أقر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بفشل الاتفاق الأميركي - الروسي حول سوريا؛ وذلك حين أكد أن استئناف العمل باتفاق وقف إطلاق النار «أمر ممكن، لكن على أسس جماعية». وقال لافروف في حوار على قناة «روسيا24» التلفزيونية إنه «من الممكن الآن الحديث حول إنعاش الهدنة، لكن فقط على أسس جماعية، أي حيث لا يكون واجب علينا نحن أن نثبت أمرًا، بل حيث يجب أن يثبتوا لنا (يقصد الأميركيين) بأن الحديث يدور حول نية صادقة بفصل المعارضين الذين يتعاونون مع التحالف الأميركي، عن (جبهة النصرة)، والقضاء عليها بعد ذلك. أما المعارضون فيصبحون جزءا من العملية السياسية» حسب قول لافروف، الذي حذر من أنه بحال لم يتمكنوا من إثبات هذا الأمر لروسيا، فإن هذا سيعزز الشكوك بأن كل ما يجري يهدف إلى تجنيب «جبهة النصرة» التعرض للضربات.
ضمن هذه الرؤية التي عبر عنها لافروف، التي لا تنفصل عن إصرار موسكو على تجاهل مسؤولية النظام وتحميل المسؤولية عن فشل تنفيذ الاتفاق للجانب الأميركي، وامتناعه عن الفصل بين المعارضة ومن تصفهم بـ«الإرهابيين»، أكد الوزير الروسي أن موسكو «لن تتعامل بعد اليوم بجدية مع الطلب بأن توقف من جانب واحد هي والنظام السوري الطلعات الجوية». وأردف «إذا عادت الأمور لتقتصر مجددا على المطالبة بخطوات أحادية من جانب القوات الجوية الروسية، أو القوات الجوية السورية (النظامية)، بحجة أن تعطي فرصة لمدة يومين أو ثلاثة وعندها سيتمكنون (الأميركيون) من إقناع كل المعارضين بأن الأمر جدي، وعليهم الابتعاد عن (جبهة النصرة)، فإننا لن نتعامل بعد اليوم بجدية مع تلك الأحاديث». ووضع من ثم الهدنة في حلب لمدة 48 ساعة ومن ثم لمدة 72 ساعة في سياق «الخطوات الأحادية من الجانب الروسي».
أما المخرج من هذا المأزق، وفق ما يرى وزير الخارجية الروسي، فيكون «فقط بالعمل المشترك بنزاهة، حيث ينفذ الجميع اتفاق الهدنة، لا أن يتم طرح شروط مسبقة»، معربا عن قناعته بأن تغيير الإدارة الأميركية بعد الانتخابات الرئاسية لن يؤثر في تنفيذ الاتفاق حول سوريا.
وعلى الرغم من إقرار مباشر منه بأن الاتفاق أصبح بحكم «الميت» حين اعتبر أنه هناك إمكانية «لإنعاشه»، ما زال لافروف متمسكا، على ما يبدو، بتنفيذ ذلك الاتفاق؛ إذ يصر على أنه «هناك اتفاق بين الرئيسين الفعليين (للمجموعة الدولية لدعم سوريا) ولا بد من تنفيذه». وجاء كلامه في هذا الصدد في سياق إجابته عن سؤال حول ما إذا كان يخشى من عدم تنفيذ الاتفاق بعد مغادرة أوباما البيت الأبيض.
من ناحية أخرى، توقف وزير الخارجية الروسي في الحوار التلفزيوني الموسع معه يوم أمس عند القصف الذي تعرضت له قافلة المساعدات الإنسانية قرب حلب أخيرًا، وشدد في هذا الشأن على «ضرورة إجراء تحقيق محايد ونزيه». وأعرب عن قناعته بأن «الخطوة الأولى الضرورية في حالات كهذه هي إظهار القذائف التي أصابت القافلة». وحاول من جديد التشكيك بأن القافلة تعرضت لقصف جوي، حين أشار، على حد زعمه، إلى أن المعلومات الأولية عن الحادثة كانت تشير إلى «قصف مدفعي تعرضت له القافلة، إلا أن تلك المعلومات اختفت لاحقًا، ومن ثم أخذوا يتحدثون عن استهداف القافلة بقصف من المروحيات».
أيضًا، كان لافروف حريصا على منح «صك براءة» للنظام السوري من المسؤولية عن قصف القافلة، مقابل توجيه أصابع الاتهام بصورة مباشرة لقوى المعارضة في شرق حلب. وحسب روايته، فإن «الحكومة السورية أكدت على الفور استعدادها للتعاون في موضوع إدخال المساعدات الإنسانية عبر طريق الكاستيلو»، لكن الأمر لم يكن كذلك من جانب المعارضة، وفق ما يتابع لافروف في روايته. إذ قال إن «الأشخاص الذين يسيطرون على الجزء الشرقي من مدينة حلب ويطلقون على أنفسهم (المجالس المحلية) قالوا في اليوم ذاته إنه إذا عبرت القافلة عبر طريق الكاستيلو فإنهم سيقصفونها».
في الشأن ذاته، استطلعت صحيفة «كوميرسانت» الروسية آراء «خبراء» روس حول حادثة قافلة المساعدات الإنسانية، واستبعدوا احتمال نشوب حريق في القافلة. وقال الخبير الروسي فيكتور سيليفانوف، وهو دكتور في العلوم التقنية ورئيس قسم الأجهزة الطائرة عالية الدقة في جامعة موسكو الحكومية، إن «حدوث أمر كهذا نتيجة حريق أمر مستبعد جدا»، مضيفا أنه لا يمكن استبعاد أمر من اثنين، إما عملا تخريبيا أو قصفا جويا، معربا عن اعتقاده بأن «خزانات وقود غير ممتلئة ربما انفجرت، لكنها لم تنفجر من تلقاء ذاتها، بل بمساعدة عبوات تفجيرية تم تثبيتها سابقا على خزانات الوقود (في السيارات)».
وأوضح أن «القيام بأمر كهذا ليس بالعمل الصعب؛ إذ يمكن إلصاق عبوة مغناطيسية وتشغيل المؤقت الزمني للتفجير». إلا أن الخبير لم يستبعد احتمال تعرض القافلة لقصف جوي، موضحًا أن «بعض القنابل الجوية لا تخلف قمعا (حفرة) في الأرض»، أما تحديد نوع القنابل أو الصواريخ التي استهدفت القافلة فإنه يتطلب «عملية تجميع بدقة لكل الشظايا».
لافروف يطلب التحقيق في قصف القافلة الإنسانية قرب حلب
رغم إقراره بموت الاتفاق حول سوريا.. يصر على تنفيذه حتى بعد رحيل أوباما
لافروف يطلب التحقيق في قصف القافلة الإنسانية قرب حلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة