أكبر مستشفيين ومركز للخبز في مرمى الغارات.. والدفاع المدني يحذّر من مجزرة في حلب

قيادي في الحر: لم يعد أمامنا إلا الخيار العسكري.. والنتائج ستظهر قريبًا

أكوام من الخبز في الموقع المتضرر بعد غارة جوية من الطيران الروسي والأسدي على حي باب المقام الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب (رويترز)
أكوام من الخبز في الموقع المتضرر بعد غارة جوية من الطيران الروسي والأسدي على حي باب المقام الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب (رويترز)
TT

أكبر مستشفيين ومركز للخبز في مرمى الغارات.. والدفاع المدني يحذّر من مجزرة في حلب

أكوام من الخبز في الموقع المتضرر بعد غارة جوية من الطيران الروسي والأسدي على حي باب المقام الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب (رويترز)
أكوام من الخبز في الموقع المتضرر بعد غارة جوية من الطيران الروسي والأسدي على حي باب المقام الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب (رويترز)

في اليوم العاشر للحملة العسكرية على حلب كان أكبر مستشفيين ومركز توزيع الخبز في المدينة أهدافا لقصف طيران النظام السوري وروسيا، ما أدى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى، في وقت حذّر فيه مسؤول الدفاع المدني في المدينة من أن الحياة اليومية في حلب ستتحول خلال شهر إلى جحيم تحت ضربات النظام السوري وروسيا، مشيرا إلى أن سكان المدينة قد يتعرضون لـ«مجزرة» في حال «سقوطها» في أيدي قوات النظام.
وطالبت منظمة (أطباء بلا حدود) في تغريدة على «تويتر» «بإجلاء الجرحى والمرضى في حالة حرجة من حلب الشرقية» مضيفة أنهم «الآن واقعون في الفخ وقد يموتون».
بدورها، نبهت منظمة الصحة العالمية إلى أن الأجهزة الطبية في شرق حلب على وشك «التدمير الكامل»، مطالبة «بإقامة ممرات إنسانية من أجل إجلاء المرضى والجرحى».
وكانت قوات النظام طلبت بعد إعلانها بدء الهجوم من سكان حلب الشرقية المغادرة باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام، إلا أن أغلب السكان يخشون توقيفهم لدى عبورهم إلى حلب الغربية.
ووصف مصدر قيادي في «الجيش الحر» ما يحصل في حلب بـ«الـحملة الدموية» التي ترتكز بشكل أساسي على الأحياء السكنية بهدف الضغط على المدنيين للمغادرة، وبالتالي إفراغ مناطق المعارضة من الحاضنة الشعبية. ويؤكّد لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد أمامنا إلا خيار المواجهة العسكرية وهذا سيظهر في حلب وحماه بشكل خاص في الفترة المقبلة، مع إدراكنا أن خسارتنا الأساسية هي المدنيون الذي تحولوا إلى هدف القصف ويسقط منهم يوميا عشرات القتلى»، مضيفا: «رغم قدرتنا على إمطار الأحياء السكنية الخاضعة لقوات النظام لكننا لم نلجأ إلى هذه السياسة، وخير دليل على ذلك مقاطع الفيديو التي تبث وتؤكد أن هذه المناطق تعيش حياتها بشكل طبيعي بما فيها الاحتفالات».
وفي ساعات الصباح الأولى استهدف الطيران مركزا لتوزيع الخبز، بينما كان الناس مصطفين للحصول على الخبز وأكبر مستشفيين في المدينة، ما أدى إلى توقفهما عن العمل مؤقتا، كما أعلنت منظمة طبية غير حكومية، وهي التي تدير هذين المركزين.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بارتفاع عدد القتلى الذين قضوا جراء قصف لقوات النظام بقذائف مدفعية، على مناطق قرب مركز لتوزيع الخبز في حي المعادي بمدينة حلب، إلى ستة أشخاص مرجحا ارتفاع العدد بسبب وجود جرحى بحالات خطرة، ووجود مفقودين. ويقع أحد المستشفيين بالقرب من مركز توزيع الخبز، بينما يقع المستشفى الآخر في منطقة أخرى في حلب هي حي الصاخور.
وقال محمد أبو رجب، وهو طبيب أشعة في المستشفى الثاني المعروف باسم مستشفى ميم 10، لوكالة «رويترز»، إن القصف نفذ نحو الساعة الرابعة صباحا، مشيرا إلى أن الركام سقط على المرضى في غرفة العناية المركزة.
وقال عاملون في المجال الطبي بالمستشفى ذاته إن الضربات أصابت أيضا مولدات الأكسجين والكهرباء وإن المرضى نقلوا إلى مستشفى آخر بالمنطقة.
وقال زاهر سحلول من الجمعية الطبية السورية الأميركية، التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، لوكالة الصحافة الفرنسية: «وقع الهجوم عند الساعة الرابعة صباحا عندما استهدفت طائرة عسكرية المستشفيين بشكل مباشر».
وأضاف أنه في أحد المستشفيين دمر مولد للكهرباء بالكامل، وفي الغارة الثانية جرح ثلاثة عاملين في المستشفى، هم سائق سيارة إسعاف وممرضة ومحاسب.
وتابع أنه «لم يبق (في شرق حلب) سوى ستة مستشفيات تعمل بعد توقف هذين المستشفيين عن العمل».
وأوضح سحلول أن المستشفيين يضمان أقساما للطوارئ ووحدات لمعالجة الصدمات، وتعرضا من قبل لغارات جوية، واصفا القصف بأنه «متعمد».
ووثق مركز توثيق الانتهاكات في سوريا ما مجموعه 120 هجومًا على حلب وريفها ما بين يومي 21 و26 سبتمبر (أيلول) الحالي، نتج عنها مقتل 369 مدنيًا، منهم 16 عاملا في مجال الإغاثة والإسعاف، أبرزها، طاقم الهلال الأحمر في قافلة الإغاثة في أورم الكبرى يوم 21 سبتمبر، ومتطوعون في الدفاع المدني في حلب، ومتطوعون مع اتحاد الجمعيات الإغاثية والطبية في خان طومان. وذلك في خمس هجمات عنيفة على مراكز صحية وإغاثية في مدينة حلب وريفها.
كما وثق المركز مقتل 254 نتيجة القصف الروسي، جميعهم من المدنيين من بينهم 28 طفلا. في حين وثق مقتل 95 شخصًا على يد قوات النظام والميليشيات التابعة لها، منهم 90 مدنيًا.
وتتعرض المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في حلب لقصف عنيف منذ انهيار وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي، مما أثار مخاوف دولية بشأن محنة سكان المنطقة البالغ عددهم 250 ألف شخص.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.