رئيس اتحاد الصحافيين العرب: الحفاظ على حياة زملائنا وحرية الرأي أهم أولوياتنا

مؤيد اللامي لـ«الشرق الأوسط»: 450 صحافيا عراقيا دفعوا حياتهم ثمنا لتأكيد مصداقيتهم

مؤيد اللامي رئيس اتحاد الصحافيين العرب
مؤيد اللامي رئيس اتحاد الصحافيين العرب
TT

رئيس اتحاد الصحافيين العرب: الحفاظ على حياة زملائنا وحرية الرأي أهم أولوياتنا

مؤيد اللامي رئيس اتحاد الصحافيين العرب
مؤيد اللامي رئيس اتحاد الصحافيين العرب

بين مقره في بغداد كنقيب للصحافيين العراقيين، ومقره الآخر في القاهرة كرئيس لاتحاد الصحافيين العرب، تتوزع مهام وأولويات مؤيد اللامي الذي يحاول أن يمسك بأكثر من تفاحة بيد واحدة، ويتصدى لملفات وقضايا وهموم شائكة يعاني منها غالبية العاملين في مهنة المتاعب، وخاصة في العراق الذي يصنف باعتباره البلد الأكثر خطورة على حياة الصحافيين، وتأتي في مقدمة هذه الملفات: الحريات الصحافية، وإبعاد الصحافيين عن المخاطر التي يتعرضون لها هنا وهناك من اعتقالات واغتيالات، وتطوير مهنية الصحافيين العرب.
اللامي الذي تم انتخابه خلال المؤتمر الأخير لاتحاد الصحافيين العرب الذي عقد في تونس قبل ثلاثة أشهر «وبحضور جميع الأعضاء»، حيث «كانت هناك منافسة قوية في الجولة الأولى وكانت المجموعة العربية منقسمة إلى فريقين، فريق كان يؤيد وبقوة أن يكون للعراق دور قيادي في الاتحاد، وفريق آخر غير متحمس لذلك» حسبما يوضح نقيب الصحافيين العراقيين، مستطردا «لكن جهود نقابة الصحافيين العراقيين وبحكم علاقاتها مع بقية النقابات العربية وكون العراق من مؤسسي اتحاد الصحافيين العرب استطعنا من أن نقترب من منصب رئيس الاتحاد والذي فزنا به في الجولة الثانية».
وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» بمكتبه على ضفاف دجلة بجانب الكرخ من بغداد، قال اللامي، إن «نقابة الصحافيين العراقيين لم تنجر طيلة السنوات الماضية إلى أي موقف سياسي أو تنحز لهذا الطرف أو ذاك وبقيت بمنأى عن المواقف السياسية للحكومة العراقية في علاقاتها أو مواقفها مع الدول العربية وخاصة ما يتعلق بالجانب المهني الذي يهمنا كثيرا، وقد وقفنا مع أي نقابة أو زميل يتعرض للاعتداء أو للاضطهاد من قبل أي جهة، وقد وقفنا بقوة مع جريدة («الشرق الأوسط») عندما تعرضت مكاتبها للاعتداء في بيروت، لهذا وجد الزملاء العرب أن نقابتنا تستحق أن تترأس الاتحاد بالرغم مما يمر به العراق من ظروف صعبة، ورغم التأثير الخارجي الضعيف للعراق حاليا، وقد حصلنا على موافقة جميع أعضاء الأمانة العامة للاتحاد وعددهم 15 عضوا وهذه سابقة لا سيما أن ظروف العراق ليست طبيعية حاليا».
وتحدث اللامي عن أولويات اتحاد الصحافيين العرب، التي قال عنها «أولوياتنا كثيرة وتأتي في مقدمتها الدفاع عن الصحافيين المضطهدين والذين يتعرضون للاعتقال والقتل من أجل تكميم أفواههم، هناك بلدان عربية يقتل فيها الصحافيون مثلما يحصل في العراق وسوريا واليمن وليبيا، حتى في دول كنا نتوقع أن الصحافيين فيها بمنأى عن مخاطر الاعتقال والقتل لكننا اكتشفنا أن القتل يطولهم أيضا، وموضوع الحريات الصحافية هو هاجسنا الأول وللأسف أن سقف الحريات في عالمنا العربي واطئ جدا وليس مثلما نريده، بأن يكون عاليا، من أولوياتنا كذلك دعم الصحافيين اجتماعيا إذ أن هناك الآلاف منهم يعانون من الحاجة المادية والفقر وفي أكثر من بلد عربي، كذلك نحرص على التقدم التقني والتطوير المهني، إذ أن هناك دولا عربية لم يستطع إعلامها مواكبة التقنيات الحديثة في العمل الصحافي مع أن علم الاتصالات تطور بشكل كبير وخاصة في العمل الصحافي، كنا نعمل على تطوير مهنية الصحافيين العرب والتشديد على مصداقية ما يكتبونه أو يتناقلونه في صحفهم وبقية الوسائل الإعلامية».
وفيما إذا كان الاتحاد يتمتع بصلاحيات للتدخل لدى الأنظمة العربية لإطلاق سراح هذا الصحافي أو الدفاع عن هذه الصحافية، أوضح رئيس اتحاد الصحافيين العرب، قائلا «بالتأكيد.. في الاتحاد توجد لجنة الحريات الصحافية وهي لجنة نشيطة جدا وتصدر تقارير دورية وموثوقة عن الصحافيين الذين يتعرضون للاضطهاد والاعتقال والاغتيال، كما أننا نلتقي بزعماء عرب ونتحدث معهم بصراحة عن مستوى الحريات الصحافية في بلدانهم وندافع عن الصحافيين المعتقلين عندهم، وقد طالبنا عند لقائنا بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باستخدام صلاحياته الدستورية لإطلاق سراح الصحافيين المعتقلين عندهم وقد تم ذلك بالفعل، قد تكون هناك بعض الحساسيات في هذا الموضوع في بعض الدول العربية لكننا لا نتراجع عندما يتعلق الموضوع بحرية صحافي والحفاظ على حياته».
وفيما يتعلق بالجانب المهني قال اللامي «من المعروف أن الاتحاد مر بظروف صعبة للغاية، والزملاء بحاجة للتطوير والتأهيل المهني مع أن الإمكانيات المالية ضعيفة كما أن مبنى الاتحاد في القاهرة صغير ولا تسمح مساحته بإقامة دورات أو فعاليات للتطوير المهني وقد وعدنا الرئيس المصري مشكورا بتخصيص قطعة أرض وبنائها على نفقة دولة المقر، مصر، وهذا يحسب للرئيس السيسي، ومع ذلك كلفنا الزميل سالم الجوهري، من موريتانيا، وهو مسؤول التطوير والتدريب في الاتحاد لوضع خطة للبدء بتنفيذها بعد مناقشتها في الاجتماع القادم الذي سيعقد في المنامة».
وأضاف اللامي أن «اتحاد الصحافيين العرب يضم أكثر من 150 ألف عضو»، وأن «اتحاد الصحافيين العرب يترأسه نقيب إحدى النقابات الصحافية العربية بعد فوزه بالانتخابات، ونحن نحاول أن لا يحصل أي تداخل بين نقابتنا في العراق والاتحاد إلا إذا كان هذا التداخل يصب في صالح العمل المهني»، مشيرا إلى «أننا في العراق عانينا منذ 1990 حيث تم تجميد عضويتنا في اتحاد الصحافيين العرب، كما أن التطوير المهني تخلف بسبب الحصار والظروف الاقتصادية الصعبة، وبعد تغيير النظام في 2003 أتيح سقف عالٍ من الحريات الصحافية رغم المخاطر الحقيقية التي يعيشها الصحافيون العراقيون، ونحن هنا نمارس عملنا بحرية واسعة حيث ننتقد الحكومة أو أي جهة إذا صدر تصرف مسيء لأي صحافي، بينما نشعر بالحرج في بعض الدول العربية إذا ما أصدرنا بيانا ننتقد فيه الحكومة نتيجة تصرفات مسيئة بحق الصحافيين لكننا لا نتردد عن إصدار البيانات واتخاذ مواقف قوية ضد هذه التصرفات».
وأشار إلى أن «قيادة الاتحاد عملية ليست سهلة كون الاتحاد منظومة غير متفقة تماما في اتجاهاتها بحكم اختلاف الأنظمة الحاكمة وهذا يحتاج منا لا أن نمسك العصا من الوسط بل أن نمسكها من الوسط واليمين والشمال لأننا نحتاج أن نحمي الصحافيين ونحافظ على حقوقهم وحرياتهم وحياتهم».
وحول وضع الصحافيين العراقيين قال اللامي «في نقابتنا 20 ألف عضو، ونحن نحتاج في العراق لتطوير الجوانب التقنية والمهنية وهذا يتطلب جهودا كبيرة وتخصيصات مالية وللأسف البلد يمر بظروف اقتصادية صعبة ونحن بحاجة إلى دعم الآخرين لجهودنا».
وحول علاقة نقابة الصحافيين العراقيين بالحكومة العراقية، قال نقيب الصحافيين العراقيين، إن «البعض يتصور أن نقابة الصحافيين العراقيين يجب أن تكون عدوة للدولة، وفي اعتقادي أن أي نقابة يجب أن تحقق أعلى المكتسبات لأعضائها دون أن تتنازل عن حقوقها أو مبادئها». ونبه إلى أن «الوضع مرتبك في العراق خاصة أن الأوضاع الأمنية صعبة للغاية فالصحافة العراقية خسرت 450 ضحية من أعضائها، وهؤلاء دفعوا حياتهم ثمنا لتأكيد مصداقيتهم ومهنيتهم، وهذا أكبر عدد من الصحافيين الذين قتلوا في بلد واحد، وأكثر من عدد الصحافيين الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام، وهناك المئات من الزملاء المصابين والمهجرين، هذا كله يجعلنا أن لا نتقاطع مع السلطة التنفيذية والتشريعية أو القضائية»، موضحا أن «السلطات في العراق تعاملت مع نقابة الصحافيين العراقيين خلال السنوات العشر الماضية بإيجابية، فالحكومة خصصت قطع أراضٍ سكنية مجانا للصحافيين في جميع المدن العراقية ونجحنا بتوزيع أكثر من 9 آلاف قطعة أرض سكنية للصحافيين، والنقابة تصدت للقضايا المرفوعة في المحاكم ضد الصحافيين سواء من قبل رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية أو رئيس البرلمان وزعماء الكتل السياسية ومن من قبل بعض المسؤولين بل رفعنا قضايا ضد بعض المسؤولين وكسبنا جميع هذه القضايا في المحاكم، النقابة دافعت وتدافع عن الصحافيين بقوة من أجل نيل حقوقهم المشروعة والسلطة لا تتدخل أبدا لهذا نحن لا نتقاطع مع أننا لا نطالب الصحافيين بالتقليل من خطابهم المهني، والصحافي العراقي يتحدث بمنتهى الحرية ضد الحكومة وبقية المسؤولين».



كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
TT

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)

أثارت بيانات عن ارتفاع الإنفاق الإعلاني على محتوى الفيديو عبر الإنترنت خلال الربع الأول من العام الحالي، تساؤلات حول اتجاهات الناشرين في المرحلة المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بتوجيه الطاقات نحو المحتوى المرئي بغرض تحقيق الاستقرار المالي للمؤسسات، عقب تراجع العوائد المادية التي كانت تحققها منصات الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي.

مؤسسة «لاب» LAB، وهي هيئة بريطانية معنية بالإعلانات عبر الإنترنت، كانت قد نشرت بيانات تشير إلى ارتفاع الإنفاق الإعلاني على الفيديو في بريطانيا خلال الربع الأول من عام 2024، وقدّر هذا النمو بنحو 26 في المائة مقارنة بالتوقيت عينه خلال العام الماضي، حين حققت الإعلانات عبر الفيديو عوائد مالية وصلت إلى 4.12 مليار جنيه إسترليني داخل المملكة المتحدة وحدها. وتتوقّع بيانات الهيئة استمرار النمو في عوائد الإعلانات في الفيديو حتى نهاية 2024، وقد يمتد إلى النصف الأول من 2025.

مراقبون التقتهم «الشرق الأوسط» يرون أن هذا الاتجاه قد ينعكس على خطط الناشرين المستقبلية، من خلال الدفع نحو استثمارات أوسع في المحتوى المرئي سواءً للنشر على المواقع الإخبارية أو على «يوتيوب» وغيره من منصّات «التواصل».

إذ أرجع الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي ومستشار التكنولوجيا لقناتي «العربية» و«الحدث»، أهمية الفيديو إلى أنه بات مرتكزاً أصيلاً لنجاح التسويق الرقمي. وحدّد من جانبه طرق الاستفادة من الفيديو لتحقيق عوائد مالية مثل «برامج شركاء (اليوتيوب) التي يمكن للناشرين من خلالها تحقيق أرباح من الإعلانات المعروضة في فيديوهاتهم».

وعدّد النجداوي مسالك الربح بقوله: «أيضاً التسويق بالعمولة عن طريق ترويج منتجات أو خدمات من خلال الفيديوهات والحصول على عمولة مقابل كل عملية بيع عبر الروابط التي تُدرج في هذه الفيديوهات... أما الطريقة الأخرى - وهي الأبرز بالنسبة للناشرين - فهي أن يكون المحتوى نفسه حصرياً، ويٌقدم من قبل مختصين، وكذلك قد تقدم المنصة اشتراكات شهرية أو رسوم مشاهدة، ما يوفر دخلاً مباشراً».

ومن ثم حدد النجداوي شروطاً يجب توافرها في الفيديو لتحقيق أرباح، شارحاً: «هناك معايير وضعتها منصات التواصل الاجتماعي لعملية (المونتايزيشن)؛ منها أن يكون المحتوى عالي الجودة من حيث التصوير والصوت، بحيث يكون جاذباً للمشاهدين، أيضاً مدى توفير خدمات تفاعلية على الفيديو تشجع على المشاركة والتفاعل المستمر. بالإضافة إلى ذلك، الالتزام بسياسات المنصة».

ورهن نجاح اتجاه الناشرين إلى الفيديو بعدة معايير يجب توفرها، وأردف: «أتوقع أن الجمهور يتوق إلى معلومات وقصص إخبارية وأفلام وثائقية وتحليلات مرئية تلتزم بالمصداقية والدقة والسرد العميق المفصل للأحداث، ومن هنا يمكن للناشرين تحقيق أرباح مستدامة سواء من خلال الإعلانات أو الاشتراكات».

في هذا السياق، أشارت شركة الاستشارات الإعلامية العالمية «ميديا سينس» إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعاً في استثمارات الناشرين البارزين في إنتاج محتوى الفيديو، سواء عبر مواقعهم الخاصة أو منصّات التواصل الاجتماعي، بينما وجد تقرير الأخبار الرقمية من «معهد رويترز لدراسة الصحافة» - الذي نشر مطلع العام - أن الفيديو سيصبح منتجاً رئيسياً لغرف الأخبار عبر الإنترنت، وحدد التقرير الشباب بأنهم الفئة الأكثر استهلاكاً للمحتوى المرئي.

من جهة ثانية، عن استراتيجيات الاستقرار المالي للناشرين، أوضح أحمد سعيد العلوي، رئيس تحرير «العين الإخبارية» وشبكة «سي إن إن» الاقتصادية، أن العوائد المالية المستدامة لن تتحقق بمسلك واحد، بل إن ثمة استراتيجيات يجب أن تتضافر في هذا الشأن، وأوضح أن «قطاع الإعلام يواجه تغيّرات سريعة مع تزايد المنافسة بين المنصّات الرقمية وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل (ميتا) و(غوغل) وغيرهما، كما تواجه هذه السوق تحدّيات كبيرة تتعلق بالاستقرار المالي واستقطاب المستخدمين، فلم يعد الاعتماد على نماذج الدخل التقليدية (سائداً)... وهو ما يفرض على وسائل الإعلام البحث عن طرق جديدة لتوفير الإيرادات وتقديم محتوى متميز يجذب الجمهور».

كذلك، أشار العلوي إلى أهمية الاعتماد على عدة استراتيجيات لضمان الاستقرار المالي لمنصات الأخبار. وعدّ المحتوى المرئي والمسموع إحدى استراتيجيات تحقيق الاستقرار المالي للناشرين، قائلاً: «لا بد من الاستثمار في المحتوى المرئي والمسموع، سواءً من خلال الإعلانات المُدمجة داخل المحتوى، أو الاشتراكات المخصصة للبودكاست والبرامج الحصرية، لكن التكيّف مع التغيرات السريعة في سوق الإعلام يدفع وسائل الإعلام لتطوير وتنويع مصادر دخلها، لتشمل عدة مسارات من بينها الفيديو».