مقتل «أبو الفرج المصري» الرجل الثاني في جبهة «فتح الشام» بغارة أميركية

تسلمته القاهرة من أذربيجان وحوكم بالمؤبد في قضية «العائدون من ألبانيا».. وخرج من السجن بعد ثورة يناير

«أبو الفرج المصري» أحمد سلامة مبروك
«أبو الفرج المصري» أحمد سلامة مبروك
TT

مقتل «أبو الفرج المصري» الرجل الثاني في جبهة «فتح الشام» بغارة أميركية

«أبو الفرج المصري» أحمد سلامة مبروك
«أبو الفرج المصري» أحمد سلامة مبروك

كشفت مصادر متطابقة أن أبو الفرج المصري قيادي «القاعدة» البارز في جبهة «فتح الشام»، قتل أمس بغارة درون أميركية استهدفت سيارته في جسر الشغور بريف إدلب شمال غربي سوريا. وأكدت مصادر المتشددين بلندن وحسابات إلكترونية مقربة من «فتح الشام» أن طائرة «درون» من دون طيار، نفذت غارة جوية على سيارة في منطقة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، ليؤكد شهود عيان أنها تسببت بمقتل أبو الفرج، الذي يعد أحد مؤسسي جماعة «الجهاد» المصرية، ورفيق درب أيمن الظواهري زعيم «القاعدة» الحالي. وأعلنت حسابات مقربة من جبهة فتح الشام، مقتل «أحمد سلامة مبروك» المقلب بـ«أبو الفرج المصري» أحد أبرز قادة جبهة فتح الشام في سوريا، والنائب الأول لزعيمها أبو محمد الجولاني.
فيما ذكرت مصادر محلية أن الغارة نفذتها طائرة «درون» يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي ضد «داعش». وعززت حسابات المتطرفين عبر مواقع التواصل الاجتماعي فرضية اغتيال أبو الفرج، لكن جبهة «فتح الشام» لم تؤكد الخبر أو تنفيه. وقال الدكتور هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات المختص بشؤون المتطرفين بلندن أن أبو الفرج، واسمه الحقيقي أحمد سلامة مبروك، وكان يعرفه شخصيا لسنوات، يعتبر من أبرز قياديي ومشرعي «الجهاد» وكان عضو مجلس شوري التنظيم، حوكم في قضية «العائدون من ألبانيا» عام 1999، حيث صدر ضد أبو الفرج حكم بالسجن 25 عاما. وقال السباعي إن مبروك أسس مع رفيق دربه أيمن الظواهري معسكرات تدريب للشباب المصري في أفغانستان، حتى اندحار السوفيات في التسعينيات، ثم تم طرد المقاتلين من أفغانستان إلى اليمن والسودان، حيث أسس مبروك مع الظواهري أيضا بعض النزل لاستضافة الشباب وعوائلهم المطرودين من باكستان وأفغانستان.
ويضيف السباعي حاول أيمن الظواهري ومبروك وهشام الحناوي، (قتل في الشيشان)، دخول الشيشان عام 1997، واعتقلوا في داغستان، لم تعرف المخابرات الروسية أسماءهم الحقيقة، وظلوا لعدة أشهر حتى أفرج عنهم بكفالة مالية دفعها مقاتلون من داغستان، فدخل الحناوي الشيشان إلى أن قتل هناك، ورجع الظواهري ومبروك إلى أذربيجان، وبعدها سافر الظواهري إلى طالبان في أفغانستان، ومكث مبروك في أذربيجان حتى خطف من الشارع على يد المخابرات الأميركية، وسلموه إلى القاهرة عام 1998.
وظل مبروك في سجن العقرب بمصر حتى أفرجت عنه النيابة العسكرية بعد ثورة 25 يناير 2011. وقبل وصول الرئيس السيسي إلى الحكم سافر إلى سوريا، والتحق بـ«جبهة النصرة» التي تحولت إلى «جبهة فتح الشام»، بحسب قول هاني السباعي.
وينحدر أبو الفرج المصري من محافظة الجيزة في جمهورية مصر، واعتقل في قضية الجهاد الكبرى لمدة سبع سنوات بعد مقتل السادات، وغادر إلى أفغانستان لينضوي في تنظيم «القاعدة»، وظهر أبو الفرج في تسجيل مصور بعنوان «ورثة المجد» في مارس (آذار) الماضي، وكانت غارات مماثلة أودت بحياة قياديين بارزين في جبهة «فتح الشام»، منهم «أبو عمر سراقب» القائد العسكري لـ«جيش الفتح»، و«أبو فراس السوري» القيادي والمتحدث السابق باسم «فتح الشام». وخرج أبو الفرج من السجن بعد ثورة يناير 2011، ليتجه بعدها إلى سوريا، وكان أول ظهور إعلامي له في سوريا في شهر مارس الماضي، حيث هاجم الديمقراطية وقال إنها لا تصلح في دول المنطقة، مضيفا: «الديمقراطية التي أوصلت مرسي للحكم، انقلب عليها الغرب الذي يروج ويتغنى بها، وساعدوا في إسقاطه مقابل تنصيب السيسي». وعاود الظهور مرة أخرى في تسجيل إعلان انفصال جبهة النصرة عن تنظيم «القاعدة» وتشكيلها جبهة «فتح الشام».
ويعد أبو الفرج المصري من أبرز الشخصيات في جبهة فتح الشام، وهو من الوجوه البارزة والأساسية بعد أبو محمد الجولاني، قائد الجبهة، وقد ظهرا معا في تسجيل إعلان انفصال جبهة النصرة عن تنظيم «القاعدة» وتشكيلها جبهة فتح الشام قبل شهور قليلة.
يذكر أن أبو الفرج المصري ولد عام 1956 في قرية «المتانيا» إحدى قرى مركز العياط في محافظة الجيزة، وكان بارزًا في النشاط الطلابي، كما كان مسؤول الإذاعة خلال مرحلة دراسته وبعدها التحق بكلية الزارعة جامعة القاهرة عام 1974 وحصل منها على البكالوريوس. وظهر أحمد سلامة مبروك، الملقب، بـ«أبو الفرج المصري»، للمرة الأولى على العلن من خلال آخر إصدار بثه تنظيم «جبهة النصرة»، وهو من أبرز الشرعيين في التنظيم، حيث اعتبر أن الديمقراطية لا تصلح في دول المنطقة. وعمل أبو الفرج اختصاصيا في إدارة الشؤون الاجتماعية قرية «المتانيا» مركز العياط الجيزة، إبان تلك الفترة توطدت علاقته بإمام بمحمد عبد السلام فرج الذي حوكم في قضية مقتل السادات. وتأثر مبروك بقضية الفنية العسكرية وقام بعدها بإعادة تنظيم جماعة الجهاد هو ومحمد عبد السلام فرج ومصطفى يسري. وكان أميرهم مصطفى يسري، وبعد فترة اكتشف مصطفى يسري أن هناك مرشدا اخترق الجماعة في الإسكندرية فقرر حل الجماعة وأكمل أحمد سلامة مبروك ومحمد عبد السلام فرج وبدأوا في التوحيد بين أفراد الجماعة في مصر. واعتقل مبروك بعد اغتيال الرئيس الراحل السادات عام 1981 وحكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات في «قضية الجهاد الكبرى»، واعتزل بعدها رفاقه أثناء خلافهم على قضية الإمارة، ثم حاول مع الدكتور أيمن الظواهري جاهدين الإصلاح بينهم لكن دون جدوى، فانشغل مبروك بالعبادة في سجنه، كما أتم الدراسة بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية مع رفيق دربه الرائد عصام القمري. وبعد الإفراج عنه عام 1988، سافر إلى أفغانستان، وهناك التقى صديقه الحميم ورفيق دربه الدكتور أيمن الظواهري وبدأ معه العمل سويا في «جماعة الجهاد المصرية».



تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
TT

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تراجعت أنشطة بنوك يمنية بشكل حاد، ويشتكي مودعون من حالة تذمر إزاء عدم قدرتهم على سحب أموالهم، وسط إجراءات وقرارات حوثية.

تلك البنوك تقع بمناطق سيطرة الحوثيين، ويشتكي السكان من إجراءات الجماعة المدعومة من إيران، من عجزها عن تقديم خدمات بنكية.

ودفعت المعاناة البنوك إلى مزاولة أنشطة خارج اختصاصاتها، والاعتماد على فروعها بالمناطق اليمنية المحررة، وتحت سيطرة الحكومة لتغطية خسائرها، في حين تطالبها الجماعة بجبايات عن أنشطة تلك الفروع.

في الأثناء، اشتبك عدد من المودعين مع أفراد أمن أحد البنوك، على خلفية مطالبتهم بمبالغ من ودائعهم في صنعاء قبل أيام، وفقاً لمصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الموظفين أيضاً يخشون خسارة مصدر دخلهم بسبب موجة تقليص وظيفي لمواجهة تراجع الإيرادات وهواجس الإفلاس الذي يهددها.

بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن المودعين اعتصموا داخل مقر البنك بعد رفض إدارته منحهم مبالغ من ودائعهم، ما دفعهم للاحتجاج بالاعتصام، قبل أن ينشب عراك بينهم وبين رجال الأمن، وتطورت الأحداث بقدوم مسلحين من أقارب بعض المودعين، حاولوا اقتحام البنك بالقوة، وتبادلوا إطلاق النار لبعض الوقت، قبل أن تتدخل قوة من شرطة الجماعة الحوثية، وتوقف الاشتباكات. لجأ البنك إلى تخفيض رواتب الموظفين العاملين في إدارته وفروعه، بنسبة 20 في المائة، بسبب أزمة السيولة النقدية التي يواجهها منذ أشهر، بعدما حجزت الجماعة أمواله في البنك المركزي الحوثي بصنعاء، ما اضطر عدداً من الموظفين إلى التوقف عن العمل احتجاجاً على خفض رواتبهم، أو للبحث عن فرص عمل أخرى. ويواجه سكان مناطق سيطرة الحوثيين أوضاعاً معيشية معقدة بسبب الحرب وسيطرة الجماعة على مؤسسات الدولة ووقف رواتب الموظفين العموميين.

أزمة نقدية

تُمْنَى البنوك اليمنية وفروعها الموجودة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بخسائر كبيرة، وتواجه أزمات نقدية حادة، وباتت غالبيتها غير قادرة على دفع مرتبات موظفيها أو تغطية مصاريفها الشهرية.

بسبب الإجراءات الحوثية تحوّلت غالبية البنوك إلى أنشطة غير مصرفية (غيتي)

يرى الباحث الاقتصادي رشيد الآنسي، أن مصير البنوك والقطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بشكل عام أصبح في مهب الريح، بعد الدخول في مرحلة شبه إفلاس منذ أصدرت الجماعة قانوناً يمنع الفائدة، ما أجهز تماماً على ما تبقى من إمكانية تحقيق إيرادات للبنوك في ظل الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه تلك المناطق. ويبين الآنسي لـ«الشرق الأوسط» أنه، إضافة الى لجوء الناس، وخاصة رجال الأعمال والتجار، إلى الاعتماد على شركات الصرافة، فإن البنوك أضحت خاوية من العملاء تقريباً، باستثناء تلك البنوك التي تحولت إلى ما يشبه محلات صرافة لتسليم المعونات الإغاثية أو مرتبات شركات القطاع الخاص. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، فرضت الجماعة الحوثية على البنوك جبايات جديدة تحت مسمى دعم وإسناد قطاع غزة، وطالبتها بمبالغ ما بين 75 ألفاً، و131 ألف دولار (ما بين 40 مليوناً و70 مليون ريال يمني، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار في مناطق سيطرتها بـ534 ريالاً).

وطبقاً لمصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين لجأت إلى مزاولة أنشطة وأعمال تجارية ليست من اختصاصها لمواجهة حالة الركود وشبح الإفلاس اللذين يحيطان بها، ومن ذلك الوساطة بين المستهلكين والشركات التجارية والمحلات التجارية ومحال البقالة للحصول على عمولات يتحملها المستهلكون.

البنوك اليمنية تعرضت لاستحواذ الجماعة الحوثية على سيولتها النقدية المتوفرة لصالح المجهود الحربي (إكس)

ويتهم البنك المركزي اليمني الجماعة الحوثية بالاستحواذ على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك التجارية في مناطق سيطرتها، وإجبارها على سحب السيولة النقدية المتوافرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعة واستخدامها لدعم مجهودها الحربي، متسببة بعجز البنوك عن الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.

الاتكال على الفروع

يواجه عدد من البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين الأزمات النقدية ببيع بطاقات الشراء من الإنترنت وبطاقات ركوب الحافلات وبيع الذهب، بعدما فقدت، بسبب الإجراءات والقرارات الحوثية، القدرة على ممارسة مهامها الأساسية وتقديم التمويلات الضخمة والمنتجات المصرفية. ووفقاً للآنسي، لجأت هذه البنوك إلى الاعتماد على فروعها في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي تحقق أرباحاً كبيرة نتيجة دخولها في الدين العام وتحصيل فوائد تصل إلى 23 في المائة، إضافة إلى الحركة الاقتصادية في هذه المناطق، وتوجه رجال الأعمال والشركات التجارية للتعامل مع البنوك لسهولة الحركة بعيداً عن رقابة الجماعة الحوثية.

بنك في صنعاء تعرض للحجز التحفظي على أرصدة ملاكه قبل أعوام بأوامر من الحوثيين (إكس)

وتشترك فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة في مزادات البنك المركزي، ما يحقق لها عائداً جيداً من خلال بيع العملات الأجنبية للتجار، أو من خلال فتح الاعتمادات الخاصة بالمزادات، وهو ما يتيح للبنوك في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التنفس برئة هذه الفروع. وينتقد الآنسي ما وصفه بتقاعس الحكومة اليمنية عن تحصيل ضرائب من إيرادات فروع البنوك في مناطق سيطرتها، بينما تضغط الجماعة الحوثية على إدارات البنوك في مناطق سيطرتها لإجبارها على دفع ضرائب على أرباح تلك الفروع، ما يمثل دعماً مالياً إضافياً للجماعة. وطالب الباحث اليمني البنك المركزي في عدن بعزل فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة عن فروعها ومراكزها الرئيسية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، تجنباً لتحول هذه الفروع إلى ممول للجماعة.