مصادر مقربة من {دولة القانون}: المالكي وإيران يسعيان لتأخير عملية الموصل

أكدت أن رئيس الوزراء السابق يسعى للإطاحة بالعبادي أولاً

رتل تابع لميليشيات «الحشد الشعبي» في استعراض عسكري على طريق النجف - كربلاء أمس (أ.ف.ب)
رتل تابع لميليشيات «الحشد الشعبي» في استعراض عسكري على طريق النجف - كربلاء أمس (أ.ف.ب)
TT

مصادر مقربة من {دولة القانون}: المالكي وإيران يسعيان لتأخير عملية الموصل

رتل تابع لميليشيات «الحشد الشعبي» في استعراض عسكري على طريق النجف - كربلاء أمس (أ.ف.ب)
رتل تابع لميليشيات «الحشد الشعبي» في استعراض عسكري على طريق النجف - كربلاء أمس (أ.ف.ب)

رغم الاستعدادات الجارية على الأرض لبدء عملية تحرير الموصل من قبل الحكومة العراقية وإقليم كردستان والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، فإن مصادر مطلعة ومقربة من ائتلاف دولة القانون الذي يترأسه رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي كشفت عن بدء الأخير وبدعم من إيران مساعي مكثفة لتأجيل عميلة تحرير الموصل إلى بعد حكومة حيدر العبادي التي تعد طهران والمالكي العدة لإسقاطها قريبا، مبينة أن المالكي يستعد للعودة إلى رئاسة الوزراء بدعم من إيران وعدد من الكتل السياسية العربية والكردية التابعة لطهران.
وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط»، مفضلا عدم نشر اسمه، إن «نوري المالكي وبدعم من الحرس الثوري الإيراني وقائد فيلق القدس قاسم سليماني يستعد للعودة إلى رئاسة الحكومة العراقية، وقد بدأ بالفعل بتنفيذ الخطة الإيرانية للانقلاب على حكومة العبادي، من خلال سحب الثقة من وزرائه الواحد تلو الآخر في مجلس النواب، ومن ثم تشكيل حكومة برئاسته من خلال التحالفات التي عقدها مؤخرا بإشراف مباشر من طهران مع غالبية السياسيين الشيعة وعدد من السياسيين السنة التابعين لإيران والمشاركين في العملية السياسية ومع الجناح المتنفذ في الاتحاد الوطني الكردستاني (جناح عقيلة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني) وحركة التغيير».
وبحسب المصدر فإن المالكي يعمل على تأخير عملية تحرير الموصل كي لا تنجز في عهد العبادي، مضيفا أن «المالكي يريد أن تحرر الموصل في عهده، لكي يظهر أنه الوحيد الذي يستطيع تحريرها، إضافة إلى أن العملية لو أنجزت في عهد المالكي فإنه سيفتح الطريق أمام الميليشيات الشيعية والقوات الإيرانية لقيادة المعركة كي تصب في مصلحة إيران التي شددت ومن خلال قادة الميليشيات الشيعية التابعة لها أن قاسم سليماني هو الذي سيقود عملية الموصل، وبالتالي تهميش دور البيشمركة والجيش العراقي والعرب السنة والتحالف الدولي في العملية، والوصول إلى الحدود السورية لنقل السلاح والعتاد والجنود الإيرانيين إلى داخل الأراضي السورية برا وبسهولة».
من جانبه، كشف المتحدث باسم قوات التحالف الدولي في العراق، الكولونيل جون دوريان، في إيجاز صحافي أمس، عن أهم الاستعدادات الجارية لمعركة الموصل، وقال: «قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة أكملت تدريب 8 إلى 12 لواء من الجيش العراقي بواقع 35 ألف جندي استعدادا لعملية تحرير الموصل الوشيكة». وأشار إلى أن التحالف الدولي جهز أيضا ستة آلاف مقاتل من قوات البيشمركة والجيش العراقي كقوات احتياط للعملية. وكشف أن «قطع المدفعية وضعت على أهبة الاستعداد في غرب ناحية القيارة، حيث تتمركز قوات التحالف الدولي والقوات العراقية في قاعدتها الجوية».
في غضون ذلك سلط المدير العام للإعلام والثقافة في وزارة البيشمركة، العميد هلكورد حكمت، لـ«الشرق الأوسط» الضوء على القوات المشاركة في عملية تحرير الموصل وقال: «جرى الاتفاق على مشاركة الجيش العراقي وقوات البيشمركة والحشد الوطني وبإسناد من التحالف الدولي في عملية تحرير الموصل»، مؤكدا أن قوات البيشمركة ولأكثر من عام مستعدة لخوض معركة الموصل. وتابع: «جميع الأطراف تسعى للإسراع في عملية تحرير الموصل، فالجميع مقتنعون بضرورة إتمام العملية قبل نهاية العام الحالي».
وأضاف حكمت: «نحن على مستوى وزارة البيشمركة أجرينا الاستعدادات اللازمة من أجل إنشاء مرجع إعلامي واحد للعملية، بحيث يكون للجيش العراقي وقوات البيشمركة والتحالف الدولي نوع واحد من الخطاب والبلاغ الإعلامي للمعركة، وشُكلت بهذا الصدد لجنة خاصة تشرف على الإعلام أثناء عملية التحرير»، مشددا على أن قوات البيشمركة سيكون لها دور رئيسي في عملية تحرير الموصل.
وتزامنا مع الاستعداد لعملية الموصل الوشيكة، سلط غانم العابد، أحد قادة المتظاهرين ضد حكومة المالكي في الموصل قبل سقوطها بيد (داعش)، الضوء على ما ينفذه التنظيم حاليا من خطط داخل المدينة استعدادا للمعركة.
وأوضح أن التنظيم «وضع كتلا كونكريتية داخل شوارع الموصل، وفصل مناطق وأحياء المدينة عن بعضها بهذه الكتل، خصوصا في الجانب الأيمن من المدينة، بحيث أصبحت للمنطقة الواحدة مدخل واحد». وتابع: «التنظيم بدأ بتضييق الخناق بشكل أكبر على المواطنين، ونشر عناصر شرطته (الحسبة) في كل مناطق المدينة وأسواقها، وهؤلاء يُغرمون المواطنين ويعاقبونهم بأخذ الأموال فورا، بسبب تخفيف اللحية وعدم ارتدائهم سراويل قصيرة، أو التدخين»، كاشفا أن التنظيم «يسعى لسحب الأموال من أهالي الموصل، حيث أبلغهم بالتوجه إلى دوائر المرور في المدينة التي يديرها مسلحوه لاستبدال لوحات سياراتهم من الرقم الحكومي الرسمي إلى لوحات تحمل اسم (داعش) و(ولاية نينوى) مقابل مبالغ مالية كبيرة، وهذا القرار خاص بالسيارات التي تحمل أرقام نينوى فقط، وحدد التنظيم موعدا لسكان الموصل لإتمام هذه العملية أقصاه الأول من الشهر المقبل».



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.