بريطانيا وفرنسا ترفضان تشكيل حكومة انقلابية في اليمن

اليماني لـ«الشرق الأوسط»: لا وثيقة أممية تثبت التزام الميليشيات بالمرجعيات

استعراض لميليشيات الحوثي وصالح في صنعاء (إ.ب.أ)
استعراض لميليشيات الحوثي وصالح في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

بريطانيا وفرنسا ترفضان تشكيل حكومة انقلابية في اليمن

استعراض لميليشيات الحوثي وصالح في صنعاء (إ.ب.أ)
استعراض لميليشيات الحوثي وصالح في صنعاء (إ.ب.أ)

انتقدت فرنسا وبريطانيا إجراءات انقلابيي اليمن الأخيرة بتكليف عبد العزيز بن حبتور بتشكيل حكومة، واعتبرتا الخطوة مقوضة لعملية السلام في اليمن. واعتبر وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني، توباياس إلوود، إعلان الحوثيين وصالح تشكيل ما يسمى «حكومة إنقاذ وطني» تحديا مباشرا لعملية السلام الجارية بتسهيل من الأمم المتحدة، مضيفا: «إن عزمهم على تشكيل حكومة إنقاذ بشكل أحادي يعتبر تحديا مباشرا لعملية السلام الجارية بتسهيل من الأمم المتحدة، ويقوض الالتزامات بتمويل تسوية سلمية للصراع في اليمن». وقال في بيان: «يقلقني جدا استمرار الخطوات التي يتخذها الحوثيون وتحالف علي عبد الله صالح»، مؤكدًا أنه يتوجب عليهم التشاور والعمل مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، للتوصل إلى اتفاق وإعادة الاستقرار لليمن.
وتأتي خطوة تشكيل حكومة الانقلاب ضمن سلسلة إجراءات عدتها الأمم المتحدة والدول الـ18 الراعية للسلام في اليمن، إجراء أحاديا، منذ إعلانهم في 29 يونيو (حزيران) الماضي عن تشكيل ما سموه «مجلس سياسي أعلى»، اتخذوا على أثره خطوات أخرى تمثلت في مسرحية برلمانية، ثم أتى القرار الأخير الذي لم يجد كغيره من الخطوات أي اعتراف دولي. ورفضت فرنسا الاعتراف بحكومة الحوثيين، التي أعلنوا عن تشكيلها في صنعاء، وأكدت أن هذه الخطوة تتعارض مع مفاوضات السلام التي تنعقد تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأشارت الخارجية الفرنسية، في بيان، إلى أنها تدعم جهود إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي لليمن، وأنها على اتصال دائم به، كما أدانت اعتداء الحوثيين على السفينة الإماراتية في باب المندب، مؤكدة أهمية مبدأ حرية الملاحة. وقلل دبلوماسي يمني من أهمية الخطوات التي قامت بها القوى الانقلابية، مشددًا على أن هذه الإجراءات الأحادية الجانب التي جاء بها الانقلاب مثل الإعلان الدستوري والمجلس السياسي لا يعترف بها المجتمع الدولي، ولا مجلس الأمن.
ووصف الدبلوماسي (فضّل عدم ذكر اسمه) تحركات الانقلابيين تلك بـ«اليائسة»، لافتًا إلى أن هدفها إعطاء رسائل إلى سكان العاصمة صنعاء الواقعة تحت احتلال الميليشيات وبقية المناطق التي ما زالوا حتى الآن يسيطرون عليها بأنهم يمتلكون المبادرة السياسية، ومحاولات ذَر الرماد في العيون بأن مشروعهم لا يستهدف التفرد بالسلطة ولا يؤسس لنظام طائفي، وهي محاولات تبوء بالفشل.
وفي إطار مساعي الحل للأزمة اليمنية، أوضح المصدر، خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة اليمنية ليست مع أي مساعٍ خارج إطار الأمم المتحدة، وأنها لا تعترف إلا بالمسار الذي يقوده إسماعيل ولد الشيخ أحمد ضمن المرجعيات الثابتة للأزمة اليمنية، وهي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالشأن اليمني وتحديدًا القرار «2216».
إلى ذلك، أفاد مصدر دبلوماسي خليجي، بأن الحل السياسي مطلب للسعودية ولجميع الدول الداعمة للقضية اليمنية، مشددًا على استمرارية تشجيع الجميع على إنهاء الصراع وفق المرجعيات الثلاثة، وهي المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرارات الأممية. وقال: «منذ بدء مشاورات الكويت والسعودية ودول التحالف تسعى لإيجاد الحل سياسيا، والجهود مستمرة في ذلك».
بدوره، أكد السفير خالد اليماني، مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين وأتباع المخلوع صالح لا يريدون سلامًا، وذلك في إطار حديثه عن جهود المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد لعقد مشاورات جديدة، لافتًا إلى عدم امتلاك الأمم المتحدة وثيقة واحدة تثبت التزام الطرف الآخر (الحوثي وصالح) بمرجعيات السلام المعترف بها دوليًا، بل إنهم يواصلون مساعيهم اليائسة لتمرير أجنداتهم وفقًا لرؤيتهم للحل القائم على بقاء حكم الميليشيات الموالية لإيران ومشروعها التوسعي وفرض ما سماه الابتزاز على الأطراف الأخرى، وإلغاء الشرعية التي أتت بها المبادرة الخليجية في اليمن.
وأضاف: «خلال اجتماعات العمل مع المبعوث الخاص إلى اليمن في نيويورك تم الاتفاق على تحريك جهود وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، ووافقت الحكومة اليمنية من حيث المبدأ، بشرط أن يقترن ذلك بإدخال المساعدات إلى المناطق كافة بشكل فوري، خصوصًا إلى محافظة تعز».
وأكد مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، أن جهود الحكومة اليمنية تعزز أي حل لإحلال السلام في البلاد، وتسعى لعقد جولة جديدة من المشاورات لاستكمال ما تبقى من مشاورات الكويت السابقة، التي سبق وأن توصلت إلى استكمال الشق الأمني والعسكري لاتفاق سلام دائم في اليمن الذي وقعت عليه الحكومة اليمنية ورفضه الطرف الانقلابي.
وشدد على ضرورة استعادة الدولة المغتصبة من الانقلابيين «وهذا هو فحوى الجهد الدولي وقرارات الأمم المتحدة، فلا يمكن قبول بقاء الميليشيات لتعيث فسادا في اليمن وفي المنطقة».
من ناحيته، قال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، إن تكليف محافظ عدن الأسبق الموالي لصالح، الدكتور عبد العزيز بن حبتور، بتشكيل حكومة إنقاذ وطني من قبل المجلس السياسي الأعلى التابع لتحالف الحوثي وصالح مقامرة سيدفع ثمنها أغلب الموظفين عسكريين ومدنيين في المحافظات الشمالية التي تسيطر عليها جماعة الحوثي.
وأضاف: «التكليف رد واضح على قرار نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن، ويعني ذلك بأن حكومة الحوثي وصالح حتى ولو لم يتم الاعتراف بها إقليميا ودوليا ستكون ملزمة بدفع المرتبات لمن هم تحت سيطرتها بالمقابل ستحافظ على امتيازات الولاء لها».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.