فرنسا تتقدم على ألمانيا في قطاع الخدمات

تراجع مؤشر مديري المشتريات في منطقة اليورو

شهدت منطقة اليورو تباطؤا في نمو قطاعي الخدمات والتصنيع في نهاية الربع الثالث من العام الحالي
شهدت منطقة اليورو تباطؤا في نمو قطاعي الخدمات والتصنيع في نهاية الربع الثالث من العام الحالي
TT

فرنسا تتقدم على ألمانيا في قطاع الخدمات

شهدت منطقة اليورو تباطؤا في نمو قطاعي الخدمات والتصنيع في نهاية الربع الثالث من العام الحالي
شهدت منطقة اليورو تباطؤا في نمو قطاعي الخدمات والتصنيع في نهاية الربع الثالث من العام الحالي

اتجهت الأنظار في أوروبا في الساعات الماضية إلى بيانات القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات في منطقة اليورو لشهر سبتمبر (أيلول) الحالي، ومن المتوقع أن يواصل نشاط الشركات نموه، ولكن بوتيرة أبطأ.
وشهدت الكتلة المكونة من 19 دولة تباطؤا في نمو قطاعي الخدمات والتصنيع في نهاية الربع الثالث من العام الحالي، لمستوى لم تشهده منطقة العملة الواحدة منذ يناير (كانون الثاني) 2015، وفقا لمؤشر ماركيت لمديري المشتريات، حيث وصل مؤشر مديري مشتريات ماركيت إلى 52.6 نقطة في سبتمبر الحالي مقارنة بنحو 52.9 نقطة الشهر الماضي.
وجاءت قراءة سبتمبر مخيبة للآمال مدفوعة بتباطؤ أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، حيث هوت القراءة الخاصة بقطاع الخدمات في الاقتصاد الألماني إلى أدنى مستوى منذ 16 شهرا في ظل تباطؤ حاد في قطاع الخدمات. وعلى العكس، وللمرة الأولى منذ أربع سنوات توسع قطاع الخدمات في الاقتصاد الفرنسي بمعدل أسرع من ألمانيا، وفي أنحاء المنطقة الموحدة أظهر قطاع الخدمات قليلا من التفاؤل على أساس سنوي بعد أن شهد أدنى مستوياته في 21 شهرا.
ونما قطاع الخدمات الألماني بأبطأ معدل في أكثر من 3 سنوات؛ الأمر الذي دفع محللين إلى وصفه بأنه على «عتبة الركود»، في حين شهد قطاع الصناعات التحويلية تزايدا بأسرع وتيرة في 3 أشهر.
وقال أوليفر كولدسيك، الاقتصادي في «ماركيت»: إن القطاع الخاص الألماني صار يخسر مزيدا من الزخم، فقد أظهرت البيانات تباطؤ نمو الإنتاج بنحو عام ونصف العام.
وأكد، أن هناك قلقا حول الاتجاهات المتباينة في التعامل مع المشكلات الاقتصادية، في ظل قطاع الخدمات الذي يحاول أن ينتزع أي «نمو ملموس».
واستبعد كولدسيك أن تحقق ألمانيا معدل النمو المتوقع بنحو 0.7 في المائة في بداية العالم خلال الربع الثالث؛ فبيانات المسح قدمت دليلا على تباطؤ النمو الألماني في خلال الفصل الحالي.
وبرغم من وصول النشاط الصناعي في أنحاء اليورو، إلى أعلى مستوياته في 3 أشهر، لكن «ماركيت» قالت إن «منطقة اليورو تفقد زخم النشاط الصناعي».
وشهد القطاع الخاص الفرنسي تحسنا بشكل أكثر من المتوقع في سبتمبر الحالي؛ ليقلص من التراجع الذي شهده في الربع الثاني، وتحسن قطاع الخدمات الفرنسي إلى 54.1 في سبتمبر من 52.3 في أغسطس (آب) الماضي، وجاء أفضل من توقعات الاقتصاديين التي قدرت تراجعا إلى 52، على العكس انكمش قطاع الصناعات التحويلية الفرنسي للشهر الثاني على التوالي إلى 49.5 من 48.3؛ الأمر الذي دفع الاقتصاديين إلى توقع أن الآمال ستتحسن في الاقتصاد الفرنسي في الفصل الثالث.
وقال جاك كينيدي، الاقتصادي في «ماركيت»، إن تحسن قطاع الخدمات «المهيمن» عوض ركود قطاع التصنيع، وأكد أن البيانات ترفع الآمال في نمو معتدل في الربع الثالث مقارنة بالربع الثاني «الذي لم يوفق فيه الاقتصاد الفرنسي».
من ناحية أخرى، سجل النشاط الاقتصادي الفرنسي تراجعا في الربع الثاني من العام الحالي مع هبوط إجمالي الناتج الداخلي بنحو0.1 في المائة، بحسب أرقام جديدة نشرها معهد الإحصاءات الوطني أول من أمس بعد أن كان يتوقع استقرارا بنسبة (0.0 في المائة) في هذه الفترة، وتأتي الأرقام الجديدة قبل بضعة أيام على عرض الحكومة مشروع موازنة عام 2017 الذي يعوّل على نمو سنوي بنحو 1.5 في المائة.
وعدل المعهد الذي كان أكد في أغسطس الماضي، أن النشاط الاقتصادي راوح مكانه في الربع الثاني، توقعاته بعد «الأخذ في الاعتبار مؤشرات لم تكن متوافرة عند التقديرات السابقة، وبعد تحديث عوامل التصحيح الناتجة عن التبدلات الفصلية».
ويتباين الأداء في الربع الثاني مع التراجع القوي لإجمالي الناتج الداخلي في الربع الأول الذي بلغ 0.7 في المائة، إلا أن مصدرا في وزارة الاقتصاد والمال قال إن هذه الأرقام «لا تشكك في توقعات النمو بنسبة 1.5 في المائة لهذا العام والعام المقبل»، مضيفا أن الزيادة التي تم تحقيقها في الفصلين الأولين للعام على صعيد إجمالي الناتج الداخلي لا تزال عند 1.1 في المائة.
ومن الواضح أن نفقات استهلاك الأسر، المحرك التقليدي للاقتصاد الفرنسي، تراجعت بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) إلى سالب 0.1 في المائة، بينما كانت تعول التوقعات السابقة على بقائها على حالها. وكانت شهدت ارتفاعا قويا بنحو 1.1 في المائة في الفصل الأول.
وفي الفصل الثاني «تراجع استهلاك الأسر بينما تحسنت قدرتها الشرائية، وارتفع معدل التوفير لديها».. لينتقل من 14.5 في المائة إلى 14.8 في المائة، بحسب معهد الإحصاءات.
وقال روب دوبسون، الاقتصادي في «ماركيت»: إن اقتصاد منطقة اليورو أنهى الربع الثالث على معدلات مخيبة للآمال، مع معدل توسع يتراجع إلى أدنى مستوياته في 20 شهرا.
ولا تزال الصورة الرئيسية تشير إلى تباطؤ النمو في المنطقة بنحو 0.3 في المائة خلال الربع ككل، ووفقا لتحليلات «الشرق الأوسط»، فلا يزال الانتعاش الاقتصادي هشا لتحقيق الدفعة الحقيقة لمعدلات التضخم، وخلق فرص العمل في ظل تباطؤ معدلات التشغيل بأبطأ وتيرة منذ أبريل الماضي.
على صعيد آخر، أعلن مكتب الإحصاء الوطني في إيطاليا (إيستات) الجمعة الماضي، أن مرحلة الركود الأخيرة في البلاد التي تعتبر الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية جاءت أقصر مما كان يعتقد من قبل، مشيرا إلى أنها استمرت عامين بدلا من ثلاثة أعوام.
وجاء في بيان لمكتب الإحصاء الإيطالي، أن التقديرات بعد مراجعتها أظهرت أن الناتج المحلي الإجمالي لثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي تراجع بنسبة 2.8 في المائة عام 2012، وبنسبة 1.7 في المائة في 2013، ولكنه ارتفع بنسبة 0.7 في المائة في العام التالي.
وكان «إيستات» قد ذكر في وقت سابق أن معدل النمو جاء سلبيا أيضا في عام 2014 ووصلت نسبته إلى سالب 0.3 في المائة، غير أن المكتب قام بتقليل معدل النمو لعام 2015، وأشار إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا ارتفع في ذلك العام بنسبة 0.7 في المائة بدلا من 0.8 في المائة.
وما زالت معدلات النمو في إيطاليا ضمن أسوأ معدلات النمو بين دول الاتحاد الأوروبي، رغم محاولات رئيس الوزراء ماثيو رينزي إنعاش الاقتصاد منذ توليه السلطة عام 2014.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تراجع فيه مؤشر الدولار قليلا مع نهاية الأسبوع الماضي، متجها لتكبد أكبر خسائره الأسبوعية في شهر بعدما خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي توقعات أسعار الفائدة في الأمد الطويل وتعديل بنك اليابان المركزي لإطار سياسته النقدية.
وتراجع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من العملات الرئيسية تراجعا طفيفا مع ختام الأسبوع ليصل إلى 95.388، في حين زاد اليورو بنحو 0.1 في المائة أمام الدولار إلى 1.1215 دولار.
وارتفعت العملة الأميركية 0.15 في المائة أمام نظيرتها اليابانية إلى 100.90 ين، لتظل قريبة من أدنى مستوى لها في نحو أربعة أسابيع الذي سجلته يوم الخميس، عند 100.10 ين، وتتجه للهبوط أكثر من واحد في المائة على مدى الأسبوع.
وتراجع الجنيه الإسترليني صوب 1.30 دولار مع ختام الأسبوع، متجها لإنهاء الأسبوع دون تغير يذكر؛ في ظل استمرار الضغوط على العملة جراء المخاوف المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.