تجنيد الأطفال يرتفع 500 %.. والزج بنساء اليمن يشي بضعف الحوثي وصالح

الجيش اليمني والتحالف أعادا عشرات الصغار لذويهم

الحوثي وصالح حشدا النساء والأطفال في استعراض أجراه الانقلاب مطلع سبتمبر الحالي في صنعاء (رويترز)
الحوثي وصالح حشدا النساء والأطفال في استعراض أجراه الانقلاب مطلع سبتمبر الحالي في صنعاء (رويترز)
TT

تجنيد الأطفال يرتفع 500 %.. والزج بنساء اليمن يشي بضعف الحوثي وصالح

الحوثي وصالح حشدا النساء والأطفال في استعراض أجراه الانقلاب مطلع سبتمبر الحالي في صنعاء (رويترز)
الحوثي وصالح حشدا النساء والأطفال في استعراض أجراه الانقلاب مطلع سبتمبر الحالي في صنعاء (رويترز)

تشي الصور المتعددة التي تنشرها وسائل إعلام الانقلاب، ووكالات الأنباء العالمية، بطبيعة تجنيد الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح للنساء والأطفال، لكن التاريخ يؤكد أنها ليست المرة الأولى التي ينتهك فيها الطرفين براءة الأطفال والنساء، وحصانتهما من الدخول في براثن مصالح شخصية بحتة، والزج بهما في معادلة القتال والموت.
والتاريخ شاهد ومرشد على المستقبل، والظاهرة باتت مخيفة ومقلقة لليمنيين منذ برزت للوهلة الأولى في حرب صعدة، بين مسلحي جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع، عام ٢٠٠٨.
وبرزت مشكلة أخرى إضافية، تمثلت في تجنيد النساء في الحرب، ومن قبل الجماعة الحوثية ذاتها التي سبق لها تجنيد الأطفال في حروبها السابقة، مستغلة أوضاع الأسر الاقتصادية وجهلها، ومنتهكة بذلك طفولة الصغار الذين حولتهم إلى بيادق محاربة وقرابين مزهقة، فضلا عن انتهاكها الصارخ للمرأة اليمنية التي أقحمتها في أتون الحرب، وجعلت منها صورة غير معتادة أو مألوفة في بيئة ملتزمة محافظة، بتقاليد وأعراف مانعة للمرأة من حمل السلاح أو القتال في الحروب أيا كانت.
وإذا كانت ظاهرة تجنيد الأطفال مثلت بادرة خطيرة ومؤرقة تنبئ بكارثية الفعل، فإن تجنيد النساء وفي بيئة منغلقة محافظة زاد من هول الصدمة التي تسببت بها الميليشيات الانقلابية.
وفي جبهات القتال، أسر عشرات الأطفال في عدن ولحج والضالع وأبين (جنوب البلاد)، وأعيدوا إلى ذويهم في المحافظات التي تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية.
والتحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن أيضًا أعاد أطفالا قبض عليهم، ورصد المئات منهم على الحدود السعودية اليمنية.
يقول الناشط الحقوقي اليمني يوسف عبده مرعي إنه ما من أمانة في عنق العالم تفوق في قدسيتها الأطفال، وما من واجب يسمو في أهميته على احترام الجميع لحقوق الأطفال، لأن حمايتهم واحترام حقوقهم حماية لمستقبل البشرية، مشيرا إلى أن مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة أشد الظواهر خطرا، وأنها قد انتشرت في كثير من النزاعات حول العالم، في مخالفة واضحة وصريحة لقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني.
ويؤكد مرعي أن قواعد حماية السكان من آثار الحرب تعد من أضخم الإنجازات في القانون الدولي الإنساني، مضيفا: «لقد خصص القانون بابا كاملا في البروتوكول الأول عام 1977 لحماية السكان المدنيين، ويخضع الأطفال في حمايتهم لتلك القواعد باعتبارهم أشخاصا مدنيين لا يشاركون في الأعمال العدائية»، ويستطرد: «إن الحماية العامة للطفل تكمن في الالتزام بتطبيق نص المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع، وكذلك أعمال أحكام البروتوكول الثاني لعام 1977، الخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية، وذلك هو السبيل الوحيد لحماية المدنيين من آثار القتال وعواقبه».
ولفت مرعي إلى أن البروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف انطويا على قواعد تحظر اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية قبل بلوغهم سن الخامسة عشرة، متابعا: «إذن، فالحماية العامة مكفولة للأطفال من خلال الصكوك العامة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وخصوصا الحماية التي توفرها اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 التي صادقت عليها كل دول العالم».
وأردف: «وفي مخالفة واضحة لقواعد القانون الدولي الإنساني، ما تزال الجماعات الانقلابية (الحوثي وصالح) تمارس أبشع المجازر بحق الطفولة في اليمن، مستغلة الفقر لإجبار أرباب الأسر على الدفع بأطفالهم في كل جبهات القتال التي تخوضها هذه الجماعات الانقلابية ضد الشعب وأحلامه في العيش بأمن وكرامة واستقرار».
ويقول أحمد القرشي، رئيس منظمة (سياج) لحماية الطفولة، إن معدلات تجنيد وإشراك الأطفال في الصراعات المسلحة منذ عام 2015 زادت عن 5 أضعاف ما كان عليه الحال سنة 2014 وما قبلها، مرجعا السبب إلى اتساع جغرافية الصراع المسلح إلى أكثر من 16 محافظة يمنية، مقارنة بـ5 محافظات في السنوات الماضية، فضلا عن تزايد معدلات النزوح والفقر والبطالة، وتوقف التعليم الأساسي في أغلب مناطق الصراع، مما أدى إلى تسرب التلاميذ، علاوة على مقتل وإعاقة كثير من أولياء الأمور، سواء كانوا مقاتلين في الجبهات مع أطراف الصراع أو من ضحايا الحرب والمواجهات».
ويلقي رئيس المنظمة الحقوقية باللائمة على الخطاب التعبوي الحاشد للمجتمع، المروج لثقافة الموت والقتل، لافتا إلى أن أكثر المتأثرين هم الأطفال والمراهقين، خصوصا في ظل التركيز على استقطاب الأطفال كمحاربين، واستثمارهم كتوجه مجتمعي لاستقطاب كثير من المراهقين مقابل الحصول على المال، وكفرصة لتأمين سبل معيشة بديلة لذويهم.
ويشدد القرشي على أنه لا توجد لدى منظمته إحصائيات مؤكدة حاليا عن أعداد القتلى والمصابين والمعتقلين من الأطفال، مبينا أن أكثر الانتهاكات التي يواجهها الأطفال هي التجنيد والقتل والتشويه والإصابة والعنف البدني والنفسي المترتب على الحرب.
وأوضح القرشي أن منظمته أجرت دراسة ميدانية خلصت إلى أن تجنيد الأطفال في صفوف الحوثيين يصل إلى ما نسبته 50 في المائة.
ولجأت ميليشيات الحوثي وصالح في اليمن إلى التمهيد لتجنيد النساء اليمنيات، من خلال عرض عسكري نسوي أقامته في العاصمة صنعاء خلال الأيام القليلة الماضية.
وأثارت خطوة تجنيد النساء في صفوف الميليشيات جدلاً واسعا بين اليمنيين الذين استنكروا في الأغلب فعلة الحوثيين، واصفين إياها بالسابقة الخطيرة والمشينة في مجتمع محافظ.
وهدف العرض النسائي إلى دعم صفوف الانقلابيين في جبهات القتال، كما أعلن، وشمل استعراضًا بسلاح الكلاشنكوف والقاذفات وأطقما عسكرية محملة بالنساء «المسلحات» والرشاشات.
وبدأت جماعة الحوثي أخيرا بتجنيد النساء، في مؤشر على مدى سوء الوضع الذي آلت إليه الجماعة، بعد أكثر من عام ونصف العام من الحرب، معللة اتخاذها مثل تلك الخطوة بأنها لمواجهة ما أسمته بالنقص في أعداد المقاتلين، وهو ما اعتبره متابعون الاعتراف الأول للميليشيات.
ويظهر من منشور رئيس المجلس السياسي الحوثي، صالح الصماد، بموقع «فيسبوك»، أن الجماعة تعاني نقصًا وحالة من الارتباك في أغلب الجبهات، وأنه لا يمكن الصمود أكثر، مقترحا أن تتم الاستعانة بالنساء لتعويض نقص المقاتلين.
وقامت جماعة الحوثيين بتجنيد عشرات النساء للمشاركة في المعارك الدائرة باليمن، بعد تلقيهن تدريبات عسكرية.
واستعان الحوثيون بالنساء للمشاركة في المعارك، خصوصا بمدينة صنعاء، حيث تدربن على حمل الأسلحة الثقيلة، مثل الصواريخ المضادة للدبابات من نوع «آر بي جي».
وبدأت دوريات لفتيات حوثيات يحملن أسلحة بالتجول في العاصمة صنعاء، ومناطق أخرى واقعة تحت سيطرة الجماعة.
وقال المحامي خالد الشعيبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن مبادئ باريس تعرف الطفل الجندي بأنه «أي طفل يرتبط بقوة عسكرية أو بجماعة عسكرية هو أي شخص دون سن الثامنة عشرة من العمر، ولا يزال، أو كان مجنّدًا أو مُستخدَمًا بواسطة قوة عسكرية أو جماعة عسكرية في أي صفة، بما في ذلك - على سبيل المثال وليس الحصر - الأطفال والغلمان والفتيات الذين يتم استخدامهم محاربين أو طهاة أو حمّالين أو جواسيس أو لأغراض جنسية». وطبقا للمعاهدات والأعراف، فإن القانون الدولي الإنساني يحظر تجنيد واستخدام الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر للعمل بوصفهم جنودًا.
كما يتم تعريف ذلك بوصفه جريمة حرب من جانب المحكمة الجنائية الدولية، وفضلاً عن ذلك يُعلِن قانون حقوق الإنسان سن الثامنة عشرة بوصفها الحد القانوني الأدنى للعمر بالنسبة للتجنيد، ولاستخدام الأطفال في الأعمال الحربية



«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.


العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
TT

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تقوّض وحدة القرار السيادي للدولة، وتمنح الجماعة الحوثية المدعومة من إيران فرصة لمراكمة المكاسب على حساب الاستقرار الوطني.

وجاءت تصريحات رئيس مجلس القيادة اليمني قبل مغادرته العاصمة المؤقتة عدن، الجمعة، متوجهاً إلى السعودية لإجراء مشاورات رفيعة مع شركاء إقليميين ودوليين، في ظل تطورات حساسة تشهدها المحافظات الشرقية، وعلى رأسها حضرموت.

وأكّد العليمي في تصريحات رسمية التزام المجلس والحكومة بنهج الشراكة الوطنية، والمسؤولية الجماعية في استكمال مهام المرحلة الانتقالية، بموجب مرجعياتها المتفق عليها، وفي المقدمة إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

كما أكّد مسؤولية الدولة وحدها عن حماية مؤسساتها الوطنية، وصون مصالح المواطنين، والحفاظ على وحدة القرار السيادي، ورفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة، والسلطات المحلية صلاحياتها الحصرية، والإضرار بالأمن والاستقرار، وتعميق المعاناة الإنسانية، أو تقويض فرص التعافي الاقتصادي، والثقة المتنامية مع المجتمع الدولي.

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: «إن معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية، وتنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، ستظل في صدارة الأولويات الوطنية». وحذّر من أن أي انشغال بصراعات جانبية، لا يخدم سوى المشروع الإيراني، وأدواته التخريبية، ومضاعفة معاناة اليمنيين، وفق ما نقلته عنه وكالة «سبأ» الرسمية.

تغليب مصلحة حضرموت

وأشاد العليمي في تصريحاته بجهود السعودية التي قادت إلى التوصل لاتفاق التهدئة الأخير في محافظة حضرموت (شرق)، مؤكداً أهمية الالتزام الكامل ببنود الاتفاق، والبناء على هذه الجهود الحميدة، وتغليب مصلحة حضرموت وأبنائها، بوصفها ركيزة أساسية للاستقرار في اليمن، والمنطقة.

كما جدد دعمه الكامل لقيادة السلطة المحلية والشخصيات والوجاهات القبلية في قيادة مساعي الوساطة، والتسريع بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم المحلية، إنفاذاً لتعهدات مجلس القيادة، وخطته لتطبيع الأوضاع في المحافظة.

مظاهرة في صنعاء حيث العاصمة اليمنية المختطفة دعا إليها زعيم الجماعة الحوثية (أ.ب)

ووجّه العليمي في هذا السياق، قيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، والجهات المعنية في الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والأضرار التي طالت المواطنين، والممتلكات العامة والخاصة، خصوصاً في مديريات الوادي والصحراء، واتخاذ ما يلزم لجبر الضرر، وعدم إفلات المتورطين من العقاب.

كما دعا رئيس مجلس القيادة اليمني جميع المكونات الوطنية إلى نبذ الخلافات، والتحلي بأعلى درجات المسؤولية، وتوحيد الصف في مواجهة التحديات، وإسناد الحكومة للوفاء بالتزاماتها الحتمية، وجعل مصلحة المواطنين، وكرامتهم الإنسانية، فوق كل اعتبار.


تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

ووسط صخب الانتقادات المصرية الحادة لإسرائيل، أفادت تقارير عبرية بحدوث تأهب إسرائيلي على الحدود مع سيناء، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «تصعيداً إسرائيلياً جديداً وفقاعة إعلامية بلا أي صدى».

وذكرت قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الخميس، أن خلافاً دبلوماسياً حاداً اندلع بين إسرائيل ومصر بعد إعلان الأولى نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لإخراج الفلسطينيين من غزة باتجاه مصر.

وأضافت أن الموقف المصري الذي نفى ذلك أثار ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: «إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مشكلتهم». وقال مصدر أمني إسرائيلي: «رغم بيان المصريين، تستعد إسرائيل لفتح المعبر كما خطط له».

شاحنة بترول مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

واندلعت شرارة التصعيد الجديد بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت هيئة الاستعلامات المصرية عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وقالت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» إن مصر تؤكد التزامها بمقررات اتفاق وقف إطلاق النار، «بما فيها تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، لاستقبال الجرحى والمصابين من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى القطاع»، وحذرت من أن «فتح معبر رفح في اتجاه واحد يكرس عملية تهجير الفلسطينيين».

«خطة تهجير مرفوضة»

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسرياً أو طوعياً خط أحمر بالنسبة لمصر».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد رشوان أن بلاده «لن تشارك في مؤامرات تهجير الفلسطينيين»، وذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين.

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إن على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينة واحدة في غزة.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي التصعيد الإسرائيلي «مجرد ضغوط وفرقعة إعلامية ومناوشات متكررة لا تحمل قيمة وليس لها مستقبل، في ضوء معرفتهم الجيدة بالموقف الصارم لمصر برفض تهجير الفلسطينيين خارج البلاد، وأن ذلك لن يحدث تحت أي ثمن»، مضيفاً: «ما تسعى له إسرائيل ضد خطة ترمب، ولن يؤدي لتغيير المواقف المصرية».

فيما يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن أن ما تثيره إسرائيل «دون داع» يعد أموراً «استفزازية»، يحاول نتنياهو من خلالها الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذي يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، مشيراً إلى وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين تريد العودة، «ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة».

واستطرد: «موقف مصر حاسم ولا تراجع فيه، حفاظاً على الأمن القومي المصري، وحقوق القضية الفلسطينية».

تأهب على الحدود

بالتزامن مع ذلك، كشفت صحيفة «معاريف»، الخميس، عن أن الجيش الإسرائيلي يعزز استعداداته على حدود مصر والأردن تحسباً لأي تطورات أمنية، لافتة إلى أن الجيش يتعامل مع سيناريوهات قد تتحول فيها التهديدات التكتيكية إلى تحديات استراتيجية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قام، مساء الأربعاء، بزيارة ميدانية للواء 80 على الحدود مع مصر، مشيراً إلى «وجود تحديات في الحدود مع مصر والأردن».

وتوترت العلاقات المصرية - الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة قبل أكثر من عامين، لا سيما مع رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادليفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدوديين، وإصرارها على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين إليها، وكذلك مع تلويح إسرائيلي مستمر بتعطيل اتفاقية للغاز مع مصر.

وقال العرابي: «تلك الإجراءات الإسرائيلية هي والعدم سواء، وإسرائيل تعلم أنها لا تملك قوة التصعيد، ولا فتح جبهة جديدة؛ لأن الداخل الإسرائيلي سيكون بالأساس ضد أي تصعيد مع مصر، وبالتالي الصدام مستبعد».

وأشار إلى أن هذا النهج متكرر منذ بداية حرب غزة «لتشتيت الاهتمامات والأولويات، وبات لعبة معروفة ولا جدوى منها، وليس أمام إسرائيل سوى تنفيذ الاتفاق، ونسيان أي خطط لتنفيذ التهجير المرفوض مصرياً وعربياً وأوروبياً ودولياً».

واستبعد حسن حدوث أي صدام بين مصر وإسرائيل؛ «لاعتبارات عديدة متعلقة باستقرار المنطقة»، معتبراً التأهب الإسرائيلي على الحدود «مجرد مناوشات لا قيمة لها».