«الإخوان» تقف حجر عثرة في طريق عودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة

الجماعة أسست جامعة بتركيا لحشد الطلاب المفصولين بسبب العنف في مصر

«الإخوان» تقف حجر عثرة في طريق عودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة
TT

«الإخوان» تقف حجر عثرة في طريق عودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة

«الإخوان» تقف حجر عثرة في طريق عودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة

مساع إيجابية سادت العلاقات بين القاهرة وأنقرة مؤخرا، عقب توترات استمرت بين البلدين ثلاث سنوات، على خلفية رفض تركيا تقبل الواقع السياسي الجديد بعد إزاحة جماعة الإخوان المسلمين عن الحكم في مصر. لكن يبدو أن جماعة الإخوان تقف حجر عثرة في طريق عودة هذه العلاقات بين البلدين - بحسب مراقبين - عقب دعوة «الإخوان» طلاب الجماعة المفصولين من الجامعات المصرية لاستقبالهم وإكمال دراستهم في الجامعة الجديدة التي تم إنشاؤها في إسطنبول وحملت اسم «الجامعة العالمية للتجديد». وتزامنت الدعوة مع بدء العام الدراسي الجديد بالجامعات والمدارس اليوم (السبت) في مصر.
وسبق أن حملت تصريحات لمسؤولين كبار من مصر وتركيا في أغسطس (آب) الماضي ما يشير إلى قرب عودة العلاقات لما كانت عليه قبل 3 يوليو (تموز) 2013. وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم قد استأنف مساعيه الرامية لترطيب الأجواء مع القاهرة، قائلا: إنه «يتطلع لتحسين العلاقات مع مصر».
وعمدت الحكومة التركية الجديدة برئاسة يلدريم بالفعل إلى استكشاف نوايا القاهرة تجاه رأب الصدع بين البلدين، قبل محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو الماضي.
وتستضيف تركيا قادة في جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها القاهرة تنظيما إرهابيا، وتحملها جميع أعمال العنف في البلاد. ومن بين قيادات «الإخوان» في أنقرة من صدر بحقه أحكام قضائية، كما تقدم السلطات التركية تسهيلات لأنصار الجماعة، من بينها إلحاق الطلاب المفصولين من الجامعات المصرية بالجامعات التركية.
ودعت قيادات بجماعة الإخوان لافتتاح جامعة تعليمية في إسطنبول يتولى رئاستها القيادي الإخواني الهارب جمال عبد الستار، ويشارك في التدريس بها عدد من أساتذة الجامعات المصرية الهاربين إلى إسطنبول، وعلى رأسهم سيف عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية المفصول من جامعة القاهرة.
وقال مصدر مطلع في وزارة التعليم العالي بمصر، إن «عددا من طلاب جماعة الإخوان المفصولين من الجامعات المصرية استفسروا في جامعاتهم الملحقين بها عن إمكانية استكمال دراستهم في الجامعة الجديدة بتركيا». وعرضت الجامعة التركية على الطلاب القادمين من مصر بدء الدراسة من هذا العام مع توفير منح تخفيض لهم. وأضاف المصدر المطلع أن «جامعات مصرية رفضت العام الماضي منح أبناء قيادات الإخوان (المحبوسين)، وطلاب محسوبين على الجماعة ملفات أوراقهم وخطابات (إخلاء طرف) منها للدراسة في تركيا وقطر».
وأجرت الجامعة التركية لقاءات مع رابطة «طلابي» والتي تعد بمثابة تجمع للطلاب المنتمين لـ«الإخوان» من دول مختلفة والمقيمين في تركيا، وتتولي جمعية «رابعة» التسويق للجامعة خلال الأشهر الماضية.
يشار إلى أن تكلفة الدراسة في الجامعة التركية تصل إلى 5 آلاف دولار؛ لكن الجامعة الجديدة أشارت إلى وجود منح تعليمية في العام الحالي تتضمن تخفيض المصاريف إلى 2500 دولار فقط في العام الواحد. وتتيح الجامعة الدراسة باللغتين العربية والإنجليزية بكليات العلوم الإسلامية والإنسانية، حيث تمنح درجة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية واللغة العربية وعلم النفس والاتصال الجماهيري «الإعلام»، وبكالوريوس العلوم السياسية والاقتصاد والحاسب الآلي والمحاسبة المالية، إضافة إلى الدراسة في درجات الماجستير والدكتوراه. ودأب المسؤولون الأتراك على انتقاد مصر خلال العامين الماضيين؛ لكن الحكومة التركية الجديدة برئاسة بن علي يلدريم سعت على ما يبدو لتحسين العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة.
السلطات المصرية وضعت أيضا هذا العام إجراءات صارمة مع بدء العام الدراسي الجديد اليوم (السبت)، لمواجهة أي أعمال عنف أو شغب محتملة على أبواب الجامعات وعددها 26 جامعة حكومية.
وتشهد بعض الجامعات المصرية مناوشات محدودة من وقت لآخر، ينظمها طلاب «الإخوان» للمطالبة بالإفراج عن الطلاب المقبوض عليهم في الأحداث التي شهدتها البلاد منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة عام 2013.
وقال المصدر المطلع نفسه، إن «الجامعات مزودة بأجهزة حديثة للكشف عن الأجسام الغريبة، فضلا عن شروط صارمة للقبول بالمدن الجامعية، التي تكون داخل الجامعات المصرية، من بينها ألا يكون الطالب موقعة عليه عقوبات بسبب أحداث العنف التي جرت من قبل، وألا يكون رهن التحقيقات من قبل السلطات القضائية».
وسمحت وزارة التعليم العالي لقوات الأمن بدخول الجامعات بعد عزل مرسي، لحماية وحراسة المنشآت، بعد إبعاد الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية عن الجامعات، واستبدال الأمن الإداري به، ويتم تفتيش الطلاب والطالبات ذاتيا، لمنع دخول أي أدوات تستخدم في العنف بالجامعات.
ويشار إلى أنه «لا يوجد رقم حقيقي لعدد الطلاب والطالبات الذين لا يزالون محبوسين في قضايا عنف وتخريب». لكن المصدر المطلع قدرهم بالمئات، سواء من المعتقلين سياسيا على ذمة قضايا، أو ممن لم تثبت إدانتهم بالفعل في أعمال شغب وعنف.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.