أنقرة ترحب بانسحاب مقاتلين أكراد من منبج.. و«سوريا الديمقراطية»: انسحبنا من شهر

وزير الخارجية البريطاني يلتقي ممثلي المعارضة السورية ولاجئين في غازي عنتاب التركية

وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لدى زيارته مخيم نيزيب للنازحين السوريين في غازي عنتاب جنوب تركيا، أمس (رويترز) - عناصر من فصيل السلطان مراد التابع لجيش سوريا الحر يجهزون لإطلاق القذائف على مقاتلي «داعش» في قرية الراعي بريف جرابلس أول من أمس (غيتي)
وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لدى زيارته مخيم نيزيب للنازحين السوريين في غازي عنتاب جنوب تركيا، أمس (رويترز) - عناصر من فصيل السلطان مراد التابع لجيش سوريا الحر يجهزون لإطلاق القذائف على مقاتلي «داعش» في قرية الراعي بريف جرابلس أول من أمس (غيتي)
TT

أنقرة ترحب بانسحاب مقاتلين أكراد من منبج.. و«سوريا الديمقراطية»: انسحبنا من شهر

وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لدى زيارته مخيم نيزيب للنازحين السوريين في غازي عنتاب جنوب تركيا، أمس (رويترز) - عناصر من فصيل السلطان مراد التابع لجيش سوريا الحر يجهزون لإطلاق القذائف على مقاتلي «داعش» في قرية الراعي بريف جرابلس أول من أمس (غيتي)
وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لدى زيارته مخيم نيزيب للنازحين السوريين في غازي عنتاب جنوب تركيا، أمس (رويترز) - عناصر من فصيل السلطان مراد التابع لجيش سوريا الحر يجهزون لإطلاق القذائف على مقاتلي «داعش» في قرية الراعي بريف جرابلس أول من أمس (غيتي)

رحبت تركيا بانسحاب عدد كبير من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية من منبج بشمال سوريا باتجاه شرق الفرات. بينما أكدت «قوات سوريا الديمقراطية» أن انسحابها من ريف منبج باتجاه الضفة الشرقية لنهر الفرات بريف حلب الشرقي، «نُفذ قبل شهر»، معتبرة أن تصريح نائب رئيس الوزراء التركي عن انسحابها «سياسي أكثر منه عسكري»، وأن تركيا «رفضت الاعتراف في السابق بانسحابنا إلى الضفة الشرقية للفرات، لكنها اليوم تؤكد ذلك».
وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية، نعمان كورتولموش، في تصريحات عقب اجتماع مجلس الوزراء بالعاصمة أنقرة أمس: «هذه خطوة ترحب بها تركيا».
لكن مستشار القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية الدكتور ناصر حاج منصور، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «لا شيء جديد في الميدان السوري في ريف حلب الشرقي وتحديدًا في منبج»، مشددًا على أن قوات سوريا الديمقراطية «انسحبت قبل شهر من منبج، وأعلنا ذلك، وشككت تركيا قبل أن تؤكد اليوم (أمس) ما قلناه قبل شهر».
وكانت أنقرة طالبت مقاتلي وحدات حماية الشعب بالتحرك إلى شرق الفرات، كما طلبت من واشنطن حملهم على اتخاذ هذه الخطوة، إذ تعتبرهم بمثابة امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا «منظمة إرهابية».
واعتبرت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الخطوة ستهدئ إلى حد ما التوتر بين أنقرة وواشنطن بشأن دعم الأخيرة لهذه القوات باعتبارها حليفًا مهمًا لأميركا في الحرب على «داعش».
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن أنقرة تفكر «مبدئيًا بالنزول إلى عمق يصل حتى 45 كيلومترًا» في داخل العمق السوري، مضيفًا: «أننا مضطرون للنزول حتى هذا العمق لإتمام القسم الخاص بمنبج، وبعد ذلك فقط من الممكن أن تُشكّل منطقة آمنة بمساحة 5 آلاف كيلومتر مربع».
لكن الحاج منصور أكد أن «لا شيء جديدًا في المنطقة، ولا مؤشرات ميدانية على أي تغيير في خارطة انتشار القوى»، مشددًا على أن الجيش التركي «لم يتخطَ الحدود الإدارية لجرابلس باتجاه الحدود الإدارية لمنبج وريفها، ولا تزال القوات السورية المعارضة الحليفة لتركيا تلتزم الانتشار وراء نهر الساجور» الذي يعد الحدود الفاصلة بيت ريفي جرابلس ومنبج، ويبعد نحو 10 كيلومترات عن الحدود التركية – السورية.
وكشف الحاج منصور عن «موانع من قبل التحالف الدولي لأي تمدد تركي إضافي في منطقة منبج»، قائلاً: «هناك التزام من قبل التحالف الدولي بحماية المناطق المحررة من (داعش) من أي تدخل من أي فصائل مدعومة من تركيا أو تركيا نفسها»، مشيرًا إلى أن ذلك «يعني أن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب حذر من التوسع أكثر إلى الضفة الجنوبية والغربية لنهر الساجور، وهو ما يجعل خارطة انتشار القوى في المنطقة على حالها».
وفيما يؤكد الأكراد أن المقاتلين المنضوين تحت لواء عملية «درع الفرات» لم يتقدموا جنوبًا باتجاه منبج، يواصل هؤلاء المقاتلون المدعومون من تركيا التوسع باتجاه العمق السوري في منطقة ريف مدينة الراعي، وكان آخره استعادة السيطرة على أربع قرى في ريف حلب الشمالي، بعد اشتباكات مع تنظيم داعش، مساء الأحد الماضي. وقال إبراهيم الحمد، المقاتل في صفوف المعارضة، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن الفصائل استعادت السيطرة على قرى صندي وصندرة وبحوراته وكدريش جنوب غرب بلدة الراعي، بعد مواجهات استمرت ثلاثة أيام كان أعنفها، الأحد، وسط قصف مدفعي تركي وجوي من طيران التحالف على مواقع تمركز التنظيم في المنطقة.
وتتواصل حتى الآن مفاوضات بين أنقرة وواشنطن بشأن المشاركة في عملية لتحرير مدينة الرقة من أيدي تنظيم داعش ترفض أنقرة مشاركة القوات الكردية فيها، وتعتقد المصادر أن خطوة الانسحاب ربما جاءت في إطار توافق على صيغة العملية الخاصة بالرقة.
وقال كورتولموش إن الحكومة التركية ليست ضد الأكراد، لكنها تحارب ما أسماه «تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي»، مؤكدًا أن بلاده لن تسمح ببناء ممر خاص لهذا الحزب في شمال سوريا. ولفت إلى أن عناصر الحزب بدأت بالانسحاب من مدينة منبج السورية والعودة إلى شرق الفرات. وأوضح أن عملية تحرير الرقة يجب أن تتم على يد سكان المدينة دون مشاركة عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي، مكررًا أن بلاده لا تعارض الوجود الكردي شمال سوريا، لكنها تعلم أن إنشاء تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب حزامًا في المنطقة، يعني تقسيم سوريا، وتركيا لن تسمح بذلك.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أبدى استعداد تركيا للمشاركة في عملية تحرير الرقة شريطة عدم مشاركة القوات الكردية. وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إن المسؤولين العسكريين في تركيا يناقشون هذه العملية وليس هناك تاريخ محدد للبدء فيها.
على صعيد آخر قام وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، أمس، بزيارة إلى مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، حيث قام بزيارة لمخيم اللاجئين السوريين هناك.
ويجري جونسون خلال الزيارة محادثات مع مسؤولين أتراك، ومنظمات مجتمع مدني وممثلي المعارضة السورية. ويُرافقه وفد من الحكومة البريطانية خلال زيارته التي تستمر حتى اليوم الثلاثاء.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.