موسكو تصعد نبرتها تجاه واشنطن.. وتعرض هدنة 48 ساعة في حلب

وصفت التصريحات الأميركية بأنها «انحطاط سياسي ودعم للإرهابيين»

موسكو تصعد نبرتها تجاه واشنطن.. وتعرض هدنة 48 ساعة في حلب
TT

موسكو تصعد نبرتها تجاه واشنطن.. وتعرض هدنة 48 ساعة في حلب

موسكو تصعد نبرتها تجاه واشنطن.. وتعرض هدنة 48 ساعة في حلب

بدت نبرة الخطاب الروسي تصعيدية أمس في الرد على التصريحات الأميركية، لا سيما تحذير وزير الخارجية جون كيري بوقف التعاون مع موسكو، وتصريحات جون كيربي المتحدث باسم الخارجية حول احتمال استهداف «داعش» مدنا روسية، فضلا عن المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام حول خطة تدابير تدرسها واشنطن لزيادة الدعم للمعارضة السورية وتوجيه ضربات لقوات الأسد. إلا أن موسكو، في الوقت ذاته، حريصة على إبقاء الأبواب مشرعة على مصراعيها أمام استئناف التعاون مع الولايات المتحدة، وعرضت هدنة لمدة 48 ساعة، بينما تحاول إيجاد بديل عن ذلك التعاون في حال فشلت جهود استئنافه، وتنظر على ما يبدو في إمكانية التعاون مع تركيا. وفي تعليقه على مجمل تلك المواقف الأميركية، وصف ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية (الكرملين)، تحذيرات وزير الخارجية جون كيري بوقف التعاون مع روسيا، بأنها «حجر عثرة»، واتهم الولايات المتحدة بأنها تحاول عبر تلك الهجمة الكلامية على روسيا التمويه على عجزها عن تنفيذ التزاماتها في سوريا، وقال إن «تلك الاتهامات ليست دقيقة ولا تمت للواقع بأي صلة»، والأهم، حسب قول بيسكوف، أنها «لا تساعد على تقدمنا معا على درب التصدي للإرهاب». من جانبه، قال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إن تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية دليل على إصابة واشنطن بـ«انهيار عصبي» على خلفية عدم استعداد البيت الأبيض لتنفيذ الاتفاق حول سوريا، واصفا ما قاله بأنها «تهديدات غير مقبولة، ومحاولة لوضع روسيا في موقف تقديم المبررات»، محذرا من أن «تلك ليست اللهجة التي يمكن الحديث بها مع روسيا»، واتهم الولايات المتحدة بدعم «الإرهابيين» حين وصف التصريحات الأميركية، وما قاله كيربي بأنها «كمن يصب الماء على سواقي الإرهابيين».
كما ردت موسكو بلهجة حادة جدا على تصريحات جون كيربي المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية التي قال فيها إن روسيا معنية بوقف العنف في سوريا كي لا يستغل الإرهابيون فراغ السلطة ويقوموا بشن هجمات ضد أهداف وربما مدن روسية في حال استمرت العملية العسكرية في سوريا. ورأت ماريا زاخاروفا المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية أن ما قاله كيربي يبدو كأنه «تلميحات باطنية»، وأوامر للإرهابيين بالهجوم، مستخدمة بدلا من كلمة «هجوم» التعبير الذي يستخدم باللغة الروسية لتوجيه الأمر إلى الكلب كي «يهجم». أما سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي فقد وصف تصريحات كيربي بأنها «دعوة مموهة بشكل سيئ» للإرهابيين، تدل على مستوى «الانحطاط السياسي» الذي وصلت إليه الإدارة الأميركية.
في شأن متصل، قلل ديمتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين من أهمية المعلومات التي نقلتها وسائل إعلام عن مصدر أميركي قال إن إدارة الرئيس أوباما عكفت على دراسة تدابير لدعم المعارضة السورية، بما في ذلك قصف قوات النظام السوري. ورأى بيسكوف بهذا الصدد أنه «لا يوجد ما يدعو إلى التعامل بجدية مع تلك المعلومات، نظرا لأنها لم تصدر عن جهة محددة ولا مصدر واضح»، وقال إنها لا تزال «مجرد معلومات تحوم في الهواء».وكان لافتا في التصريحات الروسية حادة اللهجة نحو الولايات المتحدة، أنها تضمنت في الوقت ذاته تأكيدات على تمسك موسكو بالتعاون مع واشنطن، وإشارات روسية أولية بطريقة غير مباشرة حول إمكانية العودة لبحث الهدنة في حلب.
من جانبه، شدد سيرغي ريابكوف على أنه «لا بديل حتى الآن لاستقرار سوريا، عن الصيغة التي نص عليها الاتفاق الأميركي - الروسي»، داعيا الولايات المتحدة إلى «التركيز على تنفيذ الاتفاق بدلا من الإنذارات ومحاولة ممارسة الضغط» على روسيا، التي «لا تسمح بلهجة الإنذارات»، حسب قوله. وفي ما تبدو أنها محاولة لتخفيف حدة التوتر بين موسكو وواشنطن وإعادة الأمل بإمكانية العمل معا، لكن دون أن تبدو روسيا في وضع الطرف الذي «انصاع للإنذارات»، تعمد ريابكوف أن يعيد إلى الأذهان الحديث عن هدنة الأسبوع التي طالبت بها واشنطن في وقت سابق، مشددا على أن روسيا رفضت ذلك الاقتراح، لكنها وافقت على هدنة إنسانية لمدة 48 ساعة، لافتا إلى أن «تلك الهدنة ما زالت مطروحة على الطاولة»، وهو ما يبدو أقرب إلى عرض أولي من جانب روسيا على لسان ريابكوف بخصوص الوضع في حلب، بغية خلق مناخات تحول دون تنفيذ واشنطن تحذيراتها بشأن إيقاف التعاون، وللعودة عبر ذلك الاقتراح إلى المحادثات معها حول سوريا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».