الحكومة اليمنية: إجراءات الانقلابيين أحادية الجانب تعرقل العملية السياسية

إدانات دولية وعربية ضد هجوم الميليشيات على السفينة الإماراتية

جانب من لقاء المخلافي مع سفير الولايات المتحدة لدى اليمن (سبأ)
جانب من لقاء المخلافي مع سفير الولايات المتحدة لدى اليمن (سبأ)
TT

الحكومة اليمنية: إجراءات الانقلابيين أحادية الجانب تعرقل العملية السياسية

جانب من لقاء المخلافي مع سفير الولايات المتحدة لدى اليمن (سبأ)
جانب من لقاء المخلافي مع سفير الولايات المتحدة لدى اليمن (سبأ)

شهد ملف اليمن السياسي، أمس، ثلاثة أنباء شغلت المسؤولين والمحللين والمراقبين، فمن ردود أفعال تستنكر خطوة الانقلاب الأخيرة بتشكيل حكومة في صنعاء، إلى نفي شائعات حول اجتماعات لإنهاء الأزمة، وتوالي الاستنكار العربي والدولي، إثر الهجوم على سفينة الإغاثة الإماراتية وتهديد الملاحة الدولية.
ففي الرياض، وأثناء لقائه السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر، وصف نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخارجية عبد الملك المخلافي تشكيل حكومة انقلابية في صنعاء بالإجراء التصعيدي «أحادي الجانب»، وقال إن هذه الخطوة تعرقل العملية السياسية.
بينما أوضح مستشار الرئيس اليمني، عبد العزيز المفلحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن إجراء الانقلابيين «يعد إمعانًا في تعطيل عجلة السلام»، وقال إنه إعلان واضح وصريح نحو التوجهات الانفصالية لديهم، وقد تنقل الأمور إلى أزمات أكبر. وأضاف: «كما هو معلوم فإن هذا الفصيل الانقلابي مكونه سلالي طائفي لا يعترف بالآخر وبالتالي يقيم دولته على هذا الأساس.. هذا أمر مرفوض ولن يقبله الشعب اليمني على الإطلاق».
وفي ملف الشائعات الدائرة حول مسألة حل ينهي الأزمة اليمنية بشكل قاطع، شددت رئاسة الوزراء اليمنية أمس، على أن عملية تحرير اليمن لن تتوقف إلا بإذعان التمرد للشرعية والوفاء بجميع الاشتراطات الدولية والإقليمية التي تضمن إعادة الأمور إلى نصابها.
وأكد مصدر في رئاسة مجلس الوزراء اليمني، لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود أي اتفاق سياسي ما دامت الميليشيات الحوثية تحمل سلاح التمرد على الشرعية في اليمن، مشيرًا إلى أن بث إشاعات عن «قرب إنهاء الحرب أو وجود وساطة من أجل توقف العمليات العسكرية ليس إلا محاولة للتغطية على هزائم الانقلاب على أرض اليمن».
وأضاف المصدر بالقول: «لن يكون هناك اتفاق سياسي ما دامت الميليشيات تحمل السلاح وتسيطر على العاصمة صنعاء»، مضيفا أنه إذا أرادت قيادات الانقلاب والمتحالفون معهم سلامًا حقيقًا وعادلاً وشاملاً عليهم تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي «2216» بداية بالانسحاب وتسليم السلاح وعودة السلطة الشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى العاصمة صنعاء.
ونفى مستشاران للرئيس اليمني وجود أي اتفاق نهائي للأزمة، إذ قال المفلحي: «لا صحة لهذه الأنباء مطلقا». بينما نفى نصر طه، مستشار الرئيس اليمني، عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ما جرى تداوله عن اتفاق وشيك لتوقيع اتفاقية لوقف إطلاق النار، قائلا إن هذه الأنباء عارية من الصحة.
وبالانتقال إلى التنديدات اليمنية والدولية حول تهديد الانقلابيين الملاحة الدولية، والهجوم على سفن الإغاثة، أدانت البحرين، أمس الاثنين، بشدة الاعتداء على سفينة الإغاثة المدنية الإماراتية في باب المندب أثناء رحلتها لنقل المساعدات الطبية والإغاثية وإخلاء الجرحى والمصابين المدنيين لاستكمال علاجهم خارج اليمن، ووصف مجلس الوزراء البحريني، في بيان نشرته وكالة الأنباء البحرينية (بنا)، الاعتداء بأنه «إرهابي وخارج على كل الأعراف والمواثيق الدولية».
وأعربت منظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها للعملية الإرهابية التي اقترفتها ميليشيات الحوثيين مستهدفة سفينة مدنية تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة كانت تقوم بنقل المساعدات الإنسانية وإخلاء الجرحى المدنيين اليمنيين لعلاجهم في دولة الإمارات.
وعدت المنظمة هذا الاعتداء عملاً إرهابيًا من شأنه عرقلة حرية التنقل في الممرات الملاحية الدولية الذي تضمنه القوانين والمعاهدات الدولية، ويؤدي إلى وقف إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني، داعية الجهات المعنية إلى محاكمة العناصر الحوثية التي اعتدت على السفينة الإماراتية.
من جهة أخرى، أشادت الأمانة العامة للمنظمة بالجهود الإنسانية والإغاثية التي تقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن.
وقال السفير الأميركي لدى اليمن، إن «الولايات المتحدة تدين وبشدة إقدام الحوثيين وصالح على استهداف السفينة الإماراتية في باب المندب، وإنها تأخذ ذلك الاعتداء على محمل الجد، وإنها ملتزمة بحماية الملاحة البحرية في مضيق باب المندب»، وقال: «على الحوثيين وصالح الكف فورا عن مثل هذه الاعتداءات على الممرات البحرية الدولية»، بينما قال المخلافي إن الاعتداءات المتمثلة باستهداف السفينة الإماراتية الإغاثية تشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين وللممرات الملاحية الدولية ولا يخدم السلام أبدا.
وحذر المستشار المفلحي من أن تصعيد الحوثيين السياسي سيؤثر على جهود السلام: «بل قد ينقل الأمور إلى منحى آخر خصوصا بعد استهداف السفينة الإماراتية الإغاثية في المياه الدولية.. مثل هذا قد يجر المنطقة لأزمات أكبر من ذلك».
وبالعودة إلى المصدر في رئاسة الوزراء اليمنية، فقد شدد على عدم وجود أدنى رغبة لدى الحكومة اليمنية حاليًا في تقديم تنازلات من أجل إيقاف إطلاق النار، ما يعني أن العمليات العسكرية مستمرة، إلى أن يتم تحرير اليمن بشكل تام، أو يتوقف الانقلاب عن اغتصاب السلطة، مبينا أن الحكومة اليمنية قدمت تنازلات كثيرة من أجل السلام ولن تقدم تنازلات أكثر، ولا يمكن أن يكون هناك حل سياسي في اليمن ما دامت ميليشيا الحوثي وصالح تمتلك السلاح.
وتطرق إلى أن أنصار التمرد الحوثي والقوات الموالية لصالح «لا يبحثون عن سلام، بل يبحثون عن شرعنة الانقلاب بأي وسيلة»، مشيرًا إلى وجود قواعد وقرارات لا يمكن التنازل عنها، كما لا يمكن التنازل عن دماء الشهداء التي ضحت من أجل الحرية والديمقراطية والجمهورية.
وكان وزير الخارجية اليمني أجرى مباحثات مع السفير الأميركي في الرياض أمس، وأشار خلالها إلى أن الحكومة اليمنية لا تزال «تعول على دعم المجتمع الدولي الموحد، من أجل التوصل إلى تسوية سياسية بموجب المرجعيات المتفق عليها المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216 (2015)»، مؤكدا حرص الحكومة على السلام، وأنها «تدعم وتتعاطى بشكل إيجابي مع جهود ومبادرات مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد»، وفق ما نشر في وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، في حين جدد سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى اليمن، ماثيو تولر، دعم بلاده للحكومة الشرعية وللعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة ممثلة في مبعوثها إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وأكد تولر أن التوصل إلى حل سلمي وشامل وعودة الشرعية لليمن هو ما يدعمه المجتمع الدولي بكامله.
من ناحيتها، قالت الأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر في بيان لها إن «استهداف الملاحة الدولية المدنية والسفن الإغاثية وقوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية من قبل الحوثيين يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني». وأضافت أن «استهداف آليات أو موظفي ومسعفي العون الإنساني الذين يحملون إشارة الهلال الأحمر أو الصليب الأحمر يشكل سلوكًا منظمًا ومتعمدًا في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني».
وشدد البيان على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني ومبدأ حماية العاملين في مجال الإغاثة وتقديم المساعدات، وفقًا لما نصت عليه القوانين والاتفاقيات الدولية، داعيًا إلى ضمان حماية جميع الموظفين والمتطوعين العاملين في منظمات وجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية المشاركين في المجال الإغاثي والإنساني.
ولفتت الأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر إلى أن استهداف السفينة المدنية في اليمن صدمة للمنظمة العربية ومكوناتها من جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر العاملة في الميدان إلى جانب الهيئات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.