)، أو في المناطق القريبة الأخرى، ومطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بتقديم المساعدات لهم بالتنسيق والتعاون مع الحكومة العراقة وحكومة الإقليم».
وأضاف حاج محمود أن «قوات البيشمركة ستحرر المناطق الكردية كافة من محافظة نينوى أي ستصل إلى ضواحي الموصل لكنها لن تدخل مدينة الموصل، وسيدخل الجيش العراقي إلى داخل المدينة، أما بالنسبة لموعد انطلاق العملية فأنا أعتقد أنها ستبدأ قبل الانتخابات الأميركية، لكن لا أستطيع تحديد موعد انتهاء تلك العملية».
وأشار الأمين العام للحزب الاشتراكي الكردستاني إلى أن الاجتماعات بين إقليم كردستان والحكومة العراقية ستستمر، مبينا أن الجانب العراقي فضل أن يزور رئيس الإقليم مسعود بارزاني بغداد بشكل مستمر من أجل حل المشكلات بين الجانبين، كاشفا عن أن وفدا من حكومة الإقليم سيتوجه قريبا إلى بغداد لمتابعة المشاورات.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».