تحذير أميركي جديد من هجمات إرهابية على فنادق في جنوب تركيا

جونسون يبدي تضامنًا بريطانيًا مع أنقرة

قوات الأمن التركية تضبط شاحنة محملة بمتفجرات في قضاء أرجيش بمحافظة فان الواقعة على الحدود التركية - الإيرانية شرق البلاد («الشرق الأوسط»)
قوات الأمن التركية تضبط شاحنة محملة بمتفجرات في قضاء أرجيش بمحافظة فان الواقعة على الحدود التركية - الإيرانية شرق البلاد («الشرق الأوسط»)
TT

تحذير أميركي جديد من هجمات إرهابية على فنادق في جنوب تركيا

قوات الأمن التركية تضبط شاحنة محملة بمتفجرات في قضاء أرجيش بمحافظة فان الواقعة على الحدود التركية - الإيرانية شرق البلاد («الشرق الأوسط»)
قوات الأمن التركية تضبط شاحنة محملة بمتفجرات في قضاء أرجيش بمحافظة فان الواقعة على الحدود التركية - الإيرانية شرق البلاد («الشرق الأوسط»)

وجهت الولايات المتحدة عبر قنصليتها في مدينة أضنة، جنوب تركيا، تحذيرا جديدا إلى رعاياها من خطر وقوع هجمات ضد فنادق تحمل علامة تجارية أميركية في أضنة، حيث مئات العسكريين العاملين في قاعدة إنجيرليك الجوية وعائلاتهم.
وقالت القنصلية الأميركية على موقعها الإلكتروني إنها تلقت «معلومات تتعلق بتهديدات محددة وذات صدقية بشأن نشاط إرهابي محتمل يستهدف فنادق تحمل علامة تجارية أميركية».
وأضافت أنها تنصح الرعايا الأميركيين الموجودين في أضنة بتوخي الحذر عند ارتيادهم هذه الأماكن.
ويستخدم التحالف الدولي لضرب «داعش» بقيادة أميركا قاعدة إنجيرليك الجوية التي الخاضعة لإشراف حلف الناتو جنوب تركيا في عملياته ضد «داعش» في سوريا، وتتمركز في القاعدة طائرات حربية تركية وأميركية وبريطانية وألمانية ومقاتلات «إف - 16» سعودية تشارك في الهجمات الجوية على التنظيم المتطرف.
وأصدرت السفارة الأميركية في أنقرة، الأسبوع الماضي، تحذيرا مماثلا للرعايا الأميركيين من مخاطر وقوع هجمات في غازي عنتاب جنوب شرقي تركيا القريبة من الحدود مع سوريا، لافتة إلى أن الهجمات قد تستهدف، على وجه الخصوص، مراكز تسوق تضم علامات أميركية ويقصدها الأجانب بكثرة مثل شبكة مقاهي «ستاربكس» الأميركية. وشهدت غازي عنتاب في 21 أغسطس (آب) الماضي عملا انتحاريا نُسب إلى تنظيم داعش الإرهابي راح ضحيته 56 شخصًا، وأصيب أكثر من 90 كانوا يشاركون في حفل زفاف في منطقة شاهين باي. وتشهد تركيا على مدى عام اعتداءات تنسب تارة إلى «داعش» وأخرى إلى جماعات يسارية إلى جانب المسلحين الأكراد.
في غضون ذلك، قالت مصادر أمنية تركية، أمس، إن قوات الأمن ضبطت ليلة الاثنين - الثلاثاء شاحنة محملة بـ4 أطنان من المتفجرات في قضاء أرجيش بمحافظة فان الواقعة على الحدود التركية الإيرانية شرق البلاد. وأوضحت المصادر أن الشاحنة، التي تركها إرهابيان اثنان أمام بلدية أرجيش، كانت محملة بـ4 أطنان من نيترات الأمونيوم وكميات من الديزل، وأن خبراء المتفجرات تمكنوا من إبطال مفعولها، وتم توقيف شخصين يشتبه بصلتهما بالحادث.
في الوقت نفسه، وضمن إطار التحقيقات الحالية في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي قامت السلطات التركية بفصل 87 موظفًا من جهاز المخابرات من أصل 141 كانت السلطات قد أبعدتهم عن العمل مؤقتًا، لصلتهم بمنظمات إرهابية، بحسب مصادر أمنية.
في هذه الأثناء، نفذت مقاتلات تابعة لسلاح الجو التركي، غارات على مواقع لمنظمة حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في شمال العراق. وقالت مصادر عسكرية إن الغارات الجوية جاءت بعد تلقي الجهات التركية المعنية، مساء الاثنين، معلومات استخباراتية تفيد بوجود تحرك لبعض العناصر المسلحة في المنطقة. وأسفر القصف المركّز عن تدمير ملجأ ومخزن أسلحة ومقتل عدد من المسلحين بداخلها.
وجاء القصف بعد استهداف نقطة عسكرية في شيرناق جنوب شرقي تركيا، أسفر عن 8 قتلى و8 مصابين في صفوف الجيش التركي.
في سياق متصل، قال وزير شؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين الأتراك عمر جليك إن تركيا ستواصل حربها ضد الإرهاب بعزيمة كبيرة، فهذه حرب الإنسانية ضد الهمجية وليست قضية تركيا فحسب.
وأكد جيلك خلال مباحثات مع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أن بلده وبريطانيا، وهما عضوان في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، متضامنان ضد الإرهاب، ويعملان معًا من أجل السلام والأمن والاستقرار في أماكن كثيرة من العالم.
من جانبه، قال جونسون إن بلاده تتضامن مع تركيا في مجال مكافحة الإرهاب بكل أشكاله. شارك رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية كمال كيليتشدار أوغلو في النسخة الرابعة والثمانين لاحتفالية عيد اللغة التي أقيمت يوم أمس في مسرح شناسي بالعاصمة أنقرة، بالتعاون بين جمعية اللغة وبلدية تشنكايا.
على جانب آخر، شدد رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، على ضرورة التضامن بين مختلف مؤسسات الدولة في مكافحة الإرهاب. وقال كليتشدار أوغلو، معزيًا في ضحايا الهجوم على نقطة عسكرية، مما أدى إلى مقتل وإصابة 16 جنديًا، أول من أمس في شيرناق: «أخبرنا الحكومة من قبل أننا مستعدون لفعل اللازم للقضاء على الإرهاب. وقدمنا جميع الدعم الذي طلبت منا الحكومة. وإنني أشعر بحزن شديد». وطالب بمعاقبة المسؤولين عن هذه الحوادث.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟