المناظرة بين ترامب وكلينتون تشعل الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي

106 ملايين مشاهد.. وملايين التغريدات والتعليقات

كلينتون وترامب في ختام المناظرة («الشرق الاوسط})
كلينتون وترامب في ختام المناظرة («الشرق الاوسط})
TT

المناظرة بين ترامب وكلينتون تشعل الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي

كلينتون وترامب في ختام المناظرة («الشرق الاوسط})
كلينتون وترامب في ختام المناظرة («الشرق الاوسط})

حظيت المناظرة التلفزيونية الأولى بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، بمتابعة وتغطية موسعة في الصحف الأميركية، وتصدرت صور المرشحين صدارة كل الصحف الأميركية بلا استثناء. وأشارت الإحصاءات إلى أن عدد المشاهدين للقنوات الإخبارية التي بثت المناظرة على الهواء بلغ 106 ملايين مشاهد، وهو يعد رقما قياسا في عدد المشاهدين للشبكات الإخبارية. وقد نقلت شبكات مثل «c - span» و«سي إن إن»، و«فوكس نيوز»، و«إيه بي سي»، و«إن بي سي»، المناظرة على الهواء، وبثت وسائل إعلامية أخرى المناظرة عبر الإنترنت، وعقدت كل من شبكة «إيه بي سي»، و«بلومبرغ»، و«يوتيوب» شراكة لمتابعة المناظرة على الهواء، وتلقي ردود فعل المشاهدين. ونشرت جريدة «واشنطن بوست» المناظرة على الهواء من خلال موقع «يوتيوب». وقامت شبكة «إيه بي سي» باستضافة مجموعة من الناخبين والخبراء في «فيسبوك لايف».
وما حظيت به المناظرة التلفزيونية من تغطيات في البرامج التلفزيونية والصحف وفي وسائل الإعلام الاجتماعية يعد منافسة للتغطيات وكذلك الاهتمام الذي تحظى به مباريات كرة القدم و«السوبر بول» الأميركي. وقدمت كل من شبكة «سي إن إن» وشبكة «فوكس نيوز» مجموعة من المحللين للتعليق على وقائع المناظرة وحساب الضربات التي وجهتها كلينتون لترامب، والضربات التي وجهها ترامب لكلينتون، وتحليل من الفائز في المناظرة، وكيف ستوثر المناظرة على اتجاهات الناخبين وعلى الولايات المتأرجحة في السباق الرئاسي التي لم تحسم القرار في تأييد الحزب الديمقراطي أم تأييد الحزب الجمهوري.
ولم تستطع شبكات مثل «فوكس نيوز» إخفاء مساندتها التقليدية لمرشح الحزب الديمقراطي، وانحيازها لمرشحة الحزب الذي بدا واضحا في تأكيد فوز كلينتون بالجولة الأولى من المناظرات، وفي قدراتها على شن الهجمات ضد ترامب وفي ضبط النفس وهدوء الأعصاب في الوقت الذي لم يستطع فيه ترامب السيطرة على أعصابه وبدا متوترا ومقاطعا.
وأظهر استطلاع للرأي لشبكة «سي إن إن» أن كلينتون فازت في المناظرة بنسبة تأييد 62 في المائة مقابل 27 في المائة لترامب.
ولم تقتصر التغطيات الإخبارية على نقل وقائع المناظرة وإبراز اللكمات والهجمات التي تبادلها ترامب وكلينتون، أو القضايا الرئيسية التي تطرقت إليها المناقشات؛ بل امتدت التغطيات على مدى الأيام الماضية إلى فحص مدى صدق كل مرشح في المواقف التي يطرحها وفي التحقق من التصريحات التي طرحها، وقامت صحيفة «نيويورك تايمز» بنشر تقرير مدقق قام بها خبراء ومدققون بالجريدة حول حقيقة ما قاله ترامب حول سجله الضريبي، وحول القضايا التي اتهمت ترامب بالعنصرية، وحول اتفاقية الشراكة مع المحيط الهادي، وتصريحات كل مرشح حول خططه للتعامل مع التحديات الإرهابية والأمن السيبراني والسياسة الخارجية، والاتفاقات التجارية والخطط لخفض الضرائب وحماية الطبقة المتوسطة.
وتطرقت التغطيات أيضا إلى أسلوب إدارة المذيع ليستر هولت للمناظرة، حيث اتهمته بعض وسائل الإعلام بالانحياز لصالح كلينتون وتوجيه أسئلة محرجة لترامب بشكل أكبر من كلينتون، وتساءلت بعض الصحف: هل هناك حاجة لمدير لإدارة المناظرة ونحن نعيش في عصر طائرات من دون طيارات وسيارات من دون سائق؟
وامتدت التغطيات إلى لغة الجسد خلال المناظرة، والألوان التي ارتداها كل مرشح، وتبادل السلام بين آل كلينتون وآل ترامب، وانتشرت على وسائل الإعلام الاجتماعية تعليقات وتغريدات، وبوستات على «فيسبوك»، بلغت 18.6 مليون بوست وو73.8 مليون إعجاب(Like) وتعليق ومشاركة. وكانت أكثر التعليقات حول سخرية ترامب من أن كلينتون تنشر خطتها لمكافحة «داعش» على موقعها على الإنترنت، قائلا: «لا أعتقد أن جنرالات الحرب العالمية الثانية سيكونون سعداء بذلك».
وأكثر اللقطات التي تم تداولها هي اللقطة التي يؤكد فيها ترامب غاضبا: «أكثر المزايا التي أمتلكها هي قدرتي العصبية». واستطاع ترامب إثارة جدل بشكل أعلى من كلينتون على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بنسبة 79 في المائة على «فيسبوك»، وبنسبة 62 في المائة على «تويتر».
من جهتها، ـشارت صحيفة «بولتيكو» إلى أن التغريدات على موقع «تويتر» وعلى «فيسبوك» وشبكات التواصل الاجتماعي حول المناظرة الرئاسية بلغت عشرات الملايين من التغريدات والتعليقات، وقال ميك باسيلو، المتحدث باسم شركة «تويتر»، إن المناظرة بين ترامب وكلينتون حققت أعلى نسبة من التغريدات، وتعدت التغريدات ما حققته المناظرة بين ميت رومني وأوباما عام 2012 التي بلغ عددها في ذلك الوقت 10 ملايين تغريدة.
وأشار إلى أن أكثر ما ركز عليه المغردون، هو الاقتصاد والسياسية الخارجية والبيئة والإرهاب وحيازة الأسلحة، وركزت ثلاثة أرباع التغريدات على تصريح ترامب بأنه يملك قدرة عصبية جيدة، ومقاطعته كلينتون حول عدم دفع ضرائب فيدرالية وقوله: «هذا يجعلني ذكيا».
ورغم أن المناظرة التي استغرقت ساعة ونصف كانت خالية من الفواصل الإعلانية، فإن الشركات الإعلانية استطاعت استغلال المناظرة لتحقيق أرباح إعلانية، وبلغ سعر 30 ثانية للإعلان على المواقع التي تنقل المناظرة على الهواء 70 ألف دولار أميركي، وتراوحت معدلات أسعار الإعلانات في البث ليلا بين 120 ألف دولار و250 ألف دولار.
ويقول المحللون إن التغطيات الإعلامية التي يشاهدها الناخب الأميركي تؤثر بشكل كبير على قراره وصورته الذهنية حول المرشحين، ويقول موقع «أخبار فوكس» إن المناظرات ليس لها تأثير كبير على نتائج الانتخابات، ومعظم استطلاعات الرأي لا تظهر تغييرا كبيرا لدى الناخبين أكثر من 4 نقاط مئوية، لكن الكيفية التي تغطي بها وسائل الإعلام النقاشات هي التي يكون لها تأثير كبير على الناخبين.
ويقول المحللون: «حتى إذا لم تكن التقارير منحازة، فإنها غالبا ما تختار التركيز على لحظات محددة لحدث طويل استمر لمدة 90 دقيقة، والتفكير الجمعي أداة قوية، لا سيما عندما يقوم الصحافيون بقراءة تعليقات زملائهم عن المناظرة على (تويتر) و(فيسبوك) وفي التقارير الصحافية».



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».