«فتح الشام» تفتي بحرمة القتال مع «درع الفرات» لحرف المعركة عن مسارها

خبراء يحذرون من محاولات فك الارتباط بين «الفصائل الثورية»

«فتح الشام» تفتي بحرمة القتال مع «درع الفرات» لحرف المعركة عن مسارها
TT

«فتح الشام» تفتي بحرمة القتال مع «درع الفرات» لحرف المعركة عن مسارها

«فتح الشام» تفتي بحرمة القتال مع «درع الفرات» لحرف المعركة عن مسارها

أفتت «جبهة فتح الشام» في سوريا بـ«عدم جواز المشاركة في قوات (درع الفرات)، تحت إمرة أي طرف إقليمي أو تحالف دولي». وإذ لفتت إلى أن «العلماء اختلفوا حول الاستعانة بالجيش التركي لجهة تضارب المشاريع»، رأت أن الدور الأميركي يمثّل احتلالاً سافرا وغزوًا مباشرا وتقسيمًا جديدًا، من خلال دعمه الميليشيات الكردية، واتفاقه مع الروس «الذي يفضي إلى تثبيت النظام». ونبّهت إلى خطورة «حرف المعركة عن مسارها الصحيح نحو إسقاط النظام، وإبعادها عن فكّ الحصار عن مدينة حلب وعدم التوجه نحو معارك حماه وفتح طريق دمشق».
«جبهة فتح الشام» أعلنت في بيان أصدرته أمس، أن «ما يجري في الريف الشمالي لحلب، هو امتداد لأحداث وظروف ماضية، تتطلب التأني والإمساك عن الحديث في سبيل دراسة الواقع وفهمه بتعمق ودراية لإعطاء الحكم الشرعي المناسب وفق ذلك، خصوصا في ظل المتغيرات الكثيرة للموقف الواحد». وتحدثت عن فتوى جواز الاستعانة بالجيش التركي في قتال تنظيم داعش في محافظة حلب، مشيرة إلى أن «العلماء انقسموا في ذلك لفريقين منهم من حرمها بالمطلق ومنهم من أجازها بشروط». ورأت أن «ما يحصل في الريف الشمالي من تضارب المشاريع كمشروع تنظيم داعش ومشروع قوات الأسد وحلفائه والمشروع الأميركي ومشروع الأمن القومي لتركيا».
وبرأي مراقبين، إن هذا الموقف يشير إلى بداية خلط أوراق في مشهد الأحداث السوري، وهو ما لمح إليه الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، محمد أبو رمان، الذي قرأ في موقف «جبهة فتح الشام» ترجمة للتحولات التي تحصل في الداخل السوري. وأكد أبو رمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن بيان الجبهة «يثبت أن الخلافات بدأت تظهر بين (أحرار الشام) و(جبهة فتح الشام) أي (جبهة النصرة)، رغم محاولة تكيف الأخيرة مع الفصائل الأخرى». وتابع: «هناك إصرار روسي وتواطؤ أميركي على وضعها على قائمة التنظيمات الإرهاب، ما يجعل وضعها مؤثرًا على (أحرار الشام) وعلى التدخل التركي وعلى التفاهم الأميركي الروسي».
غير أن عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحرّ، أبو أحمد العاصمي، أوضح أن «فتح الشام» في الأصل «ليست جزءًا من قوات درع الفرات»، مذكرًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن كل الفصائل المقاتلة، من بينها «النصرة»، ابتعدت عن الحدود التركية منذ أكثر من سنة. وإذ لفت إلى أن بيان «فتح الشام» لم يتطرق بسلبية عن الدور التركي، قال: «كلنا ننظر إلى الأميركيين أعداء حقيقيين، وندين التعاطي الأميركي مع المعارضة السورية على مدى سنوات الأزمة». وتابع العاصمي أن «كل المشاريع التي حاول الإيرانيون والروس والأميركيون تمريرها لإنهاء الثورة السورية فشلت، وها هم يلجأون الآن إلى سياسة فرّق تسد، عبر تصنيف هذا الفصيل إرهابيا وذاك معتدلا». وأضاف أن «تصنيف الأميركيين والروس للفصائل المعارضة لا يعنينا، همنا الأكبر اليوم هو التخلص من بشار الأسد والميليشيات المتحالفة معه، وبعد سقوط هذا الديكتاتور لن يبقى للتطرف موطئ قدم في سوريا».
هذا، وعلقت «جبهة فتح الشام» في بيانها على الدور الأميركي «المريب»، وأفتت بحرمة التعامل معهم، إذ شددت على أن «تدخل قوات أميركية في شمال سوريا من شأنه تأزيم الموقف وتعقيد القضية، ولن يكون سبيلاً لحل قضية أهل الشام، بل هو احتلال سافر وعدوان مباشر وغزو مباشر وتقسيم جديد، نظرًا للدور الأميركي الواضح في دعم القوات الكردية ودورها في الاتفاق الروسي الأميركي المفضي لتثبيت النظام». وأكدت أن «دخول الأميركان على مسرح الأحداث مؤخرًا، يجعل القول بالاستعانة قولاً غير معتبر من الناحية الشرعية والواقعية، فالأميركان عدو كافر صائل مباشر على المسلمين، فيحرم التعامل معه بأي نوع من أنواع التعامل تحت أي مبرر وذريعة». واعتبرت أن «نقل المعركة للريف الشمالي بناء على رغبات إقليمية ودولية مقابل الابتعاد عن ملحمة فك الحصار عن مدينة حلب أو عدم التوجه نحو معارك حماه وفتح طريق دمشق هو حرف للمعركة عن المسار الصحيح نحو إسقاط النظام وتشتيت الجهود وإضاعة للوقت، إضافة لافتقار هذه المعارك للقرار المستقل والتوقيت المناسب».
من جانب آخر، لم يعد خافيًا أن دخول عوامل إقليمية ودولية على معركة الشمال، أعادت خلط أوراق في هذه المعركة، لجهة تبدّل الأولويات، إذ أكد أبو رمان وجود «علاقة مرتبكة بين جبهتي (فتح الشام) و(أحرار الشام)، بسبب عوامل داخلية تدفع باتجاه بقاء التحالف بينهما، والمشروع الروسي الأميركي الذي يمنع توحّد الفصائل الثورية». ورأى أن «معضلة الثورة السورية ليست (داعش) الذي تصنّفه أفعاله تنظيمًا إرهابيًا، إنما (جبهة النصرة) التي لديها ارتباطات معقدة بأغلب الفصائل»، ولفت إلى أن «فك تحالف هذه الفصائل هو أشبه بالانتحار»، مذكرًا بأن «معركة حلب الأخيرة وتحرير الكليات والراموسة (قبل أن يستعيدها النظام) كانت (فتح الشام) رأس حربتها، عبر المفخّخات والانتحاريين، ولذلك فإن الفصائل تدرك أن هناك محاولات لإخضاعها»، محذرًا من أن «فك التحالف بين الفصائل و(فتح الشام) سيرجّح كفة النظام وحلفائه، خصوصًا أن تخلّي الفصائل عن (النصرة) لن يكون له أي مقابل». ولم يخف أبو رمّان أن «معركة (درع الفرات) ملتبسة، لأنها تخدم بالدرجة الأولى الأجندة التركية، في معركة أنقرة مع الأكراد، وهي لا تصب في مصلحة الثورة السورية، لأنها أضعفت المعارضة في حلب». أمام كل هذه المعطيات، أفتت «جبهة فتح الشام» - «النصرة» سابقًا - في بيانها بـ«حرمة القتال في الريف الشمالي تحت أي طرف إقليمي أو تحالف دولي لا على جهة الاستعانة ولا من باب التنسيق، لعدم توفر الشروط الشرعية لذلك». وختمت بيانها، بمطالبة كل من أجاز الاستعانة (في إشارة إلى فتوى (أحرار الشام) التي أجازت المشاركة في درع الفرات)، بأن «يعيد دراسة الحال والواقع ومآلات الفتوى بشكل سديد، ولينظر إلى ما يترتب على فتواه من نتائج ستكون كارثية، وستفتح شرًا عظيمًا يضيع الجهاد ومكتسباته».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.