رحبت تركيا بانسحاب عدد كبير من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية من منبج بشمال سوريا باتجاه شرق الفرات. بينما أكدت «قوات سوريا الديمقراطية» أن انسحابها من ريف منبج باتجاه الضفة الشرقية لنهر الفرات بريف حلب الشرقي، «نُفذ قبل شهر»، معتبرة أن تصريح نائب رئيس الوزراء التركي عن انسحابها «سياسي أكثر منه عسكري»، وأن تركيا «رفضت الاعتراف في السابق بانسحابنا إلى الضفة الشرقية للفرات، لكنها اليوم تؤكد ذلك».
وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية، نعمان كورتولموش، في تصريحات عقب اجتماع مجلس الوزراء بالعاصمة أنقرة أمس: «هذه خطوة ترحب بها تركيا».
لكن مستشار القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية الدكتور ناصر حاج منصور، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «لا شيء جديد في الميدان السوري في ريف حلب الشرقي وتحديدًا في منبج»، مشددًا على أن قوات سوريا الديمقراطية «انسحبت قبل شهر من منبج، وأعلنا ذلك، وشككت تركيا قبل أن تؤكد اليوم (أمس) ما قلناه قبل شهر».
وكانت أنقرة طالبت مقاتلي وحدات حماية الشعب بالتحرك إلى شرق الفرات، كما طلبت من واشنطن حملهم على اتخاذ هذه الخطوة، إذ تعتبرهم بمثابة امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا «منظمة إرهابية».
واعتبرت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الخطوة ستهدئ إلى حد ما التوتر بين أنقرة وواشنطن بشأن دعم الأخيرة لهذه القوات باعتبارها حليفًا مهمًا لأميركا في الحرب على «داعش».
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن أنقرة تفكر «مبدئيًا بالنزول إلى عمق يصل حتى 45 كيلومترًا» في داخل العمق السوري، مضيفًا: «أننا مضطرون للنزول حتى هذا العمق لإتمام القسم الخاص بمنبج، وبعد ذلك فقط من الممكن أن تُشكّل منطقة آمنة بمساحة 5 آلاف كيلومتر مربع».
لكن الحاج منصور أكد أن «لا شيء جديدًا في المنطقة، ولا مؤشرات ميدانية على أي تغيير في خارطة انتشار القوى»، مشددًا على أن الجيش التركي «لم يتخطَ الحدود الإدارية لجرابلس باتجاه الحدود الإدارية لمنبج وريفها، ولا تزال القوات السورية المعارضة الحليفة لتركيا تلتزم الانتشار وراء نهر الساجور» الذي يعد الحدود الفاصلة بيت ريفي جرابلس ومنبج، ويبعد نحو 10 كيلومترات عن الحدود التركية – السورية.
وكشف الحاج منصور عن «موانع من قبل التحالف الدولي لأي تمدد تركي إضافي في منطقة منبج»، قائلاً: «هناك التزام من قبل التحالف الدولي بحماية المناطق المحررة من (داعش) من أي تدخل من أي فصائل مدعومة من تركيا أو تركيا نفسها»، مشيرًا إلى أن ذلك «يعني أن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب حذر من التوسع أكثر إلى الضفة الجنوبية والغربية لنهر الساجور، وهو ما يجعل خارطة انتشار القوى في المنطقة على حالها».
وفيما يؤكد الأكراد أن المقاتلين المنضوين تحت لواء عملية «درع الفرات» لم يتقدموا جنوبًا باتجاه منبج، يواصل هؤلاء المقاتلون المدعومون من تركيا التوسع باتجاه العمق السوري في منطقة ريف مدينة الراعي، وكان آخره استعادة السيطرة على أربع قرى في ريف حلب الشمالي، بعد اشتباكات مع تنظيم داعش، مساء الأحد الماضي. وقال إبراهيم الحمد، المقاتل في صفوف المعارضة، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن الفصائل استعادت السيطرة على قرى صندي وصندرة وبحوراته وكدريش جنوب غرب بلدة الراعي، بعد مواجهات استمرت ثلاثة أيام كان أعنفها، الأحد، وسط قصف مدفعي تركي وجوي من طيران التحالف على مواقع تمركز التنظيم في المنطقة.
وتتواصل حتى الآن مفاوضات بين أنقرة وواشنطن بشأن المشاركة في عملية لتحرير مدينة الرقة من أيدي تنظيم داعش ترفض أنقرة مشاركة القوات الكردية فيها، وتعتقد المصادر أن خطوة الانسحاب ربما جاءت في إطار توافق على صيغة العملية الخاصة بالرقة.
وقال كورتولموش إن الحكومة التركية ليست ضد الأكراد، لكنها تحارب ما أسماه «تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي»، مؤكدًا أن بلاده لن تسمح ببناء ممر خاص لهذا الحزب في شمال سوريا. ولفت إلى أن عناصر الحزب بدأت بالانسحاب من مدينة منبج السورية والعودة إلى شرق الفرات. وأوضح أن عملية تحرير الرقة يجب أن تتم على يد سكان المدينة دون مشاركة عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي، مكررًا أن بلاده لا تعارض الوجود الكردي شمال سوريا، لكنها تعلم أن إنشاء تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب حزامًا في المنطقة، يعني تقسيم سوريا، وتركيا لن تسمح بذلك.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أبدى استعداد تركيا للمشاركة في عملية تحرير الرقة شريطة عدم مشاركة القوات الكردية. وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إن المسؤولين العسكريين في تركيا يناقشون هذه العملية وليس هناك تاريخ محدد للبدء فيها.
على صعيد آخر قام وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، أمس، بزيارة إلى مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، حيث قام بزيارة لمخيم اللاجئين السوريين هناك.
ويجري جونسون خلال الزيارة محادثات مع مسؤولين أتراك، ومنظمات مجتمع مدني وممثلي المعارضة السورية. ويُرافقه وفد من الحكومة البريطانية خلال زيارته التي تستمر حتى اليوم الثلاثاء.
أنقرة ترحب بانسحاب مقاتلين أكراد من منبج.. و«سوريا الديمقراطية»: انسحبنا من شهر
وزير الخارجية البريطاني يلتقي ممثلي المعارضة السورية ولاجئين في غازي عنتاب التركية
أنقرة ترحب بانسحاب مقاتلين أكراد من منبج.. و«سوريا الديمقراطية»: انسحبنا من شهر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة