إخضاع توأمين لأوسع دراسة عن تأثيرات الرحلات الفضائية

كلاهما من الروّاد المتمرسين

إخضاع توأمين لأوسع دراسة عن تأثيرات الرحلات الفضائية
TT

إخضاع توأمين لأوسع دراسة عن تأثيرات الرحلات الفضائية

إخضاع توأمين لأوسع دراسة عن تأثيرات الرحلات الفضائية

عندما سيرسل سكوت كيلي إلى الفضاء في العام المقبل، فإنه سيشارك في أوسع دراسة عن التوائم حصلت حتى الآن. وسوف يقوم العلماء بمراقبة كل نشاطاته أثناء تحليقه حول الأرض على متن محطة الفضاء الدولية لفترة سنة كاملة، وهي أطول مغامرة فضائية فردية بالنسبة إلى أي رائد فضاء أميركي، كما سيقومون بعد عودته بمراقبته عن كثب لمعرفة التغيرات التي تعرض لها أثناء رحلته الفضائية.
وظلت وكالة الفضاء والطيران الأميركي (ناسا) تدرس تأثيرات الرحلات الطويلة والإقامة في الفضاء على الرواد منذ سنوات، لكن مجموعة الأبحاث العشرة هذه المرة ستكون مختلفة، لأن العلماء سيقومون ببحوثهم وتحليلاتهم ذاتها على شقيق كيلي التوأم مارك رائد الفضاء المتقاعد.

* دراسة التوائم
* وقد تؤدي مثل هذه الدراسات المعمقة إلى فهم أوسع لتأثيرات العيش في الفضاء، وأضحت مهمة جدا، لأن وكالة الفضاء تخطط لرحلات مأهولة إلى المريخ وغيرها من المهمات، التي قد تتطلب سنوات لإنجازها.
ويقول الدكتور أندرو فاينبيرغ الباحث في كلية الطب بجامعة جون هوبكنز في الولايات المتحدة، وهو واحد من الباحثين المشتركين بهذا المشروع، «إن لهم رؤية طويلة الأمد جدا، وهو أمر مدهش».
والدراسات على التوائم هي أداة فعالة بالنسبة إلى العلماء لتفهم التأثيرات البيئية، خاصة أن هنالك توأما وحيدا قد قام بالتحليق في الفضاء، مما يفتح فرصة للبحث الفسيولوجي والنفسي بالنسبة إلى «ناسا». وكانت الأخيرة قد رصدت مبلغ 1.5 مليون دولار لإجراء عشر دراسات مدة كل منها ثلاث سنوات، والتي جاءت كاقتراح أولي من الشقيقين كيلي.
وذكر فاينبيرغ أنه سينجز تحليلا جينيا لكلا الشقيقين لدراسة التأثيرات الوراثية، وكيفية قيام البيئة بتغيير المورثات وأسلوب عملها. ومارك كيلي كشقيقه تماما هو رائد متقاعد من سلاح البحرية الأميركية، وقام برحلات فضائية أربع مرات كقبطان لمكوك الفضاء وقائد لفريق الرحلة. وقد أنهى رحلته الأخيرة في عام 2011. وهو متزوج عضوة الكونغرس السابقة غابرييلا غيفوردز. لكن بعد محاولة استهدفت حياتها في عام 2011 أدت إلى استقالتها من الكونغرس في العام الذي تلا.
وقام الشقيقان اللذان هما في سن الخمسين من العمر بزيارة إلى مكاتب «نيويورك تايمز» ذاكرين لها أنه مهما كانت إنجازات الفرد في هذا العالم، فإنه يشعر أنه لم يبلغ إلا منزلة ضئيلة، عندما يكون بقرب شقيقه! وعندما سئلا من هو الذي له الصدارة والأولية بينهما، أجاب مارك أنه أكبر من شقيقة بست دقائق، لكن سكوت سارع إلى القول إنه كان الأول الذي وصل إلى الفضاء، وإنه سيكون الأخير. وعندما طلب مصور الصحيفة أن يتقدم أحدهما عن الآخر قليلا لالتقاط صورة لهما معا، تدافعا بالأيادي مازحين ليكون كل واحد منهما في المقدمة.

* أبحاث طبية

* ويقول سكوت كيلي إن رحلة طويلة على متن المحطة الفضائية باتت أسهل اليوم من الماضي، مع وجود البريد الإلكتروني، والاتصالات الهاتفية، ووسائل التسلية واللياقة البدنية، فضلا عن نوعية الهواء الجيدة. وأضاف متحدثا عن رحلاته السابقة: «شعرت بنوع من الإنهاك جسديا، وهو أمر جيد»، لأنه يشير إلى أن جسده قد يتغير خلال الإقامة الطويلة في المحطة.
وكان حماسهما لهذه التجربة قد أذهل علماء «ناسا». «فقد تطوعت لكي يضعوا مسبار ضغط في جمجمتي»، يقول سكوت، «وقد فكرت أنه من الأمور الجذابة أن تكون هنالك عزقة صغيرة في رأسي»، مشيرا إلى بقعة في أعلاه. لكن العلماء اعترضوا على ذلك معتقدين أنه قد يسبب مشكلات وتعقيدات. وقال إنه حال عودته إلى الأرض، سيكون قد قضى 540 يوما في الفضاء. أما مارك فقد قال إنه قضى 55 يوما. لكن سكوت صحح ذلك بقوله «54 يوما، لكن من الذي يحصي العدد؟».
وذكر سكوت أنه غالبا ما يسأل عن الفرق بين الرحلات الفضائية الطويلة والقصيرة، فيجيب شقيقه مارك أن طول الرحلة يعني أخذ الأمور بجدية والتزام، وهي من خصال عائلتهما.
ويضيف مارك أنه خلال رحلاته القصيرة، شعر أنه من المستحيل التأقلم مع التغيرات الحاصلة في جسم الإنسان بسبب انعدام الجاذبية، «فبعد 17 يوما من التحليق على متن المكوك الفضائي، فأنت لا تشعر مائة في المائة بأي شيء». فعلق شقيقه سكوت بالقول إنه خلال رحلته السابقة إلى المحطة الدولية التي بدأت في عام 2010، واستمرت ستة أشهر، شعر أنه تأقلم جيدا مع الوضع بعد الشهر الثاني. لكن مارك توقع أن شقيقه سيمل من الحياة في الفضاء الخارجي بعد مضي أشهر قليلة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر
TT

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

تلتمع «بارفيه» السمّان (وهي لحم مسحون لطير السمّان) على صحني، مقترنة بقرص من الذرة المقلية. وللوهلة الأول، يبدو هذا كنوع من طعام العشاء الفاخر الذي ستجده في العديد من المطاعم الراقية: عجينة غنية وردية مغطاة بالفلفل المخلل، وزهرة صالحة للأكل، ولمحة من الكوتيجا (الجبن المكسيكي المعتّق).

لحم طير مختبري

ولكن العرض التقليدي لهذا اللحم يحجب حقيقة أعمق، فهذه الوجبة غير تقليدية، بل وراديكالية. ومن بعض النواحي، تختلف عن أي شيء شهده العالم في أي وقت مضى.

لم تُصنع عجينة اللحم الموجودة على طبقي بالطريقة التقليدية مع كبد الإوزّ. لقد تمت زراعة اللحم من خلايا النسيج الضام لجنين السمان الياباني الذي تم حصاده منذ سنوات، وتم تحفيزه وراثياً على التكاثر إلى الأبد في المختبر. وقد قُدم لي هذا الطبق في فعالية «أسبوع المناخ» في نيويورك من قبل جو تيرنر، المدير المالي في شركة «فاو» الأسترالية الناشئة للتكنولوجيا الحيوية.

إن تسمية السمان «اللحم المستزرع في المختبرات» تعد تسمية خاطئة. فهذه النسخة الشبيهة بالهلام من السمان كانت تُزرع في مصنع حقيقي للحوم الخلوية، وهو الأول والأكبر من نوعه. وعلى وجه التحديد زرعت في خزان طوله 30 قدماً، وسعته 15 ألف لتر في مصنع «فاو» في سيدني، حيث، حتى كتابة هذه السطور، يمكن للشركة إنتاج 2000 رطل (الرطل 152 غراماً تقريباً) من السمان كل شهر.

وهذه كمية ضئيلة مقارنة بالكميات المتوفرة في مرافق اللحوم التقليدية، لكنها تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة إلى التكنولوجيا التي - على مدى العقد الماضي - أسست سمعتها بالكامل تقريباً على تقديم قطع صغيرة شهية في جلسات التذوق الصحفية الفردية.

نجاحات وإخفاقات

وقد بدأت «فاو» للتو أعمالها هذه مع ما يقرب من 50 مليون دولار من تمويل شركات أخرى مثل «بلاكبيرد فينشرز»، و«بروسبيرتي 7»، و«تويوتا فينشرز» (التي رعت فاعلية أسبوع المناخ). وقامت الشركة حديثاً بتركيب مفاعل بيولوجي كبير آخر سعته 20 ألف لتر هذه المرة، أكبر بنسبة 33 في المائة من الأول. ومع تشغيل المفاعلين على الإنترنت، تُقدر الشركة أنها سوف تنتج قريباً 100 طن من السمان المستزرع كل عام.

قد يبدو كل ذلك متناقضاً مع التقارير السابقة، إذ وصف مقال استقصائي نشرته أخيرا صحيفة «نيويورك تايمز» كيف أن قطاع اللحوم المستزرعة الناشئ قد خرج عن مساره بسبب العقبات الاقتصادية والتقنية، رغم سنوات من الضجيج، وسلسلة من الموافقات التنظيمية البارزة، و3 مليارات دولار من الاستثمار.

جمعت شركة «أب سايد فودز»، ومقرها في بيركلي، بولاية كاليفورنيا، أكثر من 600 مليون دولار لتقييم نموذج لشريحة دجاج تبين أنها يمكنها أن تصنعه يدوياً فقط في أنابيب اختبار صغيرة، في حين أن محاولة شركة «إيت جاست»، ومقرها في كاليفورنيا لبناء مصنع للحوم أكبر 50 مرة من مصنع «فاو» انتهت بدعاوى قضائية ومشاكل مالية والقليل للغاية من الدجاج المستزرع.

وقد وعدت الجهات الداعمة لهذا القطاع بمحاكاة اللحوم التي نشأنا على تناولها، اللحم البقري والدجاج، من دون المعاناة التي تعرضت لها الحيوانات والطيور، ومن دون انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن اليوم لم يعد هناك أي منتج متاح إلا بالكاد في هذه الصناعة. لقد حان الوقت، كما كتبتُ، للاعتراف بحقيقة أن هذا الحلم قد مات.

تطويرات غير مألوفة

كيف تستعد شركة «فاو» لشحن المنتجات بكميات كبيرة؟ بالتخلي عن المألوف واعتماد غير المألوف. إذ وبدلاً من محاولة إنتاج قطع الدجاج الصغيرة والبرغر، ركزت «فاو» على ما يمكن أن تقدمه الخزانات الفولاذية الكبيرة المليئة بالخلايا بشكل موثوق به في المدى القصير: منتجات غريبة ومميزة مخصصة لسوق السلع الفاخرة، وهي فئة جديدة من الأطعمة التي يسميها جورج بيبو الرئيس التنفيذي لشركة «فاو»: «اللحوم الغريبة».

اللحوم الغريبة هي انحراف عمّا وعدت به صناعة اللحوم الخلوية بالأساس. سيكون الأمر مكلفاً، في البداية. ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت شركة «فاو» تبيع بارفيه السمان لأربعة مطاعم في سنغافورة مقابل 100 دولار للرطل. وسوف تتميز هذه اللحوم بمذاق وقوام غير موجودين في الطبيعة. وسوف تُصنع من الحيوانات التي لم يعتد الناس أكلها. فكروا في التمساح، والطاووس، وطائر الغنم، وغيرها. في العام الماضي، تصدرت «فاو» عناوين الأخبار العالمية بعد «كرات اللحم الضخمة» - وهي نموذج أولي ضخم وفريد مختلط مع خلايا الفيل والحمض النووي لحيوان الماموث الصوفي - مما أدى إلى ظهور مقطع ذائع الانتشار في برنامج «العرض الأخير» مع ستيفن كولبرت. في نهاية المطاف، تأمل «فاو» في أن يمنحها إنشاء سوق فاخرة قوية للحوم الغريبة الفرصة لخفض التكاليف تدريجياً من خلال مواصلة البحث والتطوير، رغم أنها سوف تحتاج أولاً إلى تطبيع فكرة تناول الأنواع غير التقليدية.

غرائب الأطباق

عندما أنظر إلى طبق بارفيه السمان خاصتي، يدهشني أنني لم أتناول السمان من قبل. أتناول قضمة، ويكون الطعم خفيفاً ومليئاً مثل الزبدة المخفوقة، مع ملاحظات بطعم معدني دقيق أقرنه بالكبد. إنها تمثل بداية عصر جديد غامض، عصر ستكون فيه اللحوم المستزرعة متوافرة أخيراً، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها أي شخص.

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»