ابن كيران: علاقتي مع الملك مبنية على الطاعة في المعروف.. والنصح والتعاون

رئيس حكومة المغرب قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأصالة والمعاصرة» المعارض مجرد ظاهرة إعلامية

عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران
TT

ابن كيران: علاقتي مع الملك مبنية على الطاعة في المعروف.. والنصح والتعاون

عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران

بدا عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية ورئيس الحكومة المغربية، أكثر ارتياحا وهو يتحدث كعادته مع «الشرق الأوسط» بقلب مفتوح، ديدنه قول ما يجول في خاطره بصراحته المعهودة، والتأكيد أن لديه اليقين بأن حزبه سيتصدر المشهد الحزبي في اقتراع 7 أكتوبر (تشرين الأول)، ويرجح أنه سيتجاوز نتائج انتخابات 2011.
وعزا ابن كيران ترشحه للانتخابات في مدينة سلا المجاورة للرباط إلى سبب واحد، هو رغبته في أن يمر بامتحان اختبار شعبيته في البلد كشخص وليس كحزب فقط، مشيرا إلى أن سكان سلا سيتجاوبون مع ترشحه، وهم متأكدون أنه إذا لم ينجح في الاقتراع ستكون حياته السياسية قد انتهت.
ومما يزيد في حالة الارتياح لدى ابن كيران إيمانه بأن الدولة تقوم على الثقة، وعدم اعتقاده بأن المغرب قادر على أن يسمح لنفسه التلاعب بأسس الدولة، مشددا على أن الذي يضمن ألا يكون هناك تزوير في الانتخابات، بعد الله، هو الملك محمد السادس، واعتقاده الراسخ أن «الأصالة والمعاصرة» المعارض حزب غير موجود سياسيا، وأنه مجرد ظاهرة إعلامية، موضحا أن السياسة ليست هي الرياضيات، لكنها تعلم المرء أن يبتلع بعض الأشياء، وأن الدرس الأساسي الذي استخلصته خلال السنوات الخمس الماضية هو أن الإصلاح عملية شاقة وطويلة، بيد أنه يبقى ممكنا. وفيما يلي نص الحوار.
* بعد مرور خمس سنوات من ولايتكم على رأس الحكومة المغربية. ما هي الدروس والعبر التي خرجتم بها من هذه التجربة، خاصة أنكم على أبواب اقتراع يوم 7 أكتوبر؟
- قبل ذلك كنت أتخيل أن المسؤولية صعبة، لكن حينما تبوأتها وجدتها أصعب مما كنت أتخيلها، ولكن في نفس الوقت تمكن من القيام بأشياء مهمة لصالح الوطن والمجتمع. والدرس الأساسي الذي استخلصته هو أن الإصلاح عملية صعبة وشاقة وطويلة، وبالتالي لا يجوز للذين يريدون الإصلاح أن يتخلوا ويتراجعوا عنه، بل يجب عليهم أن يستمروا فيه. الإصلاح دائمًا ممكن، ومنطق الإصلاح يجد دائمًا في النهاية من يستمع إليه. ربما لا يكون الجميع متفقا، لكن شخصا يتحمل مسؤولية مثل التي تحملتها يكون عنده هدف أساسي وأصلي، وهو أن يختم مشواره بطريقة إيجابية.
* حرصتم خلال السنوات الخمس الماضية على جعل علاقتكم بالملك محمد السادس علاقة تعاون وليست علاقة تنازع، وقلتم للمغاربة عقب توليكم رئاسة الحكومة من خلال «الشرق الأوسط» (إذا كُنْتُمْ تبحثون عن رئيس حكومة يتنازع مع الملك فابحثوا عن شخص آخر غيري). هل استطعتم تحقيق مبتغاكم المتمثل في التعاون مع الملك؟
- على كل حال، أنا ما زلت على رأيي. وأقول للمغاربة إنهم إذا كانوا يريدون شخصا يخاصم ملكه وينازعه فليبحثوا عن شخص آخر. فأنا لا أصلح لهذا. وأنا لا يمكنني أن اشتغل مع جلالة الملك إلا في إطار الضوابط الشرعية المبنية على السمع والطاعة في المعروف بطبيعة الحال، ومبنية على النصح والتعاون. وأود القول إنه في اللحظة الأولى من ولايتي الحكومية، لم يكن جلالة الملك يعرفني ولم أكن أعرفه. الآن تعارفنا والحمد لله، ولا أخفي أنه نشأت بيننا علاقة ودية.
* الملاحظ أن حملة حزبكم الانتخابية بدأت بخطاب هادئ غاب عنه ذكر كلمة «التحكم». هل كان لبيان الديوان الملكي الأخير المتعلق بتصريحات حليفكم نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقا) بشأن علاقة أحد مستشاري الملك بـ«التحكم»، تأثير على تخفيف حدة لغتكم خلال الحملة الانتخابية؟
- أي سياسي يسمع هذا البيان الذي كان موضوعه الأخ نبيل بن عبد الله المحترم، ويدعي أنه لم يكن له عليه أي تأثير لا يمكن أن يكون إلا كاذبا. وبطبيعة الحال فقد كان لهذا البيان تأثير علي، ولا أخفي أن حدة الكلام عن «التحكم» خففت منها إراديا، واعتبرت أن ما قيل بشأنه في السابق فيه كفاية.
* تقصد أن الرسالة وصلت من الجانبين؟
- نعم الرسالة وصلت من الجانبين. وأجدد القول إنه لا يمكن لشخص يتحمل مسؤولية مثل مسؤوليتي (رئاسة الحكومة) أن ينكر أن مواقف وبلاغات (بيانات) جلالة الملك ليس لها أثر. هذا غير معقول.
* أنتم تترأسون حكومة ائتلافية تختلف فيها القناعات والأفكار السياسية وحتى الأمزجة. فكيف دبرتم هذا الموضوع خلال السنوات الخمس في ظل المتناقضات الموجودة داخلها، رغم حالة الانسجام الظاهري الموجود؟
- لم يكن انسجاما ظاهريا، بل كان انسجاما حقيقيا. بالفعل كان هناك قليل من التوتر مع السيد صلاح الدين مزوار (رئيس التجمع الوطني للأحرار ووزير الخارجية). وما كان يخفف من حدة هذا التوتر هو أن السيد مزوار كان لا يحضر اجتماعات الحكومة إلا قليلا. بيد أن هذا التوتر لم يكن توترا شديدا. ففي بعض الأحيان كان يقع هناك بعض الاحتكاك مع بعض الإخوة الوزراء حول بعض الأمور، لكن في النهاية فإن الطريقة التي دبرت بها تسيير الحكومة كانت مبنية على الثقة في الوزراء وكفاءتهم. كما أنهم كثيرا ما كانوا يرجعون إلى حينما يكونون في حاجة إلي. وكنت دائمًا أحاول أن أسهل لهم الأمور حتى أن عزيز أخنوش (وزير الفلاحة والصيد البحري) كان يسميني «المسهل». وهذا هو ما ساعد على الحفاظ على هدوء الجو العام للحكومة، والحفاظ على التفاهم والانسجام سواء في الحكومة الأولى، التي شارك فيها حزب الاستقلال حتى آخر يوم، أو في الحكومة الثانية التي شارك فيها التجمع الوطني للأحرار. وبطبيعة الحال فحكومة مثل هذه لا بد لها أن تأخذ بعين الاعتبار بعض الخصوصيات، ومثال على ذلك هل يمكن اعتبار وزارة الداخلية وزارة عادية؟ هي وزارة لها وزنها ومكانتها الخاصة. وقد كنا في بعض الأحيان نتدافع قليلا، من جهتي ومن جهتهم، لكن عموما مرت الأمور بسلام.
* على ذكر وزارة الداخلية. كيف كنت تتلقى مثلا قيام الوزارة بإصدار قرار يمنع تجمعا خطابيا لحزبك وأنت رئيس حكومة ورئيس وزير الداخلية. وكيف كنت تتعامل مع هذا النوع من التصرف؟
- السياسة ليست هي الرياضيات. صحيح أنا رئيس وزير الداخلية، لكن ليس لأنني رئيس وزير الداخلية فإن كل قراراته يجب أن أنظر إليها بنفس الطريقة. فهي قرارات مختلفة حسب التقدير الذي أقدر. قد يكون التقدير صحيحا وقد لا يكون كذلك. ولكي أقدر حقيقة الأمور علي أن أعرف ما هو مصدرها الحقيقي، ولماذا وماذا سينتج عنها؟
السياسة تعلم المرء أن يبتلع بعض الأشياء، ذلك أن استمرار الحكومة وصورة المغرب في الخارج يقتضيان تقديم تضحيات، وإذا لم يكن المرء مستعدا لها فمن الأحسن ألا يقرب هذه المسؤولية. واليوم مهما قيل ويمكن أن يقال عن هذه الحكومة فإنها أكملت خمس سنوات كاملة، وهذا شيء جيد جدًا بالنسبة لصورة المغرب في الخارج، ودليل على أنه دولة مستقرة.
* في نظركم ما هو أكبر خطأ ارتكبتموه خلال السنوات الخمس الماضية وندمتم عليه الآن؟
- بكل صراحة الأمر لا يتعلق بخطأ. ربما لم أفهم في بداية ولايتي الحكومية نوعية العلاقة التي يجب أن تربط الحكومة بمستشاري جلالة الملك، وعبرت عن هذا الشعور السلبي بالقول إنني لم أستطع أن أربط مع المستشارين علاقات تعاون، وجاء تنبيه وضع الحدود. آنذاك فهمت ما هي الحدود.
* ما هي؟
- الحدود تكمن في أنه ليس لي علاقة مع مستشاري الملك. المستشار يشتغل مع جلالة الملك، وأنا أشتغل مع جلالة الملك. وحينما يريد جلالة الملك أن يكلف مستشارا للاتصال بي يكلفه بذلك، وأنا بدوري لا يمكنني أن أتصل بأحد مستشاري الملك إلا بعد أخذ الأذن من جلالته. فهذا بينهما برزخ لا يبغيان. وبالتالي يمكن اعتبار ما صرحت به بشأن العلاقة مع المستشارين خطأ كلفني كثيرا لأنني كنت مضطرا لأن أعتذر لجلالة الملك، وأعتذر أيضا لمستشاريه. لكن بغض النظر عن هذا الأمر لا أتذكر أن هناك شيئا أعتبره خطأ. بعض الأشياء يمكن أنها كانت صحيحة وبعضها لم تكن صحيحة، لكنني أنظر على العموم إلى المسار، ولله الحمد، نظرة إيجابية.
* ترأس الملك محمد السادس أخيرا في طنجة اجتماعا لبحث موضوع الطاقة، وهو اجتماع حضرته أنت والمستشار الملكي فؤاد عالي الهمة ووزراء آخرون، وهو اجتماع يأتي بعد صدور بيان الديوان الملكي حول تصريحات نبيل بن عبد الله. فهل تذاكرتم سياسيا على هامش الاجتماع مع المستشار عالي الهمة؟
- بالفعل كان اجتماعا برئاسة جلالة الملك حول موضوع الطاقة. والتواصل بيني وبين السيد فؤاد عالي الهمة لم يتجاوز المصافحة.
* يرى كثير من المراقبين أن السباق الانتخابي الآن يكاد يبدو في الظاهر سباقا بين حزبكم (العدالة والتنمية) وحزب الأصالة والمعاصرة. كيف تنظرون إلى هذا الأخير؟ هل تنظرون إليه كمنافس حقيقي لكم أم مجرد حزب خارج من قمقم التحكم، كما دأبتم على اعتباره؟
- أنا أريد أن أسالك. أين وجدت أنت حزب الأصالة والمعاصرة. هل هو موجود في الساحة؟ في الشارع؟ إن تجمعاته الانتخابية إما فارغة أو يحضرها أشخاص يلبسون جميعا بدلة الحزب. وهذا معناه أنهم مستخدمون عند الحزب بشكل أو بآخر. إن حزب الأصالة والمعاصرة غير موجود سياسيا. هو موجود إعلاميا فقط.
* تقصد أنه ظاهرة إعلامية فقط ؟
- نعم. ينفخ فيه، يزمر ويطبل له. يجمع له رجال الأعمال. يساند من هنا ومن هناك. وبالتالي فهو كما قلت خرج من قمقم التحكم وما زال يستفيد منه. هذه هي قناعتي. فأنا لا أجد أمامي من الناحية العملية والواقعية حزب الأصالة والمعاصرة. كان من المفروض في حزب سياسي طبيعي، بعد أن افتتحت الحملة الانتخابية لحزبي بمهرجان خطابي شارك فيه 20 ألف شخص، أن ينظم هو أيضا مهرجانا خطابيا في مدينة أخرى بمشاركة 20 أو 25 ألف شخص. وهو الأمر الذي لم يقع، ومثل هذه الأشياء غير موجودة، وبالتالي فهو حزب غير موجود. هذا الحزب فرض نفسه من خلال الإعلام والمال والناخبين الكبار. وهذه أشياء أعترف أنه يهزمنا فيها. فنحن في حزبنا نعول على الناخبين الكبار المناضلين، وهم بطريقة معجزة يكون عندهم سبعة أو ثمانية مستشارين فيصوت عليهم بقدرة قادر 40 مستشارا. هل يعطونهم أموالا؟ هل يقومون بتخويفهم؟ لا أدري؟ لكن هذا هو الواقع.
السيد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة الذي هو أيضا رئيس جهة (جهة طنجة - تطوان - الحسيمة) فاز في انتخابات 2015 بـ171 صوتا حصل عليها في دوار (قرية صغيرة) بمنطقة الريف، كان فيه المرشح الوحيد. فيكف حصل على ما حصل عليه؟ نحن الذين كانت عندنا الأغلبية في الانتخابات الجهوية (32 صوتا)، بينما هو عنده (31 صوتا)، أصبح عنده 40 صوتا ونحن عندنا 20 صوتا. وبنفس الطريقة حصل حزب الأصالة والمعاصرة على رئاسة مجلس المستشارين، وبنفس الطريقة أخذ جهة بني ملال - خنيفرة، حتى إن حزبا متحالفًا معنا رشحناه لرئاسة الجهة، لكن أعضاء هذا الحزب صوتوا على حزب الأصالة والمعاصرة. هم يملكون أساليب في استقطاب الناخبين الكبار ليست عندنا. لكن الآن نحن سننزل إلى الشعب، وأنا بصراحة لا أرى هذا الحزب في الشعب. وكما سبق أن قلت فهو موجود في التلفزيون والإذاعات لكن عمليا هو غير موجود. ثم حتى من الناحية الجغرافية، وبغض النظر عن مدينة الحسيمة التي أعرف جيدا اين توجد، فإن حزب الأصالة والمعاصرة غير معروف أين يوجد. يقال في البوادي ولكننا لا نعرف له عنوانا حقيقيا. هو غير موجود في أي مدينة كبيرة، وحتى مدينة وجدة لم يستطع أن يسيرها رغم أنه فاز فيها بالمرتبة الأولى، حيث كان مضطرا للتحالف مع حزب الاستقلال الذي ما زال يسيرها حتى الآن. إذن ًفلنقلها بصراحة. هذا حزب مدعوم.
* من يدعمه؟
- مدعوم من قبل جهات ما، ويعيش بهذا الدعم. ويوم سيسحب منه هذا الدعم سيسقط على الأرض.
* في انتخابات 2011 أعلنتم عن توقعاتكم بالفوز بـ70 مقعدا وفزتم في الاقتراع بـ107 مقاعد. الآن ما هي توقعاتكم بشأن اقتراع 7 أكتوبر؟
- صحيح في 2011 كنت توقعت في بداية الحملة الانتخابية أننا سننال 70 مقعدا، وأعتقد أن آخر رقم توقفت عنده هو 90 مقعدا أو المائة مقعد، لأنه أثناء الحملة الانتخابية بدأت تظهر لي آنذاك علامات الانتصار. وهذه المرة الأمر مختلف، لأنه في2011 بدأت الحملة الانتخابية وتصاعدت. أما الآن فمنذ بداية الحملة أشعر بحماس منقطع النظير في الحزب والمجتمع. إن الذين حضروا تجمعاتنا، ولا أتكلم هنا عن الـ20 ألفا الذين حجوا إلى المركب الرياضي في الرباط، بل أتكلم عن مراكش التي كنت أترقب أن يحضر مهرجاننا الخطابي فيها ما بين 2000 و3000 شخص. لا أدري كم عدد الذين حضروا في مراكش، لكن عددهم كان من دون شك أكثر من المتوقع بثلاث أو أربع مرات، وفي مكان صعب جدًا وضيق. لذا أتوقع أننا سنتصدر المشهد الحزبي، وسنكون في المراتب الأولى. وفيما يخص العدد فإنه من الصعب الحديث عن رقم، لكن المرجح أننا سنتجاوز نتائج 2011.
* وحدكما أنت وحميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال من بين قادة الأحزاب ترشحتما للانتخابات. إلى ماذا ترجعون عدم ترشح الكثير من قادة الأحزاب للانتخابات، وما هي الأسباب التي دفعتك للترشح؟
- كل واحد له أسبابه في عدم الترشح. لكنني ترشحت لسبب واحد هو أنني أردت أن أمر بامتحان اختبار شعبيتي في البلد كشخص وليس فقط كحزب. فقلت سأتوجه إلى السلاويين (نسبة إلى مدينة سلا المجاورة للرباط) الذين أوصلوني إلى قبة البرلمان في المرة الأولى، وأعيد اقتراح نفسي عليهم، وهذا ما فعلته. وأظن أن السلاويين يتجاوبون مع ترشحي، وهم متأكدون أنني إذا لم أنجح في اقتراع 7 أكتوبر ستكون حياتي السياسية قد انتهت. الأمور واضحة.
* تتوقعون أن يتجاوز حزبكم عدد المقاعد المتحصل عليها في 2011، ألا تخشون أن تؤثر العتبة الانتخابية بعد تخفيضها من 6 في المائة إلى 3 في المائة على نتائجكم؟
- تخفيض العتبة كان مطلبا ملحا لوزارة الداخلية، ومطلبا للأحزاب السياسية كذلك. ورأيت من الناحية السياسية أنه من الأجدى عدم الوقوف ضد تخفيض العتبة الانتخابية فتنازلت. أظن أن النجاح في الانتخابات تؤثر فيه التقنيات، لكن أساسه هو هل التيار قوي أم ضعيف. فإذا كان قويا فهذا كله لا ينفع، فقد نفقد مقعدا أو اثنين أو ثلاثة، وإذا كان التيار ضعيفا فإنه لن يصعد بك كثيرا. وتقديري أن أثر تخفيض العتبة على نتائج الحزب سيكون جد محدود.
* هناك حديث عما يسمى ب» الخط الثالث» و«الطريق الثالث» الذي تجسده «فيدرالية اليسار الديمقراطي». كيف تنظرون إلى هذه الحركية الجديدة في المشهد السياسي المغربي كأمين عام لحزب العدالة والتنمية ورئيس للحكومة؟
- «فيدرالية اليسار الديمقراطي» هم خصوم آيديولوجيون، ولكني أظن أنهم أناس جادون. فعلى الأقل سيكون معنا لاعبون جادون لأننا ضد الإقصاء. الديمقراطية حلبة كلما دخل إليها كل الفاعلين في المجتمع يكون هذا الأخير مؤمنا ضد المجهول. فمن لديه ما يقول فليتفضل لقوله، ومن لديه ما يعمل ويقترح فليتفضل. والديمقراطية هي التي تفرز وتحسم في الأمر. هذا حزب صغير جدًا ليس له أي نائب في البرلمان السابق. قد يدخل الآن إلى البرلمان ويحصل على عدد من المقاعد النيابية. وهذا شيء إيجابي. صحيح لا أتمنى لهم أن يفوزوا بالمرتبة الأولى لأنهم خصوم حزبي، ويعبرون عن هذه الخصومة بشراسة مبالغ فيها رغم أنني لا أرغب في الحديث عنهم بسوء، وبالتالي حينما نكون جميعا تحت قبة البرلمان سنرى كيف نرتب هذا الأمر. ومع ذلك فإن هناك شيئا جادا قادما من المجتمع. إن مشكلة السياسة في بلادنا الآن هي الكراكيز (الدمى المتحركة)، وقد آن الأوان للتخلص منها، لأن هؤلاء يتغيبون، وعندما يحضرون يكونون ضعافا وهزيلين ويضحكون علينا الناس. هذه هي المشكلة. ومن ثم فأنا مع أن لا يظل أي كان خارج قبة البرلمان، وأن تدخل إليه جميع التيارات السياسية، ولهذا السبب رشحنا السيد حماد القباج لأننا نعتبر السلفيين جزءا من المغرب وجزءا من المغاربة. فأن يكونوا حاضرين في البرلمان أحسن من أن يكونوا خارجه. ففي البرلمان سيراهم الناس وسيسمعون ما سيقولون، وبالتالي إما ستصعد شعبيتهم أو ستنزل، وآنذاك سيكونون مضطرين لأن يعتدلوا. ونكون بذلك نقترب من جو ديمقراطي يقطع الطريق أمام كل تشدد، لأنه من أين يأتي التشدد التطرف والإرهاب؟ الجواب هو الإقصاء. فالشخص الذي لا يجد نفسه في مؤسسات الدولة والمجتمع يبحث عن طرق أخرى، ولهذا فإن اندماج هؤلاء في المشهد السياسي، وقيامهم بتغطية عدد كبير من الدوائر الانتخابية شيء إيجابي. وأظن أن نتائجهم ستكون أحسن من المرات الماضية.
* أنت الآن مشرف على تنظيم الانتخابات، ووزارتا الداخلية والعدل تقومان بالإشراف الفعلي والميداني. ألا تتخوفون من التزوير أم أن عهد التزوير ولى إلى غير رجعة؟
- الدولة تقوم على الثقة، والذي يضمن ألا يكون هناك تزوير بعد الله هو جلالة الملك، الذي لديه مواقف رسمية وعلنية في هذا الصدد. لقد تناولنا في الحكومة الحديث بشأن ذلك مع وزير الداخلية، الذي قال إن جلالة الملك يتابعه بشأن نزاهة الانتخابات بقوة. ومن ثم لا يمكن أن نشارك في الحكومة والبرلمان ونظل نردد مثل هذا الكلام. طبعا الكل يرى ماذا يقع. ولم يعد هناك شيء قابل للاختباء. لهذا نحن نعتمد على هذه الثقة التي بنيت عليها البلاد، ولا أعتقد أن بلادنا قادرة على أن تسمح لنفسها بالتلاعب بأسس الدولة. هل تعرف أن أساس الدولة الأول هو الثقة قبل المال والرجال، وهذه مقولة ليست لي بل لكونفوشيوس وعليها إجماع في العالم. يجب أن نكون واضحين ونذهب ونشارك. طبعا أنا كما قال جلالة الملك، يقع الإشراف على الانتخابات تحت سلطتي ومسؤولية وزارتي الداخلية والعدل، لكن الفاعل الأساسي في كل هذا هي وزارة الداخلية. ووزارة العدل هي شريك لكن في حدود. وأنا مسؤول من خلال قيامي بالتحكيم حينما يكون هناك أشكال، ولكن هذا الشيء كله نحن قبلناه، ومن يقبل مسارا يمضي فيه حتى النهاية. فالكل يراقب ويتابع وحينما يكون هناك شيء ليس على ما يرام فإننا نثير الانتباه إلى ذلك.



«هدنة غزة»: تمديد جديد أم صفقة «الكل مقابل الكل»؟

رهائن إسرائيليون لدى «حماس» قبل تسليمهم إلى الصليب الأحمر في رفح (أ.ف.ب)
رهائن إسرائيليون لدى «حماس» قبل تسليمهم إلى الصليب الأحمر في رفح (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: تمديد جديد أم صفقة «الكل مقابل الكل»؟

رهائن إسرائيليون لدى «حماس» قبل تسليمهم إلى الصليب الأحمر في رفح (أ.ف.ب)
رهائن إسرائيليون لدى «حماس» قبل تسليمهم إلى الصليب الأحمر في رفح (أ.ف.ب)

دخلت جهود تمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، التي تقودها مصر وقطر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، سباقاً مع الزمن، بشأن اشتراطات الانتقال لمستوى وصف بأنه «الأصعب» من التفاوض، المتعلق بتبادل الأسرى من العسكريين المحتجزين في قطاع غزة، وجميع الأسرى من الجانبين، وتحقيق رؤية «الكل مقابل الكل»، خاصة مع قرب الانتهاء من تبادل المحتجزين المدنيين في القطاع.

واستضافت العاصمة القطرية الدوحة على مدى اليومين الماضيين اجتماعات أمنية رفيعة المستوى، شارك فيها كل من رئيس جهاز «الموساد»، دافيد برنياع، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل.

ويبحث المسؤولون الثلاثة، بالإضافة لمسؤولين قطريين، صفقة لتبادل أوسع للأسرى مع بين «حماس» وإسرائيل، والسعي لتمديد جديد للهدنة التي انطلقت الجمعة الماضية، ومُددت ليومين إضافيين ينتهيان صباح الخميس.

وأفاد مصدر مطلع لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأربعاء، أن حركة «حماس» «أبلغت الوسطاء بموافقة المقاومة على تمديد الهدنة لأربعة أيام»، مؤكداً أن «لدى الحركة ما يمكنها من إطلاق سراح أسرى إسرائيليين محتجزين لديها ولدى فصائل المقاومة وجهات مختلفة خلال هذه الفترة ضمن الآلية المتبعة والشروط نفسها».

صور لإسرائيليين قتلوا أو أسروا في هجوم «حماس» على موقع حفل موسيقي يوم 7 أكتوبر في غلاف غزة (أ.ف.ب)

وذكرت مصادر لشبكة «سي إن إن» أن بيرنز، طرح خلال مفاوضات الدوحة توسيع فئة الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم في النهاية إلى رجال وجنود، كما جرت محادثات تتعلق بإخراج جثث الأسرى القتلى من غزة.

في المقابل، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر سياسية إسرائيلية، الأربعاء، القول بأنه سيكون من الصعب للغاية التوصل لاتفاق حول 10 أيام هدنة في غزة، فيما حذر الوزير المتطرف إيتمار بن غفير من انتصار «حماس».

وقالت المصادر الإسرائيلية، بحسب الصحيفة، إنه «على خلفية المناقشات في قطر حول تمديد الهدنة وإطلاق سراح مزيد من الرهائن، سيكون من الصعب للغاية، إضافة مجموعات جديدة من المختطفين في إطار 10 أيام من اتفاق وقف إطلاق النار الأصلي»، مؤكدة أن الإفراج عن أسرى جدد من قطاع غزة سيكون على الأرجح جزءاً من التفاوض على اتفاق جديد (يشمل الجنود والعسكريين).

وقالت الصحيفة إن إسرائيل أبلغت الوسطاء أنه «لا جدوى من الحديث عن اتفاق جديد قبل أن تعيد (حماس) جميع النساء والأطفال» من قطاع غزة. ووفق هيئة البث الإسرائيلية، فإن واشنطن تضغط للتوصل إلى هدنة تتجاوز 10 أيام.

المرحلة الأصعب

دبابات إسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة خلال الهدنة الحالية (رويترز)

ويصف الدكتور سعيد عكاشة، خبير الشؤون الإسرائيلية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، المرحلة المقبلة من التفاوض بشأن تبادل الأسرى وتمديد الهدنة تمهيدا إلى الانتقال لوقف لإطلاق النار بأنها «الأصعب»، لافتا إلى الخلافات التي تعصف بالحكومة الإسرائيلية، وتهدد بسقوط التحالف الحكومي.

وكان حزب «عوتسما يهوديت» بزعامة وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير هدد بانسحاب جميع أعضاء الكنيست الستة في الحزب من الائتلاف الحكومي في حال تم التوصل لاتفاق جديد لتمديد وقف إطلاق النار لأكثر من 10 أيام في قطاع غزة، وكتب بن غفير على حسابه على منصة «إكس» (تويتر سابقا) أن «وقف الحرب = تفكيك الحكومة».

وأوضح عكاشة لـ«الشرق الأوسط» أن أعضاء مجلس الحرب في إسرائيل «لن يقبلوا بمعايير صفقة شاليط»، التي تم خلالها تبادل جندي إسرائيلي واحد بأكثر من ألف سجين فلسطيني، إضافة إلى الإصرار الإسرائيلي على ألا يكون أي من السجناء الذين تصنفهم إسرائيل باعتبارهم «سجناء أمنيين أو تورطوا في جرائم قتل إسرائيليين»، ضمن أي اتفاق يتعلق بتبادل الأسرى، في حين أن عدداً من هؤلاء هم من تصر «حماس» على إطلاق سراحهم.

وأضاف خبير الشؤون الإسرائيلية أن هناك نحو 9 آلاف سجين ومعتقل فلسطيني لدى إسرائيل، القليل منهم فقط مصنف بأنه سجين أمني، وبالتالي «لن تكون هناك صعوبة في إطلاق سراح الآلاف مقابل معظم الأسرى الإسرائيليين في غزة»، لكنه أضاف أن الأزمة «تكمن في احتمال انهيار التفاوض، وهو ما يعني استئناف الحرب فورا»، مرجحاً أن تركز اجتماعات الدوحة على الخروج باشتراطات مقبولة من الطرفين يمكن بموجبها الاستمرار في التهدئة وتسهيل خروج معظم الأسرى من غزة.

وحول التعويل على الضغط الأميركي على الحكومة الإسرائيلية، أشار عكاشة إلى أن واشنطن تتشارك مع إسرائيل بعض المحددات المتعلقة بتصنيف السجناء الفلسطينيين، ومن ثم يصعب توقع أن تضغط الإدارة الأميركية على حكومة نتنياهو للقبول باشتراطات صعبة تعني عمليا سقوط الحكومة الإسرائيلية.

محاولة بناء الثقة

في السياق ذاته، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن مسؤولين مصريين قولهم إن الهدف من المباحثات في الدوحة «هو نقل المناقشات إلى ما هو أبعد من الترتيب الحالي الذي يقضي بتمديد الاتفاق الأولي الذي مدته 4 أيام بيوم واحد مقابل كل 10 رهائن تقوم (حماس) بتسليمهم».

وبحسب الصحيفة نقلا عن المسؤولين المصريين، فإن المحادثات «تتركز الآن على كيفية تحرير كبار السن والجثث والجنود بمجرد خروج جميع النساء والأطفال»، وأن الوسطاء القطريين والمصريين يضغطون من أجل المضي قدماً لوقف القتال لفترة أطول، على أمل أن يتطور إلى وقف دائم لإطلاق النار، إضافة إلى «محاولة بناء الثقة وحسن النية لفتح الباب أمام سلام طويل الأمد».

بدوره، توقع الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن تسير التهدئة في مسار إقرار هدن متتالية، في ظل تصاعد الأصوات اليمينية المتطرفة في إسرائيل التي تسعى بكل قوة لاستئناف العمليات العسكرية على غزة، وخاصة مع اتجاه بعض وزراء اليمين إلى ابتزاز نتنياهو بورقة الانسحاب من الحكومة، في مقابل حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي على البقاء لأطول فترة ممكنة في السلطة.

وأضاف الحرازين لـ«الشرق الأوسط» أن المشاورات الجارية في الدوحة تسعى إلى تقديم مخرج من الأزمة، وتفويت فرصة تجدد القصف المدمر لغزة، إضافة إلى طرح أفكار تحقق لطرفي الصراع بعضا من أهدافهم حتى يمكن قبولها، وبالتالي الانتقال لمرحلة أبعد وهي طرح وقف ممتد لإطلاق النار، إلا أنه لم يستبعد في الوقت ذاته أن تسفر ضغوط الجناح الأكثر تطرفاً في الحكومة الإسرائيلية عن استئناف القتال والقصف في جنوب غزة، متوقعاً أن يكون أقل حدة مما شهده شمال ووسط القطاع في مرحلة ما قبل الهدنة، وأن يتخذ شكل ضربات مركزة، مراعاة للضوابط الأميركية التي أبلغتها لإسرائيل لتجنب تكرار القصف المدمر والاستهداف الوحشي للمدنيين.


طاولة يمنية - أممية لإعادة توجيه الدعم نحو التنمية المستدامة

طاولة مستديرة يمنية - أممية في عدن لرسم مسار التحول الإغاثي (سبأ)
طاولة مستديرة يمنية - أممية في عدن لرسم مسار التحول الإغاثي (سبأ)
TT

طاولة يمنية - أممية لإعادة توجيه الدعم نحو التنمية المستدامة

طاولة مستديرة يمنية - أممية في عدن لرسم مسار التحول الإغاثي (سبأ)
طاولة مستديرة يمنية - أممية في عدن لرسم مسار التحول الإغاثي (سبأ)

في سياق التحضير لوضع خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2024، عقدت الحكومة اليمنية طاولة مستديرة في العاصمة المؤقتة عدن، مع الوكالات الأممية، أملا في إعادة توجيه الدعم الإغاثي نحو التنمية المستدامة.

وتطمح الحكومة اليمنية إلى أن يتحول الدور الإنساني للأمم المتحدة ليصبح أكثر فاعلية وكفاءة، لا سيما في المناطق المحررة، بما في ذلك السعي لنقل مقار الوكالات والمنظمات الدولية إلى عدن بعيدا عن تسلط الجماعة الحوثية في صنعاء.

تعاني الوكالات الأممية من تسلط الجماعة الحوثية في مناطق سيطرتها (أ.ف.ب)

الطاولة المستديرة اليمنية - الأممية انعقدت يومي الثلاثاء والأربعاء، وحضر الافتتاح رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك ومسؤولون أمميون وحكوميون، حيث ناقشت الجلسات عددا من أوراق العمل ذات الصلة برؤية القطاعات الوطنية من المشاريع والتدخلات والمساعدات التنموية والإنسانية، وأبرز التحديات والإنجازات المحققة خلال عام 2023، وسبل التعاون بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة لتنسيق التدخلات الإنسانية والتنموية لعام 2024.

رسم مسار التحول

وأكد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك في افتتاح أعمال الطاولة المستديرة، حاجة اليمنيين إلى رسم مسار التحول التنموي بدلا من الاعتماد على الدعم الإغاثي، باعتبار أن التنمية المستدامة هي الأساس لتجاوز الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون.

وفي حين أشار عبد الملك إلى أن بلاده فقدت منذ الانقلاب الحوثي نصف ناتجها القومي الإجمالي مع تدني مؤشرات النمو الاقتصادي إلى أقل مستوى لها، تطرق إلى جهود حكومته وشركائها للحفاظ على الحد المقبول من القدرات المعيشية لليمنيين واستدامة الخدمات، والعمل وفق الإمكانات المتاحة لتحقيق ذلك.

واتهم رئيس الوزراء اليمني الحوثيين برفض تحقيق السلام ابتداء من مشاورات جنيف والكويت، وأعاد التذكير بهجماتهم على موانئ تصدير النفط والتي أفقدت بلاده قرابة 51 في المائة من الإيرادات مقارنة بالعام الماضي، إلى جانب انخفاض إيرادات الضرائب والجمارك للسفن التي أجبرت على التوجه إلى الحديدة التي تسيطر عليها الجماعة وتنهب إيراداتها دون اكتراث بمعاناة المواطنين في مناطق سيطرتها.

وأكد أن حكومته لم تتوقف عن تبني وتنفيذ سياسات إصلاحية بدعم تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لإعادة هيكلة الموازنة العامة وترشيد النفقات وتطبيق إصلاحات مالية وضريبية والعمل مع المانحين والقطاع الخاص للحفاظ على القدرات في زمن الحرب.

أكد رئيس الحكومة اليمنية أن الأولوية لوقف تدهور الاقتصاد (سبأ)

وقال: «هذه السياسات الإصلاحية ساعدتنا في استدامة دفع الرواتب والحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية وتعزيز قدرات الصمود لليمنيين، رغم تطلعنا إلى تحقيق ما هو أكبر من ذلك».

وشدد رئيس الوزراء اليمني على أهمية مناقشة تعزيز قدرات المؤسسات الحكومية والدولة، بالشراكة مع الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها، من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإلى أهمية الحديث بكل صراحة وشفافية في كثير من الأمور للانتقال بهذا العمل إلى مرحلة أفضل.

وأوضح عبد الملك أن أولويات حكومته تتمثل في الحفاظ على الاستقرار وعدم الانهيار وتآكل القدرة الشرائية، والحفاظ على القدر الأدنى من الخدمات، وضمان الكهرباء والمياه.

وأضاف «هذه الأمور من المسلمات في دول نامية، لكن اليمن يعيش أزمة وصراعاً كبيراً، وتحاول الحكومة جاهدة الحفاظ على مستويات العيش والصحة والتعليم بحدودها الدنيا على الأقل حتى يستطيع ويتطلع اليمنيون لتنمية حقيقية بعد انتهاء الحرب».

دعوة لتجاوز التحديات

من جهته، أشار وزير التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة اليمنية واعد باذيب، إلى أهمية عقد الحوار رفيع المستوى حول أولويات الحكومة ومراجعة منتصف المدة لإطار الأمم المتحدة للتعاون في مجال التنمية المستدامة مع الحكومة، وأهمية المضي في تنفيذ هذا الإطار الذي بدأ في عام 2022 بالتنسيق والتكامل مع خطة الاستجابة الإنسانية لليمن ومبادرات السلام الجارية.

وقال باذيب إن «الإطار الأممي يواجه تحديات كبيرة، تتعلق بشكل رئيسي بالنزاع القائم واستهداف مصادر الدخل وأهمها منصات النفط، وارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة الأزمة الأوكرانية والعواقب الاقتصادية لجائحة (كوفيد - 19) والكوارث الناتجة للتغيرات المناخية، والتي أدت بدورها إلى تدهور الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي، وانتشار الأوبئة والأمراض والجوع، ونقص الموارد والتمويل، وضعف القدرات والتنسيق والمتابعة بين أصحاب المصلحة».

تشديد يمني على أهمية مراجعة طبيعة التدخلات الأممية (سبأ)

وشدّد الوزير اليمني على أهمية الالتزام بمبادئ ومعايير الأمم المتحدة في تنفيذ الإطار، والتكيف والتحديث بناء على التغيرات والتطورات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية في اليمن، وبناء على الاحتياجات والتوقعات والأولويات الوطنية، مقترحاً إجراء مراجعة شاملة للإطار بمشاركة جميع الشركاء ذوي الصلة، وتقديم توصيات لتحسينه وتحديثه وتمديده لسنة أخرى.

ودعا وزير التخطيط باذيب الشركاء الدوليين والمانحين لزيادة مستوى التزاماتهم ومساهماتهم المالية والفنية لدعم تنفيذ الإطار وتحقيق أهدافه، وكذا إنشاء أو تفعيل آليات ومنصات مشتركة للتشاور والتخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم والتقارير والتعلم، وعقد اجتماعات دورية لمراجعة التقدم وحل المشكلات وتبادل الخبرات والمعلومات والأفضل الممارسات فيما يخص هذا الإطار.


حراك أوروبي داعم للحكومة اليمنية وجهود إحلال السلام

وزير الخارجية اليمني يلتقي السفراء الأوروبيين في عدن (سبأ)
وزير الخارجية اليمني يلتقي السفراء الأوروبيين في عدن (سبأ)
TT

حراك أوروبي داعم للحكومة اليمنية وجهود إحلال السلام

وزير الخارجية اليمني يلتقي السفراء الأوروبيين في عدن (سبأ)
وزير الخارجية اليمني يلتقي السفراء الأوروبيين في عدن (سبأ)

ذكرت مصادر عاملة في قطاع الإغاثة في اليمن أن الولايات المتحدة الأميركية تتجه لوقف تمويل أي أنشطة للمنظمات الأممية أو الدولية في مناطق سيطرة الحوثيين ردا على المضايقات التي يتعرض لها العاملون هناك والتدخلات المتزايدة للجماعة في العمل الإغاثي.

يأتي هذا الموقف في وقت كثفت فيه الدول الأوروبية من تحركاتها الداعمة للحكومة اليمنية الشرعية والإصلاحات المالية والاقتصادية التي تتخذها مع تأكيد دعمها الراسخ للجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن من أجل التوصل إلى تسوية سياسية عادلة.

فرض الحوثيون قيوداً مشددة على عمل المنظمات الإغاثية واعتقلوا عاملين فيها (إعلام حكومي يمني)

ووفق ما ذكرته أربعة مصادر تعمل في المجال الإغاثي في صنعاء وعدن لـ«الشرق الأوسط» فإن الولايات المتحدة وردا على المضايقات التي تتعرض لها المنظمات الإغاثية والعاملون فيها في مناطق سيطرة الحوثيين والتدخل في أعمال الإغاثة والسعي لتحويلها لصالح الجماعة ومقاتليها تتجه إلى وقف أي تمويل للأنشطة في هذه المناطق مع حلول العام الجديد، حيث يدرس كثير من المنظمات الدولية بجدية مسألة نقل مقارها المركزية إلى عدن العاصمة اليمنية المؤقتة أو إلى المركز الإقليمي في الأردن.

ووفق هذه المصادر فإن المنظمات الإغاثية ستعلن قريبا عن تخفيضات كبيرة في المساعدات التي تقدم في مناطق سيطرة الحوثيين ضمن التوجه العام والهادف إلى إرغام الجماعة على إزالة كل القيود المفروضة على أنشطة المنظمات الإنسانية والعاملين فيها، وإجبارها على إطلاق سراح المعتقلين منهم وإجراء تحقيق مستقل في واقعة وفاة مسؤول الأمن والسلامة في منظمة «إنقاذ الطفولة» الدولية هشام الحكيمي الذي فارق الحياة في السجن، وتتهم الجماعة بتعذيبه حتى الموت.

وفي سياق الدعم الدولي للحكومة الشرعية في اليمن اختتم سفراء الاتحاد الأوروبي زيارة إلى العاصمة المؤقتة عدن بحثوا خلالها مع الحكومة جهود إحلال السلام ودعم الإصلاحات الحكومية في الجوانب المالية والاقتصادية، وأكدوا عزمهم عقد اجتماعات دورية هناك لتأكيد هذا الدعم ومساندة جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سلمي للصراع واستعادة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد الذي دمرته الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

دعم أوروبي لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة (الخارجية اليمنية)

والتقى الفريق الدبلوماسي الأوروبي الذي ضم سفير الاتحاد الأوروبي غابرييل مونويرا فينيالس، وسفيرة فرنسا كاثرين كورم - كمون، وسفير ألمانيا هيوبرت ياغر وسفيرة هولندا جانيت سبين، رئيس الوزراء معين عبد الملك، ووزير الخارجية أحمد بن مبارك، ومحافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي، ومسؤولين بارزين من وزارتي الدفاع والداخلية.

وأعاد السفراء التأكيد - وفق بلاغ وزعته سفارة الاتحاد في اليمن- على دعم الاتحاد الأوروبي لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة؛ إذ يواصلان الانخراط البناء في جهود السلام الجارية.

كما أثنى السفراء على العمل الذي تقوم به الحكومة والهادف إلى زيادة الإيرادات واستقرار الاقتصاد، ومواصلة تنفيذ الإصلاحات، وتحسين تقديم الخدمات «في ظل ظروف بالغة الصعوبة» وفي سياق إقليمي معقد جدا. وشددوا على أهمية ضمان وجود بيئة تشغيلية مواتية للفاعلين الإنسانيين والتنمويين الذين يساعدون اليمنيين.

محافظ البنك المركزي اليمني مجتمعاً مع السفراء الأوروبيين (سبأ)

وأجرى السفراء الأوروبيون خلال وجودهم في عدن نقاشات مع قطاع الأعمال التجارية في المدينة، واطلعوا على التحديات «الهائلة» التي يواجهها هذا القطاع، وأكدوا على الدعم للدور المحوري الذي يلعبه القطاع الخاص في بناء يمن مزدهر ومستقر. كما جدد رؤساء البعثات الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي دعمهم الراسخ للعمل الذي يقوم بم المبعوث الخاص للأمم المتحدة نحو تسوية سياسية عادلة وشاملة في اليمن.

وكان وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني أحمد بن مبارك، التقى رؤساء هذه البعثات لمناقشة القضايا المهمة على الساحة اليمنية والتطورات على الساحة الإقليمية. حيث تناول اللقاء مستجدات الوساطة التي تقودها السعودية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب واستئناف عملية سياسية شاملة برعاية الأمم المتحدة.

واستعرض الوزير اليمني - وفق المصادر الرسمية - مستجدات الوضع الاقتصادي والإنساني في بلاده ودور المنظمات الدولية ومجتمع المانحين لإعادة النظر في العمل الإغاثي والانتقال إلى مرحلة الدعم التنموي ومشاريع الاستدامة.

وأكد بن مبارك على أهمية تقوية مؤسسات الدولة لتحمل مسؤوليتها في مواجهة التحديات الاقتصادية، وطالب بضرورة تحويل المساعدات والمنح الاقتصادية عبر البنك المركزي في عدن بما يسهم في تعزيز قيمة العملة الوطنية.

السفراء الأوروبيون يجتمعون في عدن مع نائب رئيس الأركان (سبأ)

وجدد وزير الخارجية اليمني التأكيد على موقف الحكومة الرافض لأعمال القرصنة البحرية التي ينفذها الحوثيون «بتوجيه من النظام الإيراني»، مشيرا إلى أن الحادث الأخير لا يمت للقضية الفلسطينية بصلة وهو امتداد لتلك الأعمال «الإرهابية» التي شنها الحوثيون منذ سنوات بوصفها نتيجة مباشرة لسيطرتهم على موانئ الحديدة، للعبث بأمن المنطقة وتهديد أمن الملاحة الدولية.

ووفق المصادر الرسمية اليمنية أكد رؤساء البعثات الأوروبية على موقفهم الداعم لجهود إحلال السلام، وتحقيق تسوية سياسية تضمن استقرار وأمن اليمن والمنطقة، وتسهم في تخفيف معاناة سكانه.


الرئاسة العراقية تنفي انتساب متهم بأعمال «دعارة واتجار بالبشر» لقوة حمايتها

الرئاسة العراقية تنفي انتماء منتحل صفة إليها (إكس)
الرئاسة العراقية تنفي انتماء منتحل صفة إليها (إكس)
TT

الرئاسة العراقية تنفي انتساب متهم بأعمال «دعارة واتجار بالبشر» لقوة حمايتها

الرئاسة العراقية تنفي انتماء منتحل صفة إليها (إكس)
الرئاسة العراقية تنفي انتماء منتحل صفة إليها (إكس)

في آخر سلسلة عمليات «انتحال الصفة» المنتشرة في العراق، اضطرت رئاسة الجمهورية، الأربعاء، إلى إصدار بيان تنفي فيه شائعات تحدثت عن انتساب متهم بأعمال «دعارة واتجار بالبشر» إلى أحد الألوية العسكرية المكلفة بحماية رئاسة الجمهورية.

فـ«انتحال صفة» ضابط كبير في أحد الأجهزة الأمنية، أو صفة مقرب من مسؤول رفيع في الدولة، سلوك شائع رغم عمليات الملاحقة وإلقاء القبض التي تنفذها الجهات الأمنية ضد المتورطين في هكذا نوع من الأعمال.

ويلجأ المحتالون إلى هذه الأساليب غالباً لتحقيق أهداف تتعلق بالحصول على الثروة والأموال أو لتمشية مصالح خاصة لا يمكن تمشيتها بالطرق القانونية الطبيعية.

ويعمد هذا النوع من الأشخاص إلى ذلك، بالنظر لمعرفتهم الأكيدة بالسطوة التي يمكن أن تمارسها الرتب العسكرية والمناصب الحكومية على الأشخاص والموظفين العاديين.

وقال مستشار عسكري لرئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، في بيان: «تداولت مواقع إخبارية وبعض منصات التواصل الاجتماعي خبراً بشأن إلقاء القبض على ضابط ادعت أنه ينتسب إلى اللواء الرئاسي الثاني المكلف بحماية رئاسة الجمهورية».

وأضاف: «ننفي ما ورد بشأن انتساب المدعو (محمد مصطفى) إلى اللواءين الرئاسيين بصورة مطلقة، ونؤكد أنه لا يوجد ضابط يحمل هذا الاسم في اللواءين». وتابع المستشار العسكري أن «المدعو كان يحمل هويات مزورة، وقد سبق أن أحيل للجهات المختصة وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، كما أن الفيديو المنشور يعود إلى فترة سابقة وليس جديداً»، في إشارة إلى فيديو متداول قام المتهم فيه بابتلاع هوية (باج تعريف) في محاولة على ما يبدو لإتلاف دليل إدانته.

وأعرب المستشار عن استغرابه من «إلصاق اسم هذا الشخص بأحد لواءي رئاسة الجمهورية»، مشدداً على «ضرورة التأكد من صحة الأخبار من مصادرها الموثوقة قبل النشر، والالتزام بالمعايير المهنية وتحري المصداقية في نقل الأخبار».

وكانت بعض المنصات والمواقع الخبرية المقربة من «الفصائل المسلحة» قد أشارت إلى إلصاق اسم المتهم بالسياسي الكردي وعضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان، بالنظر للانتقادات التي يوجهها الأخير للفصائل المسلحة، لكنه سخر من تلك الاتهامات ونفى صلته بالمتهم جملة وتفصيلاً.

وتقول بعض المنصات إن المتهم يدير أعمال دعارة وعمليات اتجار بالبشر في فندق يملكه بشارع السعدون وسط بغداد.

وكان جهاز الأمن الوطني قد أعلن، في وقت سابق من هذا الشهر، اعتقال منتحل صفة معاون مدير مكتب رئيس الوزراء، بعد مطاردة في بغداد. وقال، في بيان، إن «المتهم انتحل صفة أقارب رئيس الوزراء والأمين العام لمجلس الوزراء، من خلال عمله بصفة موظف في وزارة الموارد المائية».

ومنتصف أكتوبر (كانون الأول) الماضي، كشف جهاز الأمن الوطني أيضاً عن تمكنه من الإطاحة بـ16 متهماً بانتحال الصفة، ومن «أبرزهم منتحل صفة نائب مدير مكتب رئيس الوزراء، وآخر انتحل صفة مستشار قانوني في رئاسة الوزراء».

وذكر الجهاز، في بيان وقتذاك، أن «عمليات القبض جرت على مدى شهرين وشملت محافظات بغداد والبصرة ونينوى والأنبار وبابل وكربلاء والنجف، وفقاً لمذكرات قبض قضائية».


بلينكن: سأعمل في إسرائيل على تمديد الهدنة لتحرير مزيد من الرهائن

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن: سأعمل في إسرائيل على تمديد الهدنة لتحرير مزيد من الرهائن

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الثلاثاء إنه سيعمل مع الإسرائيليين خلال زيارة إلى إسرائيل في الأيام المقبلة لتحديد ما إذا كان من الممكن تمديد وقف إطلاق النار المؤقت الذي تم تطبيقه وسمح بالإفراج عن رهائن احتجزتهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وبحسب «رويترز»، قال بلينكن في مؤتمر صحافي في بروكسل عقب اجتماع لحلف شمال الأطلسي، إن استمرار الهدنة سيعني إطلاق سراح المزيد من الرهائن ودخول المزيد من المساعدات إلى غزة. وقال: «من الواضح أن هذا شيء نريده، وأعتقد أنه شيء تريده إسرائيل أيضا».

وتابع بلينكن: «نعمل على ذلك كل يوم، وأتوقع أن أطرح ذلك غدا مع الحكومة حينما أكون في إسرائيل».

وتتفاوض إسرائيل و«حماس» عبر وسطاء اليوم الأربعاء على تمديد هدنة مستمرة منذ ستة أيام شهدت إفراج «حماس» عن 60 امرأة وقاصرا إسرائيليا من بين 240 رهينة تحتجزهم منذ شن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وفي المقابل أفرجت إسرائيل عن 180 محتجزا أمنيا جميعهم من النساء والقُصَّر.

وقال بلينكن الذي سيزور الأردن والإمارات أيضا هذا الأسبوع إنه سيجري محادثات حول مستقبل غزة وحل مستقبلي للصراع بإقامة دولتين.


الأمم المتحدة تدعو لتحرك «لا رجعة فيه» نحو حل الدولتين

الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين (أ.ب)
الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تدعو لتحرك «لا رجعة فيه» نحو حل الدولتين

الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين (أ.ب)
الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين (أ.ب)

دعت الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، المجتمع الدولي إلى التحرك نحو حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قائلة إن القدس يجب أن تكون عاصمة للدولتين.

وبحسب «رويترز»، قالت تاتيانا فالوفايا المديرة العامة لمكتب الأمم المتحدة في جنيف في كلمة كتبها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «مضى وقت طويل منذ كان علينا التحرك بطريقة حازمة ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين، على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي». وأضافت أن هذا يعني «تعايش إسرائيل وفلسطين جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع أن تصبح القدس عاصمة للدولتين».

وتتزامن هذه التعليقات مع يوم الأمم المتحدة العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي تحتفل به سنويا. ويحيي اليوم ذكرى موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وجعل القدس تحت الحكم الدولي.

وتزايدت الدعوات لحل الدولتين في أعقاب الهجمات على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) التي قتل فيها مسلحون من حركة حماس 1200 شخص واحتجزوا 240 رهينة. وأدى الهجوم إلى قصف إسرائيلي عنيف وهجوم بري على غزة التي تحكمها حماس، ما أسفر عن مقتل أكثر من 15 ألفا وفقا لبيانات السلطات الصحية الفلسطينية في القطاع المكتظ بالسكان.

ومن شأن اتفاق الدولتين أن ينشئ دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل. وتقول إسرائيل إن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح حتى لا تهدد أمنها.

ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم. وتقول إسرائيل إن القدس يجب أن تظل عاصمتها «الأبدية غير القابلة للتقسيم».

وقال إبراهيم خريشة، المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة في جنيف، إن الصراع الحالي كان بمثابة نداء استيقاظ للمجتمع الدولي لدعم حل الدولتين. وأضاف أن «حل الدولتين صعب بعد الاستيطان الإسرائيلي وتقليص الأراضي، لكنه لا يزال ممكنا إذا توافرت الإرادة». وتابع: «هذه هي اللحظة المناسبة، وهذا أمر جيد لإسرائيل بالمناسبة، إذا لم يقبلوا الفكرة، فسيكون الأوان قد فات بالنسبة لهم، وليس بالنسبة لنا».


مصر تطالب بوقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار في غزة

فلسطينيون يخبزون إلى جوار منازلهم المدمَّرة في قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار المؤقت بين «حماس» وإسرائيل (أ.ب)
فلسطينيون يخبزون إلى جوار منازلهم المدمَّرة في قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار المؤقت بين «حماس» وإسرائيل (أ.ب)
TT

مصر تطالب بوقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار في غزة

فلسطينيون يخبزون إلى جوار منازلهم المدمَّرة في قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار المؤقت بين «حماس» وإسرائيل (أ.ب)
فلسطينيون يخبزون إلى جوار منازلهم المدمَّرة في قطاع غزة خلال وقف إطلاق النار المؤقت بين «حماس» وإسرائيل (أ.ب)

طالبت مصر اليوم (الأربعاء)، بالوقف الدائم وغير المشروط لإطلاق النار في قطاع غزة حقناً لدماء الأبرياء، وتوفير المساعدات الإغاثية والإنسانية اللازمة بشكل كافٍ ومستدام للتعامل مع المأساة الإنسانية غير المسبوقة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر، في بيان نشرته اليوم وزارة الخارجية على صفحتها بموقع «فيسبوك» بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، المجتمع الدولي إلى «التحرك الجاد والحازم لوقف الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وكامل الأرض الفلسطينية المُحتلة، ورفع الظلم والمعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني».

وأكدت مصر «حكومة وشعباً، من واقع مسؤوليتها التاريخية وتضامنها العروبي والتزامها الدائم بالشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، دعمها الدائم وغير المحدود للشعب الفلسطيني في الدفاع عن قضيته بوصفها القضية الأولى للأمة العربية».

وشددت على أن «ثوابت الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية لم ولن تتغير، وأن التزامها بمسؤوليتها إزاء القضية الفلسطينية التزام أصيل، تبذل في سبيله كل غالٍ ونفيس حتى ينال الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة».

وأشارت مصر إلى أن «الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا من خلال تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ومقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وهو الأمر الذي يقتضي تكاتف المجتمع الدولي بكل جدية لإنفاذ حل الدولتين وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة المتواصلة الأراضي على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».

وتُذكِّر مصر «المجتمع الدولي في هذا اليوم، بشعب صامد يعاني منذ أكثر من سبعين عاماً ويلات الاحتلال والقتل والقمع والعزلة، يستحق أن تتكاتف معه جميع دول العالم وشعوبها في هذه اللحظات الدقيقة، وأن يقف المجتمع الدولي داعماً له في مطالبه العادلة والمشروعة، وحقه في إقامة دولته المستقلة».


لا سلوى في الهدنة لنازحي غزة

عاد أهل غزة إلى بيوتهم التي تحولت إلى كومة من الأنقاض (أ.ب)
عاد أهل غزة إلى بيوتهم التي تحولت إلى كومة من الأنقاض (أ.ب)
TT

لا سلوى في الهدنة لنازحي غزة

عاد أهل غزة إلى بيوتهم التي تحولت إلى كومة من الأنقاض (أ.ب)
عاد أهل غزة إلى بيوتهم التي تحولت إلى كومة من الأنقاض (أ.ب)

يواجه سكان غزة صعوبات شديدة لتدبير حياتهم اليومية رغم توقف صوت المدافع والطائرات الحربية بعد الهدنة المؤقتة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.

ووفق تقرير لـ«رويترز»، ينقل النازحون من سكان غزة عبوات ثقيلة من المياه عبر شوارع موحلة، ويبحثون وسط الأنقاض عن ملابس، ويعتصرهم الألم والحزن على ذويهم الذين فقدوهم، ويتحسرون على المنازل التي دكها القصف الإسرائيلي.

وفي محطة مياه في خان يونس بجنوب قطاع غزة، الثلاثاء، ملأ أشخاص حاويات بلاستيكية ونقلوها إلى منازلهم أو ملاجئهم باستخدام عربات تجرها الحمير أو يجرونها هم أنفسهم بقوة سواعدهم أو بالدراجات، وعربات تسوق، وعربات يدوية أو حتى باستخدام كرسي متحرك.

وقال رامي الرزق، النازح مع عائلته من منزلهم في مدينة غزة، إنهم يجدون مشقة شديدة كل يوم للحصول على المياه منذ خروجهم من ديارهم وحتى الآن حتى بعد وقف إطلاق النار.

والآن، وقد دخل وقف القتال بين إسرائيل و«حماس» يومه الخامس، سُمح لعدد كبير من شاحنات المساعدات بالدخول إلى غزة من مصر، لكن الاحتياجات الإنسانية هائلة جداً لدرجة أن كثيرين من سكان غزة لم يشعروا بتأثير يذكر.

وقال معاذ حمدان الذي كان ينتظر في محطة مياه إنه لا فارق بين هدنة أو لا هدنة، فما زالوا بلا كهرباء ولا ماء ولا أي شيء من ضروريات الحياة الأساسية.

وأمطرت السماء، وتقاطر سيل من الصغار والكبار عبر الوحل وبرك المياه إلى محطة المياه. وكان البحث عن الماء هو النشاط الرئيسي الذي يمكن رؤيته في الشوارع.

وفي منطقة أخرى في خان يونس، عادت مريم أبو رجيلة إلى منزلها، الذي حولته غارة جوية إسرائيلية إلى أنقاض، للبحث عن ملابس لأطفالها. وتلجأ الأسرة الآن مع عدد كبير آخر من الأشخاص في غرفة دراسية في إحدى المدارس.

وقالت مريم إن الحرب خربت منزلها وعصفت بأحلامها. وأضافت أن هدنة الأيام الأربعة قصيرة جداً وأنهم يتحسرون على أنفسهم ثم يعودون أدراجهم.

ذكريات مؤلمة

في منطقة أخرى من البلدة، سار ياسر أبو شمالة فوق كومة من الأنقاض كانت ذات يوم بيته الذي يسكنه مع أقارب قال إن أكثر من 30 منهم قتلوا، ومنهم والداه وأخواته وإخوته وبنات وأبناء إخوته وأبناء عمومته.

ومضى يقول إنه عاد إلى هنا لأن ابن عمه ما زال تحت الأنقاض، ولم يتمكن أحد من إخراجه، وأيضاً ليستعيد الذكريات المؤلمة.

وذكر أبو شمالة أنه نجا لأنه يعيش هو وزوجته وأطفالهما الخمسة في مبنى آخر. وعكف يلتقط كتلاً من الأنقاض ويلقيها جانباً، فظهرت دمية أطفال ممزقة بين الأنقاض.

وقال إنه يريد استنقاذ ما في المنزل من أدوات، لكنه يعجز عن التنقيب وسط الأنقاض؛ لأن هذا يتطلب معدات وآلات لا تتوافر معه.

وتساءل عن نفع الهدنة إذا لم يتمكنوا من رفع الأنقاض، والبحث عن جميع المفقودين، وتكريم الموتى منهم بالدفن.

واندلعت الحرب بعد هجوم لـ«حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) تمخض عن مقتل 1200 شخص واقتياد 240 رهينة إلى غزة، وفقاً للأرقام الإسرائيلية.

وردت إسرائيل بقصف جوي وتوغل بري على غزة أودى بحياة أكثر من 15 ألف شخص، نحو 40 بالمائة منهم أطفال، وفقاً لمسؤولي الصحة في غزة.

وقال أحمد النجار، وهو أحد سكان خان يونس، إن هدنة الأيام الأربعة لن تكفي لتسكين الألم حتى إن كانت 40 يوماً أو 4 سنوات.


الحوثيون يعتقلون موالين لهم بتهمة سرقة إمدادات الجبهات

عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

الحوثيون يعتقلون موالين لهم بتهمة سرقة إمدادات الجبهات

عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

لم تكتفِ الجماعة الحوثية بارتكابها جرائم خطف واعتقال المدنيين بمناطق سيطرتها؛ بل وسّعت ذلك ليشمل مئات المقربين منها، بينهم عناصر أوكلت إليهم مهام الإشراف المباشر على توزيع وإيصال مختلف الإمدادات لمقاتليها في الجبهات.

وفي هذا السياق، أفادت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، بأن أجهزة الجماعة الأمنية شنت حملات تعقب وملاحقة طالت بالخطف والاعتقال عناصر ومشرفين تابعين للجماعة في مناطق متفرقة في صنعاء ومحافظة إب، بعد أن وجهت لهم تهماً بالسطو على إمدادات غذائية كانت مخصصة للجبهات.

قيادات حوثية تزور مراكز اعتقال في محافظة إب اليمنية (فيسبوك)

وفي حين أكدت المصادر اعتقال الجماعة وإخفاءها القسري أكثر من 450 مشرفاً وعنصراً يعملون في توزيع وإيصال الإمدادات للجبهات، طالب عدد من أقارب المعتقلين في صنعاء وإب بالكشف عن مصير ذويهم.

شكاوى أقارب المعتقلين

شكَت 4 أسر يمنية في أحياء السنينة ودار سلم في العاصمة المختطفة صنعاء، وفي العدين، وجبلة بمحافظة إب، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار اعتقال الجماعة الحوثية أقارب لهم بتهم ملفقة، من بينها السطو على الإمدادات.

وأوضحت أسرة معتقل من مديرية العدين في إب أن ابنها المكنّى «أبو كنان» لا يزال معتقلاً منذ نحو عامين في سجن خاضع للحوثيين بمدينة إب عاصمة المحافظة؛ حيث تم اعتقاله عقب حملة أمنية أسفرت عن اختطافه من أمام منزله بمنطقة عردن بضواحي المدينة.

وأبدت الأسرة ندمها لترك ابنها البالغ من العمر 32 عاماً لكي يلتحق بصفوف الجماعة؛ حيث تعرض في أوقات سابقة لإصابات خلال مشاركته في معارك الجماعة، وصولاً إلى توليه مهمة إيصال الإمدادات إلى جبهات الجماعة بمحافظة الضالع.

ويؤكد «جمال» -وهو اسم مستعار لأحد أقارب مخطوف آخر في سجون الجماعة في إب- لـ«الشرق الأوسط»، تجاهل قادة الجماعة بالمحافظة المناشدات المتكررة للإفراج عنه؛ حيث بررت ذلك التجاهل بزعم إخضاعه «للتأديب» حتى ينال جزاءه جراء مصادرته كميات من الإمدادات المخصصة للجبهات.

شابان يمنيان على متن دراجة نارية في أحد شوارع إب اليمنية (الشرق الأوسط)

وحمّل «جمال» زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي، وعدداً من قادته كامل المسؤولية عن جريمة إخفاء قريبه، وعلى رأس المسؤولين القيادي هادي محمد الكحلاني المنتحل لصفة مدير أمن إب، وهو الحارس الشخصي السابق لزعيم الجماعة، إضافة إلى حميد الرازحي المعين بمنصب نائب مدير أمن إب، والقياديين يوسف القاسمي وعبد الباري الطالبي المسؤولين عن إدارة معظم السجون الحوثية.

وتساءل بالقول: «كيف يمكن لهذه الجماعة التي نهبت مؤسسات الدولة وسرقت الطعام من أفواه الجائعين، وحرمت الموظفين من رواتبهم، وأجبرت السكان على دفع الإتاوات، أن توجه اليوم اتهاماتها للغير بالسطو والسرقة».

وتستمر الجماعة الحوثية في استخدام آلاف المدنيين بمناطق سيطرتها كضحايا مغرر بهم، للانضمام إلى صفوفها والالتحاق بالقتال في جبهاتها، ثم تقوم بعد ذلك بالاستغناء عنهم، إما بتصفيتهم وإما بالزج بهم في سجونها، بناء على حجج وذرائع متعددة.

ومنذ اجتياح الجماعة صنعاء وفرض سيطرتها على محافظة إب، استخدمت سجون مخابراتها كمعتقلات خاصة؛ حيث نقلت إليها مئات المختطفين؛ من سياسيين وإعلاميين وناشطين، واستخدمت فيها شتى صنوف التعذيب الوحشي.

اتهامات بتعذيب السجناء

وثّق تقرير حقوقي يمني حديث نحو 1700 حالة تعذيب تعرض لها معتقلون داخل سجون الجماعة في السنوات الماضية.

وذكرت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» أن فريق الرصد التابع لها تمكن من توثيق أكثر من 1716 حالة تعذيب لمختطفين داخل معتقلات الجماعة، مؤكدة أن أكثر من 421 شخصاً قُتلوا جراء التعذيب الذي تعرضوا له خلال فترة احتجازهم.

أحد الشوارع الفرعية وسط مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)

وقالت الشبكة إنها رصت أخيراً وفاة جندي في الجيش اليمني يدعى محمد أحمد وهبان (21 عاماً) ينحدر من محافظة عمران، بصورة غامضة داخل السجن؛ حيث تم العثور عليه مشنوقاً داخل الزنزانة بالسجن الحربي في صنعاء بعد 3 أعوام من احتجازه.

وجاءت هذه الجريمة بعد عام على إصدار ما تسمى المحكمة العسكرية الابتدائية الخاضعة للجماعة، حكماً في 15 أغسطس (آب) 2022، بإعدام الجندي وهبان رمياً بالرصاص.

ودعت الشبكة «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» والمنظمات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الإنسان، لإجراء تحقيق شفاف في جرائم قتل وتعذيب الأسرى والمختطفين والمحتجزين قسراً في معتقلات الحوثيين.


رابع يمني يفارق الحياة في سجون الحوثيين خلال شهر

تتعرّض اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين لأنواع الانتهاكات كافة (إ.ب.أ)
تتعرّض اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين لأنواع الانتهاكات كافة (إ.ب.أ)
TT

رابع يمني يفارق الحياة في سجون الحوثيين خلال شهر

تتعرّض اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين لأنواع الانتهاكات كافة (إ.ب.أ)
تتعرّض اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين لأنواع الانتهاكات كافة (إ.ب.أ)

فارق الحياة رابع معتقل يمني في سجون الحوثيين؛ نتيجة التعذيب خلال شهر واحد، في حين أكدت الحكومة اليمنية أن الجماعة اعتقلت وأخفت قسراً نحو 1800 امرأة منذ انقلابها على الشرعية، بينهن ناشطات وإعلاميات، وأن المئات منهن لا يزلن في المعتقلات.

ووفق مصادر حقوقية يمنية فإن أحد أفراد الجيش الذي وقع أسيراً في يد الحوثيين، ويدعى ينوف البتينة، فارق الحياة؛ نتيجة التعذيب في أحد السجون في صنعاء بعد 3 سنوات على وقوعه في الأسر خلال المواجهات في غرب محافظة مأرب.

جندي يمني تعرّض للإخفاء 3 أعوام قبل أن يطلب الحوثيون من أسرته تسلُّم جثته (هيئة الأسرى في اليمن)

وظل البتينة - بحسب المصادر- مخفياً قسراً طوال هذه السنوات قبل أن يُطلب من أسرته الحضور لتسلّم جثته، وهو من منتسبي المنطقة العسكرية السابعة، ورفضت المصادر ادعاءات الحوثيين بأن الوفاة كانت طبيعية، واتهمت الجماعة بتعذيبه مثلما حصل مع سجناء سابقين.

في السياق نفسه، دعت «الهيئة اليمنية الوطنية للأسرى والمختطفين»، اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى زيارة سجون الحوثيين، والاطلاع على أوضاع الأسرى والمختطفين المدنيين والناشطين في تلك السجون، واتهمت الحوثيين بممارسة تعذيب ممنهج وتصفية الأسرى. وأكدت أن ذلك يستوجب تشكيل لجنة تحقيق دولية «لإيقاف مثل هذه الجرائم ومحاسبة ومعاقبة مرتكبيها».

المنظمة طالبت مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، بالضغط على الحوثيين لاحترام القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وعلى وجه الخصوص اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب، التي تحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، خصوصاً القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب.

انتهاكات ضد النساء

على صعيد متصل بانتهاكات الحوثيين، أكدت الحكومة اليمنية، على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، أن النساء المغيبات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، يتعرضن لممارسات قمعية وجرائم وانتهاكات ممنهجة منذ عام 2014 منها القتل، والاختطاف، والإخفاء القسري، والتعذيب، والاغتصاب، والتهجير، وسياسات الإفقار والتجويع، إلى جانب القيود التي فُرضت على تحركاتهن.

مطالبة يمنية بتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم التعذيب في سجون الحوثيين (هيئة الأسرى في اليمن)

واتهم الوزير اليمني الحوثيين باختطاف المئات من النساء من منازلهن، ومقار أعمالهن، والشوارع العامة، ونقاط التفتيش، واقتيادتهن للمعتقلات والسجون السرية. وقال إن الجماعة منعت النساء من الوصول لخدمات الصحة الإنجابية تحديداً، التي تحدد النسل، وقيدت حركة المرأة وعملها وحريتها في التنقل بين المحافظات إلا بمحرم (قريب من الذكور).

واستعرض الإرياني نماذج من مأساة اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين، كما حدث مع الفنانة وعارضة الأزياء انتصار الحمادي، والقيادية فاطمة العرولي الخبيرة في حقوق الإنسان، فضلاً عن مأساة أسماء العميسي المخطوفة منذ 2016.

ونقلت المصادر الرسمية عن وزير الإعلام اليمني قوله إن عدد النساء المحتجزات قسراً في معتقلات الحوثيين منذ الانقلاب بلغ نحو 1800 امرأة، بينهن حقوقيات وإعلاميات وصحافيات وناشطات.

وأكد الإرياني أن المئات منهن لا يزلن خلف القضبان، حيث تم توزيعهن بين السجن المركزي في صنعاء ومعتقلات سرية (وفلل، وعمارات، وشقق) استحدثتها الميليشيات الحوثية في العاصمة المختطفة ومحافظات حجة، وصعدة، وذمار، وعمران.

تعذيب المختطفات

وفق تقرير صادر عن «تحالف من أجل السلام في اليمن» ارتكب الحوثيون أكثر من 1893 واقعة اختطاف وتعذيب واغتصاب ضد النساء خلال الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 2017 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2022، من بينها اختطاف 504 نساء إلى السجن المركزي بصنعاء، و204 فتيات قاصرات، و283 حالة إخفاء قسري في سجون سرية. كما أصدروا 193 حكماً غير قانوني بتهمتَي التجسس والخيانة، كما سجل التقرير 4 حالات انتحار وقتل تحت التعذيب؛ بينهن أسماء الجربي، وفاطمة المطري، ومحاولات انتحار فاشلة لعشرات المعتقلات من بينهن نجوين العدوفي، وأمة العظيم العصيمي.

تشارك المرأة اليمنية في مناطق سيطرة الحكومة بفاعلية في الأنشطة السياسية والثقافية كلها (سبأ)

ودعا وزير الإعلام اليمني منظمات حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا المرأة ومناهضة العنف ضد النساء إلى «الاضطلاع بدورها في إيقاف الانتهاكات الحوثية المستمرة بحق النساء اليمنيات، التي تشكّل جرائم حرب وجرائم مرتكبة ضد الإنسانية، وانتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على أشكال التمييز العنصري كافة ضد المرأة».

وطالب الإرياني المجتمع الدولي بممارسة ضغوط حقيقية على ميليشيات الحوثي لإجبارها وبشكل فوري على إطلاق المختطفات والمخفيات قسراً جميعهن في معتقلاتها غير القانونية، واللاتي يعشن أوضاعاً مأساوية جراء ظروف الاعتقال والمعاملة المهينة والقاسية، والحرمان من الرعاية الصحية وأبسط مقومات الحياة.

كما شدد على ضرورة ملاحقة الحوثيين المتورطين في الجرائم والانتهاكات التي طالت النساء اليمنيات، والعمل على إدراج الجماعة وقياداتها ضمن قوائم الإرهاب الدولية.