تشوركين: المجموعة الدولية لدعم سوريا ستتبنى اتفاقًا يدعم اتفاق كيري ـ لافروف

تشوركين: المجموعة الدولية لدعم سوريا ستتبنى اتفاقًا يدعم اتفاق كيري ـ لافروف
TT

تشوركين: المجموعة الدولية لدعم سوريا ستتبنى اتفاقًا يدعم اتفاق كيري ـ لافروف

تشوركين: المجموعة الدولية لدعم سوريا ستتبنى اتفاقًا يدعم اتفاق كيري ـ لافروف

قال فيتالي تشوركين، مندوب روسيا الدائم لدى مجلس الأمن الدولي، إن المجموعة الدولية لدعم سوريا ستتبنى خلال اجتماعها اتفاقا يدعم الاتفاقية الأميركية - الروسية حول سوريا، لافتا إلى وجود بعض الصعوبات الناجمة عن تغيير الولايات المتحدة لموقفها من مختلف المسائل بصورة مستمرة.
وفي إجابته على سؤال حول ما إذا كانت الاتفاقية التي يتحدث عنها ستنص على حظر تحليق المقاتلات السورية في الأجواء السورية، أجاب تشوركين وفق ما نقلت عنه وكالة «تاس»، أمس، بأن «الصفقة تشمل كل شيء»، مضيفا: «بما أنه نظام وقف عمليات قتالية فيجب أن يتم وقف العمليات القتالية». ووصف الاتفاق بأنه «اتفاق صعب للغاية»، موضحًا أن «الاتفاق (الذي ستتبناه المجموعة الدولية) في الواقع هو ذاته اتفاق التاسع من سبتمبر (أيلول) بين روسيا والولايات المتحدة، إلا أن مهمة المجموعة الدولية لدعم سوريا تقوم على أن يتمكن كل الأعضاء في المجموعة من تأييد اتفاق وقف الأعمال القتالية، وأن يتمكنوا من التأثير على أولئك الذين في سوريا كي يتوقفوا عن المواجهات».
وكان الوزيران لافروف وكيري قد عقدا سلسلة لقاءات، وأجريا محادثات خلال اتصالات هاتفية بينهما أثناء تواجدهما في نيويورك، وعقدا لقاءً قبل الاجتماع المرتقب للمجموعة الدولية لدعم سوريا، وكل ذلك في إطار الجهود الرامية إلى تجاوز الخلافات الحادة بين البلدين بشأن تنفيذ الاتفاق السوري الذي توصل إليه الوزيران عقب محادثات هي الأطول بينهما يوم التاسع من سبتمبر (أيلول) في جنيف.
وفي الوقت الذي يواصل فيه لافروف وكيري جهودهما في محاولة جديدة لإنقاذ الاتفاق حول سوريا، أعرب سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي عن اعتقاده، بأن «فرص تنفيذ الاتفاق حول سوريا تقلصت إلى حد كبير بعد حادثة قصف قافلة المساعدات الإنسانية قرب حلب»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه «لا بديل عن ذلك الاتفاق، ولا بد من تنشيط العمل» لتنفيذها.
واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي أن «الصيغة الحالية للحل غير قابلة للتنفيذ»، وذهب بعيدا في تحميله واشنطن والمعارضة السورية مسؤولية كل ما يجري، ملمحا إلى ضرورة التخلي عن فكرة «رحيل الأسد»، حين أشار إلى أنه «تم عرض الصيغة الحالية للحل (الأرجح أنه يقصد الاتفاق) بغية إيجاد مخرج من الوضع بما يناسب واشنطن ومجموعات المعارضة التي ترعاها»، مبديا قناعته بأن «تلك الصيغة غير مجدية، على الأقل طالما أن الولايات المتحدة وغيرها من اللاعبين الإقليميين، وهم كثر، لا يضمنون عدم استخدام القوة من جانب القوى التي تعتقد أن الحرب وحدها سبيل لحل المشكلة، وأنه لا يمكن اللجوء لأسلوب سوى العنف لإزاحة الأسد».
ورغم سيل الانتقادات والاتهامات الروسية للولايات المتحدة، فإن روسيا تؤكد مجددا تمسكها بالاتفاق مع الولايات المتحدة حول سوريا، وهو ما أكده ريابكوف في تصريحاته يوم أمس، نافيا بحزم فكرة خروج روسيا منه، ولافتًا إلى أن «الأيام الأخيرة تؤكد الأهمية الملحة للاتفاق»، معربا عن أسفه لوجود من وصفهم معارضين «بل أعداء كثر لذلك الاتفاق». وفي إجابته عن سؤال حول ما إذا كانت روسيا تنظر إلى «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» على أنهما أهداف مشروعة للقوات الجوية الروسية، لم يستبعد نائب وزير الخارجية ذلك، مبررا موقفه بأن «التصدي للإرهاب مسألة رئيسية بالنسبة لنا»، إلا أنه أضاف أن «الأولوية الآن ليست لتحديد الأهداف، بل لتنفيذ الاتفاق السياسي» مع الولايات المتحدة حول سوريا.
في سياق متصل، أشارت بيانات تظهر عدد المواطنين الروس في سوريا الذين شاركوا في انتخابات تشريعية روسية أجريت مطلع الأسبوع، إلى أن هناك على الأرجح ما يقرب من 4000 عسكري يتمركزون في سوريا لدعم الرئيس بشار الأسد.
ورفضت وزارة الدفاع الروسية الكشف عن حجم كتيبتها في سوريا، التي تنتشر بالأساس في قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية، لكن هناك جنودا روسا أيضا في منشأة بحرية وفي دمشق ومواقع أخرى في مناطق تسيطر عليها النظام لمساعدة الأسد في محاربة مقاتلي المعارضة.
ونقلت «رويترز» بيانات من اللجنة المركزية للانتخابات في روسيا، نشرت على موقعها على الإنترنت بعد الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الأحد ،والتي فاز فيها حزب روسيا المتحدة الحاكم، ما وفر دليلا على حجم تلك القوات.
وتظهر البيانات أن 4378 مواطنا روسيا أدلوا بأصواتهم في صناديق اقتراع خارج العاصمة السورية دمشق التي صوت فيها 193 روسيا فقط. ولم توضح البيانات إذا كان الناخبون مدنيين أم عسكريين، لكن الكثير من المدنيين الروس الذين كانوا يعيشون في سوريا قبل الحرب الأهلية فروا منها.
وفي الانتخابات التشريعية الروسية السابقة في 2011 ذكرت وكالة ريا نوفوستي للأنباء أن 35 جنديا روسيا فقط أدلوا بأصواتهم وكانوا متمركزين في منشأة بحرية في طرطوس.
وقالت مجموعة «كونفليكت انتليجينس تيم»، وهي مجموعة من المدونين الاستقصائيين مركزها روسيا تتخصص في تحليل أنشطة الجيش الروسي، إن بيانات لجنة الانتخابات «وفرت لمحة نادرة للحجم الحقيقي للقوات الروسية في سوريا».
وأضافت المجموعة، أن العدد 4378 «يجب أن يعكس العدد الحقيقي للروس في سوريا بشكل أقرب للدقة؛ لأن نسبة الإقبال في مراكز الاقتراع في القواعد العسكرية الروسية عادة ما تكون 100 في المائة».
وأظهرت بيانات لجنة الانتخابات الروسية، أن إجمالي المواطنين الروس في سوريا الذين تم تسجيلهم هذا العام، وكان لهم الحق في التصويت بلغ 5360 مواطنا.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.