اليمنيون يحيون «اليوم الوطني» على إيقاع التصدي لخطط الانقلابيين

تعز تتزين بشعلة ثورة 26 سبتمبر.. وعروض عسكرية بمشاركة ألوية ورجال الأمن

قادة من الجيش والمقاومة في إحدى جبهات القتال بين محافظتي تعز ولحج أمس («الشرق الأوسط»)
قادة من الجيش والمقاومة في إحدى جبهات القتال بين محافظتي تعز ولحج أمس («الشرق الأوسط»)
TT

اليمنيون يحيون «اليوم الوطني» على إيقاع التصدي لخطط الانقلابيين

قادة من الجيش والمقاومة في إحدى جبهات القتال بين محافظتي تعز ولحج أمس («الشرق الأوسط»)
قادة من الجيش والمقاومة في إحدى جبهات القتال بين محافظتي تعز ولحج أمس («الشرق الأوسط»)

أوقد أهالي محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية والتي لا تزال تشهد قصفا وحصارا خانقا منذ أكثر من عام ونصف العام من قبل الميليشيات الانقلابية، مساء أمس، الشعلة في وسط مدينة تعز، بمناسبة اليوم الوطني الـ54 لثورة 26 سبتمبر (أيلول)، الذي يصادف اليوم الاثنين.
واجتمع مدير مكتب الشباب والرياضة في تعز، أيمن المخلافي، المكلف بالتحضير لمناسبة اليوم الوطني، بالمكونات الشبابية والشعبية وعدد من الناشطين والإعلاميين، لمناقشة الترتيبات النهائية للاحتفالات، بحضور نائب مدير أمن تعز، الذي أكد بدوره «الجاهزية العالية لرجال الأمن للمشاركة في احتفالات محافظة تعز وتأمينها بالشكل اللازم».
وجرى إيقاد شعلة الثورة في جولة العواضي والتنصير في جبال وقمم المدينة وأرياف المحافظة، في أجواء احتفالية كبيرة شهدتها تعز بمشاركة أهالي المدينة وأهالي أرياف المحافظة الذين قدموا للمدينة للمشاركة بهذه الاحتفالية.
وتطرق الحاضرون في اللقاء لنقاط عدة في كيفية احتفال تعز باليوم الوطني وبرنامجها، في ظل استمرار الميليشيات قصفها على المدينة والمحافظة، أبرزها إقامة المهرجان الجماهيري والفعاليات الأخرى وزيارة الجبهات وتهنئة رجال الجيش الوطني والمقاومة باليوم الوطني، ورفع الأعلام الوطنية في مواقع الدفاع عن الجمهورية وقمم جبال المدينة.
مدير عام مكتب الشباب والرياضة في تعز، أيمن المخلافي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «تعز تحتفل اليوم بالذكرى الرابعة والخمسين لثورة 26 سبتمبر وهي تواصل درب الثورة وتناضل للحفاظ على مكتسباتها وللتصدي لمحاولات النيل منها، وإعادة الفكر الإمامي والتسلط الأسري المستبد». وأضاف: «أوقدنا شعلة الثورة مساء اليوم (أمس) في جولة العواضي بمشاركة المئات من أبناء المدينة رغم استمرار القصف العنيف الذي تشنه جماعة الحوثي وصالح على المدينة في رسالة واضحة أن هذا الشعب يعي جيدًا ماهية سبتمبر والثورة والجمهورية وهو يدرك تمامًا مآلات الردة عن أهدافها ومكتسباتها وهو ما تحاول جماعة الحوثي وصالح فعله».
وأكد المخلافي أن «تعز لن تكتفي بإيقاد الشعلة والتنصير فهي ستصحو غدًا على مهرجان جماهيري حاشد تشارك فيه كل شرائح المجتمع بفقرات متنوعة، تحوي على عرض عسكري تشارك فيه الألوية العسكرية في المحافظة إلى جانب رجال الأمن لما له من دلالة وطنية كبيرة وتكرس للحفاظ على مؤسسات الدولة واستعادتها من الانقلابيين».
وحول ما إذا تم التنسيق بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ورجال الأمن في المحافظة لحفظ الأمن، أكد مدير عام مكتب الشباب والرياضة في تعز، أنه «تم التنسيق بيننا في مكتب الشباب والرياضة والمكونات الشبابية الجيش الوطني والمقاومة للإعداد لهذه الفعاليات والاحتفالات إلى جانب عدة فعاليات أخرى تحتفل فيها تعز بذكرى الثورة، في الوقت الذي نحتفل فيه بذكرى الثورة المجيدة يحتفل رجال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بطريقتهم الخاصة في جبهات البطولة التي يحققون فيها انتصارات كبيرة ومتلاحقة، وهي تعتبر امتدادًا لانتصارات ثورة سبتمبر».
ويأتي ذلك في الوقت الذي تواصل قوات الشرعية في تعز (الجيش الوطني والمقاومة الشعبية) تصديها لهجمات ميليشيات الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح في جميع جبهات القتال، ورافقها القصف بمختلف أنواع الأسلحة على مواقع الجيش والمقاومة والأحياء السكنية في تعز.
وتركز الهجوم والقصف العنيف في منطقة حسنات وحي الدعوة، شرق تعز، وفي جبهة عصيفرة والزنوج، شمالا، ومحيط اللواء 35 مدرع وجبل هان، غرب المدينة. وتجددت المواجهات، أيضا، في جبل النبيع بمديرية مقبنة، غرب تعز، وتمكنت قوات الجيش والمقاومة من شن هجومها على الميليشيات الانقلابية من مواقع تمركزها في الجبل ودمروا طقما عسكريا وعليه عتاد عسكري يتبع الميليشيات، فيما ردت عليهم الميليشيات بقصفها من موقع تمركزهم في جبل البرقة غرب المدينة.
وأكدت مصادر ميدانية في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» «مقتل قناص واثنين من عناصر الميليشيات، جراء استهدافهم من قبل عناصر المقاومة الشعبية في لواء الحمزة بقذيفة بي 10 في موقعهم بالمركز الصحي للأمومة والطفولة في كلابة، شرق المدينة، إضافة إلى سقوط جرحى وقتلى آخرين في مختلف الجبهات». وأضاف أن «ميلشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية تواصل زراعتها للألغام في الطرقات الرئيسية والأحياء السكنية وخاصة المواقع التي باتت قريبة من دحرهم منها، وآخرها قاموا بزراعة ألغام في مناطق عدة بمديرية المخا الساحلية، غرب المدينة، وفي الكورنيش، وعلى طول الساحل، تخوفا لإنزال جوي من قبل قوات التحالف».
إنسانيًا، أعلن مكتب ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز فرع عدن، تنفيذه مشاريع إغاثة في عيد الأضحى لنازحي تعز في محافظة عدن، واستهدفت 160 أسرة في مشروع أضاحي العيد، بالإضافة إلى استهداف 360 أسرة في مشروع السلة الغذائية. وقال بلاغ صحافي صادر عن مكتب الائتلاف إنها «قدمت مائة سلة غذائية لجرحى محافظة تعز الموجودين في عدن للعلاج، والتي يقدمها مكتب الائتلاف للجرحى في عدن شهريًا منذ 5 أشهر».
من جهته، قال مدير مكتب ائتلاف إغاثة تعز في عدن، الدكتور سعيد عبد الرزاق، إن «المكتب يسعى منذ بدء عمله إلى استهداف الأسر النازحة والمتضررة من أبناء محافظة تعز القاطنين في عدن، للتخفيف من معاناتهم المتفاقمة، في حين تضرر اليمنيون كافة جراء هذه الحرب والكثير منهم فقدوا وظائفهم وأعمالهم، كما وسعت الحرب دائرة البطالة والفقر في صفوف المواطنين».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم