مبادرة الحريري الرئاسية تعطلها شروط حلفاء «حزب الله».. وانتخاب عون يتعثر

رئيس «المستقبل» يستكمل مشاوراته بلقاءات خارجية ويجتمع مع لافروف الثلاثاء

مبادرة الحريري الرئاسية تعطلها شروط حلفاء «حزب الله».. وانتخاب عون يتعثر
TT

مبادرة الحريري الرئاسية تعطلها شروط حلفاء «حزب الله».. وانتخاب عون يتعثر

مبادرة الحريري الرئاسية تعطلها شروط حلفاء «حزب الله».. وانتخاب عون يتعثر

لم تصل اللقاءات والمشاورات التي أجراها زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري مع مختلف القيادات السياسية في لبنان، على مدى أسبوع كامل،، إلى أي مؤشر إيجابي يوحي بإمكانية التوصل إلى تفاهم أو اتفاق على مرشح لرئيس الجمهورية. وكانت المحطة الأخيرة في اللقاءات التشاورية هذه أمس مع رئيس الحكومة تمام سلام. وما يقال: إن انعدام المؤشرات الإيجابية مرده إلى بروز اعتراض شديد على وصول رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون إلى قصر بعبدا (قصر الرئاسة) من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري. إذ يشترط بري، وفق المتابعين، على «السلة المتكاملة» التي لا تقتصر على اسم الرئيس العتيد فحسب، إنما تتضمن بنودًا كثيرة، منها قانون الانتخاب، والحكومة الجديدة وتركيبتها وبيانها الوزاري.
هذا، ومن المقرر أن يستكمل الحريري مشاوراته الآن خارجيًا بجولة له تشمل المملكة العربية السعودية وروسيا، التي يلتقي وزير خارجيتها سيرغي لافروف الثلاثاء المقبل، ودول أخرى. إلا أن النتائج السلبية التي انتهت إليها المبادرة داخليًا، تعني أن لبنان ماضٍ في دوامة الفراغ والتعطيل على مستوى المؤسسات الدستورية، لكنها بالتأكيد انطوت على إيجابية مهمة للغاية، وهي أنها أحرجت حلفاء عون، وخصوصًا ما يسمى «حزب الله»، الذي بقي على مدى سنتين ونصف السنة يحمل الحريري وفريقه مسؤولية الفراغ بسبب رفض الأخير القبول بعون رئيسًا. وبذا يكون الحريري انتزع هذه الورقة من يد الحزب، الذي لم يبادر إلى أي محاولة لإقناع حلفائه، وأولهم بري، بالقبول بانتخاب عون، أو إقناع حليفه المسيحي الآخر النائب سليمان فرنجية بسحب ترشيحه لحساب الأول؛ ما يعني أن المرشح الأوحد لإيران هو الفراغ الرئاسي.
هذه المقاربة أيدها عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق الدكتور مصطفى علوش، الذي أشار إلى أن «الطعم الذي وضع أمام أنصار عون، واستغل ليتحول نوعًا من العدائية المطلقة تجاه «تيار المستقبل» والطائفة السنية بشكل عام، على أنهم يعطلون وصول عون رئيسًا للجمهورية، وضعه حراك الرئيس الحريري تحت المجهر». وتابع علوش لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه أن «محصلة الحراك أظهرت أن من يعطل انتخاب الرئيس ومن ضمنهم عون، هي سلة الشروط التي اختلقها (حزب الله) بواسطة الرئيس بري، التي جعلت انتخاب عون مستحيلاً». وأردف علوش «إذا لم يحصل الحريري على نتيجة إيجابية حول مبادرته، يكون بذلك فكك الأساطير التي وضعها «حزب الله» لجهة دعم عون». واختتم بالقول إن «أي مبادرة لا تصل إلى نتيجة خلال مرحلة معينة، فإن المنطق يقول علينا الذهاب إلى خيار آخر، أي غير فرنجية وعون، وهذا ما يتماشى مع رغبات كل قيادات ونواب تيار المستقبل».
من ناحية أخرى، الأجواء السلبية حاول تبديدها أو التقليل منها، القيادي في «التيار الوطني الحر» الوزير السابق الدكتور ماريو عون، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمور «تقترب من انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية». وكشف عن أن اللقاء الذي جمع الحريري وعون في الرابية كان «أكثر من جيد، وناجح في الشكل والمضمون». وأردف «صحيح أن كل العقبات لم تذلل، لكن الاتصالات القائمة كفيلة بحلحلة العقد، والرئيس الحريري أخذ على عاتقه معالجة بعضها، وأعتقد أننا سنشهد انتخاب رئيس للجمهورية قبل 31 الشهر الحالي (موعد جلسة انتخاب الرئيس)؛ لأننا نقترب من الاتفاق على النقاط المختلف عليها». وعن موقف ما يسمى «حزب الله» الذي يرفض النزول إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس ما لم ينزل بري، أشار ماريو عون إلى أن «(حزب الله) جاهز للنزول إلى المجلس، وهو سيقوم بدوره المسهل لهذه العملية».
في هذه الأثناء، رأى وزير الاتصالات بطرس حرب أن الحريري «لم يعلن بعد ترشيحه العماد ميشال عون للرئاسة، لكنه يدرس هذا الاحتمال، وهناك توجه إيجابي لترشيحه»، غير أنه وصف دعم ترشيح عون من قبل الحريري بـ«خضوع للابتزاز السياسي الذي مارسه عون على مدى سنتين، وهذا يشكل سابقة خطيرة في نظامنا السياسي». وأضاف حرب، إن «حلفاء عون غير قادرين على انتخابه دون ضمانات؛ نظرا إلى الجدل الذي تشكله شخصية عون وتصرفاته غير المتوقعة، وقبل معرفة برنامجه». ثم سأل «ما موقف عون والحريري من تورط (حزب الله) في سوريا ومن الموضوع الإيراني؟ إذا حصل توافق بينهما على هذه الأسس سأبارك، والأمر نفسه ينطبق على الاتفاق السياسي بين التيار والقوات اللبنانية فأنا باركت المصالحة وليس الاتفاق». وشدد وزير الاتصالات على أن «وصول عون للرئاسة هو تكريس لنظرية الغالب والمغلوب، ولديكتاتورية الأقلية البرلمانية، والصفقات السياسية من الباب التجاري لا يمكن أن تشكل ضمانات للبلد، بل يجب أن يقوم الحل السياسي على المبادئ الوطنية».
أما الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري، فعلق على مبادرة الرئيس سعد الحريري بالقول: «نحن من يحمل المبادرة تلو المبادرة لإنهاء الشغور الرئاسي، وسنستمر في حملها، بكل عناد، مهما انزعج أسياد التعطيل». واستطرد «إن العناد الذي نبديه هدفه إنقاذ لبنان تحت سقف الدستور، أما العناد الذي يبديه المعطلون، من تعطيل 45 جلسة لانتخاب الرئيس، إلى التورط غير المسبوق في حروب إيران في المنطقة، فهو عناد لتدمير لبنان، وضرب دستوره وإغراق أهله بأزمات وويلات لا تنتهي».
وأضاف أحمد الحريري «ليطمئنوا، نحن مستمرون في تيار المستقبل بتحمل مسؤولية الدفاع عن الدستور والمشاركة في كل الجلسات، ومستمرون في مواكبة المشاورات التي أطلقها الرئيس سعد الحريري لتسريع انتخاب الرئيس، ولسنا محرجين فيما نقوم به من واجب وطني، لتعطيل سياسة التعطيل، والسعي للإفراج عن الرئاسة، لأن المحرج هو (حزب الله)، الذي لم يشبع من المناورة بحلفائه».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.