السعودية ترتقي بالمناخ الوظيفي في القطاع الخاص بالتقارب مع القطاع العام

بدأت السعودية خطوات متسارعة نحو رفع كفاءة مستوى خريجي الجامعات، وبالتالي زيادة معدلات تنافسيتهم للعمل في القطاع الخاص، مستندة في ذلك على جملة من التشريعات الجديدة التي تستهدف تقريب مستويات المناخ الوظيفي بين القطاعين العام والخاص.
واتخذت السعودية خلال الفترة الماضية قرارات مهمة تتعلق بإنشاء هيئة توليد الوظائف، التي من شأنها وضع التصور اللازم لتهيئة المناخ الوظيفي المناسب أمام الكوادر الوطنية، في وقت تتقارب فيه وجهات النظر بين وزارتي «الخدمة المدنية»، و«العمل»، بهدف استحداث نقطة التقاء بشأن رفع مستوى المناخ الوظيفي في القطاعين العام والخاص، وسد الفجوة السابقة فيما يخص هذا الجانب.
والمتتبع للقرارات الأخيرة التي أصدرتها السعودية بشأن موظفي القطاعين العام والخاص، يجد أن المملكة تخطو بشكل جاد نحو إيجاد مناخ وظيفي متقارب، مما يعني أن القطاع الخاص مهيأ خلال الفترة المقبلة لخلق مزيد من الفرص الوظيفية الجاذبة، للكوادر الوطنية، وبالتالي زيادة تنافسيتهم مع الأيدي العاملة الأجنبية، وتقليل تسرب الكوادر الوطنية إلى القطاع العام.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي بات فيه الاقتصاد السعودي الواجهة الأبرز بين دول المنطقة، خصوصًا أن المملكة تمتلك اليوم عضوية مجموعة دول العشرين، وهي المجموعة التي تضم كبرى اقتصادات دول العالم، بالإضافة إلى أنها تمتلك رؤية وطنية واضحة الأهداف والمعالم، حُدّد إطارها الزمني في 2030.
وفي الوقت الذي تستهدف فيه المملكة إحداث تقارب بين القطاعين العام والخاص في ما يتعلق بفرص التوظيف، يعيش الاقتصاد السعودي مرحلة إيجابية، وذلك على الرغم من انخفاض أسعار النفط بأكثر من 50 في المائة خلال الوقت الراهن، مقارنة بما كانت عليه الأسعار قبل عامين، حيث لا تزال المملكة تمتلك أدوات اقتصادية واستثمارية قوية، مدعومة باحتياطات كبيرة، ورؤية طموحة، ستنقل اقتصاد البلاد إلى مرحلة ما بعد النفط.
ومما يؤكد قوة الاقتصاد السعودي وعدم تأثره الكبير بانخفاض أسعار البترول، أقرت المملكة ميزانية عام 2016، التي أظهرت نموًا طفيفًا في الإنفاق عما كان عليه في عام 2015، مواصلةً بذلك حجم إنفاق قدّر بأكثر من 840 مليار ريال (224 مليار دولار)، مما يؤكد استمرار دعم الاقتصاد، وبالتالي زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وبدأت السعودية بخطوات فعلية نحو تفعيل برامج الخصخصة، وذلك عبر خصخصة المطارات، والموانئ، بالإضافة إلى خصخصة عدد من المرافق العامة، والتوجه نحو طرح جزء من أسهم شركة «أرامكو» في سوق المال، مما يرفع من قوة هذه السوق، ويزيد من جاذبيتها الاستثمارية لرؤوس الأموال.
ومن المتوقع زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي بوتيرة أسرع مما كانت عليه في السابق، خصوصًا أن فرص تطور ونمو القطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة باتت كبيرة جدًا، وذلك في ظل حزمة من التشريعات الحكومية الجديدة، التي تستهدف تهيئة المناخ الاستثماري المناسب أمام الشركات والمؤسسات.
وفي آخر القرارات التشريعية المحفزة للقطاع الخاص، دعت وزارة التجارة والاستثمار أول من أمس، عموم المهتمين إلى إبداء آرائهم ومقترحاتهم في مشروع نظام الإفلاس، من خلال موقعها الإلكتروني، وذلك قبل نهاية يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مبينة سعي هذا المشروع إلى زيادة كفاءة الاقتصاد من خلال تمكين المشروعات المتعثرة من إعادة النظر في شؤونها، والعمل على تجاوز الصعوبات المالية التي تواجهها؛ بما يمكنها من الاستمرار في ممارسة أعمالها، أو إجراء التصفية إذا تعذر ذلك، بما يحفظ حقوق الدائنين وغيرهم من أصحاب المصالح تعزيزا للثقة في التعاملات التجارية والمالية.
وقامت وزارة التجارة والاستثمار بإعداد مشروع نظام الإفلاس بالتعاون مع أحد بيوت الخبرة الدولية المتخصصة في هذا المجال، وذلك وفق منهجية محددة اعتمدت على رصد احتياجات التجار والمستثمرين في المملكة، وتحليل العثرات المالية التي واجهوها، إلى جانب دراسة أفضل الممارسات الدولية في مجال الإفلاس، وتحليل قوانين دول مثل إنجلترا وويلز وفرنسا وأميركا وألمانيا والتشيك وسنغافورة واليابان.
وقالت الوزارة في بيان صحافي أمس: «جاء اختيار هذه الدول بناء على عدة معايير تشمل إتاحة التعامل مع حالات الإفلاس بأساليب متنوعة تناسب حالة المدين، من خلال تصفية أصوله، أو سن إجراءات تمكنه من مواصلة نشاطه الاقتصادي، بالإضافة إلى تنوع المدارس القانونية لهذه الدول، وتنوع سياسات وتوجهات أنظمة الإفلاس لديها، كما اعتنت الوزارة بالاطلاع على ما صدر من دراسات وتوصيات عن المنظمات الدولية المتخصصة، كالبنك الدولي و(يونسيترال).. وغيرهما، وتحليل نتائج هذه الدراسات وتكييفها في ضوء واقع واحتياجات النشاطات التجارية والاستثمارية في السعودية».
وأوضحت الوزارة أن مشروع النظام الذي يتكون من 320 مادة، جاء بأحكام مفصلة عن إجراءات التسوية الوقائية، وإعادة التنظيم المالي، والتصفية، كما أنه اعتنى بمنح الإجراءين الأولين أولوية تهدف إلى إقالة عثرات المدينين وتمكينهم من معاودة ممارسة نشاطاتهم التجارية والاقتصادية في أسرع وقت ممكن.