جدل في تونس بعد محاولة تدخل معهد أميركي في سير الانتخابات البلدية

دعا إلى تبني تعديلات وإدخال إصلاحات على القانون الانتخابي

جدل في تونس بعد محاولة تدخل معهد أميركي في سير الانتخابات البلدية
TT

جدل في تونس بعد محاولة تدخل معهد أميركي في سير الانتخابات البلدية

جدل في تونس بعد محاولة تدخل معهد أميركي في سير الانتخابات البلدية

نددت منظمة «23 – 10» لدعم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس بتدخل «مركز كارتر» في الشؤون الداخلية للبلاد، وذلك إثر دعوته البرلمان التونسي إلى «التحرك العاجل لتبني تعديلات وإصلاحات على مشروع قانون الانتخابات، بحيث يتسنى إجراء الانتخابات البلدية والجهوية في أقرب وقت ممكن».
وقالت المنظمة إن دعوة «معهد كارتر» لإشراك المؤسستين العسكرية والأمنية في الانتخابات تعد «مخالفة لأبسط قواعد وأعراف التعامل مع الدول ذات السيادة، وتنم عن تدخل فج في عمل المؤسسات الدستورية التونسية»، على حد تعبيرها.
وقالت المنظمة الحقوقية إن دعوة «معهد كارتر» الأميركي البرلمان التونسي إلى ضرورة أن تشمل هذه الإصلاحات منح حق التصويت لأكثر من مائة ألف تونسي ينتمون إلى سلكي الجيش والأمن الداخلي، علاوة على تسهيل ممارسة الناخبين الموجودين في المستشفيات والسجون لحقهم الانتخابي، يعد تدخلا في الشأن التونسي الداخلي، خصوصا بعد توافق الكتل البرلمانية قبل يومين على عدم إشراك أفراد المؤسسة العسكرية في الانتخابات المقبلة، وتواصل المشاورات بشأن مشاركة رجال الأمن من عدمها.
وعبرت المصادر ذاتها عن رفضها القاطع لما اعتبرته «تدخلات سافرة لبعض المنظمات الأجنبية في الشؤون الداخلية للجمهورية التونسية، يتم إطلاقها بالتزامن مع مواعيد الجلسات التي يعقدها مجلس نواب الشعب، لمناقشة تشريعات داخلية مهمة، بهدف التأثير على اتجاهات التصويت، وفرض خيارات تشريعية لا وجود لمعايير دولية بشأنها».
وكان البرلمان قد توصل إلى اتفاق بعد نحو أربعة أشهر من السجالات المتواصلة، وقرر عدم إشراك أعوان المؤسسة العسكرية في الانتخابات البلدية المقبلة.
وفي هذا الشأن، أكد جلال غديرة، رئيس لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح في البرلمان، اتفاق الكتل البرلمانية في تونس على رفض مشاركة العسكريين في الانتخابات، والإبقاء على مبدأ حياد المؤسسة العسكرية عن الحياة السياسية. وتابع موضحا بعض الكتل البرلمانية «تساند فكرة مشاركة الأمنيين في الانتخابات، في حين ترفض كتل نيابية أخرى هذه الفكرة من أصلها، وتدعو إلى تأجيلها إلى سنوات أخرى»، مشددا على «وجود خلافات حادة في كل كتلة نيابية حول تمكين الأمنيين من حق الانتخاب».
وتأتي دعوة «معهد كارتر» لإدخال تعديلات على القانون الانتخابي، والسماح للعسكريين والأمنيين في تلك الانتخابات، لتعيد الجدل من جديد إلى الساحة السياسية، خصوصا أن عدة أحزاب سياسية، من بينها حزب النداء الحزب الحاكم، وتحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض قد دعمت حق مشاركة المؤسستين العسكرية والأمنية في الانتخابات، في حين دعت حركة النهضة إلى إرجاء تلك المشاركة لفترة خمس سنوات أخرى على الأقل.
على صعيد آخر، دعا يوسف الشاهد، رئيس الحكومة، إلى إرجاء الزيادات في الأجور إلى سنة 2019، وذلك في محاولة للحد من التدهور الاقتصادي المسجل على المستوى الداخلي، وتوجيه معظم القروض الخارجية لدعم ميزانية الدولة، عوض صرفها في مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتوقع متابعون للشأن السياسي أن تكون هذه الدعوة موضوع انتقادات شديدة من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى نقابات العمال) والأحزاب اليسارية المعارضة، خصوصا بعد أن ألمحت خلال اجتماعاتها الأخيرة إلى ضرورة التزام حكومة الشاهد بالتزامات الحكومات المتعاقبة بشأن الزيادات في الأجور، وتنفيذ المطالب العمالية المتفق بشأنها.



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.