مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: تحركات لجيش حفتر باتجاه العاصمة طرابلس

رئيس البرلمان: أي عمل لوزراء حكومة السراج «معدوم وغير مشروع»

مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: تحركات لجيش حفتر باتجاه العاصمة طرابلس
TT

مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: تحركات لجيش حفتر باتجاه العاصمة طرابلس

مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: تحركات لجيش حفتر باتجاه العاصمة طرابلس

بينما تحدثت أوساط عسكرية ليبية لـ«الشرق الأوسط» عن تحركات للجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر باتجاه العاصمة طرابلس، حذر رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح وزراء حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، من ممارسة أعمالهم، ودعا جميع هيئات ومؤسسات الدولة إلى التعامل فقط في المقابل مع الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني.
وقال مسؤول بالجيش الوطني في شرق ليبيا إن وحدات من الجيش بدأت في الانتشار على الطرق المؤدية إلى العاصمة طرابلس وبالقرب منها، لكنه رفض الإفصاح عن أي تفاصيل أخرى.
وكان المشير حفتر قد ألمح مؤخرا في تصريحات صحافية إلى أن دخول قوات للجيش لتحرير العاصمة من قبضة الميليشيات المسلحة التي تحتلها منذ نحو عامين قد اقترب.
ونجحت قوات الجيش الليبي قبل نحو أسبوعين في استعادة السيطرة على منطقة الهلال النفطي التي تضم أهم المرافق النفطية في البلاد بعدما هزمت بشكل مفاجئ ميليشيات موالية لحكومة السراج، من دون أي خسائر مادية أو بشرية تذكر.
من جهته، اعتبر رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح في بيان بثته وكالة الأنباء الليبية أن حكومة الثني هي الحكومة الشرعية المنبثقة عن مجلس النواب، مشيرا إلى أنها مستمرة في أداء عملهـا، حتى تشكيل حكومة وفاق وطني حقيقي تمنح الثقة من قبل البرلمان مجلس النواب وتؤدي أمامه اليمين القانونية، قبل أن تباشر عملها. ولفت إلى أن البرلمان لم يمنح ثقته بعد لوزراء حكومة الوفاق المقترحة من البعثة الأممية برئاسة فائز السراج، ولم يؤدوا اليمين الدستورية.
وأضاف: «أي عمل يقومون به يكون معدوما وغير مشروع، ويجب على الجميع من هيئات ومؤسسات عدم تنفيذ أي قرارات صادرة من الوزراء المقترحين، والالتزام بأن الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني هي الحكومة الشرعية الوحيدة في البلاد».
في المقابل، اقترح عبد الرحمن السويحلي رئيس مجلس الدولة الموجود في طرابلس، على أعضاء مجلس النواب الداعمين لاتفاق الصخيرات المبرم نهاية العام الماضي برعاية البعثة الدولية، تحديد موعد مشترك بشكل عاجل لمناقشة تشكيل لجنة فض النزاع القانوني حول تفسير أو تطبيق الاتفاق السياسي الليبي وملاحقه.
واقترح السويحلي الذي أعلن الأسبوع الماضي تنصيب مجلس الدولة بديلا عن البرلمان الشرعي في خطوة أحادية الجانب، تسمية عضوين من المجلس وعضوين عن البرلمان لهذه اللجنة، بالإضافة إلى مخاطبة الجمعية العمومية للمحكمة العُليا لترشيح مستشار منها لهذه اللجنة.
وقال السويحلي في رسالة رسمية وجهها إلى أعضاء البرلمان المؤيدين لاتفاق الصخيرات ونشرها مكتبه الإعلامي عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن الاجتماع المقترح سيناقش أيضا آليات تنفيذ الاستحقاقات المشتركة بين المجلسين طبقًا لما نص عليه اتفاق الصخيرات.
وترأس السويحلي أول من أمس اجتماعا لمجلس الدولة بطرابلس، تم فيه بحسب مكتبه، مناقشة المستجدات السياسية والأمنية بالبلاد، والخطوات العملية التي بدأها المجلس حيال الاستحقاقات والاختصاصات المنوطة به وعلى رأسها تعيين شاغلي المراكز السيادية العليا، وإعداد مشروع قانون تحديد صلاحيات منصب القائد الأعلى للجيش الليبي والمستويات القيادية بالجيش، بالتنسيق مع أعضاء البرلمان الداعمين للاتفاق السياسي.
كما تناول الاجتماع بحسب البيان، إيجاد الآليات العملية الناجعة لسد الفراغ السياسي الناتج عن عدم قيام البرلمان بالاستحقاقات المنوطة به وفقًا لاتفاق الصخيرات في المغرب.
وتعهد السويحلي في كلمة له في ذكرى «يوم الشهيد» مساء أول من أمس في طرابلس بحضور مسؤولين حكوميين، باستمرار المجلس الأعلى للدولة في تحمل مسؤولياته والالتزام بالاتفاق رغم الخطوب والتحديات من أجل إنهاء معاناة الليبيين والخروج بالوطن من محنته بالتعاون مع مجلس رئاسة حكومة السراج وأعضاء البرلمان الداعمين للاتفاق.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.