أموال القذافي تهدد المستقبل السياسي للمرشح ساركوزي

«مذكرة» لرئيس الوزراء الليبي الأسبق تتضمن تفاصيل التحويلات المالية

الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مرشح حزب «الجمهوريون».. (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مرشح حزب «الجمهوريون».. (أ.ف.ب)
TT

أموال القذافي تهدد المستقبل السياسي للمرشح ساركوزي

الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مرشح حزب «الجمهوريون».. (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مرشح حزب «الجمهوريون».. (أ.ف.ب)

صبيحة يوم 29 أبريل (نيسان) عام 2012، عثرت الشرطة النمساوية في نهر الدانوب الذي يجري في فيينا على جثة شكري غانم، رئيس الوزراء الليبي الأسبق ورئيس مؤسسة النفط الليبية أيام العقيد معمر القذافي، طافية في مياه النهر. وجاء في تقرير الشرطة أن غانم لم يتعرض للعنف وأن المرجح أنه سقط في المياه بسبب أزمة قلبية طارئة صعقته. لكن الغريب في الأمر أن بيانا سابقا للشرطة أفاد بوفاته في شقته، مما يثير كثيرا من الأسئلة حول طبيعة الظروف التي أحاطت بغيابه. لكن الشرطة النمساوية أغلقت الملف وانتهى الجدل بالنسبة إليها عند هذا الحد.
بيد أن اسم شكري غانم الذي انشق عن نظام القذافي في شهر مايو (أيار) من عام 2011 وانتقل للعيش في العاصمة النمساوية التي كان يعرفها جيدا بسبب مداومته على اجتماعات منظمة «أوبك» التي تتخذ من فيينا مقرا لها، عاد للظهور مجددا ولكن هذه المرة في العاصمة الفرنسية. وليس من المستبعد أن يكون لشكري غانم دور في تحديد مسار الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في فرنسا في الربيع المقبل وقبلها الانتخابات التمهيدية الداخلية لحزب «الجمهوريون» المرتقبة يومي 7 و17 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ومن بين جميع المتنافسين، يبدو الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الأكثر تخوفا من عودة غانم إلى الواجهة بعد خمس سنوات على غيابه.
أول من أمس، نشر موقع «ميديا بارت» الفرنسي المتخصص في الصحافة الاستقصائية، خبرا مفاده أن القضاء الفرنسي وضع يده على «مذكرة» لرئيس الوزراء الليبي الأسبق تتضمن تفاصيل عن تحويلات مالية ليبية لصالح الرئيس السابق ساركوزي بمناسبة حملته الرئاسية لعام 2007. ويفيد التقرير الموقع المذكور بأن «مذكرة» شكري غانم العائدة لـ29 أبريل 2007، تبين أن نظام القذافي حول عبر ثلاثة وسطاء هم سيف الإسلام، نجل القذافي الذي كان يرشحه لخلافته، وعبد الله السنوسي، مدير المخابرات الداخلية، وبشير صالح، مدير مكتب القذافي ومدير الصندوق السيادي الليبي الأفريقي، ما مجموعه 6.5 مليون يورو لحسابات تعود بشكل أو بآخر لحملة ساركوزي المشار إليها.
حقيقة الأمر أن «أخبارا» كهذه ليست جديدة، بل سبق للموقع نفسه أن جاء عليها في السابق نقلا عن مسؤولين ليبيين. لكنها المرة الأولى التي يمتلك فيها القضاء وثيقة مكتوبة تبين بوضوح وجود مثل هذه التحويلات التي دأب ساركوزي والمقربون منه على نفيها قطعيا. وسبق للرئيس السابق أن دعا من يمتلك إثباتات على أقواله أن يأتي بالدليل على ذلك. لكن ليس من المؤكد أن «مذكرة» شكري غانم ستقلب الأوضاع رأسا على عقب بالنسبة للرئيس السابق، لأن غانم لم يعد موجودا للشهادة أو لتأكيد صحة المذكرة. وبحسب ما اطلع عليه موقع «ميديا بارت»، فإن «المذكرة» تتضمن تفاصيل اجتماعات لكبار المسؤولين في نظام القذافي الذي قتل في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2011 حول دعم حملة ساركوزي ماليا. وسبق للموقع المذكور أن نشر مستندا يعود لنهاية عام 2006 يبين أن النظام الليبي قرر نقل 50 مليون يورو لحملة ساركوزي الذي عمد لتقديم شكوى أمام المحاكم الفرنسية بحجة أن المستند مزور. لكن الرئيس السابق خسر دعواه.
كثيرة الوقائع التي تربط اسم ساركوزي بتمويل ليبي؛ فسيف الإسلام أعلن أكثر من مرة للصحافة الفرنسية أن ليبيا هي التي مولت حملة ساركوزي وأنه يملك «الأدلة» على ذلك. لكن سيف الإسلام يقبع في السجون منذ خمس سنوات. كذلك أشار رجل الأعمال اللبناني زياد تقي الدين أكثر من مرة إلى تمويل ليبي لساركوزي. بيد أن الواقعة الأشهر هي «تهريب» بشير صالح، إبان عهد ساركوزي، من باريس إلى تونس ومنها إلى جنوب أفريقيا بعد صدور مذكرة توقيف بحقه، ما فسر وقتها على أنه «تخوف» من أن يكشف أسرار العلاقة الساركوزية - القذافية. وفي عام 2013، عمد القضاء إلى فتح تحقيق عدلي بعد تصريحات تقي الدين ومسؤولين ليبيين سابقين تصب كلها في خانة اتهام ساركوزي بتلقي أموال ليبية. وظهرت أولى نتائج التحقيق بتوجيه اتهامات رسمية إلى كلود غيان، الذراع اليمنى للرئيس السابق الذي عينه لاحقا وزيرا للداخلية. وتحوم ظنون حول تلقي غيان تحويلا قيمته 500 ألف يورو من أحد مسؤولي حسابات «الأوف شور» للدولة الليبية.
خلال ولاية ساركوزي، شهدت العلاقات الفرنسية - الليبية تحسنا ملحوظا. وقد قام القذافي بزيارة رسمية مطولة لباريس نهاية عام 2007 نصب خلالها خيمته في باحة قصر الضيافة المعروف بـ«قصر مارينيي» والواقع مقابل قصر الإليزيه من الجهة الشمالية. وجاء ذلك بعد «اللفتة» التي قام بها القذافي، حيث أفرج عن الممرضات البلغاريات بعد وساطة فرنسية. وقد وصلت الممرضات إلى باريس، صيف عام 2007، في طائرة سيسيليا، زوجة ساركوزي السابقة التي أرسلها الرئيس السابق للتوسط برفقة كلود غيان، أمين عام قصر الإليزيه وقتها. ليست أموال ليبيا هي الوحيدة التي تشغل بال المرشح ساركوزي الحالم بـ«الثأر» للهزيمة التي لحقت به في عام 2012. ذلك أن شائعات تورطه في فضائح، كثيرة ومتنوعة.. فقبل أسابيع قليلة، وجه له القضاء اتهامات رسمية بخصوص مصاريف حملته الانتخابية عام 2012، التي تخطى فيها السقف المسموح به (18 مليون يورو) بما يزيد على 22 مليون يورو صرفت بفواتير مزورة عن طريق شركة خاصة اسمها «بيغماليون» أنيطت بها مهمة تنظيم مهرجاناته الانتخابية. وفي الأيام القليلة المقبلة سينزل إلى الأسواق كتاب أعده مستشاره السابق باتريك بويسون وفيه يسرد من الداخل حياة الإليزيه إبان ساركوزي وما قاله الأخير بحق رئيس حكومته ووزارئه ومعاونيه وخصومه من الاشتراكيين. وينتظر أن يكون للكتاب وقع الصاعقة لما يكشفه من طباع المرشح الرئاسي.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.