اتهامات للمالكي باستغلال الخلافات الكردية مع استمرار الهزات الارتدادية لإقالة زيباري

قيادي في حزب بارزاني: نعاني من ظلم ذوي القربي

نوري المالكي  .... هوشيار زيباري
نوري المالكي .... هوشيار زيباري
TT

اتهامات للمالكي باستغلال الخلافات الكردية مع استمرار الهزات الارتدادية لإقالة زيباري

نوري المالكي  .... هوشيار زيباري
نوري المالكي .... هوشيار زيباري

لم تكتف آلا طالباني، رئيسة كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني في البرلمان العراقي، بالتصويت مع إقالة هوشيار زيباري، وزير المالية والقيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، بل «رفعت ورقة التصويت عاليًا كدلالة على الموافقة العلنية بينما التصويت سري»، وذلك طبقًا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» الدكتور عرفات أكرم، عضو البرلمان عن الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وأضاف أكرم أن «ما حصل ضد هوشيار زيباري مهزلة سياسية بامتياز واستهداف سياسي بامتياز وتسقيط سياسي بامتياز». وفي إشارة إلى غضبه لتصويت نواب أكراد، وهو ما يحصل للمرة الأولى بعد أن كان يضرب المثل بالموقف الكردي الموحد في بغداد، ردد القيادي الكردي بيت الشعر العربي المشهور «وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند».
لكن القصة بكل جوانبها وأبعادها لم تنته بعد، بل قد تكون قد بدأت. ففي الوقت الذي باتت توجه الاتهامات لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي باستثمار الخلافات الكردية - الكردية لتصفية حساباته القديمة مع الزعيم الكردي القوي مسعود بارزاني فإنه (المالكي) أعلن وفي سياق رده على اتهامات زيباري له أنه يتقبل بصدر رحب الشتائم التي كالها له وزير المالية المقال «حتى يخرج آخر فاسد من العملية السياسية».
وبينما يريد المالكي أن يضع نفسه راعيًا للإصلاح الذي بدأه منذ سنة رئيس الوزراء حيدر العبادي، وهو القيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يعده المالكي متمردًا على «الشرعية الحزبية»، فإن عضو البرلمان عن الائتلاف موفق الربيعي صنف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» زيباري على أنه «قد لا يكون من وزراء الفساد بقدر ما هو من وزراء المحاصصة»، مخالفًا بذلك زعيم ائتلافه المالكي. ويضيف الربيعي أن زيباري «تطاله قصة المحاصصة التي يجب تنظيف حكومة العبادي منها»، وهو ما يعني أن الدور المقبل ومثلما بدأت مؤشرات كثيرة بشأن ذلك سيكون على وزير الخارجية إبراهيم الجعفري.
الجعفري، هو الآخر، قصته قصة. فهو خسر قبل أقل من شهر لزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم منصبا رمزيا كان يضعه في منزلة أعلى من منزلة رئيس الوزراء وهي رئاسة التحالف الوطني حيث كان يقود اجتماعات هذا التحالف كرئيس بحضور العبادي عضوا بينما هو وزير لدى العبادي. وبالتالي فإنه قد يكون صعبا عليه خسارة وزارة مهمة مثل الخارجية إذا كانت الأدوار بات يجري توزيعها بين وزراء فاسدين وآخرين تشملهم المحاصصة بينما المفارقة التي لم يلتفت إليها الربيعي هي أنه في الوقت الذي يشمل الوزراء بسحب الثقة أو الإقالة من أجل الخلاص من المحاصصة فإن المحاصصة نفسها لا تزال تكبل العبادي من رأسه حتى أخمص قدميه فيما يتعلق بعدم قدرته على تعيين وزراء بدلاء. فوزير الداخلية محمد الغبان الذي استقال قبل شهور لم يتمكن العبادي بسبب الخلاف مع كتلة بدر من الإتيان ببديل مثلما يريد العبادي. ووزير الدفاع خالد العبيدي الذي أقيل قبل نحو شهر لم يتمكن العبادي من تعيين بديل عنه في وقت يخوض الجيش العراقي معارك ضارية ضد تنظيم داعش لأن منصب وزير الدفاع من حصة تحالف القوى لا حصة العبادي والأمر نفسه سينطبق على وزير المالية هوشيار زيباري.
الاتهامات للمالكي بالوقوف وراء إقالة زيباري باتت الشغل الشاغل للحزب الديمقراطي الكردستاني بينما لا يبدو المالكي مهتما للأمر بسبب ما بات يعده انتصارًا شخصيا له. ففي سياق رده على ما قاله زيباري عنه قال المالكي أنه «هنا لا بد من القول إذا كان أي وزير أو مسؤول يقيله مجلس النواب لثبوت فساده يعقد مؤتمرا صحافيا ثم يكيل الاتهامات والافتراءات لرئيس أكبر كتلة برلمانية استجوبه أحد أعضائها فإن المالكي يتقبل تلك الشتائم بصبر ورحابة صدر، حتى يحذف آخر فاسد من العملية السياسية»، مضيفًا أن «المالكي صرح مرات كثيرة بأنه ليس لديه أي طموح أو غرض شخصي أو حزبي ضد أي أحد، ولا يكن للعاملين المخلصين غير المحبة والتعاون والاحترام، فيما لا يحترم الفاسدين المتجاوزين على أموال الشعب العراقي».
ومع أن القيادي الكردي عرفات أكرم يقول إن «رئيس البرلمان سليم الجبوري تواطأ مع المالكي» فإن عضو البرلمان عن تحالف القوى محمد الكربولي يقول إن «هذا الاتهام غير صحيح ولا علاقة للجبوري بمثل هذه الأمور لا من قريب ولا من بعيد»، مشيرا إلى أن «الجبوري ومثلما بات يعرف الجميع يتصرف مع الجميع من منطلق كونه رئيس البرلمان والقرار متروك للبرلمان». لكن أكرم يقول إن «ما حصل مؤامرة يقودها المالكي ومهد لها سليم الجبوري وهدفها النهائي إسقاط حكومة العبادي»، مضيفًا أن «لا أحد يجيب عمن تسبب في سقوط الموصل عن ضياع أكثر من 120 مليار دولار في عهد المالكي وعن وزراء فاسدين لا أحد يتحدث عنهم». وفيما أبدى أكرم خوفه من «تحول العراق إلى دولة مستبدة بآيديولوجية واحدة» فإنه اعتبر أن «الجبوري بات مستعدا لبيع الغالي والنفيس من أجل البقاء في منصبه لأنه لو لم يتواطأ لكان هو المستهدف».
من جهته، فإن عضو البرلمان عن كتلة الاتحاد الوطني شوان داودي يقول إن «كتلتنا صوتت مع الإقالة على زيباري لأنه لم تعد تنفع سياسة انصر أخاك ظالما أو مظلوما». وحول ما يشار عن استغلال المالكي للخلافات داخل إقليم كردستان، قال داودي: «اسأل الجهة التي تسببت في هذه الخلافات (في إشارة إلى الحزب الديمقراطي) والتي جعلت بغداد تستثمرها لصالحها وهذا أمر مؤسف طبعا».



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.