ليبيا: رئيس حكومة الوفاق يدعو لمصالحة وطنية قبل زيارته إلى باريس

دعا فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، الذي بدأ أمس زيارة إلى فرنسا تعد الأولى من نوعها، إلى مبادرة مصالحة وطنية لوضع حد للانقسامات في بلد يموج بالاضطرابات منذ سقوط العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وحل السراج في العاصمة الفرنسية باريس، قادما من مدينة نيويورك الأميركية، بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تلبية لدعوة رسمية من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة الفرنسية لفت في مقابلة صحافية أمس إلى أن بلاده قادرة على التواصل مع جميع الأطراف في ليبيا، لكنه اعتبر في المقابل أن «الحديث مع السراج يأتي في المقام الأول». ولفت إلى أن الوضع في ليبيا له تأثير مباشر على أوروبا، موضحا أن عدد عناصر تنظيم داعش في ليبيا يتراوح ما بين 3 و5 آلاف شخص، وأن تفرقهم عقب الضربات الأميركية على سرت يشكل خطرًا بالمقام الأول على دول الجوار.
وبعدما رأى أن الأولوية لمواصلة الضغط على عناصر «داعش» في سرت، تابع موضحا «وراء العمل العسكري يجب التعاون في مكافحة الإرهاب مع مصر وتونس والجزائر والمغرب، خاصة مع استمرار القلق من الهجرة غير الشرعية».
من جهته، قال السراج إن الحرب في سرت ضد تنظيم داعش تدخل مراحلها الأخيرة، رغم استمرار تحدي التفجيرات والشراك الملغومة، موضحا أن «ليبيا مرت خلال السنوات الماضية بمرحلة صعبة وحرجة جدا، حدث بها كثير من التشظي.. وكثير من الانقسامات السياسية.. كما حدث تفكك في النسيج المجتمعي نتيجة الصراعات الدموية.. ولذلك نحتاج بالفعل إلى مصالحة حقيقية بين الليبيين في الداخل والخارج.. وليبيا لليبيين جميعا ولا إقصاء لأي طرف أو فصيل سياسي أو توجه»، لافتا النظر إلى أن «المصالحة ستوفر استقرارا أمنيا كبيرا، وبالتالي توفر استقرارا اقتصاديا».
وعن موعد تنفيذ مبادرته للمصالحة قال: «أتمنى أن يبدأ تنفيذ المبادرة في أقرب وقت ممكن.. قبل نهاية العام.. ونحن نتوقع خلال الأسابيع المقبلة الانتهاء من تشكيل حكومة جديدة.. لكن حتى الآن لم نستلم أي خطاب من مجلس النواب بإعادة تقديم تشكيل وزاري جديد.. ومع هذا تعاملنا بإيجابية مع مخرجات جلسة مجلس النواب، رغم كل الجدل الذي دار حول الجلسة.. وقررنا تقديم تشكيل وزاري جديد لمجلس النواب.. والآن يتحمل المجلس مسؤوليته ويمارس دوره».
وتحدث السراج بلهجة توافقية إزاء عمليات الاستحواذ على الموانئ، لكنه حذر من أن حماية المنشآت الحيوية ستكون مهمة الحكومة المعترف بها دوليا. وقال بهذا الخصوص: «نحن كمجلس رئاسي منفتحون على كل الأطراف السياسية.. وعلى المستوى الشخصي لا يوجد أي تحفظ في ذلك. ولا على أي شيء يساعد في حل الأزمة الليبية أو نفتح به مختنقات مسدودة.. ونحن مستعدون للقاء أي أشخاص».
وتابع السراج مستدركا «لكن الرسالة وصلناها بوضوح.. عدم المساس بالمنشآت النفطية وعدم إلحاق أي ضرر بها لأن من يحمي النفط يجب أن يكون تحت مظلة المجلس الرئاسي».
ورفض البرلمان الذي يتخذ من شرق ليبيا مقرا له تشكيلين وزاريين تقدمت بهما حكومة السراج، بينما سلم الجيش الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر قيادة العمليات النفطية إلى مؤسسة النفط الليبية، التي قال السراج إنها تعمل تحت مظلة المجلس الرئاسي.
ويناضل المجلس الرئاسي لحكومة السراج منذ وصوله إلى طرابلس، قادما من تونس في شهر مارس (آذار) الماضي، من أجل الحصول على دعم شعبي وضمان ولاء الأطراف السياسية والفصائل المسلحة الليبية.
وزاد الإحباط من جراء فشل المجلس في حل المشكلات اليومية، بما في ذلك أزمة السيولة وعمليات الخطف المتكررة، وانقطاعات الكهرباء وتدهور النظام الصحي.
ومع ذلك، تسعى حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة إلى تعزيز مكانتها وبسط سيطرتها خارج مقرها في طرابلس بغرب ليبيا.
وتعتمد ليبيا بصورة كبيرة على عائدات صادرات النفط، وتحتاج إلى زيادة إنتاجها منه لمنع انهيارها اقتصاديا، بينما أدخل سقوط القذافي عام 2011 البلاد في فوضى قسمت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا إلى قطاعات مسلحة متنافسة.