«المركزي اليمني» جاهز فنيًا وتقنيًا في عدن

اتحاد المصارف العربية: سنقدم الدعم اللازم لدعم «البنك»

«المركزي اليمني» جاهز فنيًا وتقنيًا في عدن
TT

«المركزي اليمني» جاهز فنيًا وتقنيًا في عدن

«المركزي اليمني» جاهز فنيًا وتقنيًا في عدن

كشفت مصادر حكومية في عدن لـ«الشرق الأوسط» عن أن التجهيزات كافة الفنية والتقنية الخاصة بنظام البنك المركزي، وكذا الاتصالات والإنترنت تم اتخاذها بعيدا عن منظومة الاتصالات والنظام البنكي اللذين تسيطر عليهما ميليشيات الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وحول ما تردد بأن الميليشيات هددت بقطع الاتصالات، وكذا الخادم المزود لشبكة البنك المركزي من العاصمة صنعاء التي يوجد بها أجهزة الخوادم (السيرفر) المشغلة للخدمتين، قال المصدر إن «إجراءً من هذا القبيل بات من الماضي»، لافتا إلى أن العاصمة المؤقتة للبلاد تملك السيطرة ليس على شبكة الإنترنت في المحافظات المحررة، بل وتتحكم في الخادم المزود أيضا للمحافظات الواقعة تحت سيطرة الميليشيات بينها العاصمة صنعاء.
وأكد المصدر، أن الحكومة الشرعية زودت بخوادم إضافية، وأن البنك المركزي بدأ في عملية صرف المرتبات لموظفي الدولة أول من أمس الخميس، نافيا صحة توقف البنك في عدن؛ نظرا لإقدام الميليشيات الانقلابية في صنعاء على إﻏﻼﻕ النظام المحاسبي مركزيا، منوها إلى أن المشكلة طارئة وعرضية وبسبب خلل فني بحت.
وأوضح، أن الخلل الفني سببه التقطع المتواصل للتيار الكهربائي في مدينة عدن؛ ما أدى إلى حدوث مشكلة في التواصل بين الـ(يو بي إس) وشاحن السيرفر لهذه الأجهزة، ساعد ذلك انتهاء صلاحية البطاريات، وقال: إن ما تلف ملفان فقط،، وهما ملف تداول الشيكات، وملف عمل الشؤون المالية والإدارية. ولفت إلى أنه تمت استعادة للجزء المفقود للملفات التي أصابها الضرر لاحقا، وتم الانتهاء بشكل تام من المشكلة.
وكشف مدير البنك المركزي بمحافظة عدن، خالد زكريا، في تصريحات صحافية عن صرف البنك المركزي بصنعاء ما يقارب 50 مليار ريال يمني من الأوراق النقدية التالفة، معتبرا ذلك بالمخالفة القانونية، بسبب ما سماه النظام البنكي المعمول به، ويعد الأموال التالفة نقدًا غير قابل للتداول. وربط زكريا تحويل إيرادات المحافظات إلى البنك المركزي في عدن كونه شرطا أساسيا مقابل تسليم تلك المحافظات مرتبات موظفيها. وفي أول رد دولي على قرار الرئيس هادي بنقل مقر البنك المركزي إلى عدن، أعرب البنك الدولي عن تأييده كل الخطوات التي تهدف إلى استقرار اليمن اقتصاديا.
هذا الإعلان جاء على لسان نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حافظ غانم، خلال لقائه بالرئيس هادي في نيويورك بحضور محافظ البنك المركزي الجديد، منصر القعيطي.
وبحسب ما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، فإن المسؤول الدولي أعرب «عن دعم البنك الدولي لكل الخطوات التي تهدف إلى استقرار اليمن اقتصاديا وتنمويا لتحقيق تطلعات الشعب اليمني التواق إلى السلام والتطور والعيش الكريم»، مضيفا: «أن البنك الدولي شريك فاعل مع اليمن من خلال عدد من البرامج التي ستعمل على خلق فرص العمل وتفعيل التنمية بجوانبها المختلفة».
وتطرق هادي إلى الحيثيات التي استدعت نقل عمليات البنك المركزي من صنعاء إلى عدن نتيجة استنزاف الانقلابيين موارد الدولة وتسخيرها لمجهودهم الحربي، إضافة إلى سحب الودائع الخارجية وصولا لحالة الإفلاس.
وقال الرئيس اليمني إن «تلك الوضعية أدت إلى تعذر دفع مستحقات الموظفين بصورة عامة، فضلا عن المحافظات المحررة من مستحقاتها ومعاشات موظفيها»، مؤكدا أن القرار جاء «انطلاقا من مسؤولية الحكومة على كل أبناء الوطن، وللحفاظ على الموارد والبحث عن قنوات لتنميتها بالتعاون مع المانحين والمنظمات الدولية، ومنها البنك الدولي».
إلى ذلك، قال محافظو المصارف المركزية العربية أمس الجمعة إنهم يدعمون قرار الحكومة اليمنية نقل مقر البنك المركزي إلى عدن.
ونقل بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية عن محافظي البنوك المركزية العربية قولهم في اجتماع عقد بالمغرب الخميس الماضي، إنهم يؤيدون قرار نقل مقر البنك المركزي اليمني وإنهم سيقدمون له «الدعم اللازم».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.