منتجو النفط ينتظرون من السعودية تغيير موقفها في الجزائر

المملكة متمسكة بسياسة نفطية واضحة تقوم على الحفاظ على الحصة السوقية وترك السوق لتصحيح نفسها بنفسها

السعودية وغيرها من أعضاء {أوبك} ينظرون في سيناريوهات مختلفة في مسعى لإيجاد أرضية مشتركة لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط. ({الشرق الأوسط})
السعودية وغيرها من أعضاء {أوبك} ينظرون في سيناريوهات مختلفة في مسعى لإيجاد أرضية مشتركة لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط. ({الشرق الأوسط})
TT

منتجو النفط ينتظرون من السعودية تغيير موقفها في الجزائر

السعودية وغيرها من أعضاء {أوبك} ينظرون في سيناريوهات مختلفة في مسعى لإيجاد أرضية مشتركة لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط. ({الشرق الأوسط})
السعودية وغيرها من أعضاء {أوبك} ينظرون في سيناريوهات مختلفة في مسعى لإيجاد أرضية مشتركة لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط. ({الشرق الأوسط})

منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014 والمملكة متمسكة بسياسة نفطية واضحة تقوم على الحفاظ على الحصة السوقية وترك السوق لتصحيح نفسها بنفسها. وتعتمد هذه السياسة - بحسب ما ذكره وزير البترول السابق علي النعيمي - على فلسفة أن الأسعار قد لا ترتفع وبالتالي قد تخسر السعودية الأسعار والحصة معًا.
وبسبب هذه السياسة تراجعت أسعار النفط من مستويات 115 دولارًا إلى 45 دولارًا في أقل من عامين، وبدأت السوق تشهد تصحيحا هذا العام من المتوقع أن يستمر حتى العام المقبل الذي سيشهد تصحيحا أكبر وعودة السوق إلى التوازن، بحسب ما ذكره وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في أكثر من مناسبة مؤخرًا.
وقال الفالح بكل صراحة خلال وجوده في الولايات المتحدة أواخر الشهر الماضي إنه لا يرى حاجة لأن يقوم أحد بفعل أي شيء حيث إن السوق ماضية في التوازن والتصحيح.
وأحدثت الاستراتيجية السعودية صدعًا في أوبك التي واجه أعضاؤها الأفقر أزمة في الموازنة واضطرابات. واضطرت الرياض وحلفاؤها الخليجيون لترشيد نفقاتهم بعد عشر سنوات من الإنفاق العام السخي.
وزادت الضغوطات على المملكة لفعل شيء وخاصة من قبل نظرائها في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مثل فنزويلا التي أضحى اقتصادها على شفير الانهيار التام إن لم تتحسن الأسعار عما هي عليه. وترى فنزويلا أن السعر المناسب للنفط هو عند مستويات 70 دولارًا للبرميل كما عبر عنه رئيسها نيكولاس مادورو مؤخرًا.
ومن ناحية أخرى، بدأت روسيا هي الأخرى في دفع المملكة في اتجاه فعل شيء لتصحيح السوق من خلال كم هائل من التصريحات التي أطلقها المسؤولون في قطاع الطاقة الروسي وعلى رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين، والذي قال مؤخرًا إن هناك حاجة لاتفاق لتثبيت إنتاج النفط بين كبار المنتجين وعلى رأسهم السعودية وروسيا.
ومن ناحية اقتصادية، فإن المملكة الآن في وضع اقتصادي خانق، فالسحب من الاحتياطي الأجنبي لا يزال مستمرا، والسيطرة على عجز الميزانية أحد أهم التحديات هذا العام.
ولم تكن الضغوطات سياسية واقتصادية وحسب بل فنية أيضا، إذ قامت أوبك ووكالة الطاقة الدولية بتغيير توقعاتهما في تقاريرهما الشهرية الصادرة هذا الشهر ليتوقعا أن السوق لن تتعافى في النصف الأول من العام المقبل بل قد تطول عملية التصحيح مما يجعل الحاجة ماسة لأن تقوم أوبك بفعل شيء. وهذا تغيير مفاجئ حيث كانت المنظمتان قد أعلنتا الشهر الماضي أن السوق ستتوازن في العام القادم مع تحسن الأساسيات.
وأمام كل هذه الضغوطات، هل ستغير السعودية موقفها من سياسة الدفاع عن الحصة السوقية عندما تجتمع دول أوبك الأربعاء المقبل في العاصمة الجزائرية وتحاول أن تتبنى سياسة جديدة لدعم الأسعار؟
حتى الآن لا توجد صورة واضحة لما سيكون عليه موقف المملكة في الجزائر، حيث أرسلت المملكة عدة علامات متضاربة حول ما يمكن توقعه من الاجتماع المقبل.
فمن ناحية اجتمع فيه مسؤولون سعوديون بنظرائهم الإيرانيين في اجتماع «فني» مغلق في فيينا الأربعاء والخميس الماضيين حضره مسؤولون من الجزائر وقطر بهدف التوصل إلى اتفاق مبدئي قبل التوجه إلى الجزائر، ومن ناحية أخرى أرسلت السعودية إشارات من خلال وسائل الإعلام أنها لا تتوقع أن يكون اجتماع الجزائر حاسمًا بل اجتماعًا تشاوريًا.
وسبق هذه التطورات تطور آخر وهو عزم الوزير الفالح تغيير ممثلي السعودية في منظمة أوبك، وهو تغيير آخر يراه بعض المراقبين علامة على نية الوزير الابتعاد عن السياسة السابقة حيث إن محافظ المملكة في أوبك الدكتور محمد الماضي، والممثل الوطني الدكتور ناصر الدوسري، كانا ضمن الفريق الاستشاري للوزير النعيمي الذي تبنى سياسة الدفاع عن الحصة السوقية.
وانتهى اجتماع فيينا دون أن يتوصل الخبراء السعوديون والإيرانيون إلى اتفاق بعد يومين من المناقشات لبحث مستويات الإنتاج.
وذكرت «رويترز» عن مصادر أن المملكة عرضت هذا الشهر على إيران تخفيض إنتاجها إلى ما قبل مستويات الصيف مقابل أن تقوم الأخيرة بتثبيت إنتاجها عند مستوى 3.6 مليون برميل يوميًا بدلا من مستوى 4 ملايين برميل يوميًا الذي تطالب به وهو ما رفضته إيران.
وارتفع إنتاج الرياض منذ يونيو (حزيران) بسبب الطلب في الصيف ليصل إلى مستوى قياسي في يوليو (تموز) عند 10.67 مليون برميل يوميًا قبل أن ينخفض إلى 10.63 مليون برميل يوميًا في أغسطس (آب). وفي الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى مايو (أيار) أنتجت السعودية نحو 10.2 مليون برميل يوميا.
ويعتبر هذا تحولا كبيرًا، إذ رفض السعوديون سابقًا مناقشة خفض الإنتاج تحت أي ظرف ممكن. ويمكن أن يعتبر هذا العرض تحولا في موقف الرياض التي قادت سياسة أوبك الحالية في عام 2014 من خلال رفض خفض الإنتاج منفردة لدعم الأسعار وآثرت الدفاع عن الحصة السوقية في مواجهة المنافسين خصوصا أصحاب التكلفة المرتفعة.
ومع اشتداد المعاناة من تدني أسعار النفط وتزايد الضغوط على المالية العامة السعودية لمحت الرياض وطهران إلى استعدادهما لإبداء المزيد من المرونة من أجل دعم الأسعار.
وذكرت وكالة «رويترز» أول من أمس نقلا عن مصدر خليجي في أوبك على دراية بالتفكير السعودي إن المملكة وغيرها من أعضاء المنظمة ينظرون في سيناريوهات مختلفة في مسعى لإيجاد أرضية مشتركة بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط.
وقال المصدر لـ«رويترز»: «هدفنا التوصل إلى توافق في الآراء وننظر في سيناريوهات مختلفة بشأن مستويات إنتاج الدول الأعضاء في أوبك». وأضاف: «الاجتماع الفني في فيينا والاجتماع الوزاري في الجزائر سينعقدان من أجل بناء التوافق استعدادا لاجتماع أوبك الرسمي بنهاية نوفمبر».
وارتفعت أسعار النفط بعد الأنباء عن أن السعوديين يعرضون اتفاقا على إيران لكنها تخلت عن مكاسبها في وقت لاحق ليجري تداول الخام بانخفاض نسبته أربعة في المائة مع تلاشي آمال التوصل إلى اتفاق الأسبوع الحالي.
وسعر النفط دون 46 دولارا للبرميل أقل مما تحتاجه موازنات معظم الدول الأعضاء في أوبك كما أنه أقل كثيرًا من مستوى الذروة الذي سجله في 2014 والذي تجاوز 115 دولارًا للبرميل.
ودون توافق سعودي إيراني سيكون من الصعب لأوبك أن تتبنى أي موقف، لكن الرغبة التي أبدتها الرياض في فتح الحوار مع إيران تظهر أن المملكة لديها النية في تغيير سياستها إذا ما قامت دول أخرى بتقديم تضحيات مماثلة.
وفي الناحية الأخرى، لا يزال الروس غير مهتمين باجتماع الجزائر الأربعاء المقبل حيث إن الوفد الروسي سيغادر قبل أن تجتمع دول أوبك. وكما صرح المسؤولون في روسيا أول من أمس، فإن روسيا لن تدخل في نقاشات مجددا مع أوبك حول أي اتفاق حتى تتفق أوبك فيما بينها على اتفاق أولا.
وهذا ليس مستغربًا؛ فروسيا لا تزال تتذكر انهيار المحاولة الأولى للتوصل إلى اتفاق عالمي بشأن الإنتاج في أبريل (نيسان) عندما أصرت الرياض على مشاركة طهران. وقالت إيران إنها لن تنضم إلى أي اتفاق من هذا القبيل حتى تستعيد حصتها السوقية وتعزز الإنتاج إلى مستويات ما قبل العقوبات.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).