متاجر بيع الكتب في بيشاور.. ضحية التطرف

الهجمات الانتحارية أدت إلى إغلاقها واحدًا تلو الآخر

رياض غول مالك «شاهين بوكس» أمام مدخل مكتبته التي أغلقها منذ 3 أسابيع في بيشاور (واشنطن بوست)
رياض غول مالك «شاهين بوكس» أمام مدخل مكتبته التي أغلقها منذ 3 أسابيع في بيشاور (واشنطن بوست)
TT

متاجر بيع الكتب في بيشاور.. ضحية التطرف

رياض غول مالك «شاهين بوكس» أمام مدخل مكتبته التي أغلقها منذ 3 أسابيع في بيشاور (واشنطن بوست)
رياض غول مالك «شاهين بوكس» أمام مدخل مكتبته التي أغلقها منذ 3 أسابيع في بيشاور (واشنطن بوست)

قد ينظر كثيرون إلى أفول نجم «شاهين بوكس» على أنه مجرد حلقة شبيهة بسلسلة قصص متاجر بيع الكتب المستقلة داخل الولايات المتحدة التي تسقط في مواجهة تغييرات ثقافية وتكنولوجية واسعة، لكن الجديد في قصة المتجر الباكستاني أن الإرهاب يلعب دورًا بها.
من ناحية؛ تعكس القصة الحقائق المألوفة المرتبطة بفقدان الناس شغفها بالقراءة، وإدمانهم الأجهزة الإلكترونية، وهي حقائق تنطبق حتى على هذه المدينة العتيقة.
من ناحية أخرى، يأتي إغلاق «شاهين بوكس» بوصفه الفصل الأخير في قصة طويلة حزينة لما وصفه أحد المعلقين بـ«الإفلاس الفكري» لهذه العاصمة الإقليمية التي تعج بالحركة والحياة، والتي تميزت في وقت مضى بعشرات المكتبات وصالات القراءة العامة ومتاجر بيع الكتب والمراكز الثقافية التي تولت إدارتها الحكومات الأميركية والبريطانية والفرنسية، والتي كانت تفتح أبوابها أمام كل من يرغب في تصفح الإنترنت أو استعارة كتب.
في هذا الصدد، قال رياض غول، مالك «شاهين بوكس» بنبرة لا تخلو من حزن: «كان هذا عملاً نبيلاً»، بينما كان يقف في المتجر الخالي الذي ينوي تحويله إلى متجر للمنتجات الخاصة بالصحة والجمال. وجاء إغلاق متجر بيع الكتب في 31 أغسطس (آب) الماضي في أعقاب سلسلة من قرارات الإغلاق أو الانتقال لأماكن أخرى من جانب متاجر أخرى لبيع الكتب على مدار السنوات الأخيرة.
يذكر أن كبرى مكتبات بيع الكتب بالمدينة، «سعيد بوك بنك»، نقلت نشاطها إلى العاصمة إسلام آباد منذ عقد مضى. وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، تدلت لافتة كبيرة من النافذة الأمامية للمتجر تحمل الرسالة التالية بالأردية: «وقع المجتمع بأسره في قبضة التداعي الأخلاقي وغياب الشعور والتطرف والإرهاب بسبب جهل الناس. وعليه، لم يعد للمكتبات ومتاجر بيع الكتب معنى في ظل مثل هذا المجتمع. وفي ظل هذه الظروف، نجد أنفسنا مجبرين على غلق أبوابنا».
كتب هذا الإعلان والد غول، مصطفى كمال، الكاتب الذي أسس «شاهين بوكس» عام 1991 بعد وفاة والده، الناشط السياسي السابق وناشر صحيفة يومية تزامنت بداية انطلاقه مع أربعينات القرن الماضي التي كانت مفعمة بالتقلبات، عندما انفصلت باكستان عن الهند.
ويروق لكمال، 78 عامًا، دومًا استعادة ذكريات فترة أوج الازدهار الفكري للمتجر خلال أعوامه الأولى، عندما كانت بيشاور تعج بالزائرين الأجانب والمنفيين المتعلمين من أفغانستان المجاورة التي تمزقها الحرب الأهلية.
وعن تلك الأيام، قال: «كان يفد إلى المتجر أطباء وأساتذة بالجامعات وأدباء، ويدخلون في نقاشات هنا. وكان هناك كثير من الأجانب العاملين هنا لحساب الأمم المتحدة ومؤسسات أخرى. وفي المساء كانوا يفدون إلينا لشراء كتب».
إلا أن ذلك كان قبل ظهور توجهين قويين متناقضين اكتسحا هذه الجمهورية الفقيرة المترامية الأطراف البالغ عدد سكانها 182 مليون نسمة: تنامي نفوذ وتهديد التشدد، والتحرك التجاري والتقني القوي باتجاه الحداثة الغربية.
جاء ظهور التوجه الأول جراء استيراد تفسيرات للإسلام والحرب المقدسة ضد الاتحاد السوفياتي في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي. وتأثرت بيشاور، التي تعد مركزًا للثقافة البشتونية الأفغانية التقليدية، على نحو خاص بهذا التوجه.
وعمد كثير من المساجد والمدارس الدينية بالمنطقة إلى تدريب الطلاب للانضمام إلى ميليشيا طالبان في كابل. وبعد سقوط نظام طالبان عام 2001، فاز حزب سياسي يحمل الأفكار ذاتها بالسيطرة السياسية على المنطقة. وعليه، أجبرت المسارح والورشات الفنية على غلق أبوابها، ونظمت مسيرات مناهضة للغرب وانتشرت بمختلف أرجاء المدينة الكتب الدينية باللغة الأردية. أما المراكز الثقافية الأجنبية فأغلقت أبوابها.
وعلى مدار العقد الماضي، استهدف انتحاريون المدارس والأسواق والكنائس والمساجد والمنشآت العسكرية. وقد تعرض «قيسا خواني»، بزار القصاصين الشهير، لتفجير عام 2013، ما أسفر عن مقتل 41 شخصًا. ولم تسلم كذلك الأضرحة الصوفية من الهجمات.
ودفعت هذه الهجمات الدموية متاجر بيع الكتب لأن تغلق أبوابها واحدًا تلو الآخر، أو تغيير نشاطها لبيع الكتب المدرسية. وتوقفت متاجر عن طلب كتب غالية الثمن بلغات أجنبية، أو من جانب مؤلفين عالميين، وحولوا اهتمامهم للكتب الدينية التي وضعها مؤلفون محليون وأعمال التاريخ الوطني الصادرة بالأردية.
أما الظاهرة الثانية التي تسببت في قتل «شاهين بوكس» ومنافسيه ببطء، فهي الانجذاب العام المتنامي للسلع الاستهلاكية الغربية، خصوصا في صورة أجهزة إلكترونية، التي اجتاحت بيشاور رغم تشبث أبناء المدينة بأمور تقليدية أخرى، مثل ارتداء النساء البرقع ورعي الأغنام في الشوارع.
على مدار السنوات القليلة الماضية، تطورت المدينة بسرعة كبيرة، وظهرت أبراج سكنية جديدة ومراكز تجارية ومطاعم، رغم أن المجمعات الحكومية تقف الآن خلف جدران خراسانية سميكة وأسلاك شائكة. ويهتم كثير من المحلات الجديدة بالموضة والأحذية والأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الجوالة والكومبيوترات اللوحية.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.