تفكيك نصف طن من المتفجرات يجنب المكلا اليمنية مخاطر كبيرة

العثور على أسطوانات غاز زرعها الإرهابيون داخل سفينة غارقة في أعماق البحر

قوة من خفر السواحل اليمنية أثناء عملية تفكيك المتفجرات في قاع البحر قبالة سواحل المكلا («الشرق الأوسط») - أسطوانات الغاز المعبأة بالمتفجرات التي عثر عليها في قاع البحر قبالة المكلا («الشرق الأوسط»)
قوة من خفر السواحل اليمنية أثناء عملية تفكيك المتفجرات في قاع البحر قبالة سواحل المكلا («الشرق الأوسط») - أسطوانات الغاز المعبأة بالمتفجرات التي عثر عليها في قاع البحر قبالة المكلا («الشرق الأوسط»)
TT

تفكيك نصف طن من المتفجرات يجنب المكلا اليمنية مخاطر كبيرة

قوة من خفر السواحل اليمنية أثناء عملية تفكيك المتفجرات في قاع البحر قبالة سواحل المكلا («الشرق الأوسط») - أسطوانات الغاز المعبأة بالمتفجرات التي عثر عليها في قاع البحر قبالة المكلا («الشرق الأوسط»)
قوة من خفر السواحل اليمنية أثناء عملية تفكيك المتفجرات في قاع البحر قبالة سواحل المكلا («الشرق الأوسط») - أسطوانات الغاز المعبأة بالمتفجرات التي عثر عليها في قاع البحر قبالة المكلا («الشرق الأوسط»)

تمكنت وحدة الهندسة ومكافحة الألغام بمدينة المكلا، في جنوب اليمن، من استخراج ثماني أسطوانات كبيرة ناسفة، تزن الواحدة منها 65 كيلوغراما، وبها أكثر من 520 كيلوغراما من المتفجرات «تي إن تي» و«سي 4»، زرعها تنظيم القاعدة داخل حطام سفينة قديمة غارقة على عمق ستة أمتار ببحر العرب، يطلق عليها السكان المحليون اسم «بقيق»، وتبعد 150 مترًا فقط من شاطئ المدينة. كانت الأسطوانات الناسفة متصلة ببعضها عبر منظومة كهربائية صنعت خصيصًا لأغراض التفجير، وترتبط جميعها بصاعق يتم التحكم به لاسلكيًا عبر جهاز خاص تم وضعه أعلى الأجزاء الظاهرة لحطام السفينة «بقيق» فوق سطح المياه، وهو ما لفت انتباه مرتادي تلك المياه، من صيادين وغواصين اعتادوا الغوص في حطام السفن الغارقة بحثًا عن القشريات أو الأصداف، حيث تم إبلاغ عمليات الجيش، وإرسال وحدة الهندسة ومكافحة الألغام التابعة للبرنامج الوطني لنزع الألغام التي استطاعت نزع أكثر من 1800 طن من المواد شديدة الانفجار، على شكل عبوات ناسفة وألغام وقذائف وصواريخ خلفها تنظيم القاعدة بمدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، خلال فترة سيطرته عليها، وعمل على زرعها في أماكن حساسة واستراتيجية، قبل تحريرها نهاية أبريل (نيسان) الماضي على يد الجيش الوطني اليمني وقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
وقال قائد وحدة الهندسة ومكافحة الألغام العاملة بمدينة المكلا، العميد أبو صالح اليافعي، إنه في حال تم تفجير تلك الأسطوانات من قبل العناصر الإرهابية، فإن البيوت المطلة على الشاطئ، التي تعد مركز المدينة وقلبها التجاري، كانت ستتعرض لدمار شامل، وكذلك قوارب الصيد الراسية في المكان وبميناء المدينة القديم القريب جدًا، وحتى السفن الراسية بالقرب من الميناء التجاري ستتضرر كذلك، ناهيك بالدمار الذي سيصيب الثروة السمكية والشعاب المرجانية التي تكونت منذ عشرات السنين.
ووصف أبو صالح العملية بالناجحة، قائلاً إن وحدته المتخصصة باشرت العمل فور تلقي الأوامر بالنزول إلى مكان البلاغ، حيث بدأت بقطع الأسلاك الواصلة بين جهاز الاتصال الخاص بوحدة التحكم عن بعد والأسطوانات الناسفة، ونزع الصواعق، وإعطاب المنظومة الكهربائية الواصلة بين الأسطوانات الناسفة، كما قامت بتفكيك كل أسطوانة على حدة، ونقلها إلى عرض البحر، على مسافة آمنة من المدينة والسفن وقوارب الصيد. ومن ثم، التخلص منها بطريقة سليمة دون أية أضرار.
وتتلف المنطقة العسكرية اليمنية الثانية أسبوعيًا بمعسكر «الريان» التابع لها، شرق المدينة، كميات كبيرة من المتفجرات التي تجمعها بالتعاون مع وحدة الهندسة ومكافحة الألغام بشكل شبه يومي من أجزاء مختلفة من مديريات ساحل محافظة حضرموت، حيث يسمع دوي انفجارها لمسافة قد تصل إلى أكثر من 30 كيلومترًا.
بدوره، قال مصدر عسكري بقيادة المنطقة العسكرية اليمنية الثانية، لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم الإرهابي عمل على زرع تلك العبوات والمتفجرات في أماكن يصعب الوصول إليها، حيث ركبت وأخفيت بشكل متقن، وكثير منها صنع محليًا بواسطة خبراء التنظيم، بغرض منع قوات الجيش الوطني وقوات التحالف من دخول المدينة، فقد وضعت كميات كبيرة من تلك العبوات والمتفجرات على المداخل الثلاثة للمدينة، إضافة للمدخل الرابع البحري. وأضاف المصدر أن محافظ المحافظة اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك قد استدعى فريقا خاصا من خبراء المتفجرات، إضافة للفريق الموجود من خبراء وفنيي المحافظة، لنزع تلك المتفجرات، وقد نجحوا في عملهم دون وقوع أية إصابات منذ بداية عملياتهم.
كما قال مصدر عسكري بقوات التحالف العربي المتمركزة بمطار الريان الدولي، لـ«الشرق الأوسط»، إن عمليات التحقيق مع عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، والمتورطين معهم، ممن سلموا أنفسهم خلال المهلة التي أعطيت لهم، أو ممن ألقي القبض عليهم، ساعدت بشكل كبير في اكتشاف كثير من مواقع تلك الكمائن التي نصبها التنظيم، وجنب أفراد الجيش والمقاومة الشعبية، أو حتى السكان المحليين، وقوع ضحايا جراء انفجارها.
وأضاف المصدر أن قوات التحالف أطلقت سراح عدد كبير ممن تم التغرير بهم، ودمجهم ضمن عناصر التنظيم، من أبناء المحافظة أو المقيمين بها من أبناء المحافظات الأخرى في أثناء فترة وجود التنظيم بالمدينة، وسيطرته على مرافقها، حتى استطاع إقناع بعض البسطاء من الناس أنه هو الدولة، وأنه سيحكم المدينة إلى ما يشاء هو.
ورغم قصر الفترة الزمنية منذ تحرير المدينة من سيطرة تنظيم القاعدة المتطرف في نهاية أبريل الماضي حتى الآن (5 أشهر)، فإن قوات النخبة الحضرمية التابعة للجيش اليمني الموالي لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي استطاعت فرض الأمن بالمدينة، وإفشال كثير من محاولات زعزعة الأمن، عبر إدخال السيارات المفخخة أو الأسلحة والمتفجرات، أو حتى العناصر المطلوبة أمنيًا، فقد أقامت النقاط الأمنية على مداخل المدينة، وفي الشوارع الرئيسية، ونشطت الدوريات العسكرية والسرية داخلها، كما جندت المئات من أبناء المدينة، سواء ضمن قوات الجيش أو ضمن أجهزة الشرطة.
كما استطاعت السلطات الحكومية بالمدينة إعادة تشكيل أجهزة الشرطة، وتفعيل مراكزها داخل مناطق وأحياء المدينة لضبط الأمن بها، والفصل في نزاعات المواطنين بمساعدة الأجهزة القضائية التي تم تفعيلها هي الأخرى، وإعادة تأهيل المجمع القضائي الخاص بالمدينة من قبل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، بعد أن تم تدميره ونهب محتوياته من قبل التنظيم الذي استخدمه كمقر أمني وسجن له.
كذلك، عملت السلطات الحكومية على إعادة عمل مؤسسات الدولة، وإعادة الخدمات الأساسية للمواطنين بشكل طبيعي، فقد استطاعت تحسين خدمات المياه والصرف الصحي والكهرباء والصحة والطرق، عبر وضع حلول سريعة تخفف من معاناة المواطنين اليومية، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.



إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
TT

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

بدأت إثيوبيا عملية «الملء الخامس» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، بحسب ما أظهرته صور بالأقمار الاصطناعية، وسط ترقّب مصر، التي حذّرت من المساس بما تعتبره «حصتها التاريخية» من مياه النهر الدولي.

وتبني إثيوبيا السد، منذ 2011 بداعي «توليد الكهرباء»، مسببة توترات مع دولتي المصب (مصر والسودان). في حين فشلت جميع الجولات التفاوضية، التي عُقدت بشكل متقطع على السنوات الماضية، في التوصل إلى اتفاق، آخرها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وبحسب خبير الموارد المائية المصري، الدكتور عباس شراقي، فإن إثيوبيا بدأت الأربعاء عملية الملء الخامس، ويستمر التخزين حتى الأسبوع الثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل.

وتوقع شراقي، في تدوينة له، أرفقها بصور للأقمار الاصطناعية، أن تخزّن أديس أبابا خلال الملء الحالي (23 مليار متر مكعب إضافي، ليرتفع منسوب المياه المخزنة خلف السد من 41 مليار متر مكعب (المنسوب الحالي) إلى 64 مليار متر مكعب».

وقال شراقي: «(الملء الخامس) يختلف كثيراً عن التخزينات السابقة، ففي الأعوام الماضية لم يكن يمكن لإثيوبيا أن تفتح بوابات التصريف خلال موسم التخزين بسبب عدم اكتمال بناء السد، وفي الوقت الحالي اكتمل البناء الخرساني، ويمكن لها (إثيوبيا) أن تفتح بوابات التصريف خلال (الملء) لتسمح بمرور جزء من المياه إلى السودان ومصر؛ لذلك القرار بيد أديس أبابا».

بدورها، حذّرت مصر من المساس بحصتها في مياه النيل، وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، إن مصر «ليست ضد أي مشروع تنموي تتم إقامته في أي دولة، وهذه ثوابت الدولة المصرية، لكن لا بد أن يتم ذلك بما لا يؤثر، ولا يضرّ بحصة مصر التاريخية من مياه نهر النيل، وهذا هو الشيء الأهم».

مصطفى مدبولي يحذّر من المساس بحصة مصر في مياه النيل (مجلس الوزراء)

وتعاني مصر عجزاً كبيراً في مواردها المائية، نسبة إلى احتياجاتها الفعلية من المياه، يتم تعويضها بمشروعات التحلية وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي.

وتبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب، في حين أن «استهلاكها الحالي يتجاوز 85 مليار متر مكعب، يتم تعويض الفارق من المياه الجوفية ومشروعات تحلية مياه البحر»، ووفق رئيس الوزراء المصري، الذي أكد أن «هناك تحدياً في توفير احتياجاتنا من المياه، وهذه الاحتياجات تزيد بشكل كبير كلما زاد عدد السكان».

ويرى نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، الدكتور أيمن عبد الوهاب، أن الشروع في «الملء الخامس» قد لا ينهي فرص استئناف التفاوض، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر متمسكة بالنهج الدبلوماسي منذ بدء الأزمة (السد) سعياً لاتفاق قانوني ملزم، رغم التعنت الإثيوبي»، غير أنه توقع أيضاً أن «يدفع (الملء الخامس) القاهرة إلى إثارة الأزمة دولياً بشكل مكثف».

وبحسب عبد الوهاب، فإنه يمكن لمصر أن «تستعين بالتقارير الفنية المتعلقة باكتمال بناء السد والملء الحالي وتأثيره على حصتها، وتقديمها إلى المجتمع الدولي والدول الفاعلة، خاصة المؤسسات المعنية بقضايا المياه ونزاعاتها».