سوق العقارات في تشيلي.. مستقرة لكنها تميل إلى الإيجارات

قانون القيمة المضافة جعل «القديم» أكثر جاذبية

منزل في إحدى مزارع العنب بالقرب من العاصمة التشيلية سانتياغو (نيويورك تايمز)
منزل في إحدى مزارع العنب بالقرب من العاصمة التشيلية سانتياغو (نيويورك تايمز)
TT

سوق العقارات في تشيلي.. مستقرة لكنها تميل إلى الإيجارات

منزل في إحدى مزارع العنب بالقرب من العاصمة التشيلية سانتياغو (نيويورك تايمز)
منزل في إحدى مزارع العنب بالقرب من العاصمة التشيلية سانتياغو (نيويورك تايمز)

في قطعة الأرض هذه التي تقدر بنحو 99 فدانًا، في وادي كاسابلانكا، الذي يقع على بعد نحو 45 دقيقة بالسيارة من العاصمة التشيلية سانتياغو، يقع هذا المنزل ومساحته 13 ألف قدم مربع، حيث تمتد مزارع العنب حوله على مساحة 67 فدانًا. يوجد العقار على طريق ريفي على مسافة 5 أميال تقريبًا من طريق 68، وهو الطريق الرئيسي الذي يربط سانتياغو بالمدينتين الساحليتين فينا ديل مار، وفالبارايسو.
ويزرع المالك الحالي للعقار بالأساس نوع فاخر من العنب الأخضر، إلى جانب تخصيص بعض الأراضي الصغيرة لزراعة العنب الأسود، والأزرق الداكن. وقد تم تشييد ذلك المنزل، الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية والمكون من طابق واحد ويتخذ شكل حرف U، ويحتوي على سبع غرف نوم، وخمسة حمامات كبيرة، وحمام صغير، عام 2009. وتقع كل من غرفة المعيشة، وغرفة الطعام، والمطبخ، في قلب المنزل، بينما تقع غرف النوم في الجوانب. وتم بناء الأسقف شديدة الارتفاع من خشب البامبو على طراز تقليدي، وتم تدعيمها بعوارض من الخشب الصلب. أما الأرضيات، فهي بلاطات من السيراميك الفخاري تغطي المنزل بأكمله. وتم تدعيم الجدران بالخرسانة.
غرفة الطعام الطويلة مستطيلة الشكل ذات مساحة كبيرة تتسع لطاولة ذات عشرة مقاعد. أما المطبخ، فهو على الطراز «الريفي»، حيث تعلو المناضد حجارة السايلستون، وهناك مساحة تتسع لطاولة طعام. وهناك قبو مساحته 300 قدم مربع لتخزين النبيذ، إضافة إلى مكان للغسل، وغرفة للخادمة، ومكتب كبير. ولا يشمل سعر المنزل الذي يبلغ 4.5 مليون دولار، الأثاث، لكنه معروض للبيع، بحسب مات ريدجواي، صاحب شركة «تشيلي إنفيستمينتس» للاستشارات التي تقوم بتسويق العقار.
هناك أربع غرف نوم، وثلاثة حمامات في الجناح الشمالي، وثلاث غرف نوم، وحمامان في الجناح الجنوبي، بينما يوجد حمام صغير بالقرب من غرفة المعيشة. كذلك هناك غرفتا نوم كبيرتان، تقع كل منهما في نهاية كل جناح، وملحق بكل منهما حمام، وخزانة ملابس يمكن للشخص دخولها بحسب ما أوضح ريدجواي.
ويضم العقار أيضًا حوضًا للسباحة، وملعبًا للتنس. ويوجد في الباحة الخلفية بستان كبير، وحديقة من أشجار الزيتون. وهناك منزلان صغيران على أطراف العقار لسكن العاملين. يشمل سعر البيع حقوق استخراج المياه الجوفية، الضرورية للأرض الزراعية، على حد قول ريدجواي.
وأوضح ريدجواي أنه من النادر عرض هذا النوع من العقارات للبيع علنًا، حيث قال: «لا تصل مثل تلك العقارات بمثل تلك الأسعار، إلى السوق، بل يتم نقل ملكيتها من شخص لآخر على نطاق محدود، وشخصي».
وتقع مدينة كاسابلانكا، التي يبلغ عدد سكانها 25 ألف تقريبًا، وتضم متاجر ومطاعم، على بعد 15 دقيقة بالسيارة من العقار. هناك عدة مطاعم ممتازة في هذه المنطقة، على حد قول ريدجواي. ويبعد مطار سانتياغو الدولي نحو 40 دقيقة.
* نظرة عامة على السوق
شهد الاقتصاد التشيلي تباطؤًا خلال السنوات القليلة الماضية، ومن أسباب ذلك حدوث هبوط في سعر النحاس، الذي يعد من الصناعات الأساسية في البلاد. وبعد أن شهد إجمالي الناتج المحلي نموًا كبيرًا عام 2013، بدأ في التراجع. وظل الطلب كبيرًا على العقارات الفخمة، في حين تراجعت مبيعات المنازل متوسطة ومنخفضة السعر، على حد قول وكلاء العقارات. وقال هورهي ميرا أوليفوس، رئيس العقارات في شركة «أنجيل أند فولكرز تشيلي» العقارية: «ما نشهده حاليًا هو اتجاه نحو سوق التأجير لا سوق البيع».
وزادت عمليات التأجير، التي قامت بها شركة «أنجيل أند فولكرز» عام 2016 بنسبة 30 في المائة مقارنة بالعام السابق، في حين تراجعت المبيعات بنسبة تزيد على 5 في المائة. وانخفضت المبيعات في سانتياغو بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المائة على حد قول ريدجواي. وأضاف قائلا: «مع ذلك لا يزال هناك طلب على العقارات الجيدة ذات المواقع المتميزة». وأكد فيكتور دانوس، المدير العام لشركة «بروإيرب تشيلي» العقارية أنه رغم ذلك التراجع، لا تزال السوق «مستقرة». في كل أنحاء سانتياغو، يبلغ متوسط سعر الشقة نحو 203 دولارات للقدم المربع، أي نحو 2.183 دولار للمتر المربع. أما بالنسبة إلى المنزل، فيبلغ سعر القدم المربع 152 دولارًا، أي نحو 1.637 دولار للمتر المربع. مع ذلك يمكن أن ترتفع الأسعار لأكثر من 300 دولار للقدم المربع بالنسبة لمنزل يقع في منطقة متميزة عند سفح الأنديز، مثل فيتاكورا، أو لو بارنيسيا.
وجعل القانون الجديد، الذي يفرض ضريبة قيمة مضافة على بيع العقارات الجديدة، العقارات القديمة أكثر جاذبية، على حد قوله. يمكن لضريبة القيمة المضافة، التي تم تطبيقها في الأول من يناير (كانون الثاني)، أن تضيف نسبة تتراوح بين 4 و11 في المائة إلى سعر العقار الجديد بحسب ما أوضح.
ومن الصعب تقييم عقارات مزارع العنب الريفية كما يوضح ريدجواي، فهناك عدد محدود معروض للبيع، وقليلة هي مزارع العنب التي تضم منازل يمكن مقارنتها بتلك العقارات.
* من يشتري في سانتياغو وما حولها
في سانتياغو، يندر وجود مشترين أجانب على حد قول وكلاء العقارات، لكن في الريف الذي تكثر به زراعة العنب من أجل صناعة النبيذ، حيث يوجد منازل، يمثل المشترون الأجانب نحو 80 في المائة من عمليات البيع على حد قول دانوس. أكثر المشترين الأجانب من البرازيل، والأرجنتين، والولايات المتحدة الأميركية. كذلك يجذب هذا الريف المتقاعدين، الذين يبحثون عن الأجواء الهادئة، والأنشطة المتنوعة الترفيهية التي يمكن القيام بها في تشيلي، وكذلك تجذبهم أسعار المنازل المنخفضة مقارنة ببعض بلدان أميركا الجنوبية الأخرى. وكثيرًا ما يتم تحويل العقارات الملحق بها مزارع عنب إلى فنادق صغيرة، أو فنادق مبيت وإفطار فقط كما يوضح وكلاء العقارات. وأدى تراجع قيمة البيزو مقابل الدولار الأميركي إلى تمتع المواطنين الأميركيين بالقدرة على شراء العقارات في تشيلي، على حد قول ريدجواي. في الوقت الذي بلغ فيه متوسط سعر صرف البيزو على مدى عشر سنوات، 550 بيزو مقابل دولار واحد، يقترب السعر الحالي من 670 بيزو، ووصل في بداية العام الحالي إلى 730 بيزو مقابل دولار واحد، وهو ارتفاع شهده سعر الصرف أخيرا.
* أساسيات الشراء
وتم إدراج أسعار العقارات بوحدة الأونيداد دي فومينتو، وهي شكل من أشكال العملات المرتبطة بالبيزو التشيلي، لكن تم تعديلها بسبب التضخم من أجل جعل الأسعار أكثر اتساقًا. لا توجد قيود على شراء الأجانب للعقارات، باستثناء المناطق الحدودية. مع ذلك من المستحيل تقريبًا على شخص غير مقيم الحصول على رهن عقاري، حيث يشتري أكثر الأجانب بالنقود كما يوضح وكلاء العقارات. بوجه عام، إنها «عملية بسيطة حقًا» على حد قول أوليفوس، لكن يوصي وكلاء العقارات بالاستعانة بمحامٍ من أجل متابعة العملية، وضمان عدم وجود أي ديون، أو رهون على العقار. كذلك لا يخضع وكلاء العقارات لتنظيم، مما يجعل من المهم العثور على وكيل ذي سجل مشرف على حد قول دانوس. يتولى كاتب العدل (الموثق العام) كل التفاصيل الخاصة بالمعاملات. بمجرد اتفاق البائع والمشتري على السعر، وتأكيد الأحقية، يتم وضع سعر الشراء بالكامل في شكل سند عالق إلى حين الحصول على موافقة هيئة تسجيل العقارات الحكومية كما يوضح ريدجواي.

* خدمة «نيويورك تايمز»

** المواقع الإلكترونية
* موقع تشيلي السياحي:
chile.travel
* حكومة تشيلي:
gob.cl
* موقع لجنة التجارة التشيلية: www.prochile.gob.cl / int / united - states
* اللغات والعملات
الإسبانية، البيزو التشيلي (670 بيزو = 1 دولار).
* الضرائب والرسوم
عادة ما يتراوح إجمالي تكاليف إتمام عملية البيع بالنسبة للمشترين بين 4 و5 في المائة من سعر الشراء، على حد قول ريدجواي. وتشمل تلك التكاليف رسوم وكيل العقارات، التي تتراوح بين 2 و3 في المائة، ورسوم كاتب العدل (الموثق العام)، ورسوم التسجيل التي تتراوح بين 350 دولارًا، و800 دولار. الضريبة العقارية على هذا العقار أقل من 3 آلاف سنويًا كما يوضح ريدجواي.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»