قصف حوثي مكثف على تعز انتقامًا من احتفالاتها المميزة بـ«26 سبتمبر»

أوامر باستقطاع أقساط من رواتب السكان لدعم «مركزي صنعاء»

عروض عسكرية للجيش الوطني بمناسبة إحياء ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» في مأرب بوسط اليمن أمس (رويترز)
عروض عسكرية للجيش الوطني بمناسبة إحياء ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» في مأرب بوسط اليمن أمس (رويترز)
TT

قصف حوثي مكثف على تعز انتقامًا من احتفالاتها المميزة بـ«26 سبتمبر»

عروض عسكرية للجيش الوطني بمناسبة إحياء ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» في مأرب بوسط اليمن أمس (رويترز)
عروض عسكرية للجيش الوطني بمناسبة إحياء ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» في مأرب بوسط اليمن أمس (رويترز)

تعيش ميليشيات الحوثي والموالون لها من قوات المخلوع صالح الانقلابية، حالة تخبط كبيرة في مختلف جبهات القتال في محافظة تعز، جنوب العاصمة صنعاء، جراء الخسائر الكبيرة التي تلحقها يوميا من قبل قوات الشرعية (الجيش الوطني والمقاومة الشعبية) وبإسناد من طيران التحالف الذي يستمر في تحليقه المستمر على سماء تعز وأرياف المحافظة وشن غاراته المركزة والمباشرة على تجمعات وتعزيزات مخازن أسلحة الميليشيات الانقلابية.
وزاد حقد الميليشيات الانقلابية على أهالي تعز خلال اليومين الماضيين بعدما احتفل الأهالي بشكل مميز بالذكرى الـ54 لثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بنظام الإمامة، مما جعلها (الميليشيات) تكثف من قصفها المستمر على أحياء مدينة تعز وقراها وأريافها، وكذا الاستمرار في محاولاتها التقدم والوصول إلى مواقع المقاومة الشعبية والجيش الوطني في الجبهة الغربية والشرقية والشمالية.
وقالت مصادر ميدانية في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن «أهالي مدينة تعز لا يزالون يحتفلون بذكرى ثورة سبتمبر رغم الحصار والقصف المستمر عليهم، وبدورها تناست الميليشيات هذه الذكرى التي تخص اليمنيين بشكل كامل وليس تعز فقط». وأضافت المصادر أن «الميليشيات الانقلابية كثفت من قصفها على القرى والأحياء السكنية، وتركز القصف، أمس، على الأحياء السكنية في شرق المدينة خاصة حي 14 أكتوبر وإحدى القذائف سقطت على مبنى سكني وجرح من كان بداخل السكن دون وقوع وفيات، إضافة إلى إطلاق صاروخ آخر من مناطق تمركزهم في منطقة الأحكوم في حيفان، جنوب تعز، على منطقة الصوالحة القريبة منهم والتابعة لمديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج، ولم يتسن معرفة الوفيات أو الإصابات، ومثلها في قرى الصلو وقرى منطقة الضباب غرب المدينة».
وأكدت المصادر ذاتها أن «المواجهات متقطعة في بعض المناطق خاصة في الجبهة الغربية والشرقية ومناطق ريفية في حيفان والصلو وصبر والوازعية، وسقط قتلى وجرحى من الجانبين جراء المواجهات العنيفة التي استخدمت فيها مختلف الأسلحة».
وبينما واصل أهالي تعز، احتفالهم بذكرى ثورة 26 سبتمبر، قال قائد محور محافظة تعز اللواء الركن خالد فاضل، إن «ثورة 26 سبتمبر تمثل الفتح الأعظم في تاريخ اليمن، واللحظة الفردوسية في نفسية المجتمع اليمني، وهي أخرجت اليمن واليمنيين من ربقة الاستبداد المستمر منذ قرون طويلة صارت بلا نهاية، بعدما طبعت في حياة المجتمع صورة مؤلمة يتوزع فيها الألم كحياة وكتفكير حيث لا حرية فيهما». ورأى اللواء الركن خالد فاضل أن «الانقلابيين يريدون إخفاء ذكرى 26 سبتمبر من ذاكرة اليمنيين بذكرى سبتمبرهم المشؤوم (ذكرى الانقلاب)، لكنهم أخطأوا في ذلك».
في المقابل، تواصل ميليشيات الحوثي وصالح دعوتها وفرضها على البعض من أهالي اليمن دعم البنك المركزي استجابة لدعوة زعيم الميليشيات الانقلابية عبد الملك الحوثي، ووصل الأمر إلى إصدار أوامر باستقطاعها قسطا من رواتب الموظفين كما حصل مع جميع منتسبي جامعة صنعاء.
وأكد شهود محليون لـ«الشرق الأوسط» أن «طقما عسكريا يتبع الميليشيات الانقلابية جاب شوارع مدينة هجدة بمديرية مقبنة، ودعا الأهالي عبر مكبرات الصوت وكذلك التجار الحضور إلى مكتب بريد مدينة هجدة للتبرع دعما للبنك المركزي، وتسبب ذلك في استياء الكثير من الأهالي الرافضين للانقلاب ولوجود الميليشيات الانقلابية بينهم».
ومع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد الذي تقرر بدؤه في المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة الميليشيات الانقلابية مطلع أكتوبر المقبل، سلمت قوات الجيش الوطني والمقاومة العشبية المدارس التي كانت خاضعة لسيطرتها لتحميها من نهب الميليشيات الانقلابية بعدما فجرت عددًا من المدارس، إلى إدارة التربية والتعليم والسلطة المحلية.
وعلى نفس السياق، نظمت «جمعية بناء الخيرية للتنمية الإنسانية»، عضو «ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز»، وبالشراكة مع «مركز الدراسات والإعلام التربوي» ومؤسسة «أنا إنسان» التنموية، بمدينة تعز ورشة عمل لتحديد احتياجات التعليم في محافظة تعز. وهدفت الورشة إلى «تحديد الاحتياجات التعليمية الآنية والعاجلة للتعليم بكل مستوياته، العام والفني والعالي، بما يضمن تطبيع العمل في المؤسسات التعليمية المختلفة»، وذلك بحضور ممثلين عن السلطة المحلية وجامعة تعز وممثلين عن مكتب التعليم الفني ومكتب التربية والتعليم في تعز.
وخلال الورشة جرى استعراض ثلاث أوراق عمل خاصة بتحديد الاحتياجات التعليمية بالمحافظة. وقدمت مؤسسة إعمار ورقة تطرقت فيها إلى الأضرار التي لحقت بالمؤسسات التعليمية ودراسات تفصيلية لـ(154) مدرسة متضررة وعشرات من المرافق والمؤسسات في قطاع التعليم الفني والعالي. وخلصت الورشة في بيانها الختامي إلى «مصفوفة موحدة للاحتياجات التعليمية ذات الأولوية والتزمت جميع الأطراف على العمل وفقها والبحث عن مصادر لتمويلها».
وبمناسبة ذكرى ثورة 26 سبتمبر، أقامت مؤسسة جنات التنموية، وبدعم برنامج رحماء في محافظة تعز، المساحات صديقة للأطفال اليتامى لتقديم الدعم النفسي للأطفال من سن 7 إلى 10 سنوات، علاوة على تقديم دورة في كيفية دور الأسرة في الدعم النفسي للأطفال أثناء وبعد الحرب من ضمن برنامج الحماية.
وقال مدير مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، عصام التميمي، إن «تقدمة جنات وبرنامج رحماء من دعم نفسي للأطفال والأسر بسبب ما عانته من أوضاع قاسية في فقدان المعيل وأقرب الناس لهم وحرب مستمرة من الانقلابيين، فهم في أمس الحاجة لمثل هذه البرامج». ومن جهته، قال مسؤول المشاريع بمؤسسة جنات، محرم المحمودي: «إننا نسعى لإيجاد مساحات صديقة للأطفال وأسرهم والدعم النفسي لنصنع الفرحة ولو بسيطة بسبب الأوضاع القاسية التي تمر بها البلاد وتعز على وجه الخصوص».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.