الانقلابيون {ينتحرون} على أسوار مناطق مطلة على باب المندب

قوات الشرعية حققت انتصارات كبيرة في كرش وأعاقت تقدم المتمردين نحو مواقع استراتيجية

مقاتلون موالون للشرعية خلال تصديهم لمحاولات الانقلابيين التقدم في جبهات منطقة كرش («الشرق الأوسط»)
مقاتلون موالون للشرعية خلال تصديهم لمحاولات الانقلابيين التقدم في جبهات منطقة كرش («الشرق الأوسط»)
TT

الانقلابيون {ينتحرون} على أسوار مناطق مطلة على باب المندب

مقاتلون موالون للشرعية خلال تصديهم لمحاولات الانقلابيين التقدم في جبهات منطقة كرش («الشرق الأوسط»)
مقاتلون موالون للشرعية خلال تصديهم لمحاولات الانقلابيين التقدم في جبهات منطقة كرش («الشرق الأوسط»)

عزا قائد عسكري يمني استماتة الميليشيات الانقلابية وحشد تعزيزاتها للوصول إلى منطقة كهبوب الواقعة غرب محافظة لحج، إلى البعد الاستراتيجي والأهمية العسكرية والجغرافية لهذه المنطقة الحيوية المترابطة ضمن سلسلة مناطق جبلية صحراوية والمطلة على عصب الملاحة الدولية باب المندب.
وأكد العميد محمود صائل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الجيش والمقاومة تفرض كامل سيطرتها على جبهات كهبوب، وتتقدم عنها ثلاثة كيلومترات شرقًا باتجاه مناطق المحايلة، ومشارف مديرية ذباب التابعة لمحافظة تعز والخاضعة لسلطة ميليشيات الحوثي - صالح، مؤكدًا أن سبع غارات لطيران التحالف العربي استهدفت تعزيزات للانقلابيين ناحية جبال كهبوب، في محاولة فاشلة لها لإحراز أي تقدم، أو استعادة ثلاثة مواقع شمال شرق كهبوب خسرتها الميليشيات أول من أمس، لافتًا إلى خسائر فادحة وتدمير أطقم وأسلحة عسكرية كانت الميليشيات تحشدها كتعزيزات لقواتها التي تعيش حالة إرباك وتخبط وفرار من ساحات المواجهات والمعارك في أكثر من جبهة بالمنطقة.
ولفت القائد العسكري الصبيحي إلى الأهمية الاستراتيجية للمنطقة المطلة على باب المندب وجزيرة ميون، الأمر الذي يدفع بميليشيات الحوثي - صالح للوصول لها، وهو أمر من المستحيل أن تحققه؛ لأن المقاومة وقوات الجيش الوطني تفرض كامل سيطرتها على كهبوب التي تبعد 18 كيلومترًا عن ممر «باب المندب»، وقواتها متماسكة في جبهات السلسلة الجبلية الصحراوية والشريط الساحلي لمناطق الصبيحة.
وتواصل قوات الجيش الوطني والمقاومة تحقيق انتصاراتها العسكرية، حيث تمكنت أول من أمس من تحرير ثلاثة مواقع استراتيجية شمال شرق كهبوب بغطاء من طيران التحالف وسلاح المدفعية، حيث تتقدم قوات الشرعية بمسافة ثلاثة كيلومترات ناحية مناطق ذباب التابعة لمحافظة تعز، فيما تخضع مناطق الشريط الساحلي بالصبيحة والجبهات الغربية الشرقية لمديرية المضاربة ورأس العارة لسيطرة المقاومة والجيش بالكامل وسط هدوء حذر، ومواجهات متقطعة في المناطق الحدودية الرابطة بين مناطق المضاربة التابعة لمحافظة لحج، وكذا مديرية الوازعية التابعة لمحافظة تعز والخاضعة لسيطرة الميليشيات.
وقال العميد محمود صائل أن محاولات التوغل الفاشلة للميليشيات لاختراق جبهات الجيش المقاومة في كهبوب تأتي كمحاولة يائسة للانتصارات المتتالية لقوات الشرعية بتحرير كامل مناطق كرش، والتقدم باستمرار ناحية شمال غرب المديرية القريبة من منطقة الشريجة وجبال القبيطة، التي باتت تحت مرمى مدفعية وصواريخ الجيش والمقاومة.
وتتركز المعارك في غرب وشمال محافظة لحج في المناطق المحاذية لمحافظة تعز، وتحديدًا السلسلة الجبلية الصحراوية شرق كهبوب، وكذا مناطق المحاولة والأغبرة والمشاولة والبوكرة المحاذية لمديرية الوازعية، حيث باتت مناطق ومديريات محافظة لحج بالكامل خاضعة لسيطرة الجيش والمقاومة، في حين تتجدد المواجهات بشكل متقطع بالمناطق آنفة الذكر، وسط خسائر متوالية في صفوف الميليشيات بتلك المناطق.
وحاليًا، باتت قوات الجيش الوطني والمقاومة على مشارف مديرية ذباب التابعة لمحافظة تعز، والتي تبعد عن باب المندب 20 كيلومترًا، وعلى بعد ما بين كيلومترين إلى 3 كيلومترات من المناطق والمواقع التي تتمركز فيها قوات الشرعية شمال شرق كهبوب التي تبعد عن ذباب هي الأخرى 5 كيلومترات.
وتفصل سلسلة جبلية صحراوية بين باب المندوب وكهبوب التابعين لمحافظة لحج ومناطق باب التابعة لمحافظة تعز. وعزا العميد محمود صائل تأخر استكمال قوات الجيش والمقاومة لعمليات التحرير للمنطقة لكمية الألغام الفردية والجماعية التي زرعتها الميليشيات الانقلابية عقب دحرها من تلك المساحات الصحراوية الجبلية التي تعد اليوم بالكامل جبهات متماسكة لقوات الشرعية كطود حماية، وخط دفاع أول لمنطقة كهبوب، وممر الملاحة الدولية «باب المندب».
على صعيد تطورات جبهات كرش والشريجة والقبيطة الرابطة بين محافظتي تعز ولحج تتواصل المواجهات بين ميليشيات الحوثي – صالح من جهة وقوات الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية من جهة ثانية، حيث تتركز المعارك في مواقع التلة الصفراء وموقع الدبابة والقمعة بميسرة الجبهة التي سيطرت عليها قوات الشرعية من قبضة الميليشيات الانقلابية أول من أمس.
وكانت الميليشيات الانقلابية قد حاولت أمس تنفيذ عمليات التفاف فاشلة لاستعادة المواقع التي خسرتها أمام قوات الشرعية بشمال غرب مديرية كرش المطلة على مناطق الشريجة وجبال القبيطة، ودفع استبسال وصمود الجيش والمقاومة على التراجع بحسب تصريحات ناطق جبهات كرش قائد نصر الردفاني للتراجع بعد أن كبدتها خسائر فادحة.
وأكد الناطق الرسمي أن جميع المواقع التي تم تحريرها في شمال غرب المديرية من قبضة الميليشيات الانقلابية خلال المعارك السابقة في ميسرة وميمنة وقلب الجبهة تحت سيطرة المقاومة الجنوبية والجيش، وسط انتصارات متوالية وتقدم لقوات الشرعية ناحية منطقة الشريجة، والجبال المطلة على القبيطة التي تتركز فيها المواجهات حاليًا، والتي باتت تحت مرمى نيران المقاومة والجيش الوطني، على حد قوله ذلك.
وجددت الميليشيات الانقلابية أمس قصفها العشوائي بالأسلحة الثقيلة لمناطق آل حميقان بمحافظة البيضاء جنوب شرق محافظة صنعاء، مستهدفة المناطق والقرى الواقعة تحت سيطرة المقاومة، وذلك بعد محاولة فشل اختراق جبهات القبائل، الأمر الذي دفعها للقصف العشوائي لتأليب السكان المحليين كحاضنة شعبية للمقاومة في مواجهة الحوثيين الذين يسيطرون على المحافظة منذ مارس (آذار) 2015.
وتواصل المقاومة ورجال القبائل بمناطق آل حميقان والزاهر وقيفة رداع وذي ناعم أسلوب حرب العصابات والكمائن؛ لمواجهة واستنزاف الميليشيات في ظل حرب غير متكافئة، وتتفوق فيها الميليشيات الانقلابية عدة وعتادًا على المقاومة ورجال القبائل من أبناء محافظة البيضاء.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».