تونس: الحزب الحاكم ينظم أيامًا برلمانية لحسم خلافاته الداخلية

السبسي الابن طالب بتأجيلها لتهيئة المناخ المناسب للتوافق

الرئيس الباجي قائد السبسي مؤسس حزب النداء (رويترز)
الرئيس الباجي قائد السبسي مؤسس حزب النداء (رويترز)
TT

تونس: الحزب الحاكم ينظم أيامًا برلمانية لحسم خلافاته الداخلية

الرئيس الباجي قائد السبسي مؤسس حزب النداء (رويترز)
الرئيس الباجي قائد السبسي مؤسس حزب النداء (رويترز)

طرحت قيادات حزب نداء تونس (الحزب الحاكم) خلال الأيام البرلمانية، التي انطلقت أمس، والتي تتواصل ليومين، قضية انتخاب رئيس جديد للكتلة البرلمانية، وانتخاب أعضاء اللجان البرلمانية ومساعدي رئيس الكتلة.
وخيمت على هذه الأيام البرلمانية أجواء الخلافات السياسية المتنامية داخل حزب النداء، وأضاف طلب السبسي الابن، المدير التنفيذي للحزب، جرعة إضافية من الغموض عند تقدمه لتأجيل هذه الأيام البرلمانية بهدف «تهيئة المناخ المناسب للتوافق»، وهو الطلب الذي تم رفضه.
وكان حزب النداء، الذي أسسه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في يونيو (حزيران) 2012، قد جمع بين الأضداد في هيئته التأسيسية، وفتح أبواب الانضمام إليه للتيارات اليسارية، وللشق النقابي ولأطراف محسوبة على التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (حزب بن علي). ولذلك توقع أكثر من متابع للمشهد السياسي فشل هذا الحزب في التعايش الداخلي، بسبب نتيجة جمعه الأضداد تحت سقف سياسي واحد، غير أن نجاحه في الإطاحة بحركة النهضة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت سنة 2014 أجل تلك الخلافات لتطفو من جديد وبشكل أكثر حدة من السابق.
وفي هذا الشأن قال محمد سعيدان، القيادي في حزب النداء، إن دعوة حافظ قائد السبسي إلى تأجيل الأيام البرلمانية جاءت بعد طلب تقدم به 35 نائبا لتأجيلها من إجمالي 67 نائبا لحزب النداء في البرلمان، وذلك بهدف تقريب وجهات النظر أكثر بعد الأزمة الحاصلة في صلب الحزب، ولمحاولة الحفاظ على تماسك الكتلة البرلمانية قبل فترة قصيرة من إجراء الانتخابات البلدية.
وبخصوص مدى شرعية هذه الأيام البرلمانية في ظل غياب أكثر من نصف البرلمانيين الممثلين لحزب النداء، قال سعيدان، إن الاجتماع «شرعي وهو مطابق لمقتضيات النظام الداخلي المتعلق بالكتلة البرلمانية لحزب النداء».
ولم تنجح الاجتماعات المتكررة التي عقدتها قيادات الحزب الحاكم في تونس خلال الأسبوع الماضي في تجاوز الأزمة السياسية، التي تعصف بحزب النداء منذ نحو سنتين. حيث تباينت المواقف حول النوايا الحقيقية لكل طرف سياسي من وراء بث الشقاق و«تأبيد» الأزمة داخل أحد أهم الأحزاب السياسية في البلاد.
وفي هذا الشأن، قال بوجمعة الرميلي، القيادي وعضو الهيئة السياسية لحركة نداء تونس (الحزب الحاكم)، إن الهدف الأساسي من وراء سلسلة الاجتماعات التي تعقدها قيادات من النداء، سواء تلك التي اقترحت يوسف الشاهد رئيس الحكومة رئيسا للحزب، أو التي دعت إلى إزالته من هذه المهمة، هو إنجاز المؤتمر التأسيسي للحزب، ووضع خريطة طريق تحدد العلاقة بين مختلف الأطراف والقيادات السياسية، واقتراح تلك الخريطة على الهيئة السياسية للحزب من أجل إنقاذه وإبعاد شبح تصدير أزمة الحزب الحاكم إلى حكومة الوحدة الوطنية.
وبشأن ما يدور داخل حزب النداء من انقسامات وانشقاقات متواصلة، قال الرميلي، إن مقترح إلغاء منصب المدير التنفيذي والممثل القانوني الذي يتولاه حافظ قائد السبسي قد تكون الخطوة الأولى لإبعاد شبح السيطرة على الحزب والانقلاب على القيادات المؤسسة له، وهو إجراء دفع بالسبسي الابن إلى المطالبة بتأجيل الأيام البرلمانية التي قد تدفع في اتجاه التغيير من الداخل.
وأضاف الرميلي أن المطالبة بتحوير النظام الداخلي وإعادة توزيع المسؤوليات في صلب الهيئة السياسية ليست «جريمة»، على حد تقديره، ولكن يفرضها الفشل الحالي في إدارة الأزمة داخل حزب النداء، وعدم التوصل إلى حلول نهائية لكم المشكلات المتراكمة، على الرغم من تدخل عدة أطراف سياسية مرموقة، من بينها الباجي قائد السبسي مؤسس حزب النداء منتصف سنة 2012.
وعجز حزب النداء عن لم شمل قياداته السياسية، وتنظيم مؤتمره التأسيسي الذي تأجل أكثر من مرة نتيجة الاختلاف حول هيكلة الحزب وقياداته السياسية، وتبادل التهم بشأن المحاولات المتكررة للسيطرة على الحزب. وقد تواصلت الخلافات السياسية في حزب النداء، وهو ما أدى إلى استقالة رضا بلحاج رئيس الهيئة السياسية من حزب النداء، كما برزت خلال الآونة الأخيرة خلافات جديدة بين حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي، وسفيان طوبال رئيس الكتلة البرلمانية، إثر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، والخلاف الذي ظهر حول عدد الحقائب الوزارية المساندة لحزب النداء.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.