اللقاءات الثقافية العربية.. تفاعل حقيقي أم مناسبات اجتماعية؟

يرى البعض أن المثقفين يتبادلون فيها الابتسامات أكثر من الأنشطة

اللقاءات الثقافية العربية.. تفاعل حقيقي أم مناسبات اجتماعية؟
TT

اللقاءات الثقافية العربية.. تفاعل حقيقي أم مناسبات اجتماعية؟

اللقاءات الثقافية العربية.. تفاعل حقيقي أم مناسبات اجتماعية؟

في المهرجانات الثقافية، يتبادل المثقفون الابتسامات، والإهداءات، وقد يتناولون معًا فنجان قهوة في بهو الفندق، ثم يمضي كل واحد منهم إلى بلده. فهل يتواصلون من جديد لتثمر هذه اللقاءات عن تعاونات في المجالات الإبداعية؟
وماذا عن الاتحادات والروابط الجمعيات الأدبية؟ هل تمد فيما بينها جسور التعاون وتعقد الاتفاقات الفاعلة التي تسفر عن أعمال عربية مشتركة لها وزنها الثقافي؟ أم يقتصر الأمر على مذكرات تفاهم بروتوكولية يظهر فيها رؤساء هذه المؤسسات الثقافية في صورة إعلامية جنبًا إلى جنب كلٌّ منهم ممسك بقلم ومنكب على الورقة يوقع على بنود المذكرة، ثم ينتهي الأمر عند هذا الحد؟
هذه التساؤلات تتولد في الذهن وأنت ترى قوائم المدعوين إلى بعض المهرجانات العربية وهي تضم ربما مئات الأسماء، كثير منهم تجده في «لوبي» الفندق، والقليل في قاعة المحاضرات أو الندوات والأمسيات، فهل تثمر لقاءات الهاربين من المحاضرات عن اتفاقات جانبية على التواصل والتعاون الشخصي مستقبلاً؟ أم أن التعاون لا يتعدى المدة التي يقتضيها تناول القهوة التي في الفنجان. ثم يلتقي القائمون على المؤسسات الثقافية في غرف جانبية، يحملون ويطمحون إلى أعمال كبيرة، وقد يكتبونها على ورق «التفاهم»، ولكن ما يلبث هذا الورق أن ينتهي بيد السكرتارية ليأخذ رقمًا في الصادر أو الوارد، ثم يغفو أبد الدهر في ملف أنيق؟
هنا قسم من المثقفين العرب يدلون بآرائهم حول غياب أو ضعف التفاعل الثقافي الحقيقي بين بعضهم بعضًا، وبين المؤسسات والاتحاد الثقافية، الرسمية والخاصة.

ثريا البقصمي، كاتبة قصة ورواية كويتية وقبل ذلك هي فنانة تشكيلية، حضرت كثيرًا من المهرجانات المحلية والعربية والدولية، وكان لها «غاليري» خاص بها تستضيف به الفنانين التشكيليين من كل أنحاء العالم، سألتها عن التعاون بين المثقفين فقالت إنها لا تشعر بأي تعاون، بل تعتقد أن المثقفين خارج هذا الجو، وإن «التواصل نادر جدًا وإذا تم فهو من خلال الملتقيات والمؤتمرات، وهو لقاء وقتي ينتهي بانتهاء الحدث». وتستدرك ثريا البقصمي بقولها: «نحن ككتاب عرب نتواصل فقط من خلال الاطلاع على النتاج الأدبي للآخرين ونتفاعل معه سلبًا أو إيجابًا. وأيضًا يحصل ذلك من خلال معارض الكتب، حيث نعطي أنفسنا فرصة للتعرف على الآخرين من خلال نتاجهم، فنقرأهم من دون أن نعرفهم. وقد نعجب بكاتب ما من خلال كتاباته، ولكن تجده على أرض الواقع شيئًا آخر».
تروي ثريا البقصمي تجربة خاصة بها تود من خلالها الإشارة إلى التعامل النرجسي بين المثقفين الذي يحول دون هذا التعاون، فتقول: «التقيت يومًا إحدى الكاتبات في أحد المهرجانات، فنظرت إلي شزرًا وقالت لي: من أنت؟ أنا لا أعرفك، فأجبتها: وأنا أيضًا لا أعرفك، فردت بقولها: أنا معروفة في بلدي»، فأجابتها البقصمي: «وأنا أيضًا معروفة في بلدي». وتتابع: «ولكن خلال الأربعة الأيام مدة المهرجان تعارفنا وأصبحنا أصدقاء، ثم حين افترقنا لم نلتقِ ولم نتواصل، وقد قرأت لها فأعجبتني، ولا أدري إن أعجبها إنتاجي أو لا».
وترى ثريا البقصمي أن التعاون بالنسبة لاتحادات الكتاب يكون على مستوى أعضاء مجالس الإدارات بشكل رسمي، وليست هناك أنشطة مشتركة واسعة، وتعزو ذلك إلى ضعف الميزانيات المخصصة للثقافة، ربما «بسبب الأحوال الاقتصادية لكثير من الدول التي أصبحت تتقشف في الإنفاق على الثقافة».
* لقاءات وقتية
أما الأديبة الكويتية منى الشافعي، فلا يبتعد رأيها كثيرًا عن رأي زميلتها ثريا البقصمي، رغم أن كلاً منهما حصلت على رأيها بشكل منفصل، وهي تجد في الملتقيات الثقافية الأدبية فرصة جيدة وسانحة للتعاون والتعارف والتواصل الذي باستمراره يمكن أن يكسر الحواجز بين الكتاب والأدباء بشكل عام، وكذلك التعرف على ثقافات جديدة ومختلفة، ولكن كل ذلك حسب رأي منى الشافعي لا يستثمر بشكل جيد. تقول: «على مدى سنوات ومن واقع تجربتي الشخصية، فإن أغلب هذه الملتقيات وقتية تنتهي في اليوم الأخير لها. لا ننكر هنا أنها الخطوة الأولى للتقارب والتمازج الفكري والأدبي مع الآخر، ولكن الخطوات الأخرى تعتبر شخصية تعتمد على الكاتب نفسه وكيفية بناء صداقات جديدة مع الآخرين، بحيث تمتد لتثمر أعمالاً أدبية جديدة بعد ذلك». وتختم رأيها بالقول: «في السنوات الأخيرة ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على تفعيل وتقارب هذه الصداقات والعلاقات الأدبية الثقافية، كأنها قامت بدور إيجابي نيابة عن الملتقيات على كثرتها وعلى تنوعها».
* توصيات غير مجدية
الكاتبة الكويتية أمل الرندي، معروف عنها تواصلها الثقافي، ولكن لديها تساؤلات تعبر من خلالها عن جدوى أو عدم جدوى هذه اللقاءات الثقافية، فتقول:
«مما لا شك فيه أن اللقاءات الأدبية والثقافية من خلال المؤتمرات والندوات والصالونات الأدبية من الأمور الهامة لتفعيل الحراك الثقافي. بل هي من الظواهر الحيوية لصحة المجتمع الثقافية. لكن أحيانًا كثيرة تنتهي هذه اللقاءات عند لحظة الوداع وانفراط عقد الاجتماعات واللقاءات وتكون الفائدة فقط محصورة بالنقاش والعصف الذهني للأفكار خلال الندوات أو الأمسيات. ولكن ماذا بعد ذلك؟ هذا هو الأهم، أو الحلقة التي يمكن أن تكون مفقودة».
وتتابع أمل الرندي: «هناك مؤتمرات كثيرة تخرج بتوصيات، ويتم تنفيذها فعلاً ومتابعتها، لأن الجهات التي تقيمها تكون جادة ولديها إمكانيات التنفيذ. هنا تكون الفائدة، وتعود على المجتمع بأثره. وبذلك يكون هناك دور إيجابي للمثقف وفعال.. لكن هناك مؤتمرات تقام بهدف الاستعراض وتسجيل مواقف، فلا تكون منتجة أبدًا حتى لو خرجت بتوصيات». وتعتقد أمل الرندي أنه لا يمكن أن يكون هناك تقدم نوعي في الثقافة وتطوير للأنشطة إلا عبر تلك المؤتمرات التي توظف نشاطها وجهدها في سبيل التطوير والتجديد والتقدم.
أما على مستوى التعاون بين المثقفين في المجال المحلي أو خارجه، فتقول عن نفسها: «بالنسبة لي فإن ذلك من الأمور التي تسعدني، لأن لكل كاتب أسلوبه ومذاقه وبصمته التي تضيف للعمل جمالية ما. وفعلاً قمت بأكثر من مبادرة مع بعض زملائي في مجال أدب الطفل لعمل مجموعة قصصية لتعزز روح المواطنة والانتماء، فهي تعود بالفائدة على أطفال الوطن، لأن التعاون يمنح قوة وفائدة أكبر بالتأكيد على مستوى الأفراد والمؤسسات.. ليتنا ندركها وننفذها حقًا! صحيح أن الكتابة عمل فردي، لكن التعاون لا يكون في كتابة النص الواحد، إنما في المشاريع المشتركة، فيمكن مثلاً الاشتراك في أعمال أدبية هادفة، ضمن مشروع تثقيفي، وهذا أمر مهم علينا أن نسعى لتحقيقه».
* رأي شبابي متفائل
آثرت أن يكون للأدباء الشباب رأي في هذا الموضوع، فهل يشعرون بهذا التعاون أم أنهم مهمشون عنه منذ بداية الطريق، فسألت الشاعر الكويتي الشاب فالح بن طفلة، الذي بدا متفائلاً أكثر من الأدباء الذين سبقوه:
«في أزمنة سابقة كان التواصل بين الأدباء والشعراء لا يتم إلا بشكل نادر ومحدود، كما أن شخصية الأديب كانت شخصية مغمورة في المجتمع، وكان الإعلام في الدول العربية بشكل عام لا يسلط أضواءه إلا على أسماء معينة فقط فيفرض بذلك ذوقه على المتلقي. أما اليوم ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي فقد أصبح التواصل بين الأدباء والشعراء يتم بشكل دائم ومستمر، بل تطور هذا التواصل فتشكل عن طريقه كثير من الملتقيات والمنتديات الأدبية، مثل منتدى المبدعين الذي تقام فعالياته كل أسبوع في رابطة الأدباء الكويتية وغيره من المنتديات التي تعتبر ثمرة من ثمار هذا التواصل المستمر بين الأدباء خصوصًا فئة الشباب». ويرى فالح بن طفلة أن «لوسائل التواصل الاجتماعي كذلك الفضل في تواصل الأدباء مع أقرانهم في الدول العربية وإقامة نشاطات أدبية مشتركة بينهم. ولا ننكر كذلك النشاط الأدبي للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الذي يقيم سنويًا كثيرًا من الأمسيات لشعراء من الكويت وخارجها، وكذلك الجهود المشكورة التي تقوم بها مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للشعر العربي، فدورها رائد في مجال الشعر والأدب بشكل عام فتحرص على إقامة المنتديات الأدبية البحثية النافعة، هذا بالإضافة إلى مهرجان ربيع الشعر الذي يجمع الشعراء من مختلف أقطار العالم العربي والإسلامي».



أربعة أيام في محبة الشعر

أربعة أيام في محبة الشعر
TT

أربعة أيام في محبة الشعر

أربعة أيام في محبة الشعر

أربعة أيام في محبة الشعر، شارك فيها نحو 40 شاعراً ومجموعة من النقاد والباحثين، في الدورة التاسعة لمهرجان الشعر العربي، الذي يقيمه بيت الشعر بالأقصر، تحت رعاية الشيح سلطان القاسمي، حاكم الشارقة، وبالتعاون بين وزارة الثقافة المصرية ودائرة الثقافة بالشارقة، وبحضور رئيسها الشاعر عبد الله العويس، ومحمد القصير مدير إدارة الشئون الثقافية بالدائرة.

نجح المؤتمر في أن يصنع فضاء شعرياً متنوعاً وحميمياً، على طاولته التقت أشكال وأصوات شعرية مختلفة، فكان لافتاً أن يتجاور في الأمسيات الشعرية الشعر العمودي التقليدي مع شعر التفعيلة وقصيدة النثر وشعر العامية، وأن يتبارى الجميع بصيغ جمالية عدة، وتنويع تدفقها وطرائق تشكلها على مستويي الشكل والمضمون؛ إعلاء من قيمة الشعر بوصفه فن الحياة الأول وحارس ذاكرتها وروحها.

لقد ارتفع الشعر فوق التضاد، وحفظ لكل شكلٍ ما يميزه ويخصه، فتآلف المتلقي مع الإيقاع الصاخب والنبرة الخطابية المباشرة التي سادت أغلب قصائد الشعر العمودي، وفي الوقت نفسه كان ثمة تآلف مع حالة التوتر والقلق الوجودي التي سادت أيضاً أغلب قصائد شعر التفعيلة والنثر، وهو قلق مفتوح على الذات الشعرية، والتي تبدو بمثابة مرآة تنعكس عليها مشاعرها وانفعالاتها بالأشياء، ورؤيتها للعالم والواقع المعيش.

وحرص المهرجان على تقديم مجموعة من الشاعرات والشعراء الشباب، وأعطاهم مساحة رحبة في الحضور والمشاركة بجوار الشعراء المخضرمين، وكشف معظمهم عن موهبة مبشّرة وهمٍّ حقيقي بالشعر. وهو الهدف الذي أشار إليه رئيس المهرجان ومدير بيت الشعر بالأقصر، الشاعر حسين القباحي، في حفل الافتتاح، مؤكداً أن اكتشاف هؤلاء الشعراء يمثل أملاً وحلماً جميلاً، يأتي في صدارة استراتيجية بيت الشعر، وأن تقديمهم في المهرجان بمثابة تتويج لهذا الاكتشاف.

واستعرض القباحي حصاد الدورات الثماني السابقة للمهرجان، ما حققته وما واجهها من عثرات، وتحدّث عن الموقع الإلكتروني الجديد للبيت، مشيراً إلى أن الموقع جرى تحديثه وتطويره بشكل عملي، وأصبح من السهولة مطالعة كثير من الفعاليات والأنشطة المستمرة على مدار العام، مؤكداً أن الموقع في طرحه الحديث يُسهّل على المستخدمين الحصول على المعلومة المراد البحث عنها، ولا سيما فيما يتعلق بالأمسيات والنصوص الشعرية. وناشد القباحي الشعراء المشاركين في المهرجان بضرورة إرسال نصوصهم لتحميلها على الموقع، مشدداً على أن حضورهم سيثري الموقع ويشكل عتبة مهمة للحوار البنّاء.

وتحت عنوان «تلاقي الأجناس الأدبية في القصيدة العربية المعاصرة»، جاءت الجلسة النقدية المصاحبة للمهرجان بمثابة مباراة شيقة في الدرس المنهجي للشعر والإطلالة عليه من زوايا ورؤى جمالية وفكرية متنوعة، بمشاركة أربعة من النقاد الأكاديميين هم: الدكتور حسين حمودة، والدكتورة كاميليا عبد الفتاح، والدكتور محمد سليم شوشة، والدكتورة نانسي إبراهيم، وأدارها الدكتور محمد النوبي. شهدت الجلسة تفاعلاً حياً من الحضور، برز في بعض التعليقات حول فكرة التلاقي نفسها، وشكل العلاقة التي تنتجها، وهل هي علاقة طارئة عابرة أم حوار ممتد، يلعب على جدلية (الاتصال / الانفصال) بمعناها الأدبي؛ اتصال السرد والمسرح والدراما وارتباطها بالشعر من جانب، كذلك الفن التشكيلي والسينما وإيقاع المشهد واللقطة، والموسيقي، وخاصة مع كثرة وسائط التعبير والمستجدّات المعاصرة التي طرأت على الكتابة الشعرية، ولا سيما في ظل التطور التكنولوجي الهائل، والذي أصبح يعزز قوة الذكاء الاصطناعي، ويهدد ذاتية الإبداع الأدبي والشعري من جانب آخر.

وأشارت الدكتورة نانسي إبراهيم إلى أن الدراما الشعرية تتعدى فكرة الحكاية التقليدية البسيطة، وأصبحت تتجه نحو الدراما المسرحية بكل عناصرها المستحدثة لتخاطب القارئ على مستويين بمزج جنسين أدبيين الشعر والمسرح، حيث تتخطى فكرة «المكان» بوصفه خلفية للأحداث، ليصبح جزءاً من الفعل الشعري، مضيفاً بُعداً وظيفياً ديناميكياً للنص الشعري.

وطرح الدكتور محمد شوشة، من خلال التفاعل مع نص للشاعر صلاح اللقاني، تصوراً حول الدوافع والمنابع الأولى لامتزاج الفنون الأدبية وتداخلها، محاولاً مقاربة سؤال مركزي عن تشكّل هذه الظاهرة ودوافعها ومحركاتها العميقة، مؤكداً أنها ترتبط بمراحل اللاوعي الأدبي، والعقل الباطن أكثر من كونها اختياراً أو قصداً لأسلوب فني، وحاول، من خلال الورقة التي أَعدَّها، مقاربة هذه الظاهرة في أبعادها النفسية وجذورها الذهنية، في إطار طرح المدرسة الإدراكية في النقد الأدبي، وتصوراتها عن جذور اللغة عند الإنسان وطريقة عمل الذهن، كما حاول الباحث أن يقدم استبصاراً أعمق بما يحدث في عملية الإبداع الشعري وما وراءها من إجراءات كامنة في الذهن البشري.

وركز الدكتور حسين حمودة، في مداخلته، على التمثيل بتجربة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، ومن خلال هذا التمثيل، في قصائد درويش رأى أنها تعبّر عن ثلاثة أطوار مرّ بها شعره، مشيراً إلى أن ظاهرة «الأنواع الأدبية في الشعر» يمكن أن تتنوع على مستوى درجة حضورها، وعلى مستوى ملامحها الجمالية، عند شاعر واحد، عبر مراحل المسيرة التي قطعها، موضحاً: «مما يعني، ضِمناً، أن هذه الظاهرة قابلة لأن تتنوع وتتباين معالمها من شاعر لآخر، وربما من قصيدة لأخرى».

ورصدت الدكتورة كاميليا عبد الفتاح فكرة تلاقي الأجناس الأدبية تاريخياً، وأشارت، من خلال الاستعانة بسِجلّ تاريخ الأدب العربي، إلى أن حدوث ظاهرة التداخل بين الشعر وجنس القصة وقع منذ العصر الجاهلي، بما تشهد به المعلقات التي تميزت بثرائها الأسلوبي «في مجال السردية الشعرية». ولفتت إلى أن هذا التداخل طال القصيدة العربية المعاصرة في اتجاهيها الواقعي والحداثي، مبررة ذلك «بأن الشعراء وجدوا في البنية القصصية المساحة الكافية لاستيعاب خبراتهم الإنسانية». واستندت الدكتورة كاميليا، في مجال التطبيق، إلى إحدى قصائد الشاعر أمل دنقل، القائمة على تعدد الأصوات بين الذات الشعرية والجوقة، ما يشي بسردية الحكاية في بناء الحدث وتناميه شعرياً على مستويي المكان والزمان.

شهد المهرجان حفل توقيع ستة دواوين شعرية من إصدارات دائرة الثقافة في الشارقة للشعراء: أحمد عايد، ومصطفى جوهر، وشمس المولى، ومصطفى أبو هلال، وطارق محمود، ومحمد طايل، ولعب تنوع أمكنة انعقاد الندوات الشعرية دوراً مهماً في جذب الجمهور للشعر وإكسابه أرضاً جديدة، فعُقدت الندوات بكلية الفنون الجميلة في الأقصر، مصاحبة لافتتاح معرض تشكيلي حاشد بعنوان «خيوط الظل»، شارك فيه خمسون طالباً وطالبة. وكشف المعرض عن مواهب واعدة لكثيرين منهم، وكان لافتاً أيضاً اسم «الأصبوحة الشعرية» الذي أطلقه المهرجان على الندوات الشعرية التي تقام في الفترة الصباحية، ومنها ندوة بمزرعة ريفية شديدة البساطة والجمال، وجاءت أمسية حفل ختام المهرجان في أحضان معبد الأقصر وحضارة الأجداد، والتي امتزج فيها الشعر بالأغنيات الوطنية الراسخة، أداها بعذوبة وحماس كوكبة من المطربين والمطربات الشباب؛ تتويجاً لعرس شعري امتزجت فيه، على مدار أربعة أيام، محبة الشعر بمحبة الحياة.