الانقلابيون يفرضون مبالغ كبيرة على تجار العاصمة اليمنية

تحسر وسط قيادات صالح على ذهاب السيولة المطبوعة في روسيا إلى عدن وليس صنعاء

الانقلابيون يفرضون مبالغ كبيرة على تجار العاصمة اليمنية
TT

الانقلابيون يفرضون مبالغ كبيرة على تجار العاصمة اليمنية

الانقلابيون يفرضون مبالغ كبيرة على تجار العاصمة اليمنية

تزامن إحياء ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» (أيلول)، التي أنهت الحكم الإمامي في اليمن، العام الحالي، مع تطورات سياسية وعسكرية واقتصادية أضرت كثيرًا بالميليشيات الانقلابية، مما جعلهم يتخبطون في طريقة إحياء الذكرى، واتخاذ إجراءات عقابية ضد المواطنين.
وكان لافتًا أن المخلوع علي عبد الله صالح ألقى كلمة عشية المناسبة تلقاها المواطنون بشيء من الاستغراب والاستهجان، خصوصا في ظل سيطرة مسلحي الحوثي على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء التي غادرتها شعلة العيد، التي كان يجري إيقادها سنويا في شارع التحرير وسط صنعاء، إلى مدن أخرى تسيطر عليها السلطة الشرعية.
وقال الإعلامي غمدان الشريف لـ«الشرق الأوسط» إن احتفاء صالح بذكرى «26 سبتمبر» ما هو إلا مراوغة منه أمام «المؤتمر الشعبي العام»، «الذي يوجد بين صفوفه من دافع عن الثورة والجمهورية، وكانت لهم بصمات في تحقيق الثورة وأهدافها المجيدة». وأشار إلى أن صالح وبعد تحالفه مع الإماميين الجدد (الحوثيون)، تحالف ضد الثورة وأهدافها ومكاسبها.. «وهو تحالف يرفض قيام دولة اتحادية من عدة أقاليم، علاوة لانقلابه على مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية». ولفت إلى أن «رفض قادة ميليشيات صالح والحوثي يدل على أن مشروعهما واحد ومصالحهما المشتركة واحدة، جعلتهما يتوحدان اليوم لمناهضة مشروع الدولة اليمنية الحديثة». واستغرب الشريف «إطلالة صالح في ذكرى (26 سبتمبر) التي يحسب لها الإطاحة بنظام إمامي كهنوتي أراد المخلوع إعادته إلى السلطة يوم 21 سبتمبر 2014»، مشيرا إلى أن صالح ربما ما زال يعتقد أن الشعب لم يكشف حقيقة مكره وخداعه.
في المقابل، لاحظ يمنيون أن تجاهل الحوثيين مؤشر ودليل على أن هذه الجماعة ما جاءت إلا للانقلاب على قيم ومبادئ الجمهورية. وفيما كان عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين قد ظهر عبر خطاب متلفز للاحتفاء بانقلاب 21 سبتمبر 2014، وأفردت وسائل الإعلام الخاضعة لهم مساحات واسعة لقياداتهم للحديث عن «يوم النكبة» كما يسميه اليمنيون، غاب أي حديث سواء من القيادات أو أفراد الحوثيين عن ثورة «26 سبتمبر».
وقال همدان العليي، الكاتب السياسي اليمني، إن «جماعة الحوثي تعتبر (ثورة 26 سبتمبر» انقلابًا على الإمامة، وبالتالي عملت على مدى 50 عامًا عبر مؤسسات الدولة والتغلغل في الأحزاب على تهيئة انقلاب 21 سبتمبر 2014». وأضاف: «في السابق كان أغلب الحوثيين وربما جميعهم لا يتحدثون عن (ثورة سبتمبر) بهذه الطريقة العدائية، لأنهم كانوا يخشون نقمة الشارع، أما اليوم فكثير منهم يتحدثون بكل صراحة ويصفونها بأنها انقلاب على الإمامة، لأن الحكم باعتقادهم يجب ألا يخرج عن (البطنين)، بحسب نظريتهم العنصرية».
أما الجزء الآخر من الحوثيين وقياداتهم، بحسب العليي، فلا يظهرون عداءهم لثورة «26 سبتمبر» بشكل مباشر، لكنهم في مجالسهم الخاصة يقولون إن ما حدث هو انقلاب، وأنهم اليوم استعادوا ما أخذ منهم في السابق. ورأى الكاتب اليمني أن «انقلاب (21 سبتمبر) وما تلاه من أحداث، كشف للشعب اليمني زيف الحوثيين الذين جاءوا لاستعادة الحكم». وتابع: «أعتقد أن كل ذلك كشف للناس بوضوح لماذا قامت ثورة (26 سبتمبر) في ذلك الوقت وما هي سلبيات الإمامة وطموحاتها».
وجاءت ذكرى «26 سبتمبر» هذا العام وسط تطورات اقتصادية صعبة أمام الميليشيات الانقلابية، مما دفعها إلى الإقدام على فرض مبالغ مالية طائلة على أصحاب المحلات التجارية الكبرى ومحلات الذهب وغيرها من الشركات والمؤسسات الأهلية في العاصمة صنعاء، والتي تم إجبارها على دفع تلك المبالغ دعما للبنك المركزي.
وذكر عدد من الأهالي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات المسلحة فرضت مبالغ كبيرة تراوحت بين مائتين وألفي دولار على كل صاحب محل ومتجر، لافتة إلى أن محلات الذهب فرض عليها بقوة السلاح مبلغ نصف مليون ريال يمني (ألفا دولار) عن كل محل، فيما المحلات التجارية الكبيرة دفعت مائة ألف ريال يمني (400 دولار)، بينما المحلات التجارية الصغيرة فرض عليها مائتا دولار عن المحل الواحد.
وليست هذه المرة الأولى التي تجبر فيها الميليشيات القطاع الخاص في المدن اليمنية الواقعة تحت سيطرتها على دفع المال تحت سطوة السلاح؛ إذ سبق لها أن فرضت على كبار رجال المال والأعمال مبالغ كبيرة تحت اسم «دعم المجهود الحربي».
وحث زعيم جماعة الحوثي أنصاره على التبرع للبنك المركزي اليمني في صنعاء، في خطوة ومحاولة رد جديدة منه إزاء قرار الرئيس الشرعي هادي، بشأن نقل إدارة وصلاحيات البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، الأسبوع الماضي.
ودعا الحوثيون أنصارهم إلى الاستمرار في التبرع للبنك في محاولة منهم لتوفير السيولة النقدية التي تسببت أزمتها بوصول البنك إلى حافة الإفلاس والانهيار الشامل، مما أدى بالسلطة الشرعية إلى اتخاذ قرارها الصادم للميليشيات الانقلابية التي أقدمت مؤخرا على فرض مبالغ مالية ودعوة أتباعها والمواطنين عامة للتبرع سواء من خلال الاستقطاع من المرتبات أو بإضافة مبالغ رسوم إلى قيمة الفواتير المحصلة نظير الخدمات الأساسية. وقالت إحدى الرسائل التي بثها الحوثي على الجوال: «للمشاركة في الحملة الوطنية للتضامن مع البنك عبر رسائل SMS، أرسل من أجل التبرع بـ100 ريال يمني أو 500 ريال أو 1000 ريال».
وكان زعيم الجماعة الحوثية طالب في خطاب له بثته قناة موالية للجماعة، قبل أيام، المواطنين بالتبرع بخمسين ريالا يمنيا، أي ما يقل عن ربع دولار أميركي، مما أثار عليه سخط وتهكم اليمنيين الذين قابلوا دعوته بالسخرية والهزل وفي مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. وتواصلت حملة ناشطة في مواقع التواصل وبشكل واسع النطاق، هازئة وساخطة من مطالبة عبد الملك الحوثي، زعيم المتمردين الحوثيين، لأنصاره بالتبرع للبنك المركزي اليمني.
إلى ذلك، قال القيادي الموالي لصالح، أحمد الحبيشي، رئيس المركز الإعلامي للمؤتمر الشعبي العام، إن العملة اليمنية التي تمت طباعتها في روسيا، وتحدث عنها عدد من وسائل الإعلام منذ شهرين، ذهبت إلى البنك المركزي في عدن.
وأشار رئيس صحيفة «14 أكتوبر» سابقا، إلى أن الكمية التي طبعت تم طباعتها بمذكرة رسمية وجهت من محافظ البنك المركزي اليمني الأسبق، محمد عوض بن همام، إلى شركة روسية، في مقاطعة سان بطرسبورغ بجمهورية روسيا الاتحادية. ولفت إلى أن الطباعة تمت بالتنسيق مع رئيس حكومة هادي، أحمد بن دغر ووزير المالية في الحكومة ذاتها، موضحا أنه وبموجب المذكرة تمت طباعة 14 مليار ريال يمني (نحو 600 مليون دولار)».
وأكد الحبيشي في منشور له في صفحته على موقع «فيسبوك» أن قيمة الطباعة حولت بالدولار من حسابات البنك المركزي اليمني بتوقيع بن همام، مشيرا إلى أن الكمية المطبوعة وصلت إلى فرع البنك المركزي اليمني في «عدن». وأوضح الحبيشي، أن بن دغر، بادر بتوجيه البنك المركزي في عدن إلى تعزيز مؤسسة كهرباء عدن بمبلغ 4 مليارات ريال يمني (نحو 16 مليون دولار) من هذه الكمية، لتحسين أوضاع الكهرباء، وصرف الرواتب المتراكمة منذ عدة أشهر لعمال وموظفي قطاع الكهرباء في المحافظات الجنوبية.
ويأتي كشف الحبيشي عن تلك النقود عقب تيقنه من قادة الانقلاب بأن تلك المبالغ ذهبت إلى العاصمة المؤقتة للبلاد «عدن» وليس إلى العاصمة صنعاء مثلما كان مزمعا لها أن تذهب قبل اتخاذ السلطة الشرعية قرارها بنقل إدارة البنك وتحويل أي إيرادات أو مساعدات أو قروض أو سيولة نقدية جديدة إلى وجهتها الجديدة وبعيدا عن سلطة الميليشيات الانقلابية التي يتحدث عنها القيادي الموالي لصالح.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.