السعودية: المقترضون في القطاع الحكومي لن يواجهوا مشكلة بعد تغير البدلات

60 يومًا للفصل في قضايا التمويل

لا خيار أمام البنوك سوى إعادة جدولة القروض الشخصية والعقارية لمن تتجاوز قيمة أقساطهم النسبة المفروضة من قبل ساما (تصوير: أحمد حشاد)
لا خيار أمام البنوك سوى إعادة جدولة القروض الشخصية والعقارية لمن تتجاوز قيمة أقساطهم النسبة المفروضة من قبل ساما (تصوير: أحمد حشاد)
TT

السعودية: المقترضون في القطاع الحكومي لن يواجهوا مشكلة بعد تغير البدلات

لا خيار أمام البنوك سوى إعادة جدولة القروض الشخصية والعقارية لمن تتجاوز قيمة أقساطهم النسبة المفروضة من قبل ساما (تصوير: أحمد حشاد)
لا خيار أمام البنوك سوى إعادة جدولة القروض الشخصية والعقارية لمن تتجاوز قيمة أقساطهم النسبة المفروضة من قبل ساما (تصوير: أحمد حشاد)

قلل قانونيون من احتمال تصعيد القضايا المتعلقة بتجاوزات قد تطال مرتبات المقترضين السعوديين العاملين في الجهات الحكومية، من قبل البنوك، على خلفية القرارات الحكومية الأخيرة التي أدت إلى تغيير بعض البدلات التي يحصل عليها بعض الموظفين، مؤكدين وضوح النصوص القانونية في أنظمة التمويل البنكية السعودية، التي لا تسمح لمقدم القرض بتجاوز النسبة المسموح بها للاقتطاع من المرتب الشهري.
وأكدت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط»، أنّه لا خيار أمام البنوك سوى إعادة جدولة القروض الشخصية والعقارية لمن تتجاوز قيمة أقساطهم النسبة المفروضة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما).
ويتوقع أن تمثل القروض العقارية والسكنية الإشكالية الكبرى في إعادة الجدولة، وذلك لقيام المقترضين في الأساس بتحديد قيمة القسط وفق الحد الأعلى من النسبة الممكن استقطاعها من الراتب الشهري، حيث أشارت المصادر إلى أن التمويل العقاري الذي تتم جدولته على 30 سنة، تكون نسبة التمويل فيه ثابتة لأول 3 سنوات، فيما يتم مراجعة النسبة نهاية كل سنة وحتى نهاية مدة التمويل.
ولفتت المصادر إلى أن البنوك وجهات التمويل الرسمية ستتعامل مع المدة المضافة للقرض وفق الجدولة الجديدة باعتبارها قرضًا آخر يبدأ بانتهاء آخر قسط متفق عليه في عقد التمويل الأساسي، دون أن يكون هناك حد للمدة المضافة، والتي تعتمد على القدرة المالية للمستفيد من القرض، كما ستضاف إليه الفوائد والرسوم الإدارية كقرض مستقل، حيث إن نظام البنك المركزي السعودي يلزم البنوك بعدم تحميل العميل المقترض رسومًا أو مصروفات إضافية لقاء تمديد مدة السداد.
وذكرت أن مؤسسة النقد بصدد فرض غرامات مالية على البنوك المخالفة لأنظمة إعادة الجدولة للمستفيدين، حال عدم التزامها بإعادة جدولة القروض للمستفيدين الذي يتجاوز الاقتطاع منهم النسبة المحددة، حيث لا يجوز للبنوك وجهات التمويل أن يتجاوز الاقتطاع الشهري 33.33 في المائة إجمالي الراتب الشهري للمقترض، فيما لا تتجاوز النسبة 25 في المائة من الراتب الشهري للمتقاعدين، وذلك في القروض الفردية، على أن يتم إدراج جميع الالتزامات المصرفية في مبلغ الاقتطاع الشهري.
بينما يسمح نظام التمويل العقاري للبنك باستقطاع 50 في المائة من راتب المقترض، وتصل نسبة الاستقطاع إلى 60 في المائة من مجموع راتبي المتضامنين، على ألا يتجاوز القسط إجمالي راتب المتقدم الأساسي للقرض، بغض النظر عن المتضامن.
وبينت المصادر المصرفية أن البنوك تحتاج إلى 30 يومًا على الأقل لإجراء أي تعديلات أو إعادة جدولة للقروض، استنادًا إلى إلزام «ساما» البنوك وجهات التمويل بإبلاغ المستفيدين بشكل فوري بأي تغيير يطرأ على عقد التمويل الاستهلاكي، وتشمل التغييرات الواجب إخطار المستفيد بها، أي زيادة في الرسوم السنوية المفروضة على المستفيد أو أي رسوم جديدة تطرأ على القرض، والتي تعد الجدولة المبنية على مقدار أقل من الراتب الشهري ضمنها.
إلى ذلك، أوضح الدكتور نضال عطا المحامي والخبير القانوني، أنّ أي اعتراض يرغب المواطن في تقديمه ضد البنك في حال اقتطاع نسبة من الراتب الشهري تزيد على المسموح بها، يكون برفع تظلم ضد البنك أمام وزارة المالية التي تمثلها مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» لاتخاذ الإجراء المناسب خلال 60 يومًا من تاريخ رفع الدعوى ضد البنك، مشيرًا إلى أنّ المقترض المتضرر هو المخول الوحيد برفع الدعوى وليس لأي من الأطراف الأخرى الحق في إقامة الدعوى الخاصة بالتمويل الاستهلاكي.
واستبعد عطا أن يكون عدم الاختصاص عائقًا أمام مؤسسة النقد ووزارة المالية أو غيرها من الجهات المعنية بالأمر في البت بالقضايا المتعلقة بالتمويل الاستهلاكي والقروض العقارية، منوهًا بوجود نصوص قانونية وبنود واضحة للأطراف كافة في القضايا المدنية، وقال: «التعامل مع ما قد يعترض عقد التمويل من اختلال في بنوده المتفق عليها بين الأطراف من حيث اختلاف الدخل الشهري للمقترض أو حصول أي تجاوز من البنك أو جهة التمويل وغيرها من القضايا المدنية، تندرج تحت اختصاص المحاكم الإدارية»، لافتًا إلى أن الخلافات العقارية فيها نصوص صريحة وواضحة في النظام تؤكد أن هذا النوع من اختصاص المحاكم التجارية.



لهذه الأسباب... ارتفعت الصفقات العقارية للوحدات السكنية الصغيرة 151 % في السعودية

بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)
بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)
TT

لهذه الأسباب... ارتفعت الصفقات العقارية للوحدات السكنية الصغيرة 151 % في السعودية

بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)
بناية تحتوي على وحدات سكنية صغيرة بالعاصمة السعودية الرياض (دار الأركان العقارية)

تشهد السوق العقارية في السعودية مؤخراً إقبالاً على الوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة، التي تتراوح مساحاتها بين 30 متراً مربعاً و65 متراً مربعاً، حيث ارتفعت الصفقات العقارية لتلك المساحات بنسبة 151 في المائة خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وأرجع عدد من الخبراء والاختصاصيين العقاريين خلال حديثهم مع «الشرق الأوسط»، هذا الإقبال، إلى 4 أسباب، مشيرين إلى أن المستقبل في المدن الكبرى مثل الرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة وجدة، والدمام سيكون للوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة، التي ستخلق فرصاً استثمارية جديدة للمطورين العقاريين في التوسع في هذه الوحدات وزيادة نصيبها ضمن مَحافظهم الاستثمارية والخاصة بمشروعات التطوير العقاري.

ويرى الخبير والمُقيّم العقاري المهندس أحمد الفقيه، خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن المستقبل في المدن الكبرى للوحدات السكنية من الشقق الصغيرة بمتوسط مساحة 35 متراً مربعاً، مضيفاً أن مبيعات غالبية المطورين والمسوّقين العقاريين في المدن الكبيرة تتركز في الوحدات السكنية الصغيرة التي تتكون من غرفة أو غرفتين واستوديو.

وأرجع الفقيه هذا التوجه نحو الوحدات السكنية الصغيرة، إلى 4 أسباب، تتمثل في تغير التركيبة السكانية في المدن الرئيسية وعلى رأسها مدينة الرياض ومحافظة جدة؛ بسبب الهجرة الكبيرة نحو المدن التي أصبحت مركز جذب، ولارتفاع جودة الحياة فيها، ولزيادة الفرص الوظيفية فيها للسعوديين وغير السعوديين، كما أن هذه الفئات قليلة العدد ومتوسط عدد أفرادها 3 أشخاص. بالإضافة إلى ظهور فئات جديدة في المجتمع لم يعهدها سابقاً، من الذين يُفضّلون الاستقلالية في السكن، حيث إن بعضهم سيدات، سواء منفصلات أو موظفات قادمات من خارج المدن، أو رجال يفضلون الاستقلالية في السكن.

وأشار الفقيه إلى أن السبب الثالث، يكمن في تغير العادات الاجتماعية، بحيث أصبحت الأسر الجديدة وحديثو الزواج يميلون إلى عدم إنجاب الأطفال بعدد كبير جداً، ويفضّلون وجود فترة زمنية تتجاوز 3 سنوات لإنجاب طفلهم الأول، بعد الاستقرار المادي والسكني، مضيفاً أن السبب الرابع يتمثل في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية في المدن الكبرى؛ مما دفع كثيراً من العائلات الصغيرة والمستقلين إلى تفضيل الوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة.

واستشهد الفقيه بلغة الأرقام، مشيراً إلى أن بيانات البورصة العقارية توضح تضاعف الصفقات العقارية للوحدات السكنية بين 30 متراً مربعاً و65 متراً مربعاً، حيث سجّلت البورصة خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي نحو 242 وحدة سكنية، بينما قفزت خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي إلى 608 وحدات سكنية، وهو مؤشر قوي على ازدياد وتفضيل هذا النوع من المساكن.

الوحدات الصغيرة... نجم صاعد

من جانبه، وصف المستشار والخبير العقاري العبودي بن عبدالله، خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، الوحدات السكنية الصغيرة بأنها نجم صاعد في السوق العقارية السعودية، واستطاعت خلال الفترة الماضية جذب اهتمام المطورين والمستثمرين على حد سواء، مشيراً إلى أنه مع تنامي عدد السكان وزيادة الطلب على السكن فرضت هذه الوحدات نفسها حلاً مبتكراً وذكياً يلبي احتياجات الطلب الكبير والعصر الحديث في السوق العقارية السعودية، ويتواكب مع ما يشهده من تحولات ديناميكية، كما يجمع بين المرونة والكفاءة والاستدامة.

وأضاف أنه «في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المملكة تظهر الحاجة إلى تنوع في الخيارات السكنية بشكل متزايد من الجيل الجديد من السعوديين الذين يفضّلون الاستقلالية والمرونة، ويسعون للحصول على وحدات سكنية تلبي احتياجاتهم الفردية بأسعار تتناسب مع قدراتهم الشرائية». ولفت إلى أن الوحدات السكنية الكبيرة لم تعد الخيار الأوحد، بل باتت الوحدات الصغيرة تجذب الأنظار، خصوصاً للشباب والعائلات الصغيرة والمهنيين غير المتزوجين الذين يبحثون عن أسلوب حياة يتناسب مع احتياجاتهم، دون الإخلال بالجودة أو الراحة؛ مما يجعلها خياراً مثالياً لمَن يسعون للحصول على نمط حياة عصري ومستدام، يتماشى مع التوجهات العالمية نحو التصميم الذكي واستخدام المساحات بشكل أكثر فعالية.

ويرى العبودي أن النمو السكاني وتنامي تدفق موظفي الشركات العالمية والمستثمرين، زادا من الطلب على الوحدات السكنية الصغيرة بشكل لافت في المملكة، خصوصاً للفئات الباحثة عن سكن بأسعار معقولة وبمواقع استراتيجية داخل المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام، لافتاً إلى أن الأرقام والإحصاءات تشير إلى أن الطلب على الوحدات الصغيرة سيرتفع بشكل مستمر خلال السنوات المقبلة؛ حيث يسهم ذلك في تخفيف الضغط على الوحدات السكنية الكبيرة ويفتح أبواباً جديدة للاستثمار في قطاع العقارات، كما أن المستثمرين العقاريين بدأوا في استيعاب ذلك، وهو ما أدى إلى زيادة المشروعات السكنية التي تركز على تقديم وحدات صغيرة تتسم بالجودة والكفاءة.

وأضاف أنها تعدّ خياراً اقتصادياً ممتازاً سواء للمطورين أو للمشترين، فالمساحات الأصغر تعني تكاليف أقل للبناء وبالتالي تقديم وحدات بأسعار تنافسية تتيح لشريحة أوسع من السكان إمكانية التملك أو الإيجار، وهذا يسهم في تحقيق أهداف «رؤية 2030» في زيادة نسبة تملك السعوديين للمساكن، كما أنها ستصبح جزءاً أساسياً من النسيج العقاري للمملكة.